مارس روفر 2020: مهمة تبحث إمكانية الحياة على المريخ
يبدو أننا لن نمل أبدًا من الحديث عن إرسال مركبة فضائية أخرى للمريخ ومعرفة مكوناتها وأهدافها وجدولها الزمني، فقد أطلقت ناسا بالفعل العديد من المهام إلى المريخ، منها مركبة Odyssey عام 2001، ومركبة Curiosity الشهيرة عام 2011، وأحدث مركبة هي مركبة InSight التي انطلقت إلى المريخ في مايو من عام 2018.
ولا داعي للتطرق إلى أهمية كوكب المريخ بالذت، فلقد تناولنا هذه الأسباب في مقالٍ سابق، ولكن بالرغم من أهمية الكوكب وتسارع الجميع إلى الوصول إليه، ألم تمل ناسا من استكشافه وإرسال المركبات إليه؟!
الإجابة هي لا، والدليل هو هذا المقال الذي سنتحدث فيه عن مهمة مستقبلية سترسل فيها ناسا مركبة فضائية ستقوم بتوصيل عربة إلى المريخ في يونيو من العام المقبل. ولكن أعدكم أن مهمة Mars 2020 Rover مختلفة عن أى مهمة زارت المريخ من قبل.
عربة المريخ 2020 (Mars 2020 Rover)
الاسم «عربة المريخ 2020» دال على ماهية المهمة، فلقد صممت بالفعل لتبدو عربة صغيرة لها ثلاث عجلات على اليمين، وثلاث عجلات أخرى على اليسار، بالإضافة إلى كاميرا وذراع إلكترونية قابلين للطي، هل يبدو هذا التصميم مألوفاً؟ بالفعل، فهذا التصميم مبني على نفس الأفكار الخاصة بتصميم مركبة Curiosity، ولكن تم تطبيق الكثير من التعديلات على تصميم مركبة Curiosity لكي تقوم عربة المريخ 2020 بالمهام الموكلة بها.
أحد هذه التعديلات هي تعديلات على عجلات المركبة حيث إن قطرها أصبح أكبر وتم صنعها من ألومنيوم أكثر سماكة لتتحمل الطرق الوعرة سطح المريخ.
كما يمكن لعربة المريخ 2020 أن تقوم بسماع أصوات كوكب المريخ، وهو الأمر الذي حاولت مركبات سابقة القيام به وفشلت. العربة مجهزة بميكروفونين؛ إحداهما مخصص لتسجيل الصوت الخاص بمرحلة دخول العربة للغلاف الجوي للمريخ والنزول منه والهبوط على سطحه التي تسمى بـ Entry Decent and Landing phase. والآخر هو ميكروفون مخصوص لسماع صوت حركة العربة وسماع صوت إطلاق شعاع الليزر الذي سيقوم بدراسة تكوين الصخور على سطح المريخ. إضافة أخرى لعربة المريخ 2020 على جميع مركبات المريخ السابقة هي قدرتها على تجميع وحفظ نماذج من تربة المريخ، دعوني أستفيض أكثر.
تربة المريخ تعود إلى الأرض
بالرغم من إرسال العديد من المركبات إلى المريخ، فإن أياً منها لم يستخرج عينات من على سطح المريخ ويعود بها إلى الأرض، وهنا تأتي الإضافة التي تتميز بها عربة المريخ 2020. فالعربة سيكون لها القدرة على الحفر العميق في تربة المريخ لاستخراج عينات منها، ثم حفظ هذه العينات في أنابيب وتركها على سطح الكوكب. وفي هذه المرحلة علينا التساؤل، من/ما الذي سيعود بالعينات إلى الأرض؟ هنا سيأتي دور مهمتين أخريين من ناسا ما زالتا في مرحلة التخطيط.
أولهما، مهمة ستقوم بإرسال عربة أخرى إلى المريخ لكي تقوم بالتقاط الأنابيب الحاملة للعينات وإرسالها في مدار حول المريخ. وثانيها، مهمة تقوم بالدوران حول كوكب المريخ بانتظار العينات ثم تقوم بالتقابل معها والتقاطها والعودة بها إلى كوكب الأرض.
حياة ماضية وحياة مستقبلية
لا تكمن جميع أهداف المهمة في تجميع عينات من كوكب المريخ، فهنالك ثلاثة أهداف أخرى أيضاً، وهي:
- البحث عن الصخور التي من الممكن أن تكون قد تكونت داخل بيئة أوت حياة ميكروبية في الماضي.
- البحث عن صخور بها آثار حياة بيولوجية قديمة، أو ما يُسمى bio signatures.
- الأهداف السابقة من المُفترض لها أن تساعدنا على فهم الحياة التي نشأت قديماً على كوكب المريخ، ولكن الهدف القادم من شأنه أن يساعدنا على إنشاء حياة مستقبلية على الكوكب عندما نحتاج إلى ذلك وهو محاولة القيام بتجربة علمية لتحويل ثاني أكسيد الكربون الذي يملأ الغلاف الجوي للمريخ إلى أكسجين لمحاولة استخدامه كوقود من قِبل رواد الفضاء المستقبليين على المريخ.
الأدوات العلمية
لتحقيق هذه الأهداف العلمية، سنجد أن عربة المريخ 2020 محملة بترسانة من الأدوات العلمية المختلفة، نذكر هذه الأدوات بشيء من التفصيل:
- الأداة Mastcam-Z: وهي كاميرا هدفها التقاط صور لسطح المريخ وغلافه الجوي بجودة عالية، كما تتمتع بخاصية التكبير للأجسام البعيدة، ويمكنها التقاط صور ثلاثية الأبعاد.
- الأداة MEDA: هذه الأداة تتكون من مجموعة من الحساسات والمستشعرات، وهي التي توفر عربة المريخ 2020 بالنشرة الجوية الخاصة بالجو المحيط بها، حيث تقوم هذه الأداة بالقياسات الجوية وقياسات الرياح والرطوبة ودرجة الحرارة الخاصة بالغلاف الجوي المحيط بالعربة.
- الأداة MOXIE: هذه الأداة هي المسؤولة عن التجربة العلمية التي ستحاول تحويل ثاني أكسيد الكربون داخل الغلاف الجوي للمريخ إلى أكسجين.
- الأداة RIMFAX: هذه الأداة مسؤولة عن الرؤية ما تحت سطح المريخ، فهي تستخدم أشعة الرادار لكي تقوم بتصوير الخصائص الجيولوجية تحت السطحية، ويمكنها التوغل لعشرة أمتار تحت السطح.
- الأداة SuperCam: هي كاميرا مخصصة لمراقبة وتحليل صخور المريخ وتربته، وهي مجهزة بشعاع ليزر ومحلل أطياف ليكون لها القدرة على التعرف على المكونات الكيميائية للصخور والتربة. يمكن للكاميرا أن تحلل الصخور من على بعد سبعة أمتار.
- الأداة PIXL: هذه الأداة تختص بكل ما هو صغير جداً (على مقياس الميكرومتر)؛ فهي تتكون من كاميرا تقوم بتصوير صور قريبة ودقيقة للصخور والتربة على المريخ، وتتكون أيضاً من محلل أطياف يقوم بتحليل ورصد أكثر من 26 مادة كيميائية على الصخور والتربة. يمكن لمحلل الأطياف الكشف عن المواد الكيميائية بدقة عالية تصل إلى تركيز 10 أجزاء من المليون.
- الأداة SHERLOC: تتكون من محلل أطياف وشعاع ليزر وكاميرا متخصصين للبحث عن المواد العضوية والمعادن التي يمكن أن توفر لنا دليلاً على حياة ميكروبية سابقة على كوكب المريخ. هذه الأداة تسمح بدقة عالية تصل إلى بضع عشرات الميكرومترات.
من المُقرر للمهمة أن تنطلق في الفترة ما بين السابع عشر من يوليو والخامس من أغسطس من عام 2020 على أن تهبط على سطح المريخ بأمان في الثامن عشر من فبراير لعام 2012. وسيتم إطلاق المركبة الفضائية الحاملة لعربة المريخ 2020 على متن الصاروخ Atlas V-541 من قاعدة إطلاق الصواريخ Cape Canaveral Air Force Station في فلوريدا بأميركا، ولقد تم اختيار هذا الصاروخ لقدرته على حمل الوزن النهائي للمركبة الفضائية الحاملة للعربة.
من المُفترض أن تستمر المهمة لسنة مريخية كاملة أي ما يقرُب من عامين أرضيين، وهذه المدة قابلة لأن تمتد. يمكنكم متابعة أخبار عربة المريخ 2020 على الموقع الرسمي لها التابع لناسا هنا، ولا تنسوا أن ترسلوا أسماءكم على متن مركبة Mars Rover لدعمها أثناء رحلتها الطويلة إلى المريخ التي تمتد لما يقرُب من ثمانية أشهر.