مي حلمي: عندكو شامبو؟
ربما يكون خطؤك الوحيد أنك محب للرياضة وتتابع كرة القدم المحلية بشيء من التركيز، تعاقبك في المقابل خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي بفيديو ما لا بد أن تشاهده أيها المشجع المصري. إنه فيديو معتاد تظهر به المذيعة مي حلمي ويبدو أنها على خلاف مع ضيف زمالكاوي.
شاهد سبب إيقاف مي حلمي بعد إحراج الضيف أحمد صالح نجم الزمالك. أول ما يحدث داخل عقلك هو محاولات لتذكر أحمد صالح نفسه. لاعب شديد الأدب والهدوء وربما ذلك هو السبب أنه ليس حاضرًا في ذهن الكثيرين، فهو لا يملك أي حادثة شهيرة أو أزمات.
تحاول أن تتجاوز المشهد فيصدمك مرة أخرى، تتجاوزه فيظهر بشكل مختلف فتستسلم أخيرًا وتشاهد كيف أن مي حلمي على غير العادة أحرجت أحمد صالح.
يبدو المشهد بشعًا للغاية فأنت لا تعرف كيف تكونت كل تلك العناصر الرديئة في آن واحد.
لماذا تعمل مي حلمي مذيعة طالما أنها لا تطيق الحوار؟ ولماذا هي مذيعة رياضية تحديدًا؟ لماذا يجلس أحمد صالح في انتظار أسئلة أخرى؟ لماذا هناك قناة تبث ما يحدث؟ لماذا شاهد مليون شخص هذا الفيديو؟
كل تلك الأسئلة تبدو مبهمة لك لكن الإجابة عليها قد تحتاج قدرًا من الشجاعة.
عندكو حاجه سبايسي
مي حلمي مذيعة اشتهرت بشكل أساسي عبر الإذاعة، لا لإمكانياتها الإذاعية بل لأنها أجمل من أن تكون مذيعة راديو فقط. ردد الكثيرون ذلك فكانت النتيجة المنطقية وجودها على شاشات التليفزيون.
قررت مي أن تقدم برامج رياضية، وهي ليست الوحيدة في ذلك فهناك شيما صابر وفرح علي وسهام صالح. القاسم المشترك هنا هو انتماء كل هؤلاء لأندية محددة، والسبب بالطبع هو محاولة اكتساب شعبية تساعد على تقبل عنصر نسائي يتحدث في الكرة دون أي إضافة.
لكن مي هنا تختلف عن البقية، صحيح أن مجال الإعلام الرياضي غير مناسب لإمكانات مي التي تتلخص في ملامحها لكنها بحسبة بسيطة رأت أنه مجال مناسب تمامًا للبحث عن الشامبو.
هناك مشهد شهير للغاية بفضل تطبيق التيك توك يمكن أن نطلق عليه مشهد عندكو شامبو. لا أحد يتذكر أبدًا المشهد الأصلي أو من أي فيلم تم استقطاع المشهد لكن تيمة المشهد بالغة الرداءة كانت تدعو للضحك فانتشرت.
تبحث مي حلمي عن مشهد ما تكون بطلته وينتشر بأي شكل، أو كما تقول أي ضيف عنده حاجه سبايسي هجيبهاله. هذا هو المحتوى الأساسي الذي تقدمه المذيعة دون أي مجهود.
فيديو مي المنتشر الآن ليس الأول من نوعه، بل هو نسخة مكررة من فيديوهات مي جميعًا. فهي المذيعة الأهلاوية التي تستضيف زمالكاويًا في محاولة بدائية للغاية للبحث عن شيء ما مثير لكي ينتشر الفيديو.
ترى مي حلمي نفسها منى الحسيني أو بسمة وهبة والحقيقة أن هناك ضيفين قررا في وصلة تلقيح متبادل مصارحتها بأنها لن تصل إلى مستوى منى أو بسمة.
لماذا لم تنجح مي في أن تصبح بسمة وهبة الإعلام الرياضي كما تطمح؟ فالإجابة هي أنها فقط لا تقدم ذلك عبر منصة مناسبة.
الحدث اليوم: سي بي سي الغلابة
من السهل بعد خمس دقائق من مشاهدة قناة الحدث اليوم والتي يملكها عضو مجلس النواب عن دائرة بولاق محمد إسماعيل أن تدرك على الفور الشريحة المستهدفة لمشاهدة القناة. ديكور فقير وإخراج مضحك وبرامج في منتهى السطحية. نحن هنا نستهدف جمهورًا يتصالح مع كل ذلك من أجل تسلية أو أمل ما دون إعمال عقل.
إنه العالم الموازي الذي تراه كل يوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رياضيًا يتمثل في صورة تنقسم نصفين نصف به شيكابالا والآخر به وليد سليمان وفوق الصورة سؤال من حساب يسمى بنت زامورا: هل يعقل أن يخسر شيكا أمام هذا الوليد سليمان؟ ضع قلبًا لشيكا وإعجابًا لوليد لنرى النتيجة.
تبتسم لتفاهة المنشور ثم تفاجأ أنه هناك مليون قلب في مواجهة مليون إعجاب. تستغرب الأعداد المهولة ثم تدرك في الأخير أن هذا المحتوى مناسب للبعض.
هؤلاء الذين يشعرون في قرارة أنفسهم أن دورهم الأساسي هو الدعم في مواجهة المنافس لأن هذا يشعرهم بالقيمة، لا يوجد مجال هنا للحديث عن طرق اللعب والفنيات وقراءة المباريات وكل ذلك.
البرامج الرياضية في هذه القناة من بطولة أحمد جمال وشريف جمعة وبالطبع مي حلمي، هذا الثلاثي لا يقدم أخبارًا حصرية أو يناقش قضايا محددة بل في الأساس يعلن الثلاثي انتماءاتهم كل يوم ويحاولون النيل من النادي المنافس. إنهم أبناء وبنات زامورا وصالح سليم لكن عبر شاشة التليفزيون.
تستطيع أن تشاهد قناة اليوتيوب للقناة لتفهم القصة على الفور. رسالة حادة والجمهور يقتحم الإستديو ومشادة ساخنة ورد صادم لن تتخيله والمحتوى لا شيء تمامًا.
هل يبدو لك الأمر صادمًا؟ دعني أصدمك بالحقيقة إذن.
الفارق الأساسي في رداءة هذا المشهد هو الإمكانات المادية بشكل أساسي، يبحث ضيوف مي حلمي عن الأموال والتواجد وهكذا يفعل ممثلون يمتلكون ملايين الأموال والمعجبين أمام المذيعة بسمة وهبة. هناك إجابات نارية صااااادمة يقدمها ضيوف السبورة رفقة إبراهيم فائق كل يوم. الرجل المسئول عن سوشيال ميديا منى الشاذلي يصدر عناوين للبحث عن الجمهور السطحي بكل ما أوتي من قوة.
لا يعني هذا أن كل البرامج دون محتوى لكن المقصود أن تلك السذاجة ربما تمر إذا قدمت بغلاف براق.
لم تخترع قناة الحدث اليوم شيئًا لكنها فقط قدمت المشهد بشيء من الرخص الخام دون أي تغليف براق لمحتوى ساذج كالعادة، لا ديكور ضخم ولا عرافة ولا سبورة. قدمته للغلابة الذين لا يلتفتون للديكور من الأساس بل يبحثون عن السذاجة دون مواربة.
في غير حالة الخطر
هناك مقال للراحل العبقري أحمد خالد توفيق تحت عنوان «في غير حالة الخطر»، يتحدث المقال عن رجل عوقب لأنه شد فرملة الطوارئ في المترو بعد أن انغلق الباب على قدم زوجته الحامل. سبب العقوبة أنه قام بتعطيل المترو في غير حالة الخطر. يتعجب العراب ويتساءل إذا كانت حياة امرأة وجنينها ليست خطرًا، إذن ما الخطر؟
خرج مالك القناة أكد للجميع أن قناة الحدث اليوم ضد التعصب وأنه أوقف البرنامج على الفور ثم عرض على كابتن أحمد صالح العمل في القناة، ثم أكد أن عناوين فيديوهات البرنامج وافق عليها أحمد صالح نفسه وأنه خرج من القناة راضيًا.
حتى محاولة علاج الأمر تبدو في منتهى السذاجة والتبجح، الفيديو المنتشر لمي حلمي لم يحذف إلى الآن بالمناسبة فالقناة تبحث عن أي شهرة، والمذيعة ستعود فهذا ليس الإيقاف الأول، وباقي البرامج في القناة لا تقدم محتوى يختلف عما تقدمه مي.
سينتشر فيديو ما لمي وستنجح في العثور على الشامبو الخاص بها، ويومئذ ستنتقل إلى إستديو أكبر في قناة أكبر وديكور باهظ وإخراج متقن وتغلف كل تلك السذاجة التي تملكها في مواجهة ضيف ما لا تجرؤ أن تقول له: «متحورش».
إنها مسألة وقت قبل أن يتحول المشهد كله لمثل هذه الرداءة، وهذا تحديدًا هو تعريف الخطر، لكن لا يوجد أحد ليشد بنا فرملة الطوارئ.