محمود الخطيب: ماذا تغير عن ولاية محمود طاهر؟

ثلاثة أشهر فترة غير كافية تمامًا للحديث عن تقييم ونقد أداء مجلس إدارة الأهلي الجديد. يبدو ذلك منطقيًا للغاية ولكنه مغاير بعض الشيء لما كان متداولاً قبل مجيء مجلس إدارة «محمود الخطيب».

فالحديث كان عن عودة الأهلي للطريق الصحيح، لطريقه المعتاد والذي انحرف عن مساره في فترة رئاسة «محمود طاهر». ففترة «طاهر» كانت استثناء والعودة إلى القاعدة سيكون بمجلس الخطيب كامتداد لمجالس «حسن حمدي» و«صالح سليم».

إذن فالحديث لم يتطرق إلى أن الأمر يحتاج إلى وقت، وبعد مرور ثلاثة أشهر فقط أصبح الحديث يحمل أسئلة أكثر، أسئلة تحمل التشكيك في أمور كانت تبدو منطقيه للبعض في البداية إلا أن الحديث عنها كان يخفت أمام ضوء «الخطيب» الساطع.

هل عاد الأهلي للطريق الصحيح؟ هل حملت فترة رئاسة «طاهر» انحرافًا للأهلي عن طريقه بالفعل؟ هل للأهلي قواعد ثابتة حتى يكون لها استثناءات أم أن مناخ كرة القدم هو الذي اختلف عن السابق؟

تركي آل الشيخ: الحديث عن الولاء والكفاءة

كانت أكبر الانتقادات الموجهة لمجلس طاهر هي انتقادات تتعلق بتواجد بعض الأفراد بالقرب من دوائر اتخاذ القرار غير مشهود لهم بالولاء للنادي الأهلي، وخصوصًا علاقة «طاهر» بالصحفي «أسامة خليل»، وهي العلاقة التي وصفها «طاهر» بالشخصية وغير المؤثرة على قراراته بالنادي، الأمر الذي جعل الخطيب يوجه نقدًا واضحًا وصريحًا لـ«طاهر» موضحًا أن الولاء أمر أساسي بجوار الكفاءة.

حسنًا، حدد «الخطيب» عنصرين واجب توافرهما في الأشخاص المقربة من النادي؛ الولاء و الكفاءة. وبالرغم من أن الانتقادات كانت واضحة تمامًا للجميع ولم يفجرها «الخطيب» وكان بديهيًا أن يختلف الأمر مع وجود مجلس جديد أدرك بالتجربة خطأ وجود أشخاص في الظل، قد يُنسب لهم قدرة التحكم في بعض الأمور من بعد.

لكن وبعد شهر واحد فقط من تولي الخطيب رئاسة مجلس إدارة الأهلي؛ ظهر «تركي آل الشيخ» رئيس الهيئة العامة للرياضة بالسعودية ورئيس الاتحاد العربي كرجل محب وداعم للنادي الأهلي، حيث قام بجمع مستثمرين سعوديين وإماراتيين ومصريين للبدء في تنفيذ مشروع بناء ملعب خاص للنادي الأهلي، وهو ما أعلنه «الخطيب» في مؤتمر صحفي قد انتهى بمنح «تركي آل الشيخ» منصب الرئيس الشرفي لنادي الأهلي.

تكفل بعد ذلك «تركي آل الشيخ» بإقامة مباراة ودية بين النادي الأهلي و«أتلتيكو مدريد» الإسباني، ثم ظهر الرجل ليؤكد على جلب صفقة من الطراز العالمي للنادي الأهلي، وهو الأمر الذي فشل بعد أن رفض المدير الفني للأهلي «حسام البدري» تواجد لاعب لا يحتاج له فنيًا، ثم تكفل أخيرًا الرجل بمبلغ ضخم نظير شراء لاعب انبي «صلاح محسن».

كل ذلك قد يندرج تحت بند الحب والدعم من السيد «تركي»، إلا أن الرجل أخيرًا قام بمداخلة في أحد البرامج ليبدي امتعاضه من أداء بعض أعضاء مجلس إدارة الأهلي؛ بل وصرح بأنه لديه على هؤلاء الأعضاء بعض التحفظات، ثم أظهر حيرته بخصوص عدم التعاون إزاء صفقة اللاعب العالمي، وصرح أخيرًا: نعم أنا من وراء شراء صفقة «صلاح محسن» وصفقات أخرى.

هل ما سبق له أي علاقة بالكفاءة؟ هل النادي الأهلي يحتاج لضم لاعب عالمي كبير في السن كما كان يحدث في الخليج سابقًا لجذب الانتباه؟

هل يحق للرجل أن يبدي تحفظات على أعضاء مجلس إدارة الأهلي في الإعلام؟ هل من المنطقي أن الرجل الذي يتم مقارنته بالأمير «عبد الله الفيصل» الذي لم يسمعه أحد من قبل يتحدث عن دعمه أن يستعرض في الإعلام لكي يؤكد أنه هو من وراء صفقات الأهلي ويعتب على إدارة الأهلي أنها لا تذكر ذلك؟ الرجل يفتقد عنصر الكفاءة إذن، حسنًا فجماهير الأهلي على يقين بأنه على الأقل يملك عنصر الولاء.

أين الولاء؟

يعلن رئيس نادي الزمالك أن الرئيس الشرفي للأهلي هو من تحمل مبلغ شراء الزمالك للظهير التونسي «حمدي النقاز». هل يوجد أي تفسير لذلك سوى الاستعراض؟ هل يوجد سابقة كروية مصرية شبيهة لتلك؟ هل تبرع أي رجل أعمال ينتمي لنادٍ أن يمول صفقة نادٍ منافس؟ لم يعد من المنطقي الحديث الآن عن الانتماء.

بخلاف ذلك كله قدم الأهلي للدوري السعودي أربعة لاعبين في إطار التعاون المشترك ودعم «تركي آل الشيخ». ربما يحسب للخطيب أنه لم ينصاع لبعض الأمور وبدا متمسكًا بتخصصات كل فرد في منظومة الأهلي، إلا أن المقصود هنا أن ما يحدث هو مواكبة للعلاقة بين دولتي مصر والسعودية، والتي اتخذت شكل دعم سعودي في هيئة استثمارات استغلالًا لعمق العلاقة السياسية الحالية بين البلدين.

كرة القدم في مصر أصبحت تحتاج لضخ الكثير من الأموال، هذه هي قواعد اللعبة الحديثة ويجب على الجميع الالتزام بالقواعد وتحمل ما ينتج عنها. أما الحديث عن الكيانات الغنية فقط بأبنائها أصبح شيئًا من الماضي والحديث عن أن قوة رئيس نادٍ لشعبيته فقط هو أمر صعب تحقيقه؛ لذا كان لزامًا تواجد المال متمثلاً في «تركي آل الشيخ» بعيدًا حتى عن عنصري الكفاءة والولاء.

الأولتراس: أحاديث انتخابية وواقع معروف مسبقًا

هكذا تحدث «محمود الخطيب» عن الأولتراس؛ وهو الأمر الذي يعلم الجميع صعوبة تحقيقه على أرض الواقع لأسباب تتعلق بالأولتراس أنفسهم وصدامهم المستمر مع مؤسسات الدولة.

ظهر ذلك في عدم إحياء أولتراس أهلاوي -للسنة الثانية على التوالي- ذكرى شهداء بورسعيد بإستاد التتش داخل النادي الأهلي. السنة الماضية كانت في فترة «طاهر» والحالية في فترة «الخطيب».

إذن الأمر في يد الدولة، وإذا كانت الجماهير هاجمت ذلك القرار العام الماضي، وحمّلت «محمود طاهر» مسئوليته؛ ففي العام الحالي لم يتغير الأمر كثيرًا في عهد الخطيب، ولن يتغير إلا بتغير معطيات المشهد سواء من مواقف أو أفكار مسبقة.

سوق الانتقالات: اسم الخطيب لم يعد يكفي

أما عن سوق الانتقالات فكان الأمر واضحًا، لم يعد الأمر كالسابق، لم تعد مكالمة «محمود الخطيب» أو لقاؤه كفيلاً بجلب أي صفقة خاصة في ظل وجود منافس يملك المال اللازم.

الأندية تبحث عن الأموال واللاعب حتى وإن أراد اللعب لأحد الأندية فهو مقيد بناديه. وفي ظل دخول الأهلي سوق انتقالات يناير/ كانون الثاني بحثًا عن مدافع كأولوية خرج بصفقة مهاجم كصفقة جماهيرية لترضي الجماهير عن سوق الانتقالات.

ماذا عن التجديد لاثنين من أهم لاعبي الفريق و تصريح الموقع الرسمي بأن رئيس النادي طلب من اللاعبين حسم أمرهما؟ هل أتت تلك الخطوة ثمارها؟ بالطبع لا، ربما كان قديمًا يمثل ذلك ورقة ضغط على اللاعبين قبل أن تُفتح سوق الأندية السعودية والتي تدر أموالاً أكثر في فترة قصيرة.

إنه الخطيب فلا تنتقدوه

هذا المشهد الساخر لمرافعة الفنان الكوميدي «المنتصر بالله» في فيلم «الشيطانة التي أحبتني» دفاعًا عن صديقه ضابط المباحث والذي لا يوجد أي دليل لبراءته، فيقوم المحامي بشكل ساخر تمامًا بلعب دور الرجل العالم ببواطن الأمور ليقنع الجميع ببراءة صديقه فقط ثقة في أدائه السابق كضابط مباحث مُحنك.

هذا المشهد، والذي يفترض أن يكون ساخرًا؛ أصبح يتكرر يوميًا بصورة جدية تمامًا عندما يتطرق الحديث لنقد أو مطالبة بتوضيح إزاء أداء مجلس الخطيب. وكأن المفترض ألا ينتقد أي شخص الخطيب لكونه اللاعب التاريخي لنادي الأهلي والرجل المدافع عن مبادئه.

هو يعلم ما لا تعلمون، وإن كان كل المدافعين عن الخطيب ينتقدون طاهر كثيرًا سواء عن منطق أو لا منطق، ولكنهم كانوا يمارسون عملية النقد تلك بحرية تامة.

إن كانت أكبر الانتقادات الموجهة لـ«طاهر» هي علاقته بـ«أسامة خليل» والذي يدافع عنه في كل المواقف دون عقلانية، فما يحدث من هؤلاء الرافضين لانتقاد «الخطيب» لا يختلف كثيرًا عما كان -وما زال- يفعله «أسامة خليل» وكانوا ومازالوا ينتقدونه هم أنفسهم.

الأمر إذن لا علاقة له بانحرافات «طاهر» ولا باستعادة الأهلي لطريقه الصحيح. الأمور تغيرت كثيرًا عن الماضي وهو أمر لا يحمل النقد لـ«الخطيب» أو ينتقص منه ولكنه يضع الأمور في نصابها.

فكاريزما «الخطيب» كلاعب كرة تحميه من الكثير من النقد الذي كان يتعرض له «محمود طاهر»؛ نظرًا لتغير الظروف المحيطة بالكرة، فنقص الكاريزما هو أمر قاتل في بعض الأحيان، وتواجدها ما هو إلا درع يحمي صاحبه من سهام المنتقدين.