ديربي لندن: بين مرونة فينجر وصراحة فابريجاس
بدأت المباراة وسط اندهاش «كونتي» من أسلوب «فينجر» الذي لم يمارسه من قبل. شعر كونتي أنه في مباراة ليفربول مرة أخرى ولكن بمهارة أعلى وبلمسة فنية أكثر، شعر وكأنه أمام أرسنال بقيادة «يورجن كلوب».
بدأ أرسنال المباراة بطريقة أقرب إلى 2-8؛ مدافعان اثنان موستافي وكوسليني، وأمامهما، وبدون تقيُّد بالمراكز، بيليرين وكازورلا ومونريال وأوزيل وأيوبي وسانشيز وكوكولين ووالكوت. فقط كوكولين تقيّد بمهام مركزه، وظهيرا الجنب مونريال وبيليرين في ثلث ملعب تشيلسي كأجنحة.
كيف بدأ كونتي؟
بدأ كونتي بطريقته المعتادة منذ قيادته لتشيلسي 4-1-2-2-1؛ برباعي دفاعي متمثل في إيفانوفيتش، ولويز، وكاهيل، وأزبليكوتا. وأمامهم نجولو كانتي، الذي يتقدمه يسارًا ماتيتش ويمينًا فابريجاس. ويليان وهازاراد أجنحة وكوستا رأس حربة. الخطة ستعتمد على امتصاص هجوم أرسنال ثم الارتكاز على قوة كوستا البدنية لإخراج الأجنحة وشن الهجوم، ولكنه لم يكن يدري ماذا يخبئ له فينجر؟
توقع كونتي هجوم أرسنال من الدقيقة الأولى، بمعنى أدق توقع مبادرته للعب ولكنه لم يتوقع الضغط بـ 8 لاعبين في مناطقه. وما لم يتوقعه كونتي أيضًا، أنه سوف يُلدَغ من كاهيل مرة أخرى!
حسب «whoscored» فلا يوجد لاعب في «البريميرليج» هذا الموسم قام بأخطاء أدّت إلى أهداف أكثر من كاهيل الذي تسبب في هدفين. في المرة الأولى عندما ضغط ليرول فير لاعب سوانزي على كاهيل واستخلص الكرة وأحرز هدفًا بعد تباطؤ الأخير في التخلص من الكرة. ثم مرة أخرى عندما تسبب في هدف التقدم لسانشيز بعدما أخطأ في تمرير الكرة والذي فتح الطريق أمام المدفعجية لاكتساح تشيلسي بثلاثية. قد لا يُلام كونتي على إشراكه كاهيل أساسيًا رغم تراجع مستوي الدولي الإنجليزي، ولكن السبب هو عدم تدعيم الإدارة له بلاعبين جيدين في مركز قلب الدفاع بعد سعي طوال فترة الانتقالات وراء التعاقد مع كوليبالي مدافع نابولي.
فينجر بين كلوب ومورينيو
فينجر الذي كان يُعاب عليه في الفترة الأخيرة تمسكه بطريقة واحدة للعب قام أخيرًا باستعارة بعض الطرق الأخرى، فبدأ المباراة ضاغطًا وبدون رأس حربة صريح مباغتًا بأليكسيس سانشيز حرًا كما يفعل يورجن كلوب. وبعد التقدم بهدفين عاد الجميع لنصف ملعب أرسنال بواقعية مورينيو وأحرز الثالث بمرتدة ولعب مباشر ماركة مسجلة للفرق التي يدربها البرتغالي.
جاء هدف أرسنال الثاني من لعب مباشر، حيث افتك كوسليني الكرة عند منطقة جزاء أرسنال ومررها لأوزيل الذي انطلق فمرر لسانشيز الذي مررها لأوزيل مرة أخرى، ثم جاءت تسديدة الهدف. أربع تمريرات بطول الملعب كمرتدة مثالية. تلك المرونة سهلت مأمورية أرسنال وسط توهان لاعبي تشيلسي بلا مهام واضحة.
أين كنتَ يا كونتي؟
في مباراة تشيلسي وليفربول عانى تشيلسي كثيرًا من انفصال كوستا عن باقي الفريق بسبب الضغط المكثف من لاعبي ليفربول على وسط ميدان تشيلسي. وظلت المشكلة كما هي في مباراة أرسنال فكان كوستا طوال المباراة بين كوسليني وموستافي وحيدًا دون أي معاونة من الأجنحة أو لاعبي الوسط بسبب الضغط الهائل من لاعبي أرسنال.
مقارنة بين إيقاع أداء الفريقين والذي يوضح تفوق هائل لأرسنال.
في الشوط الثاني قرر كونتي تغيير التكوين إلى 5-4-1 لمحاولة حماية كاهيل من نفسه بقلبي دفاع آخرين، فأدخل إيفانوفيتش كقلب دفاع ثالث وحول أزبليكويتا لمركز الظهير الأيمن وأدخل ماركوس ألونسو بديلا لفابريجاس في مركز الظهير الأيسر. هذا التغيير يلخص المباراة فلك أن تتخيل أن الفريق المهزوم بثلاثية يخرج صانع الألعب ويستبدله بظهير بدلًا من مضاعفة القوة الهجومية لتقليص الفارق.
يجب على كونتي فهم الشعرة الرفيعة التي يجب أن يقف عليها كي يدرك وضع لاعبي تشيلسي الآن. فبالنظر لتصريح فابريجاس المذكور سلفًا عنهم أنهم، ضمنيا، لا يستحقون الثقة المفرطة من المدرب ولكن أيضا نتائج قسوة مورينيو عليهم بعد ثقته قد أدت لنتائج عكسية حيث فقدان الرغبة في اللعب. تلك الشعرة التي يجب ألا يتعداها كونتي، الشعرة ما بين تحفيز لاعبيه وإعطائهم الثقة وما بين القسوة عليهم وعقابهم.
أمام أرسنال شهدنا كل شيء منافٍ لفلسفة كونتي عن الكرة، فلا تنظيم دفاعي ولا مجهود وفير من اللاعبين. كان كوستا فقط الذي يحاول بذل الجهد، بينما ظهر الآخرون في وضع مشابه لوضع الموسم الماضي من فقدان الرغبة للعب. مستوى هازاراد وماتيتش السيئ منذ بداية الموسم الماضي كان يتم تفسيره على أنه بسبب مورينيو، يمتلك كونتي الآن مهمة صعبة لإعادة هذين اللاعبين للمستوى بعد استمرار الهبوط.
ماذا بعد ؟
وضع فينجر نفسه منافسًا على اللقب رغم البداية المتعثرة بعد الأداء المبهر لأرسنال والفوز بأربعة مباريات متتالية. الفريق يمتلك عناصر ممتازة، ولا يحتاج إضافات تقريبًا. أما البلوز، فكما قال كونتي بعد المباراة، أمامهم الكثير من العمل خصوصا دفاعيًا. أعتقد العودة لـ 3-5-2 المفضلة لديه ستكون الحل في ظل ضعف المستوى الفردي للمدافعين. كما أنه يجب إجلاس ماتيتش على الدكة والاكتفاء بكانتي كمحور دفاعي لتحسين نقل اللعب وعدم التورط أمام الضعط العالي بالإضافة لسوء مستوى الصربي الملفت منذ فترة.
في النهاية، المباراة لم تكن تكتيكية فقط ولكن كان بها عودة الرغبة للتألق بين لاعبي أرسنال و استمرار لغياب الروح بين لاعبي تشيلسي.