ليفربول 0-0 مانشستر: لأن مورينيو لم يمت بعد
تصريح يدل على مدى التوتر الذي يعيشه مورينييو مؤخرًا، والذي تسبب فيه هو مورينيو نفسه، ولكن ذلك لا يهم. المهم أنه يشعر بشيء شبيه بفقدان الثقة التي يريد زرعها مرة أخرى عند خصومه قبل محبيه، تلك الثقة التي تحدث بها عند قدومه أول مرة لبلاد الإنجليز قائلاً: «من فضلك لا تنعتني بالغرور، أنا بطل أوروبا، أعتقد أنني رجل مُميز». هذا المدرب الصاعد الذي امتلك الشجاعة لقول مثل هذه الكلمات في وجه أسطورة مثل أليكس فيرجسون أو رجل حقق دوري إعجازي بلا هزيمة منذ أشهر فقط مثل فينجر، بات الآن يدافع عن نفسه، ويصارع أصوات التشكيك. ماذا حدث؟
قبل المباراة
وفاة السيد جوزيه
19 أبريل/نيسان 2014: فابيو بوريني يحرز هدف الفوز لسندرلاند ليُلحِق بجوزيه مورينيو الهزيمة الأولى له على أرضه في 78 مباراة بالبرييميرليج.
16 أغسطس/آب 2015: مانشستر سيتي يفوز على تشيلسي بثلاثية نظيفة في ثاني جولات الدوري الإنجليزي، ليصبح بذلك أول فريق من الأربعة الكبار يفوز على مورينيو في فترته الثانية مع تشيلسي.
17 ديسيمبر/كانون الأول 2015: إقالة السيد جوزيه مورينيو بعد هزيمة تشيلسي من ليستر سيتي بهدفين لهدف.
10 سبتمبر/أيلول 2016: مانشستر يونايتد بقيادة مورينيو يخسر أول ديربي له أمام مانشستر سيتي بقيادة بيب جوارديولا على أرضية ملعب أولد ترافورد.
تلك الأحداث السابقة قتلت شيئًا فشيئًا الثقة والكبرياء بداخل مورينيو، فأصبح مُطالَبًا بإثبات أنه ما زال حيًا لم يمت، لكنه فقط يحتاج إعادة الثقة التي جعلت منه في كثير من الأحيان المدرب الأفضل بالعالم. يدخل مانشستر يونايتد المباراة وهو على شفا حفرة من الأزمة؛ بعد تعادله أمام ستوك في مسرح الأحلام، هزيمة واتفورد من قبله وكذلك الهزيمة في ديربي مانشستر. وبذلك تصبح الخسارة في ديربي آخر وأمام خصم مثل ليفربول بمثابة المقصلة فوق رقبة مورينيو، فأصبح تفكيره قبل المباراة منصبًا بالأساس على عدم الهزيمة حتى لا تُكتب شهادة وفاته رسميًا. جوزيه كان يعلم أنها مباراة الموت من أجل الحياة.
وعلى الرغم من ذلك، وبعد مرور سبع جولات لم يستقر مورينيو بعد على التشكيل ولا الطريقة التي سيُكمل الموسم بها.
10سبتمبر/أيلول 2016: مورينيو يُشرك هيريرا بدلاً من لينجارد بين شوطي الديربي أمام السيتي ليلعب بـ 3 في خط الوسط بدلاً من 2.
17 أكتوبر/تشرين الأول 2016: «لطالما انتظرت تلك اللحظة، سأبدأ بفيلايني وبوجبا وهيريرا في خط الوسط»، مورينيو للصحفيين قبل مباراة ليفربول.
ما بين هذا وذاك استغرق مورينيو مدة سبع مباريات في الدوري الإنجليزي للاقتناع بأنه لا يمتلك المقومات التي تجعله يلعب 4-2-3-1، وأن 4-3-3 هي الحل لمشاكل الفريق.
حمى السيد كلوب
أما ليفربول يدخل الديربي بمعنويات كبيرة؛ بعد 4 انتصارات متتالية و5 في المجمل، منهم انتصاران على أرسنال وتشيلسي في لندن، وكرة قدم مجنونة يقدمها يورجن كلوب، كانت أفضل ظروف يقابل فيها الريدز خصمهم اللدود.
يلعب كلوب في المعتاد بـ 4-1-2-2-1 بشكل يقترب من 4-1-4-1 أو حتى 4-1-5، لكن إصابة فينالدوم وعدم جاهزية لالانا جعلت كلوب يُقحم إيمري كان بدلاً من فينالدوم وكوتينيو بدلاً من لالانا، وأجبرته على إشراك فيرمينو مكان كوتينيو على اليسار وستوريدج مهاجمًا صريحًا بدلاً من الاعتماد على فيرمينيو كمهاجم وهمي. إيمري كان وستوريدج لا يقلون جودة عن لالانا وفينالدوم، ولكن حركية الفريق تقتضي اللعب بلالانا حتى يكون كوتينيو في مركز أكثر تقدمًا وحتى يكون فيرمينو مهاجمًا كي لا يعيق ستوريدج تناغم الهجوم بتحركاته النمطية.
9 أكتوبر/تشرين الأول 2015: «كرة القدم بالنسبة لي هي سرعة وتحول سريع»، يورجن كلوب أثناء تقديمه مدربًا لليفربول.
11 أكتوبر/تشرين الأول 2016 : لالانا قطع 13.1 كيلومتر في مباراة ليستر سيتي ليصبح أكثر لاعب قطع مسافة في مباراة واحدة في موسم 2016/2017 متخطيًا الرقم القياسي المسجل باسمه في مباراة توتنهام من نفس الموسم 12.5 كيلومتر (حسب موقع سكوكا).
25 سبتمبر/أيلول 2016: «الأمر ليس له علاقة بأدائه الرائع فقط بل بطريقة عمله، إنه مشترك في كل شيء في الفريق، ويحب العمل، ويحب التدريب. هو يجني الآن ثمار كل مجهوداته»، كلوب مادحًا لالانا بعد الفوز على هال سيتي.
آدم لالانا هو اللاعب الذي يريد كلوب أن يكون كل اللاعبين مثله بداية من انضباطه إلى دوره التكتيكي في عدم التوقف عن الركض والضغط على الخصم، وهو الدور الذي لا يجيده كوتينيو عند اللعب في مركز لالانا المتأخر نوعًا ما.
داخل المباراة
فاجأ مورينيو كلوب بـ 4-3-3 على الورق تتحول إلى 4-4-2 عند فقدان مانشستر للكرة. مورينيو كان يعلم أنه إذا دافع في منطقته سيضع نفسه تحت ضغط هائل من ليفربول، وهذا ما يريده يورجن ولكنه قرر أن يضغط عاليًا على لوفرين وماتيب بإبراهيموفيتش وبوجبا مما يحرم هندرسون وكان من الكرة؛ وبالتالي إما إرسال كرات طويلة سيلتقطها دفاع ووسط مانشستر بسهولة نظرًا لفارق الطول، أو اللعب على الطرف وهناك سيجد كلاين وميلنر ضغطًا قويًا من يونج وراشفورد، أو نزول كوتينيو لصناعة اللعب وبالتالي فصل الفريق إلى نصفين؛ نصف أمامي (ستوريدج وماني وفيرمينو) وباقي الفريق منعزل تمامًا تحت تأثير ضغط هجوم ووسط اليونايتد.
مانشستر يونايتد قضي 62.35% من أول 20 دقيقة في نصف ملعب ليفربول (ضغط عالي)
مورينيو كان يعلم أن قوة ليفربول في اللامركزية في الأمام وتحرك الفريق ككتلة وواحدة، فقرر ألا تصل الكرة للأمام وشق تلك الكتلة نصفين حتى يحرم ليفربول من صناعة الفرص بكثافة والتسجيل كما اعتاد مؤخرًا. ساعده على ذلك أداء الرائع هيريرا الذي ضغط على كوتينيو طوال المباراة. وضح الآن فرحة مورينيو ببدايته مع فيلايني وبوجبا، حيث نجح هيريرا في إتمام 50 تمريرة، وقطع الكرة 11 مرة، 5 تدخلات صحيحة، ونجح في الفوز بأربعة صراعات هوائية، وانتهى الأمر بليفربول وقد سدَّد مرتين فقط في الشوط الأول على مرمي الخصم، وهو الرقم الأقل منذ موسم 2003/2004 حسب موقع opta المختص بالإحصائيات.
الشوط الثاني: كلمة السر لالانا
دخل لالانا في الدقيقة 60 بديلاً لدنيال ستوريدج، وجاءت أولى تسديداته على المرمى بعد دقيقتين فقط. قبل دخول لالانا كان ليفربول قد سدد 3 مرات ومانشستر 6 مرات، وبعد دخوله سدد ليفربول 6 مرات مقابل مرة واحدة فقط لمانشستر يونايتد. لمس ستوريدج الكرة 22 مرة في 60 دقيقة مقابل 28 مرة للالانا في 30 دقيقة فقط، وهو ما دفع كلوب في النهاية إلى الاعتراف عقب اللقاء بأن لالانا كان يجب أن يبدأ المباراة.
Shots in the opening 60 minutes:
— Squawka (@Squawka) October 18, 2016
Liverpool: 3
Man Utd: 6
Shots in the final 30 minutes:
Liverpool: 6
Man Utd: 1 pic.twitter.com/aPviy6pHzg
لمحات من القمة
ستوريدج لمس الكرة مرة واحدة بداخل منطقة الجزاء. لابد أن يفهم ما يريده منه كلوب وإلا سيجد نفسه خارج التشكيل في معظم الأحيان.
يتضح النمو في أداء لوفرين وماتيب، فرغم تحقيقهم أول شباك نظيفة بعد 8 جولات ولكن أداءهم في تصاعد.
«لقد أثرنا على الجو العام، يمكنك رؤية جماهيرهم مُحبطة من النتيجة»، مورينيو متحدثًا عن جماهير ليفربول بعد اللقاء.
«نحن سعداء بالنقطة»، أشلي يونج بعد المباراة.
تصريحات تؤكد قيمة التغيير الحادث في ليفربول منذ قدوم كلوب، وسعادة مانشستر يونايتد بالتعادل أمامهم تكفي كمؤشر. كان ينتظر الكثيرون طبقًا لحالة الفريقين قبل المباراة هزيمة ساحقة لليونايتد ووضعًا محرجًا لمورينيو الذي يشعر بعد المباراة وأنه قد أجّل كتابة شهادة وفاته ووجه رسالة لكارهيه بالانتظار قليلاً. فالخسارة في مباراة كهذه كانت كفيلة بالقضاء نسبيًا على الخصوصية التي وضعها صفة له وجعله رجلاً عاديًا بدلاً من رجل مُميز، وما زال يمتلك فرصة في إحياء نفسه مرة أخري كمورينيو الذي نعرفه جميعًا أمام تشيلسي والسيتي في المباراتين القادمتين.