ماذا يقرأ هؤلاء: قائمة كتب يرشحها لك أساطير كرة القدم
لا يبدو الربط بين لاعبي كرة القدم والقراءة أمرًا معتادًا، بل إن الصورة النمطية للاعب كرة القدم تتمحور حول صعود السلم الاجتماعي بفضل مزيج المهارة والحظ بعيدًا تمامًا عن الثقافة بأنواعها، خاصة القراءة، حيث يظن البعض أن الشاب المثقف لا يمكنه أن يتمتع بجسم رياضي أبدًا.
يتحدث الكاتب «داني سكوت»، وهو مؤلف كتب للأطفال تتمحور حول كرة القدم، أنه عندما كان يلعب كرة القدم في مرحلة الشباب قرر أن يستغل الوقت الطويل الضائع في الحافلة التي تقل فريقه نحو أحد المباريات في القراءة. وما إن أخرج الكتاب من حقيبته حتى سخر منه زملاؤه بشدة، حتى المدرب هز رأسه في استياء، وهو لا يصدق أنه يمتلك لاعب كرة قدم يقرأ الكتب.
تبدو تلك الفكرة شديدة السطحية، فالقراءة بانتظام تعزز قدرة الشخص على التفكير وحل المشكلات بسرعة أكبر، وتعزيز الأداء العقلي الذي هو ركن أساسي في لعب كرة القدم بالطبع.
على الرغم من تلك الصورة النمطية، فإن بعض لاعبي ومدربي كرة القدم هم قراء نهمون بالفعل، وبتحليل بسيط لتلك الكتب التي يقرءُونها تجد أنها ذات تأثير بالغ في تكوينهم.
لكن ترى ماذا يقرأ لاعبو ومدربو كرة القدم؟
السير فيرجسون: التاريخ خير معلم
السير فيرجسون جزء مهم من تاريخ كرة القدم. واحد من أفضل مدربي اللعبة على الإطلاق. ولذا فمعرفة الكتب المفضلة له يبدو أمرًا مثيرًا بالفعل. هذا الرجل صاحب الأفكار والخطط التكتيكية لا بد أنه يغذي عقله على الدوام.
فيرجسون بالفعل قارئ نهم، وفي إحدى المقابلات قرر أن يفصح عن كتبه المفضلة آنذاك، والمثير أنها جميعها كتب تاريخية تتعلق بالسياسة الأمريكية. هذا الرجل مهتم للغاية بالمعارك والمناورات السياسية والاستراتيجية والشخصيات التي كان لها تأثير كبير على العالم.
الكتاب الأول هو «معركة الصرخة من أجل الحرية Battle Cry of Freedom»، وهو كتاب يتناول الأحداث السياسية والاجتماعية والعسكرية لفترة الحرب الأهلية الأمريكية. أما الكتاب الثاني فهو «فريق المتنافسين Team Of Rivals»، والذي يتناول عبقرية الرئيس إبراهام لنكولن السياسية، وكيف استطاع عقب الفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية أن يتفهم خصومه ولا يخسرهم، بل جمعهم تحت رايته.
الكتاب الثالث هو «سنوات ليندون جونسون The path to power» وهو كتاب يتناول سيرة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، الرجل الذي قضى معظم حياته في أروقة السياسة الأمريكية، وكيف تلاعب بالجميع وصولًا للرئاسة. أما رابع الكتب فهو الرواية الشهيرة «جزيرة الكنز Treasure Island»، وهي رواية مغامرات تصلح لكل الأعمار، تتعلق بكنز مخفي وخريطة سرية وجزيرة نائية.
لنظل رفقة المدربين، دعنا نتناول فكرة القراءة لدى ثلاثة من كبار المدربين الحاليين.
كلوب ومورينهو وبيب: المجتهد والمغرور والغامض
نبدأ رفقة كلوب، المدرب المجتهد الذي أعاد ليفربول إلى الحياة. بعد أيام قليلة من تولي كلوب الإدارة الفنية للفريق الإنجليزي تقابل داخل مكتبه مع الكاتب الرياضي «مارتن صامويل»، وسمح له بتفحص مقتنيات مكتبه الخاص، وكان أهمها الكتب التي يقرؤها كلوب.
يقرأ كلوب كتب علم النفس بشكل مكثف، بالإضافة إلى كتاب وحيد عن كرة القدم، وهو كتاب «المدرب: داخل عقول قادة كرة القدم The Manager: Inside the Minds of Football’s Leaders»، يتناول هذا الكتاب آراء 30 اسمًا من أكبر الأسماء في عالم التدريب حول عدة قضايا تخص التدريب، إجابات لأسئلة مثل: كيف تدير المواهب الاستثنائية؟ وماذا تفعل لتحفيز اللاعبين؟ وكيف تدير فريقًا في أزمة؟ وما هي أفضل طريقة لتحقيق النجاح على المدى الطويل؟
يخبرك هذا عن كلوب أنه رجل مجتهد بشكل واضح، يحاول أن يستفيد من كل الموارد المتاحة له ولا يتوقف عن التعلم.
على نفس النمط سمح المدير الفني جوزيه مورينيو، إبان عمله مدربًا لتشيلسي، للصحفي الإسباني «ميغيل كويستا» بالدخول إلى مكتبه لمقابلته والحديث معه بخصوص سيرة ذاتية يكتبها كويستا عن وكيل اللاعبين خورخي مينديز.
العجيب في الأمر أن كويستا لاحظ أن هناك مكتبة مليئة بالكتب بجميع لغات العالم. كل تلك الكتب كانت تتحدث عن موضوع واحد، وهو جوزيه مورينيو نفسه. لا يقرأ مورينيو إلا عن نفسه، وربما لم يقرأ تلك الكتب، لكنه يفتخر بها لا أكثر.
أما بيب جوارديولا، أثناء حديثه في محاضرة داخل جامعة ليفربول، فسئل عن كتبه المفضلة، لكنه أجاب بأنه توقف عن القراءة؛ لأنه كلما قرأ مؤخرًا يجد نفسه يقرأ عن يورجن كلوب. ببساطة لم يوضح بيب الكتب التي يحب قراءتها؛ ربما لأنه كما اعتاد دومًا لا يسمح للآخرين بالتوغل داخل عقله، فهو لديه مفاجآت للجميع.
اللاعبون يقرءُون أيضًا
نحن الآن رفقة القراء من اللاعبين. يبدو المشهد الأقرب لنا ظهور محمد صلاح رفقة كتاب «فن اللامبالاة The Subtle Art of Not Giving a F*ck»، والذي يتناول فكرة عدم قدرة الجميع أن يكونوا استثنائيين، حيث ينصح الكاتب القراء بضرورة التعرف على إمكانياتهم الحقيقية وقبولها. مما يعني بالضرورة تقبل المخاوف والأخطاء والشكوك. لكن صلاح ليس وحده من يقرأ في إنجلترا.
في تقرير أعده الجارديان عام 2015 تم اختيار لاعب من كل فريق بالدوري الإنجليزي ليوضح كتابه المفضل، وحملت الإجابات الكثير والكثير. اختار إيمليانو مارتينيز كتاب «وُلِد ليسطع Born to rise» الذي يتناول قصة حياة كون أجويرو، ولم يكن يعلم مارتينيز أنه بعد سنوات سيكون أكثر أهمية من أجويرو نفسه للمنتخب الأرجنتيني. بينما اختار لاعب بيرنلي آنذاك لوكاس جوتكفيتش رواية كلاسيكية شديدة العذوبة وهي رواية «شتاء السخط The Winter of Our Discontent» لجون شتاينبك، والتي تتناول أزمة مثقف تطحنه الأوضاع الاجتماعية المحيطة به.
إذا كنت لا زلت غير مقتنع أن الكتب ربما ترينا أبعادًا أخرى للشخص لا يمكنه أن يفصح عنها للآخرين، فتخيل أن اللاعب جوي بارتون الذي اجتمع الكثيرون على كرهه نظرًا للعبه العنيف كان كتابه المفضل هو «جمهورية أفلاطون» الفلسفي الذي يتناول فكرة المدينة الفاضلة. بينما اختار الفرنسي شنايدرلين الذي عابه عدم القتال واستغلال الفرص كتاب «روح الفراشة Soul of butterfly» الذي تناول سيرة الرياضي الأقوى على الإطلاق محمد علي كلاي.
نذهب أخيرًا لكرة القدم النسائية رفقة «ميجان رابينو» أفضل لاعبة في العالم لعام 2019. شملت قائمة ميجان عدة كتب تتعلق بالنسوية والهوية والكثير من التمرد، كما تبدو ميجان نفسها، يبدو أهم تلك الكتب: «الأمريكيون غير الموثقين The Undocumented Americans» والذي يتناول قصص معاناة الذين يعيشون دون توثيق رسمي في أمريكا، كذلك رواية «زواج أمريكي An American Marriage» حيث تتداخل قصتا حب أبطالها ثلاثة أشخاص.
نملك الآن قائمة ترشيحات تتجاوز عشَرة كتب، قائمة متنوعة تضمن لك المتعة والمعرفة، والأهم أن تلك القائمة أُعدَّت بواسطة هؤلاء الذي يعتقد الكثيرون أنهم لم يقرءُوا حرفًا لمجرد أنهم لاعبو كرة قدم. يبدو أن القراءة والرياضة يمكنهما السير معًا.