الأكراد في إيران: ماذا تعرف عنهم؟

لاشك أن المتابعين لشؤون المنطقة الشرق أوسطية باتت لديهم تصورات معينة ووجهات نظر لما يدور فيها لاسيما قضية الكرد وكردستان بأجزائها الأربعة، نخص بالاهتمام سوريا والعراق وتركيا.

فالقضية الكردية اليوم باتت واحدة من أكثر القضايا المطروحة والملحّة على مستوى الشرق الأوسط لاعتبارات المتغيرات السياسية والاجتماعية في المنطقة، بيد أن الجانب الملحق بإيران يطويه النسيان ويقل بشأنه الاهتمام العربي أو يكاد يكون معدمًا.

نقدم إذن للقارئ العربي في سياق التقرير نبذة مختصرة عن الجغرافية الطبيعية والبشرية لشرق كردستان:

إذ يبلغ عدد السكان من الكرد في هذا الجزء من أرض إيران الحالية حوالي أحد عشر مليونًا؛ أي ما يعادل نسبة 11% من مجموع سكان إيران، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد كردستان الشمالية (تحت السيادة التركية)، مُضافًا إليها حوالي ثلاثة ملايين كردي مهاجرين لمحافظات خراسان، طهران، ومحافظات إيرانية أخرى.

وضع الأكراد في إيران

أبرز محافظات الأكراد في إيران هي محافظة كرماشان وهي أكبرهم بتعداد سكاني يقارب الثلاثة ملايين إنسان، ومحافظة إيلام، ومحافظة سنندج، ومحافظة أروميا أو أذربيجان الغربية، ومحافظة لورستان، وتمتد هذه المحافظات على مساحة تقدّر بـ 175000 (مائة وخمسة وسبعون ألف كيلو متر مربع).

هناك مكونات قومية ودينية وعرقية مختلفة في شرق كردستان. المسلمون من المذهبين الشيعي والسني، إضافةً إلى الزرادشت ويارسان (أي مايعرفون بالعربية بالعلي اللهية)، ويشكل المسلمون الغالبية العظمى من السكان، وهناك أقليات قومية تسكن مدن كردستان الشرقية (كردستان المحتلة من طرف إيران) كالأتراك والفرس والأذريين.

مظلوميات كرد إيران!

http://gty.im/186432680

لم تختلف النظم الإيرانية في تنفيذ سياساتها القمعية ضد الشعب الكردي، وجميع هذه الأنظمة لم تعترف بالحقوق القومية للشعب الكردي كحرية ممارسة العمل السياسي وكذلك الحقوق الثقافية مثل إنشاء مدارس باللغة الكردية، والحياة في المناطق الكردية ليست اعتيادية فهي أشبه بالثكنات العسكرية.

كما ينظر الفرس الى جميع القوميات والأقليات الدينية والمذهبية الأخرى نظرة دونية، ويُزج الآلاف من المواطنين الكرد في السجون والمعتقلات من جرّاء مطالبتهم بحقوقهم عبر الانتماء للأحزاب السياسية الكردية، كما أعدم النظام الحالي الذي مضى على سلطته حوالي 37 عامًا العشرات من أبناء الشعب الكردي.

يشكل الفرس نسبة 35% فقط من مجموع سكان إيران والبقية هم من القوميات الكردية والعربية والأذرية والبلوشية، إلا أن النظام يفرض ثقافته ولغته الفارسية على الجميع بالقوة فضلًا عن انتهاك حقوق الإنسان بحق تلك الأقليات القومية والدينية، وحتى رجال الدين الشيعة المعارضين لسياسات النظام يتم اعتقالهم وتصفيتهم، وتمارس السلطة سياساتها القمعية ضد كل من يطالب بحقوقه القومية والإنسانية وخاصة الشعب الكردي الذي يناضل من أجل حقوقه العادلة.

الشعب الكردي في إيران كما أسلفنا يشكل حوالي 11% من مجموع سكان البلاد، ويختلفون مع الفرس من حيث الجغرافيا والثقافة الاجتماعية. غير أن النظام لا يعترف بحقوقنا متذرعًا بأن الجميع إيرانيون، لتفرض سلطتها وسطوتها على جميع مواطني الشعوب غیر الفارسیة والإيرانيين برغم أن الأكثرية لا تؤيد النظام وسياساته.

إن الشعب الكردي والشعوب غیر الفارسیة والأحرار من الإيرانيين سيستمرون في نضالهم ومقارعتهم نظام طهران الحالي كما ناضلوا في العقود الماضية ضد النظم الإيرانية المحتلة لأرضهم، وإن الثورة الكردية سوف لن تقف إلا بتحقيق جميع حقوقنا القومية العادلة.

صفحات من نضال شعبنا الكردي

معركة قلعة دمدم

تعد معركة دمدم التي يسميها الكرد ملحمة دمدم واحدة من أهم المعارك التاريخية الموثقة عند الكرد. وقعت المعركة عام1609م – 1610م بين الكرد الذين كانوا يقطنون المنطقة الواقعة قرب بحيرة أرومية بقيادة الأمير خان بن جهزيرين (أو ذو الكف الذهبي)، والصفويين الفرس بقيادة حاتم بيك.

انتفاضتا إسماعيل آغا شکاکي (سمكو) آغا ابن محمد باشا ابنعليخان

ثار القائد سمكو آغا ضد الحكومات الإيرانية لأجل نيل الاستقلال بكردستان وتحقيق حقوق شعبها ما بين عامي 1920م و 1930م، وفي شهر أيلول/سبتمبر من سنة 1930م استدرجته الحكومة الإيرانية للتفاوض الى مدينة شنو حيث نصبوا له كمينًا واغتالوه غدرًا.

جمهورية کردستان أو جمهورية مهاباد

تأسست في 22 ینایر/كانون الثاني سنة 1946م في شرق کردستان برئاسة القائد الرمز قاضي محمد، واتخذت من مدينة مهاباد عاصمة لها، وبقيت لأكثر من 11 شهرًا. وقد تم القضاء على هذه الجمهورية الفتية بمؤامرة دولية وبضغط من نظام الشاه على الولايات المتحدة التي ضغطت بدورها على الاتحاد السوفييتي، وكان ذلك كفيلًا بانسحاب القوات السوفييتية من الأراضي الإيرانية، وقامت الحكومة الإيرانية بإسقاط جمهورية مهاباد بعد 11 شهرًا من إعلانها، وتم إعدام الشهید قاضي محمد مع ثلاثة من مساعديه في 31 مارس/آذار 1947م في ساحة چوارچرا بمدينة مهاباد.

كان «قاضي محمد» رجلًا محبوبًا وقوميًا من ولاية موکریا من شرق کردستان واتسمت شخصيته بالوقار. أتقن العلوم الإسلامية، ولم يقف في هذا الحد بل تطرق إلى العلوم المعاصرة، حيث أتقن اللغات: الکردیة، الفارسیة، الإنكليزية والروسية قراءة وكتابة.

لمعرفة المزيد:أكراد إيران: عودة لساحات التمرد.

بعد انتخاب قاضي محمد رئيسًا للجمهورية، بادر إلى مشاورة أعضاء العصبة الديمقراطية والوطنيين الآخرين لتشكيل الوزارات، وتم تشكيلها يوم 2-11-1946م كالتالي: الحاج بابه شيخ رئيسًا للوزراء، محمد حسين سيف وزيرًا للدفاع، مناف كريمي وزيرًا للتربية والتعليم العالي، محمد أمين معيني وزيرًا للداخلية، عبدالرحمن إيليخاني زاده وزيرًا للخارجية، محمد أيوبيان وزيرًا للصحة، محمود ولي زاده وزيرًا للزراعة، خليل خوسروي وزيرًا للعمل، أحمد الاهي وزيرًا للاقتصاد، ملا حسين مجدي وزيرًا للعدل، مصطفى داودي وزيرًا للتجارة، صديقي حيدري وزيرًا للإرشاد، إسماعيل خاني وزيرًا للري، كريم أحمدي وزيرًا للمواصلات.

وخلال العمر القصير للجمهورية الفتية تأسست العديد من المنظمات الحكومية والمدنية وصدرت العديد من الصحف والمجلات باللغة الكردية، وأيضًا تحدد علم كردستان ونشيدها الوطني.

شرق کردستان ما بعد الثورة الإسلامية

منذ العام الأول لقيام ما يسمى بالجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979م اصطدم الكرد مع النظام الجديد وعبروا عن غضبهم الشديد لعدم إتاحة الفرصة لممثلي الشعب الكردي في صياغة الدستور الإيراني الجديد، واستمر الكفاح المسلح لشعب الكردي إلى عام 1983م حيث هاجمت قوات الحرس الثوري الإيراني المعروفة بالباسدران المناطق الکردیة؛ ما أدى إلى استشهاد الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال، وسط مقاومة بطولية لبيشمركة كردستان الشرقية في ظروف وإمكانات غير متكافئة على الإطلاق، واستمرت المقاومة لأكثر من ثلاث سنوات استطاعت الحكومة الإيرانية إعادة سيطرتها على أجزاء من شرق كردستان والتي مارست فيها قوات الحرس الثوري أبشع الجرائم والممارسات القمعية كالاعتقالات والإعدامات وتدمير أكثر من 271 قرية كردية.

وختامًا فإن الشعب الكردي في شرق كردستان مصمم على استمرار النضال حتى تحقيق حقوقه القومية ومن ثم الاستقلال من إيران.