كبلر يكشف عن المزيد من العوالم الجديدة
هوكينج
قد يكون السؤال الأبرز والذي تحتار البشرية في الإجابة عليه بعد أسئلة مثل «لماذا نحن هنا» و«كيف وُجدنا في الأصل»، هو «هل نحن حقًا وحيدون في هذا الكون الواسع؟»، سؤال مُخيف ومشوّق في ذات الوقت، هل نحن الحضارة الوحيدة الذكية في كوننا متعدد المجرات، المليء بالنجوم والكواكب؟، العاملون في ناسا كانوا يبحثون عن الجواب أيضًا، فأرسلوا كبلر إلى السماء راجين منه إيجاد الجواب.
لمن لا يعرف كبلر، يمكنكم مراجعة المقال الذي قمنا فيه بتغطية الخبر الذي قامت ناسا بإعلانه وأخذ ضجةً كبيرةً جدًا، عن الكوكب كبلر 452 ب، المشابه لكوكبنا. الآن تقوم ناسا بإعلان خبرٍ أكبر وأكثر أهميّة وقد قامت بذلك في الثلاثاء الماضي، وأجاب علماء ناسا عن أسئلة عبر الاتصالات الهاتفية وحتى وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم #AskNasa.
باختصار، كبلر هو التلسكوب الفضائي الذي أُطلق في رحلةٍ طويلة الأمد إلى الفضاء في 2009 بهدف الاستكشاف والبحث عن الكواكب في المنطقة القريبة من مجموعتنا الشمسية، وهو موجه بشكلٍ خاصٍ للبحث عن الكواكب الخارجية التي تملك صفاتٍ تقارب صفات كوكبنا وتملك قدرةً على استيعاب الحياة على سطحها، بتوفر الماء وتموضعها في منطقةٍ ملائمة حول النجم الخاص بها.
الإعلان الأخير
أعلنت ناسا عن اكتشاف 3200 كوكب خارجيّ، 1284 منها كواكب خارجية مؤكدة بنسبة موثوقية تصل إلى 99%، و1327 كوكبًا آخر تقع في خانةٍ تجعلها أكثر احتمالًا لكونها كوكبًا خارجيًّا لكن لا تحقق المعايير اللازمة للوصول إلى نسبة موثوقية الكواكب الخارجية المؤكدة، أما الـ707 الأخيرة فاحتمال كونها كواكب خارجية ضعيف جدًا.
بهذا الإعلان أصبح لدينا أكثر من 5000 كوكبٍ خارجي محتمل، أكثر من 3200 كوكبٍ خارجي مؤكد، منها 2325 مُكتشف بواسطة مهمة كبلر.
يقوم كبلر بالكشف عن وجود الكواكب البعيدة بواسطة ملاحظته للاختلاف في سطوع النجوم التي يراقبها، حيث يؤدي مرور الكوكب أمام نجمه الأم –كما حدث في مرور عطارد أمام شمسنا في التاسع من مايو- لانخفاض سطوع هذا النجم. ولكن ليس كلّ انخفاض في سطوع النجم عبارة عن مرور كوكبٍ أمام هذا النجم، فقد يكون الجسم نجمًا أصغر، كالأقزام البنيّة، أو نجمٍ مرافق يدور حول شريكه الأكبر في زوجٍ نجمي، يقوم كبلر بتسجيل هذه الاختلافات في السطوع، ليقوم العلماء بعدها بدراسة كلّ حالةٍ على حدة للفصل بين إمكانية وجود كوكب خارجي مؤكد أو بقائه احتماليةً فقط. هذا العمل ليس سهلًا طبعًا، بل يتطلب الكثير من الوقت.
يقول عالم الفيزياء الفلكيّة والباحث في جامعة برينستون،تيموثي مورتون Timothy Morton:
طريقة جديدة
ما هي هذه المكنسة؛ عفوًا الطريقة الجديدة؟.
قام مورتون بطرح طريقةٍ جديدةٍ قدمها في ورقةٍ بحثيةٍ نُشرت في دورية Astrophysical Journal، والتي تتضمن عملية محاكاة مزدوجة، تُستخدم فيها المعلومات الموجودة عن الكواكب الخارجية المكتشفة سابقًا لتقارن بالمعطيات الجديدة. في المحاكاة الأولى يُقارن الاختلاف الضوئي في السطوع بالنتائج السابقة كلّها، الإيجابية والسلبيّة؛ (أي التي أكدت أنّ الجسم الذي تتم دراسته ليس كوكبًا خارجيًا)، ثم يتم إجراء محاكاة أخرى لحساب احتمال كون هذا الاختلاف في السطوع ناتجًا عن كوكبٍ خارجيّ اعتمادًا على معلوماتنا في مجال توزّع الكواكب الخارجية في مجرة درب التبانة.
إذا لم يكن الاختلاف في السطوع مسببًا بواسطة كوكب فهو أحد هذه الاحتمالات الأخرى غالبًا.
بهذه الطريقة استطاع مورتون مضاعفة عدد الكواكب الخارجية المكتشفة بواسطة مهمة كبلر، وفعلًا فقد قدّم الإعلان أكبر عددٍ من الكواكب الخارجية في الوقت ذاته.
كما تمّ الإعلان عن وجود أكثر من 550 كوكبٍ صخري تُقارب حجم كوكب الأرض، ولكن تسعةً منها فقط تدور حولها نجومها في المنطقة المعروفة بـ Goldilocks Zone (في الحقيقة اسم هذه المنطقة هو اسم قصة معروفة، واختياره مضحك بعض الشيء، يمكنكم البحث عن هذه التسمية لتعرفوا السبب)؛ أيّ المنطقة التي تكون فيها الكواكب على بعدٍ مناسبٍ من النجم الأم لها، ليست شديدة الحرارة وليست شديدة البرودة، تحتمل إمكانية وجود الماء السائل على سطحها، وقادرة على إيواء الحياة. بهذه الإضافة يصبح العدد الكلي لكواكب نادي Goldilocks الخاص 21 كوكبًا، وهو نادٍ حصريّ نوعًا ما حتى الآن!. يبعد أقرب هذه الكواكب عنا مسافةً قصيرة؛ 12 سنةً ضوئيةً فحسب.
لكن المهام لن تتوقف هنا
بالتأكيد لم تنتهِ مهمة كبلر، بل ستستمر حتى نفاد الوقود من المركبة، ويُعتقد أنّ ذلك سيحصل في صيف 2018، لكن لا تقلقوا فلن نتوقف عن البحث عن الكواكب الخارجيّة بهذه السهولة. على العكس تمامًا، ناسا تجهز كلًّا من TESS و james webb space telescope ليحلا مكان كبلر، ستنطلق TESS وهي اختصارٌ ل(Transiting Exoplanet Survey Satellite) في 2017 وتستخدم TESS طريقة كبلر ذاتها للبحث عن الكواكب الخارجية، لكنها تتميز بأنها لا تنظر إلى منطقة ثابتةٍ في السماء كما يفعل كبلر، بل ستجول نظرها في جميع أنحاء السماء، ويتبعها تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST (المشترك بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية) في 2018 ليوفر قدرة رصد لا مثيل لها بدقةٍ غير مسبوقة.