ماركوس كينو: لاعب استثنائي أم صنيعة الدوري المصري الهزيل؟
ربما الموسم الحالي من الدوري المصري هو واحد من المواسم المميزة في تاريخ تلك المسابقة الممتد منذ أكثر من نصف قرن، موسم يلقب بموسم «تركي آل الشيخ» بامتياز. فبعد الشقاق بين الخطيب وتركي بدأ المشهد في الاهتزاز بعنف، وبمرور الوقت أصبحت الكرة المصرية تتعامل مع معطيات جديدة تمامًا وما زال الجميع في انتظار النتائج.أبرز ما ميز ذلك الموسم الملايين التي دفعت في انتداب اللاعبين، أرقام لم يكن ليتخيلها أحد في مصر، ولكن تلك هي قواعد لعبة كرة القدم الجديدة. وصلت تلك القواعد لمصر أخيرًا، صحيح أن ذلك حدث بسيناريو مجنون وبأرقام لا تدل على المردود الفني بقدر ما تدل على فرض السيطرة، لكنه حدث وبدأ الجميع يحاول اللعب من خلال تلك القواعد المليونية، كل بطريقته.بدأ نادي بيراميدز الموسم بالتعاقد مع جهاز فني برازيلي بقيادة «ألبيرتو فالنتيم» المدرب السابق للفريق البرازيلي بوتافوجو حينئذ، ثم أتم التعاقد مع 4 لاعبين برازيليين وهم ماركوس دا سيلفا «كينو» و «لوكاس ريبامار» و «كارلوس إدواردو»و«رودريجينيو»..راهن نادي بيراميدز على المستوى الفني للبرازيليين لإحداث الفارق وراهنت الأطراف الأخرى على صعوبة تكيف الأجانب في مصر خلال الموسم الأول، خاصة أن طموح مالك النادي كبير. لم يمر أكثر من شهر لتتضح الرؤية، هناك لاعب وحيد هو من الأبرز بين الأربعة البرازيليين، هو اللاعب الذي قد يحدث الفارق بالفعل وربما يحقق المفاجأة وهو بالطبع ماركوس كينو.أصبح كينو هو أيقونة الفريق الجديد إذن، العلامة المميزة والفاخرة التي أرادها تركي آل الشيخ لفريقه. وفي سبيل جعله أيقونة مميزة للفريق تم دعمه بشكل إعلامي قوي. وبعد اقتراب الموسم من نهايته ربما آن لنا أن نتناول ماركوس كينو بشكل أدق. هل هو لاعب استثنائي، أم أن الدوري المصري هزيل للغاية، أم أن الإعلام هو من قرر أن يصنع منه سوبرمان؟
كينو ما قبل بيراميدز
لم يلعب كينو كرة القدم بشكل احترافي قبل عامه الثاني والعشرين. لعب كينو في مسقط رأسه مدينة سالفادور البرازيلية كهاوٍ للعديد من السنوات مقابل 50 دولارًا أو 100 دولار للمباراة، ثم أخيرًا التقطه نادي أمريكا البرازيلي ليلعب في صفوفه.استطاع كينو أن يترقى خلال ستة مواسم للعديد من الأندية داخل البرازيل بالإضافة لرحلة احتراف قصيرة للمكسيك عبر نادي أطلس. كان آخر تلك الأندية البرازيلية نادي بالميراس، العملاق بالميراس لنكن أدق. حسنًا نحن لا نتحدث عن لاعب هين إذن أو واحد من ضمن ملايين اللاعبين الذين يحملون جنسية البرازيل فتتفتح أمامهم فرصة اللعب في بلاد أخرى كمحترفين.لماذا إذن قد ينتقل لاعب مثل هذا للدوري المصري؟ الإجابة أن كرة القدم هي الطريق المجرب للتسلق من هاوية السلم الاجتماعي لقمته في البرازيل. ولذا فإنه منذ زمن ليس ببعيد أصبح الخليج هو أحد أهم الأسواق للاعبي أمريكا اللاتينية والبرازيليين بشكل خاص. قدم الخليج الأموال التي يبحث عنها لاعبو البرازيل ولذا فالصفقات أصبحت منطقية تمامًا، لكن الدوري المصري ليس بالدوري السعودي مثلًا وحتى كينو لم يكن هو كينو البرازيلي.
الدوري المصري يرتبك وكينو أيضًا
الحقيقة أن الدوري المصري حديث بتلك الصفقات. وجود لاعب برازيلي مراوغ أمر مفاجئ للاعبي الدوري المصري أنفسهم. بمقارنه بسيطة مع الدوري السعودي والذي كان هو الوجهة الأساسية لكينو قبل أحداث تركي الخطيب بالمناسبة سنكتشف الآتي.فريق الهلال يضم البرازيلي كارلوس إدواردو القادم من نادي بورتو البرتغالي والذي لعب لأندية نيس الفرنسي وفلومينزي البرازيلي. كذلك اللاعب البيروفي أندريه كاريللو القادم من نادي بنفيكا على سبيل الإعارة ولعب لأندية واتفورد ولشبونة. بينما يضم نادي الأهلي السعودي المدافع التشيلي باولو دياز والذي لعب لنادي القمة التشيلي كولو كولو ونادي سان لورينزو الأرجنتيني.يضم نادي النصر أيضًا أحمد موسى النيجيري صاحب الأهداف المميزة في كأس العالم الأخير ونور الدين مرابط والذي لعب لأندية واتفورد ومالاجا وجالاتا سراي وايندهوفن.القائمة ستطول بذكر لاعبي الدوري السعودي الأجانب، والجدير بالذكر أن ذلك الموسم تحديدًا هو الأميز على مستوى المحترفين ولكنه ليس الأول. فالدوري السعودي خلال السنوات الأخيرة ضم لاعبين مميزين بحجم كريستان ويلهامسون ومارسيلو كماتشو وتياجو نيفيز والعديد من الأسماء.بينما خلال تلك السنوات كان أهم محترف لعب في الدوري المصري هو الأنجولي فلافيو. ولذا فمن المنطقي تمامًا أن يصاب لاعبو الدوري المصري بالدهشة والإعجاب. ربما عندما يواجه أحدهم اللاعب كينو يتذكر كابتن ماجد وهو يقول جملته التاريخية: «يجب أن أذهب إلى البرازيل».
ماذا يفعل كينو تحديدًا؟
بتتبع بسيط لأهداف كينو خلال الدوري المصري تجد أن الرجل يستخدم مهارة المرور بشكل تقليدي بحت، ولكنها بسرعة كبيرة في حركة الأقدام. يميل لوضع الكرة أقصى يمين المرمى بوجه القدم الداخلي فيما يسمى بال R2. نعم، تلك اللعبة التي يحاول دومًا المصري محمود تريزيجيه تنفيذها دون جدوى.أصبح كينو يمتلك أفضلية نفسية كبيرة خلال أي مباراة. يتقدم منه المدافع وهو على استعداد تام أن تتم مراوغته، حتى أن الظهير الأيمن التاريخي لمنتخب مصر خلال العقد الأخير أحمد فتحي قد قرر في مباراة الأهلي وبيراميدز الأخيرة مراقبة كينو أثناء التسديد بدلًا من أن يضغط عليه فتتم مراوغته فسجل البرازيلي هدف المباراة الوحيد. يضطر المدافعون في الأخير لاستخدام القوة وهو ما دفع كينو نفسه بوصف الدوري المصري بالقوي بدنيًا والضعيف فنيًا. الحقيقة أن هزالة الدوري المصري ذاته لم تستفز كينو ليقدم ما يمتلكه خلال تلك المباريات. ولو أن كينو لعب للنادي الأهلي كما كان يخطط تركي على حد قوله وخاض معه مبارياته الأفريقية كان ليقدم مستوى أفضل وهو ما قد يحدث حال انتقاله للدوري السعودي كما يشيع مؤخرًا.لم يحتج كينو أن يستخدم ميزته الأهم -السرعة- خلال هذا الموسم بشكل كبير. تفاجأ كينو بمستوى الدوري الهزيل فاكتفي بالمراوغة من الخط إلى داخل الملعب وإحراز أهداف يعجز تريزيجيه فقط عن تحقيقها، ثم يقرر استخدام مهاراته وتقديم إحدى لمحاته خلال كل مباراة بالقدر القليل وهو الأمر الذي لمحه واحد من عباقرة اللعب بقدر مجهود المنافس، كابتن رضا عبد العال. أكد رضا عبد العال أن لسان حال كينو هنا: «ماذا أتى بي إلى ذلك الدوري؟»وهو أمر لا يرتبط بشكل تكتيكي للفريق أو بتعليمات فنية للمدير الفني، فكينو هو كينو خلال الولايات المتعددة لمدربي نادي بيراميدز. ربما قل أداؤه خلال فترة رامون دياز نظرًا لاقتراب الموسم من نهايته لا أكثر، كما هو واضح من النتائج والأرقام.
تقسيم الأهداف المسجلة وصناعة الأهداف التي قام بها كينو خلال فترة كل مدرب