وكالة الجايكا، بنك الحظ الياباني يقرض مصر 2 مليار دولار
بعد زيارات عديدة، ومداولات مطوّلة واشتراطات قاسية، حصلت الحكومة المصرية على الموافقة لاقتراض قرض من صندوق النقد الدولي؛ لسداد الديون الخارجية والداخلية. بينما اقترضت مصر من بنك الحظ الياباني 2,2 مليار دولار؛ لتنمية قطاعات الطاقة والتعليم والصحة من خلال زيارة واحدة وبلا مداولات وباشتراطات ميسرة. فما هو بنك الحظ الياباني وهل يكون أفضل من صندوق النقد الدولي؟
جايكا: الوكالة اليابانية للتعاون الدولي
بدأت «جايكا» كمؤسسة عامة ذات طابع خاص، تابعة لوزارة الخارجية اليابانية، منذ أغسطس/آب عام 1974. وفي 1 أكتوبر/تشرين الأول عام 2003، تحولت إلى وكالة إدارية مستقلة، باستثمارات قدرها 7 تريليون و877,1 بليون ين ياباني بنهاية السنة المالية 2014، ويعمل بها 1845 موظفا (طبقا لتقديرات نهاية السنة المالية 2014).
تلعب «جايكا» دورا قياديا في توجيه اتجاهات التنمية الجديدة؛ للوفاء بمسئولياتها كواحدة من أكبر المنظمات المانحة في العالم على مدى أكثر من 40 عاما في مواجهة الآثار السلبية للعولمة، والتي تشكل تهديدا لاستقرار وازدهار اليابان الذي يعتمد على موارد من جميع أنحاء العالم، بل تشكل تهديدا رهيبا لكل دول العالم، خاصة الدول النامية.
لوح «جايكا» يتكون من أكثر من 107 خانة
يتبع جايكا -حتى عام 2016- 107 مكتبا حول العالم، موزعة كالتالي:
- 25 مكتبا بدول آسيا، منها: (الهند والصين وإندونيسيا وباكستان وسريلانكا).
- 9 مكاتب بدول الأوقيانوس، منها: (فيجي وجزر المارشال).
- 23 مكتبا بدول أمريكا اللاتينية، منها: (البرازيل والأرجنتين وشيلي والمكسيك وكوبا).
- 34 مكتبا بدول أفريقيا، منها: (الكاميرون وزامبيا وإثيوبيا ونيجيريا).
- 9 مكاتب بدول الشرق الأوسط، منها: (مصر وإيران والأردن وفلسطين وسوريا).
- 7 مكاتب بدول أوروبا، منها: (تركيا وصربيا وكوسوفو).
لعبة «جايكا»: التنمية الشاملة والديناميكية
تعتمد الرؤية الخاصة بمنظمة جايكا على محورين رئيسيين، وهما: التنمية الشاملة والتنمية الديناميكية. فالتنمية الشاملة تمثل نهجا من التنمية التي تشجع جميع الناس على التعرف على القضايا التنموية التي يواجهونها، والمشاركة في التصدي لها، والتمتع بثمار هذه المساعي. أما التنمية الديناميكية فتهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي طويل الأجل، والحد من الفقر في بيئة متغيرة باستمرار في الدول النامية.
مهام واستراتيجيات لعبة جايكا
1. المهمة الأولى: تناول جدول الأعمال العالمي: يتمثل دور جايكا في الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا اليابانية، والتنسيق مع المجتمع الدولي؛ لمعالجة مختلف القضايا ذات الصلة بالآثار السلبية للعولمة، مثل: التوزيع غير المتكافئ للثروة، وتغير المناخ، والإرهاب، وبخاصة في الدول النامية.
2. المهمة الثانية: الحد من الفقر من خلال النمو العادل: تقوم جايكا بمساعدة الشعوب على التخلص من الفقر، وعيش حياة صحية ومتحضرة، والتي تعتبر مهمة حيوية، ليس فقط لنمو البلدان النامية ولكن أيضا لاستقرار المجتمع الدولي.
3. المهمة الثالثة: تحسين الحكم: تقدم جايكا دعما يهدف إلى تحسين الأنظمة الأساسية التي تحتاجها الدولة؛ من أجل تحسين مكانتها بين دول العالم. ويتحقق ذلك باستغلال الموارد المتاحة لها، وإدارتها بكفاءة وبطريقة تعكس إرادة الشعب.
4. المهمة الرابعة: تحقيق الأمن الإنساني: تدعم جايكا الجهود المبذولة من أجل الدفاع عن البشر من الخوف والعوز الناتجين عن الحروب الأهلية والفقر والدمار البيئي، من خلال بناء قدرات الناس على التصدي لهذه القضايا؛ حتى تستطيع أن تحيا بكرامة.
استراتيجيات جايكا
1. الاستراتيجية الأولى: المساعدة المتكاملة: تقدم جايكا المساعدات عن طريق ثلاث وسائل: المساعدة التقنية، وتقديم القروض الإنمائية الرسمية، ومنح المساعدات لتقديم الدعم الشامل، الذي يجمع بين عناصر مثل: التحسينات المؤسسية، وتنمية الموارد البشرية، وتحسينات البنية التحتية.
2. الاستراتيجية الثانية: المساعدة السلسة: تجمع جايكا بين مجموعة واسعة من الأساليب المساعدة، التي تعمل على منع نشوب الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية، وتقديم مساعدات طارئة في أعقاب النزاعات أو الكوارث؛ لتحقيق الانتعاش الفوري.
3. الاستراتيجية الثالثة: تعزيز الشراكات الإنمائية: تهدف جايكا لتكون شريكا جيدا للدول النامية، واستيعاب احتياجاتهم المتغيرة بدقة، من خلال تعزيز جهود المساعدة الخاصة بهم بسرعة وفاعلية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتجميع الخبرات والموارد من الجهات الفاعلة.
4. الاستراتيجية الرابعة: تعزيز البحوث وتبادل المعارف: تلجأ جايكا إلى إنشاء معهد بحوث الجايكا؛ لنقل الخبرة التي اكتسبتها في مجال العمل، وبناء شبكات واسعة من الأكاديميين من اليابان وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم؛ لمواجهة زحف العولمة، والقضايا التي تؤثر على الدول النامية.
الخانة المصرية ببنك الحظ الياباني
مصر هي تاسع أكبر دولة متلقية للمساعدات اليابانية الثنائية وأكبر دولة في الشرق الأوسط. ومن أشهر المساعدات اليابانية في مجال البنية التحتية: مشروع كوبري مبارك للسلام (كوبري قناة السويس)، وهو ثاني أكبر مشروع موّلته اليابان فى تاريخ برنامج المنح، بمبلغ وقدره 110 مليون دولار، ومنها أيضا المنح الطارئة لمواجهة الكوارث الطبيعية، والتي بلغت حوالي 570 مليون دولار؛ لمواجهة آثار زلزال أكتوبر/تشرين الأول1992.
وبلغ إجمالي الاستثمارات اليابانية في مصر نحو 771,5 مليون دولار حتى فبراير/شباط 2014، بما فيها الاستثمارات البترولية التي تقدر بنحو 385 مليون دولار (وفقا لبيانات مجلس الأعمال المصري الياباني)، وبلغ عدد الشركات اليابانية العاملة في مصر 66 شركة.
وفي 28 فبراير/شباط الماضي حصدت مصر قروضا من اليابان بقيمة نحو 500 مليون دولار، عن طريق مساهمة الشركات اليابانية في مشروعات مصرية قيمتها نحو تريليوني ين، أي ما يوزاي 17,7 مليار دولار، في مجالات البنية التحتية وإنتاج الطاقة الكهربائية، وتقديم قرض بقيمة 41 مليار ين؛ لتحسين نظام توزيع الكهرباء في مصر، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير قطاع الصحة في مجال مكافحة العدوى والارتقاء بصحة المرأة والطفل.
ماذا استفادت مصر من لعبة جايكا؟
تقوم جايكا بتفعيل الاتفاقيات الثلاث التي وقعتها مع مصر لتوفير قروض ميسرة بإجمالي 450 مليون دولار؛ لتمويل 3 مشروعات في مصر، من إجمالي محفظة مصر من الهيئة، والتي تقدر بحوالي 2,2 مليار دولار.
ومن المقرر أن تساهم جايكا بقرض بقيمة 152 مليون دولار في مشروع توسعة مطار برج العرب بالإسكندرية؛ ليصبح أول مطار صديق للبيئة في الشرق الأوسط، يعمل بالطاقة الشمسية، وحوالي 243 مليون دولار في رفع كفاءة شركات الكهرباء، ومنحة قيمتها 103,5 مليون جنيه مصري؛ لإنشاء العيادات الخارجية لمستشفى الأطفال التخصصي (أبو الريش)، فضلا عن باقي المشروعات التي تشرف عليها “جايكا” ومن بينها المتحف المصري الكبير، والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.
وتشترك جايكا مع الوزارات والمؤسسات السيادية في مصر، وكذلك المنظمات الرسمية، في العديد من المجالات الحيوية، ويأتي في مقدمتها مجالات التعليم والري، بالإضافة إلى العديد من المجالات التي تغطي كافة القطاعات الحيوية بمصر.
مجالات التعليم
1. توقيع بروتوكول يهدف إلى دعم برنامج لدراسة علوم الهندسة لطلبة الجامعة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا؛ للارتقاء بها لمستوى الريادة في مجال تدريس العلوم والتكنولوجيا بالشرق الأوسط وإفريقيا، بتكلفة تبلغ نحو 19 مليون دولار.
2. مبادرة متكاملة تشمل الإدارة المدرسية، وتطوير المناهج، وإمداد المدارس بالمعدات الأساسية، ونقل النموذج الياباني في التعليم، عن طريق بناء 100 مدرسة جديدة وتجهيزها، كذلك تطوير 10 مدارس مصرية؛ لتكون نموذجا يمكن تعميمه فيما بعد، فضلا عن التعاون في إنشاء مدارس فنية بنظام التعليم الفني المزدوج، وذلك على غرار المدارس الفنية اليابانية.
مجالات المياه والري
2. إنشاء مجموعة قناطر جديدة بديلة عن قناطر ديروط، من خلال قرض بقيمة 420 مليون جنيه مصري، يسدد على 30 عاما، بفترة سماح مدتها 10 سنوات.
وتتكون من 6 قناطر تصب في 7 ترع؛ لتخدم زماما قدره 1,6 مليون فدان، تمثل حوالي 17,3% من إجمالي مصادر المياه في مصر، بنحو 20% من مساحة الأراضي الزراعية في البلاد، وهي مساحة زمام مصر الوسطى، ويستفيد منها حوالي 20% من سكان الجمهورية، بما يعادل 16 مليون مواطن.
مجال تطوير شبكات توزيع الكهرباء
1. اتفاق لرفع كفاءة الطاقة بثلاث شركات لتوزيع الكهرباء، وهم: (شمال القاهرة- الإسكندرية- شمال الدلتا). عن طريق قرض ميسر بقيمة 210 مليون دولار، وبفائدة سنوية 0,3%، وفترة سداد 40 سنة، منها 10 سنوات فترة سماح.
2. مشروع مزرعة رياح بقدرة 220 ميجاوات بجبل الزيت، بقيمة تبلغ حوالي 1938,9 مليون جنيه مصري.
مجالات الآثار وترميمها
تنفيذ أعمال المتحف المصري الكبير الذي يعتبر أحد أكبر وأهم المتاحف في العالم؛ بما سيعرضه من قطع أثرية، فضلا عما سيقدمه من خدمات ثقافية وعلمية وفنية، باعتباره ليس فقط ساحة لعرض الآثار وإنما مركزا دوليا للإشعاع الثقافي.
مجالات الكباري
تقديم منحة لتطوير وإدارة صيانة الكباري فى مصر، بعد تحذير “جايكا” من أن 40 % من كباري مصر تخطت عمرها الافتراضي، كما أعلنت عن وجود 700 كوبري معرضين للانهيار، من إجمالي 1726 كوبري.
مجالات النقل والتعبئة والتعاون الإفريقي
1. يأتي في مقدمة مجالات النقل مشروع مترو الأنفاق، وتحديدا تنفيذ وإنشاء الخط الرابع لـ “مترو” الأنفاق، والممول من الحكومة اليابانية بمبلغ 1,2 مليار دولار.
2. هذا إلى جانب اتفاقية تطوير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتنمية القدرات الإحصائية للعاملين به، وتقديم الدعم الفني لتطوير المنتجات الإحصائية، خاصة المتعلقة بتعدادات السكان.
3. بينما مجال التعاون الإفريقي يكون من خلال الدخول في برامج للتعاون الثلاثي بين جايكا والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية؛ لدعم برامج التنمية للسكان في القارة الإفريقية.