المقدسيون في ظل الاحتلال الإسرائيلي
منذ العام 1967م تعمل سلطات الاحتلال الصهيوني على جعل مدينة القدس مدينة يهودية بحتة خالية من العرب، فاستخدمت بحق القدس وسائل تهويدية كثيرة لتنفيذ وتطبيق أهدافها الصهيونية، ومن سياسات التهويد الذي ارتكبت بحق السكان الفلسطينيين في القدس:
سياسة مصادرة الأراضي والأملاك الفلسطينية
يتأثر السكان في القدس الشرقية بالاعتبارات السياسية منذ ضمها لما يسمى «إسرائيل» منذ عام 1967م، وتتسم هذه السياسة بالتمييز القمعي والمتعمد ضد السكان المقدسيين. ويعمل الاحتلال الإسرائيلي على خنق البناء الخاص بالسكان الفلسطينيين، بينما مقابل ذلك يمنح السكان اليهود بناء كامل واستثمارات لا حدود لها.
وقد تم الاستيلاء على الكثير من الأراضي الفلسطينية لبناء الأحياء اليهودية للمهاجرين اليهود، وبقي لكل فرد فلسطيني من أرضه الفائقة للدونمات فقط، دونم واحد، كما أن بلدية القدس رفضت إعداد الخرائط الهيكلية للمناطق والأحياء الفلسطينية، فقط رسمت خرائط هيكلية مخصصة من أجل منع البناء الجديد في مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية المقدسية التي أسمتها بـالمساحات الخضراء.
قامت إسرائيل بعد احتلالها في عام 1967م، بتوسيع حدود بلدية القدس من ستة كيلومترات مربعة إلى سبعين كيلو متر مربع، وعلى أثر ذلك أصدر الكنيست الإسرائيلي عدة قوانين صارمة هدفها مصادرة الأراضي الفلسطينية، ومن هذه القوانين:
1. قانون أملاك الغائبين
أصدر هذا القانون في 23 تموز/يوليو 1967م، وينص هذا القانون على أن كل شخص غادر الضفة الغربية إلى الدول المجاورة يعد غائبا، وقامت إسرائيل بتعداد سكان القدس المتواجدين في تلك الفترة وتسجيل أسمائهم، ومن لم يسجل اسمه يعد غائبا في قانون أملاك الغائبين ومن ثم الاستيلاء على ممتلكاته، وعينت إسرائيل شخصا أسمته «حارس الأملاك» لأملاك الغائبين ويحق لهذا الحارس إدارة أو بيع هذه الأملاك.
2. قانون التعويضات
أصدر هذا القانون لسكان القدس الذين لم يتم تسجيلهم في إحصاء عام 1967م بهدف تعويضهم عن أملاكهم التي تم مصادرتها، ولكن أهالي القدس عبروا عن رفضهم ولم يحضروا لمراجعة سلطات الاحتلال.
3. قانون أراضي الدولة المسجلة
وهي الأراضي التي كانت أرض دولة، بالرغم من أن أغلب أراضي الضفة الغربية لم تكن مسجلة بسبب عدم إكمال تسجيل الطابو بسبب النكسة عام 1967م، فالأراضي الغير مسجلة اعتبرت أنها أراضي دولة.
هذه هي السياسات الإسرائيلية في القدس الشرقية التي تهدف للحفاظ على الأغلبية اليهودية في القدس، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من تقييد اليد الفلسطينية في عمليات تطوير البناء في الأحياء الفلسطينية، وإصدار القوانين التي تفيد بالمنع.
سياسة هدم المنازل وتجميد البناء
لم تكتف قوات الاحتلال بأساليبها القديمة بتهويد السكان بل لجأت إلى سلسلة جديدة من التهويد، فقامت بتطبيق سياسة جديدة من الهدم والنسف وتجميد البناء، وإلغاء المخططات الهيكلية للأحياء المقدسية القديمة، وإصدار مخططات هيكلية جديدة معقدة من ناحية الترخيص للبناء، وعدم بناء أكثر من طابقين أو ثلاث، وفرض رسوم خدماتية عالية جدا، ومن يخالف مخططاتهم الهيكلية تعاقبه قوات الاحتلال بهدم منزله.
استمرار حكومة الاحتلال في تنفيذ هذه السياسة الغير منطقية تضع مدينة القدس في صراع مع الاحتلال الذي يسعى دوما إلى تهويد المدينة واستحداثها بطابع يهودي صهيوني.
سياسة التهجير القسري
استعمل الاحتلال العديد من الوسائل لإنهاء الوجود العربي الفلسطيني في القدس، ففي أول احتلالها للمدينة قامت بتهجير السكان بشكل قصري وجماعي، ونزع المنازل والمحال التجارية من السكان.
سياسة سحب الهويات
من أبرز الانتهاكات التي تقوم بها سلطات الاحتلال سحب الهويات من السكان وإلغاء حقهم في الإقامة في القدس، بالرغم من حقهم المشروع في الإقامة استنادا للمواثيق الدولية، إلا إن سكان القدس يتعرضون للانتهاكات المستمرة من قبل الاحتلال بشتى الوسائل مثل الإبعاد خارج الوطن وإصدار القوانين الصارمة والإجراءات الإدارية التي تلغي حق الإقامة الدائمة في المدينة.
التهويد على الصعيد الاقتصادي
تعمل إسرائيل ومازالت تعمل على تضيق الخناق على الحركة الاقتصادية الفلسطينية في القدس، بالإضافة إلى فرض الحصار على السكان ومنع المسلمون والمسيحيون من تأدية شعائرهم الدينية والوصول إلى مقدساتهم، فهي دوما تعمل جاهدة على إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، ومن أساليبها التي اتبعتها لخنق هذا الاقتصاد: فرض ثلاثة أنواع من الضرائب على الفلسطيني تتمثل في ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل، وضريبة البلدية ( لأرنونا والأملاك).
كما أكملت سلطات الاحتلال طريقها لتحقيق التهويد الاقتصادي، فحاصرت الغرفة التجارية ونشاطاتها والمؤسسات التجارية والاقتصادية المختلفة، وفرضت القيود على حرية الحركة التجارية، وسيطرت على أسواق المدينة وفرضت الأوامر الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني كما فرضت النظام الضريبي الإسرائيلي على التجار.
التهويد على صعيد التعليم والقضاء:
على صعيد التعليم؛ إجراءات التهويد هنا كانت من أسرع عمليات التهويد، إذ شمل التهويد المؤسسات التعليمية الفلسطينية ومناهجها، إذ خضعت للإشراف الإداري الصهيوني، وفرض البرامج التعليمية الإسرائيلية على المدارس الفلسطينية في القدس، والهدف من ذلك هو القضاء على الروح الوطنية والقيم والعادات الفلسطينية.
على صعيد القضاء؛ قامت سلطات الاحتلال بإلغاء القوانين الأردنية التي كانت سائدة في المدينة، وإغلاق جميع المحاكم النظامية، وقامت بفصل القضاء النظامي والفلسطينيين بالقدس عن شؤون الضفة الغربية وألحقته بالقضاء الإسرائيلي، وقد أبدى المواطنين رفضا تاما لما حصل، لكن للأسف طبق النظام الصهيوني في المدينة.