جزيرتي تيران وصنافير: لعبة إقليمية لتعزيز مكانة إسرائيل في المنطقة
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
يُعد نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى المملكة السعودية – سواء أكانت عملية «استرداد» أو «استئجار» – اتفاقية جيدة بالنسبة لإسرائيل، حيث ستمثل سابقة يجدر الاحتذاء بها (رغم أنها ليس حقًا المرة الأولى).فقط من ينظرون إلى الوراء هم من يرونها بعين قلق. أما عند التطلع إلى المستقبل، نجد أنها تُبشّر باحتمالات إيجابية. حيث سيكون من الأفضل الانفصال عن استبداد الماضي.حين نلقي نظرة على الماضي، وحتى بالعودة إلى ما قبل الحروب الإسرائيلية المصرية الخمسة، «حرب سيناء الأولى» (عملية حوريف، حين تسلل الجيش الإسرائيلي إلى شمالي سيناء حتى وصل إلى العريش عام 1948)، «حرب سيناء الثانية» عام 1956 (عملية قادش)، الثالثة عام 1967، الرابعة (حرب الاستنزاف بين عامي 1969 و1970)، والخامسة (حرب يوم الغفران)، بالإضافة إلى (الحرب اللبنانية الثانية، الانتفاضة الثانية)، والعمليات والحملات ذات النطاقات المختلفة، نجد أنه رغم اعتياد تصنيف حربي 1956 و1967 فقط على أنهما متعلقتين بحرية الملاحة في البحرية الأحمر، وقعتت الحربان اللتان تبعتا حرب الستة أيام على خلفية رفض إسرائيل التخلي عن ممر بحري ضيق بين العريش وشرم الشيخ..
تفتقر مصر دائمًا إلى الأموال، بينما تفتقر السعودية إلى القوة العسكرية. فالمصريون أقوياء وفقراء، بينما السعوديون ضعفا وأثرياء.
وحتى في وقت سابق، قبل اعتراف الرئيس الأمريكي هاري ترومان بوقوع إيلات ضمن الأراضي الإسرائيلية، عُقد اجتماع في فبراير 1945 بين سلف ترومان الراحل، فرانكلين روزفيلت، وابن سعود، والد الملك السعودي الحالي الملك سلمان (الذي كان عمره آنذاك تسعة أعوام).حل الملك السعودي ضيفًا على المدمرة الأمريكية «يو إس إس كوينسي»، وصاغ مع روزفيلت أساس التحالف السعودي الأمريكي الذي صمد أمام عدد كبير من الأزمات خلال العقود السبعة الماضية، والذي سيُشاد به من قبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في زيارته لمنطقة الخليج خلال الأسبوع القادم.فشل ابن سعود في التأثير على السياسة الأمريكية لجعلها مناهضة للصهيونية. وبدا روزفيلت منفتحًا أمام محاولات اقناعه – حيث انطوت الفكرة السعودية اللامعة على إعادة توطين لاجئي الهولوكوست مجددًا في أوروبا، التي ذبحت ملايين اليهود، تاركة مساحة كبيرة للناجين – لكن خلال الشهرين اللاحقين فقط، مات روزفيلت، وتبنى ترومان، بعد ثلاثة أعوام من التردد، توجهًا أكثر توازنًا زعم العرب أنه كان مناصرًا لإسرائيل أيضًا.يبدو إرث روزفيلت ذي صلة ضمن سياقات مختلفة، كقانون الإعارة والتأجير مع بريطانيا، الذي سمح للولايات المتحدة بتقديم سفن وطائرات حربية وأسلحة أخرى مقابل بناء قواعد لها في جزر الكاريبي، ولاحقًا في كندا وبرمودا.تحايلت هذه الخطة على التشريع الذي دعمه الجمهوريون الانعزاليون في الكونجرس، الذي حظر بيع المعدات العسكرية للأطراف المقاتلة في الحرب العالمية الثانية، خلال العامين السابقين لإجبار أمريكا على دخول الحرب بفعل الهجوم الياباني على ميناء «بيرل هاربور». وبواسطة قانون «الإعارة والتأجير»، حصلت واشنطن ولندن على ما أرادتاه.تفتقر مصر دائمًا إلى الأموال، بينما تفتقر السعودية إلى القوة العسكرية. فالمصريون أقوياء وفقراء، بينما السعوديون ضعفا وأثرياء. كان ذلك تطابقًا سييء خلال العهد الطموح لجمال عبد الناصر، الذي ساعد أعداء السعودية في اليمن (وتصدت له المساعدات الأمريكية والإسرائيلية المقدمة إلى الملكيين اليمنيين، أعداء عبد الناصر). لكنه أصبح تطابقًا جيدًا منذ عهد أنور السادات وما تلاه، حينما امتدت العلاقات على مستوى أقل من الزعماء بدرجة أو اثنتان، والتي شملت علاقات بهدف إجراء الأعمال الهادفة وتبادل المعلومات، كالعلاقة بين رئيس الاستخبارات السعودية كمال أدهم وصديقه المصري أشرف مروان.
يمكن توسيع إطار تبادل الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين ومصر، بحيث يمكن تأجير جزء من سيناء وإلحاقه بغزة.
أضعفت حرب يوم الغفران أهمية مضيق تيران، رغم أنها لم تقضي عليها تمامًا. فخلال الحرب ذاتها لُغّم المضيق المواجه لشرم الشيخ. بل والأسوأ أن التهديد الذي واجهته حركة الملاحة في إيلات قد انتقل إلى الجنوب، إلى مضيق باب المندب.تأخرت زوارق الصواريخ التي كان يفترض أن تصل إلى البحر الأحمر عبر الإبحار حول مسار رأس الرجاء الصالح. لكن بعد الحرب ترسخت حقيقة جيواستراتيجية؛ أن تيران وصنافير عادتا إلى وضعيهما الهامشي في منتصف القرن العشرين.أدى السلام مع مصر، والملاحة الإسرائيلية عبر قناة السويس، بما في ذلك مرور سفن البحرية الإسرائيلية، إلى عودة البحر الأحمر مجددًا إلى حصصه الطبيعية. فللبحر الأحمر أربعة شركاء: إسرائيل، الدولتان العربيتان المبرمتان لاتفاقيتي سلام مع إسرائيل، والمملكة السعودية، التي تعد حليفًا غير معلن ضد العدو المشترك، إيران.رغم التوترات بين العائلات الحاكمة في الأردن والسعودية بشأن من منهما ينتهي نسبه إلى النبي محمد، تمكنت الرياض وعمان من التوصل إلى اتفاق لتبادل الأراضي في الستينيات، حيث حصلت الأردن على جزء من الساحل السعودي في جنوبي العقبة مقابل تعديلٍ بطول حدودها الشرقية.يعزز الاتفاق الجديد بشأن الجزيرتين مع مصر شرعية تلك السابقة، ويزيد من فرص عقد اتفاقات متعددة الأطراف تشمل إسرائيل، والفلسطينيين والدول العربية.
يمكن لسوريا أن تستأجر من إسرائيل منطقة حيوية لدفاعاتها عن الجولان، مقابل قطعة صغيرة في منطقة حماة.
على سبيل المثال، يمكننا توسيع الإطار الضيق لتبادلات الأراضي المقترحة بين إسرائيل والفلسطينيين لتشمل ترتيبًا رباعيًا يشمل مصر (التي يمكنها تأجير جزء من سيناء وإلحاقه بغزة)، والسعودية (التي ستعطي لمصر قطعة من الضفة الشرقية للبحر الأحمر، وستحصل على اعترافٍ بشأن وضعها بالنسبة لجبل الهيكل).ربما حتى يمكننا إضافة سوريا، التي ستستأجر من إسرائيل منطقة حيوية لدفاعاتها عن الجولان، مقابل قطعة صغيرة في منطقة حماة، التي كانت جزءً من المنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاقيات الهدنة عام 1949، وكذلك الأردن. كما يمكن إعادة تنظيم الأوراق وتوزيعها بما يخدم مصالح جميع اللاعبين.تسمى تلك اللعبة بالتعاون الإقليمي بهدف المصلحة المشتركة. وتقدم اتفاقية الجزيرتين مثالًا جيدًا على الفكرة المبتكرة التي يجب محاكاتها، وإن أمكنها مساعدة مصر في تجنب الانهيار الذي سيهدد الأمن الهش للشرق الأوسط، وسيُغرق أوروبا بموجة أخرى من اللاجئين الجائعين واليائسين، لكان ذلك أفضل كثيرًا.