هل تنشب حرب جديدة في غزة بعد اغتيال الزواري؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
هكذا رأى موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، ولم يقتصر الأمر هنا على مجال لذرة فقط، بل امتد لكافة نواحي العلم، وهو ما جعل إسرائيل تخصص أجهزة أمنية -فقط- لمتابعة نشاط العلماء العرب في كافة أنحاء العالم، فسعت إلى محاولة تصفية العناصر الواعدة منهم جسديًا، إلا إذا قبل عروضهم المُغرية للابتعاد بعلمهم عن دولتهم الأم.
محمد الزواري، مهندس الطيران التونسي، الذي ساعد ودعّم المقاومة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، يبدو أنه كان آخر ضحايا عمليات التصفية الجسدية الإسرائيلية. فالناشط التونسي المعارض، الذي هرب من تونس ونظام ابن علي في أوائل التسعينات، نشأ على حب القضية الفلسطينية والانتماء لتاريخها؛ لذلك التحق بصفوف المقاومة، وساعد على تطوير منظومتها التسليحية.
وقد اهتمت الصحافة الإسرائيلية بتغطية حادث استشهاد الزواري، وتحليل أبعاده ومآلاته المختلفة. وجاء مقال «عاموس هرئيل»، مراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية للشئون العسكرية، ليتحدث عن احتمالات وقوع توترات عسكرية في أعقاب اغتيال الزواري.
أكد هرئيل في بداية مقاله أن سياسات إسرائيل الهجومية تهدف إلى إحباط هجمات محتمل أن تتعرض لها في المستقبل، وليس لتصفية الحسابات، وحماس لن تقاتل إسرائيل مُجددًا، القتال لمجرد الثأر لمدني تونسي قُتل بعيدًا عن غزة.
مهندس الطيران وخبير الطائرات بدون طيار، «محمد الزواري» تعرّض لإطلاق النار حتى الموت في تونس يوم الخميس الماضي 15 ديسمبر/ كانون الأول 2016، لينضم إلى قائمة طويلة من «المتشددين» –وفق تعبير الكاتب- في الشرق الأوسط الذين نُسب إلى إسرائيل اغتيالهم. وبعد ظهر يوم السبت 17 ديسمبر/كانون الأول 2016، أعلن الجناح العسكري لحماس أن الزواري كان يرأس برنامج حماس لتطوير الطائرات بدون طيار.
يقول الكاتب إنه في العقد الماضي فقط، سبق اغتيال الزواري في تونس، اغتيال «عماد مغنية»، رئيس عمليات حزب الله، في دمشق، واغتيال «حسن اللقيس»، أحد قادة حزب الله العسكريين ومسئوله التكنولوجي، في بيروت، واغتيال «محمود المبحوح»، أحد كبار موردي الأسلحة لحماس، في دبي. وقبل عام، قُتل «سمير القنطار»، القيادي الدرزي في حزب الله، في غارة جوية على سوريا، بعد خروجه من السجن الإسرائيلي في عملية تبادل للأسرى.
في كل هذه الحالات، تم اتهام إسرائيل بالتورط في عملية الاغتيال، ولكن إسرائيل لم ترد على هذه الاتهامات، وأبقت الأمور كلها غامضة.
هذه هي سياسة إسرائيل، ولم يحدث استثناء سوى عام 1972 عندما أعلنت مسئوليتها عن قتل المتورطين في حادثة ميونخ ضد الرياضيين الإسرائيليين. ووفقًا لوسائل الإعلام في لبنان وتونس، فإن الزواري، ورغم كونه مواطنًا تونسيًا، إلا أنه انضم إلى الجناح العسكري لحماس في تسعينات القرن الماضي.
وكان الزواري عضوًا في جماعة الإخوان في تونس، ويبدو أنه كان أيضًا على اتصال مع حزب الله. وهناك تقارير تشير إلى أنه عمل من دمشق في الماضي، حينما كان لحماس مكتب هناك، حتى عام 2012، وبعد ذلك نقل عمله إلى لبنان. وتذكر التقارير أنه دخل إلى قطاع غزة عدة مرات عبر الأنفاق من سيناء لإعطاء تعليمات جديدة لحماس هناك.
لسنوات عدة، سعت الأجنحة العسكرية لحركة حماس والجهاد الإسلامي، تطوير طائرات بدون طيار. ومنذ أكثر من عشر سنوات، قُتل ستة نشطاء من الجهاد الإسلامي في غزة في انفجار، بينما كانوا يقومون بفتح طرد يحوي نموذجًا لطائرة تم طلبه من الخارج.
في السنوات الأخيرة، استخدمت حماس طائرات بدون طيار لمراقبة أنشطة قوات الجيش الإسرائيلي المحيطة بقطاع غزة. خلال عملية الجرف الصامد في يوليو/تموز 2014، تم اعتراض طائرة بدون طيار دخلت المجال الجوي الإسرائيلي من قطاع غزة قرب أشدود بواسطة صاروخ باتريوت. وبعد عام، دخلت طائرة أخرى بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي من غزة ولكن سقطت في منطقة مفتوحة قبل أن يُطلق سلاح الجو النار عليها.
يدّعي هرئيل أن حماس قد تكون مهتمة بتطوير طائرات بدون طيار تقوم بمهام تفجيرية. فحزب الله، الذي يشارك حماس في جزء من تكنولوجيا التسليح لديها، استخدم هذه التقنية في حرب لبنان الثانية، عن طريق طائرات بدون طيار من طراز «أبابيل» المصنوعة في إيران.
فحماس تبحث باستمرار عن طرق للتغلب على الجيش الإسرائيلي، ونقل المعارك العسكرية بعيدًا عن أراضي القطاع، وذلك من خلال تطوير مجموعة متنوعة من وسائل الهجوم؛ كالأنفاق، بجانب قيام الكوماندوز الغواص باختراق «الأراضي الإسرائيلية»، كما تم في شاطئ زيكيم في بداية الحرب عام 2014، فضلاً عن استخدام طائرات بدون طيار والمظلات.
وعلى الرغم من إعلان حماس أن الزواري كان عضوًا فعالاً بها، وكذلك اتهام إسرائيل بالضلوع في عملية اغتياله، فإن الحادث لن يؤدي بالضرورة إلى تجدد الصراع العسكري على حدود غزة. ففي السابق، قُتل المبحوح في دبي، ولم يكن لحماس أي رد فعل.
احتمال عدم جنوح حماس لمهاجمة إسرائيل يعود إلى دخول حماس مرحلة انتقالية بسبب تغير القيادة السياسية لها بعد تنحي مشعل، إلى جانب التوتر بين الأجنحة السياسية والعسكرية للمنظمة، والظروف القاسية للحياة في غزة.
في الوقت الراهن، يبدو أن الاعتبار الرئيسي لضبط النفس من جانب حماس له علاقة بالثمن الباهظ الذي دفعته في حرب عام 2014، بجانب أن مصر، التي شددت التعاون الأمني مع إسرائيل، لن تقدم أي دعم من أي نوع لحماس.
أخيرًا، يؤكد الكاتب أنه على الرغم من أهمية البرنامج الذي كان يشرف عليه الزواري، يبدو أن حماس لن تُقبل على هجوم انتقامي، ودعا الجيش الإسرائيلي أن يبقى مستعدًا لأي احتمال.