هل تُلجىء الأزمة السورية حزب الله إلى احتلال بيروت؟
تشهد الأزمة السورية هذه الأيام حالة من التطور نحو مزيد من التعقيد بعد انهيار الهدنة والحملة التي يشنها نظام بشار الأسد على مدينة حلب أحد معاقل المعارضة، والتي- وفقًا للتقديرات- أسفرت عن مصرع أكثر من 100 قتيل؛ الأمر الذي فتح بابًا أمام خيار التدخل العسكري في سوريا مرة أخرى.وعند الحديث عن التدخل يتبادر للذهن للوهلة الأولى الدور الذي يلعبه حزب الله اللبناني في الأزمة منذ قراره الدفع بمقاتليه لمساندة نظام بشار في 2013.تشكلت صورة حزب الله لدى شريحة واسعة من الشعوب العربية على أنه جهة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، وكان برنامجه الأساسي يقوم على «مقاومة المحتل والتوافق الداخلي»، إلا أن قرار تدخله في سوريا أظهر جانبًا آخر من صورته تتعلق بخدمته للمصالح الإيرانية والطائفة الشيعية في المنطقة.
حزب الله والربيع العربي
لفهم تدخل حزب الله في الأزمة السورية يتطلب إلقاء نظرة على موقفه من ثورات الربيع العربي التي بدأت في 2011، حيث أوضح حسن نصر الله، أمين حزب الله خلال تصريحات تلفزيونية، أن الثورات، جاءت في سياق مشروع «التقسيم الأميركي-الإسرائيلي» للمنطقة.وأوضح فكرته بوجوب التمييز، حين الحديث عن التـأييد والدعم للثورات، بين الدول التي شهدت حراكًا ثوريًا ولكنها تابعة للنظام الأمريكي، والأخرى التي وصفها بـ«دول الطوق المواجهة لإسرائيل» التي ينتمى لها النظام السوري، وهي المستهدفة من هذه الثورات، تلك الفكرة التي دفعت “نصر الله” إلى اعتبار ما جرى في دولة البحرين أشد مما يجري في سوريا.هذا المفهوم اختلف مع شريحة كبيرة من الجمهور المؤيد لمقاومة إسرائيل، والذي لم يفرق بين أي من دول الربيع العربي وأنظمتها، لكن ارتبط تعاطفه مع الثورة السورية بازدياد القمع والقتل.
تدخل متدرج
جاء التدخل العسكري لحزب الله في الأزمة السورية بشكل متدرج، بدأ بحماية القرى اللبنانية الحدودية مع سوريا، ثم حماية المقامات المقدسة لدى الشيعة، وصولاً للإعلان عن التدخل خلال معركة القصير في 19 مايو 2013 ومساندة النظام السوري.وقد عمل حزب الله على تهيئة وضعه في الساحة اللبنانية قبل إعلانه التدخل في سوريا، حيث عمل على تشكيل حكومة نجيب ميقاتي، التي هيمن عليها الحزب للسيطرة على أجهزة السلطة المعنية بالحدود مع سوريا، كذلك فقد استفاد من خلو منصب الرئاسة اللبنانية ومن تحالفه مع التيار الوطني الحر الذي يحمل حقيبة وزارة الخارجية في الحكومة الحالية؛ مما أعطاه نفوذًا في الدبلوماسية اللبنانية.وفي سبيل تبرير التدخل، أطلق الحزب حملة إعلامية ضخمة ليؤكد فيها على دور المحور الإيراني في المنطقة وسوريا.