هل التعليم المنزلي الطريق الأفضل لأطفالنا؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
لا ترى أليسون ديفيس (وهي أم من ويليامز تاون بولاية نيوجيرسي الأمريكية) أن التعليم المنزلي بديلا غريبا عن المدرسة التقليدية.
وتقول ديفيس «إن أي شئ يتعلق بتربية طفليها، فإنه يجب أن تفعل الشيء المنطقي».
وتضيف ديفيس لموقع بيزنس إنسايدر : «إن بيئة العمل الحقيقية لن تجد فيها جميع العاملين قد أتوا من مدرسة واحدة و لهم عمر واحد. في رأيي أن المدرسة لا تعبر مطلقا عن العالم الواقعي».
إن رضاء ديفيس بإبقاء أطفالها بعيدا عن المدارس بكل أنواعها الخاصة والحكومية هو أمر يشاركها فيه جمع متزايد من الآباء في جميع أنحاء الولايات المتحدة.وتظهر الإحصاءات التي أجرتها إدارة التعليم الأمريكية، أن التعليم المنزلي قد ازداد بنسبة 61.8% خلال السنوات العشر الأخيرة ليصل إلى حد تلقي قرابة مليوني طفل (4% من إجمالي السكان الشباب)، التعليم في منازلهم.
وعلى خلاف الاعتقاد القائل بأن التعليم المنزلي ينتج أشخاصا منبوذين ومنعزلين عن المجتمع، فالحقيقة هي أن بعض الطلاب الأكثر تفوقا واندماجا تجدهم منكبين على حل واجباتهم وهم في المنزل وليس داخل الفصول الدراسية.
ووفقا لبحث تعليمي رائد، فإن التعليم المنزلي ربما يكون الطريقة الأكثر ملاءمة واستجابة وفعالية لتعليم الأطفال في القرن الـحادي والعشرين.
التخصيص هو المفتاح
في كتابه الذي صدر عام 2015 تحت عنوان «المدارس الإبداعية: الثورة الشعبية التي تحول التعليم»، يؤكد المعلم المخضرم كين روبنسون أن الطلاب يتعلمون بشكل أفضل بالسرعات والوسائل التي يفضلونها.
ويذكر أيضا أن جميع الطلاب أشخاص متفردين بذاتهم لكل منهم آمال خاصة ومواهب ومخاوف ومشاعر وتطلعات، وأن إشراكهم كأفراد هو جوهر رفع مستوى التحصيل الدراسي لديهم.
ولم يكن روبنسون يشير في كتابه إلى التعليم المنزلي بشكل مباشر، لكنه لم يكن بحاجة لذلك, فلا يوجد نوع آخر من التعليم أكثر اهتماما بالفروق الفردية والتخصيص.
فبينما تبذل المدارس التقليدية قصارى جهدها لتصميم خطط الدروس بحيث تتنوع لتناسب الطلاب والفروق بينهم، ففي كثير من الأحيان ينتهي الأمر بالمعلمين إلى التدريس بما يناسب الطالب المتوسط. ببساطة يوجد عدد من الطلاب أكبر من أن يمكن تغيير سرعة الشرح بحيث تناسب كل طالب منهم. في المقابل فإن تطويع سرعة ونوع التعليم ليناسب الطالب هو أمر مدمج وتلقائي في التعليم المنزلي.
وتقول ديفيس إن نجلها لووك عانى مبكرا مع القراءة، وحتى في الصف الثاني لم يكن يستمتع بها وكان يراها مربكة. في أية مدرسة أخرى، ربما لا يكون المعلمون قادرين على قضاء الوقت المناسب لمساعدة لووك في أن يصبح قارئا أفضل لأن لديهم 20 طفلا آخرين يقلقون بشأنهم. ليس ذلك الحال بالنسبة لأسرة ديفيس.
وتضيف ديفيس: «أستطيع أن أقضي ذلك الوقت الإضافي معه، بالإضافة إلى أن وقت القراءة أصبح أكثر من كونه دفعة نحو محو الأمية، الأمر كان بمثابة وقت للترابط بيني وبين لووك، وهو الشئ الذي لا تستطيع المدرسة منافستي فيه، والآن فلووك يلتهم الكتب في غضون أسبوع أو أقل».
إن الآثار طويلة المدى لتخصيص التعليم دائما ما تكون بهذا المقدار الهائل. ووفقا ل دراسة في عام 2009 عن الاختبارات القياسية، فقد ظهر أن متلقي التعليم المنزلي غالبا ما يحرزون درجات في شريحة 86% فأكثر . وتظل تلك النتائج صحيحة حتى عند وضع العوامل الأخرى في الاعتبار أثناء المقارنة, مثل مستوى دخل الوالدين والمستوى العلمي والاعتماد التعليمي لهما ومستوى المتطلبات التعليمية الرسمية. ويشير بحث علمي آخر أيضا إلى أن الأطفال الدارسين في منازلهم يتمكنون من الالتحاق بالكليات بمعدل أكبر من غيرهم ويؤدون بشكل أفضل خلال دراستهم الجامعية.
التعليم المنزلي لا يخلق أشخاصا انطوائيين
إن أكبر القوالب النمطية التي تحيط بالتعليم المنزلي هو أن التعليم المركز من شخص واحد مع طالب واحد يحرم الأطفال من التنشئة الاجتماعية التي يحتاجونها لتحقيق النجاح. ولكن الحقيقة بخلاف ذلك فيتمتع الأطفال الذين يتلقون التعليم المنزلي بلعب كرة القدم وأداء المشروعات الجماعية شأنهم شأن الطلاب المتعلمين في المدرسة.
الدليل على ذلك أن عائلة ديفيس تشارك بقوة في أنشطة الكنيسة المحلية، لذا فإن لووك وشقيقته الكبرى أماندا لديهما أصدقاء في الجوقة الكنسية. وكلاهما أيضا يعزف على آلة، لذا فإن لديهما أصدقاء في أوركسترا التعليم المنزلي.
الأمر لا يقتصر بالنسبة الأطفال المتعلمين منزليا على التمتع بمزايا المدرسة العادية، إلا أنهم كذلك يتجنبون عيوبها التقليدية، مثل ضغط الأقران والقولبة والتصنيف من الآخرين.
وتقول أليس إنه في مناسبات عدة، يعبر أطفال آخرون عن حسدهم حيال دراسة لنجليها أماندا ولووك في المنزل، بعيدا عن التسلسل الهرمي الاجتماعي للمدارس العادية. وتضيف أليس أنهم عادة يقولون «يا ربي، كم أتمنى لو تعلمت منزليا أنا أيضا»، وهو ما كان مفاجئا لها.
بطبيعة الحال، فإن بعض الآباء قد يواجهون صعوبة من أجل أن يساعدوا أطفالهم على تكوين صداقات.
في وقت سابق خلال العام الجاري، أجريت مقابلة مع طفل يبلغ من العمر 7 سنوات يُدعى أكاش يعيش في سان أنجيلو بتكساس، وهو أحد من يدرسون بالمنزل لأن أحد أخصائي علم نفس الأطفال، الذي كان يقوم بمتابعته عندما كان رضيعا دارجا، أخبر والديه أن تلك هي الطريقة الأنسب للاستفادة من مهاراته النادرة.
إن الصديق المفضل لأكاش، وربما يكون الصديق الأوحد له، هو شقيقته الكبرى أمريتا، وذلك لأن غالبية الأطفال في مجتمع المتعلمين في المنزل الخاصة القريب منه إما كبار أو أن شخصياتهم مختلفة مما يجعل من الصعب تنظيم لقاءات دورية لممارسة الألعاب والمرح.
لكن حتى بالنسبة للأطفال الذين يعانون في مسألة تكوين صداقات، فإن الاتجاهات السائدة تشير إلى الإنترنت يجعل الأمر أسهل، فقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو العام الماضي أن 55% من المراهقين يؤكدون أنهم يقضون أوقات بشكل منتظم مع الأصدقاء عبر الإنترنت أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
وأظهر الاستطلاع أن 45% يؤكدون أنهم يقابلون أصدقائهم من خلال ممارسة الرياضات والهوايات والأنشطة الزائدة عن المدرسة، الأمر الذي يشير إلى أن الفصول الدراسية ليست السبيل الوحيد لعمل صداقات.
المدارس تتعرض لضغوط أكبر من الطلاب
كما إن هناك ضغوط يتعرض لها الطلاب في المدارس، فإن المدارس نفسها قد تكون تحت وطأة المزيد من الضغوط للقيام بمهامها. فنحن نتوقع من المدارس أن تساعد الأطفال على أن يصبحوا أكثر ذكاء، وألا يصبحوا في الوقت نفسه غير اجتماعيين وأن يصبحوا لائقين بدنيا وليسوا أغبياء وأن يعتمدوا على أنفسهم ويكونوا متعاونين ومبدعين و مهيئين للدراسة الجامعية.
ويبقى هذا الهدف أمرا متنازعا عليه، حيث كشفت دراسة نشرت مؤخرا وأجريت على 165 ألفا من طلاب المدارس الثانوية، على سبيل المثال، عن أن أقل من نصف ذلك العدد شعر بأنه مهيأ للدراسة الجامعية وما بعدها.
ربما يحدث ذلك لأننا نقوم بإلقاء الكثير من المسئوليات على كاهل المدراس، والكثير من تلك المسئوليات يكون أكثر ملاءمة أن يتولاه الآباء.
لقد وجدت أليسون نجاحا مع لووك وأماندا في أن تركز على ما يحتاجانه وأن تكسر الروتين الممل والإجراءات المضيعة للوقت دون فائدة حقيقية والتي يمتلئ بها اليوم المدرسي التقليدي.
وتقول أليسون «تضطر المدارس أن تجلب جميع تلك التجارب والدورات الإضافية والاختيارية في محاولة لجعل الدراسة تشبه العالم الواقعي، لكن ذلك لن ينجح على الإطلاق ما لم تكن الدراسة نفسها جزءا من الحياة الواقعية لذلك العالم».