احتجاجات بالعراق: هل ينجح «الصدر» في تغيير مفوضية الانتخابات؟
الشعار الأبرز الذى رفعه أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، خلال مظاهراتهم بالعاصمة العراقية بغداد، 11 السبت فبراير/شباط 2017، لتشهد المظاهرات اشتباكات عنيفة بين أنصار الصدر وقوات الأمن، وذلك بعدما خرج عشرات الآلاف من أنصار الصدر في مظاهرات اجتاحت شوارع العاصمة العراقية مطالبين بإجراء تعديلات على المفوضية التي تشرف على الانتخابات العراقية؛ بعدما أعلنت عن موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
و قتل 5 أشخاص على الاقل خلال تلك الاشتباكات، بعد محاولات المتظاهرين عبور جسر يصل إلى المنطقة الخضراء المتواجد بها معظم المقار الحكومية، لتطلق قوات الأمن العراقية قنابل الغاز المسيل للدموع، كما تعرضت المنطقة الخضراء لإطلاق الصواريخ -مجهولة المصدر- بشكل متكرر، وتعتبر تلك الاحتجاجات هي الأكبر من نوعها منذ احتجاجات العراق بعام 2015 ضد حالات الفساد التي اجتاحت البلاد.
تشكيل مفوضية الانتخابات
تشكلت المفوضية العليا للإشراف على الانتخابات العراقية في عام 2007، ووفقاً لنص المادة الثانية من قانون رقم 11 لسنة 2007، فإن:
«المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هيئة مهنية حكومية مستقلة ومحايدة تتمتع بالشخصية المعنوية وتخضع لرقابة مجلس النواب وتملك وضع الأسس والقواعد المعتمدة في الانتخابات والاستفتاءات الاتحادية والإقليمية المحلية في جميع أنحاء العراق».
بما يعني أنه من حق مجلس النواب تغيير أعضاء المفوضية أو حلها وعمل مفوضية جديدة.
وكذلك ينص تشكيل المفوضية على أنها تشرف على جميع أنواع الانتخابات والاستفتاءات الاتحادية والإقليمية، وفي المحافظات غير المنتظمة في إقليم، وكذلك القيام بالإعلان وتنظيم وتنفيذ كل أنواع الانتخابات والاستفتاءات الاتحادية والمحلية في المحافظات غير المنتظمة بإقليم والمشار إليها في الدستور في جميع أنحاء العراق.
وهو التشكيل الذي يرفضه تيار الصدر وبعض القوى السياسية وبعض القوى السياسية المدنية التي تتهمه بالتحيز لأحزاب واتجاهات بعينها، وسط دعوات لمجلس النواب العراقي بتغيير تشكيلها.
بداية الأزمة
بدأت الأزمة في 7 فبراير/شباط الجاري، عندما دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنصاره إلى التظاهر في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد للمطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات حيث ينتمي أعضائها إلى أحزاب السلطة الكبيرة، إلى جانب المطالبة بتعديل قانون الانتخابات.
واعتبرت اللجنة المركزية المشرفة على الاحتجاجات التابعة للصدر أن تلك المفوضية تسببت في تفاقم أزمات العراق، معلنة أن التظاهر سيكون خطوة أولى محذرة من اتخاذ خطوات تصعيدية والدخول في اعتصام مفتوح حال عدم الاستجابة لمطالبهم بتغيير مفوضية الانتخابات.
وبالفعل استجابت لدعوة الصدر احتشد الآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير لليوم الثاني على التوالي، ليحاول المتظاهرون العبور إلى الساحة الخضراء بوسط العاصمة العراقية، لكن قوات الأمن أطلقت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين أثناء محاولة عبور المتظاهرين إلى الساحة الخضراء.
لتندلع أعمال العنف بعد بيان الصدر الذي ألقي في ساحة التحرير وقال فيه:
لم تكن مطالب أنصار الصدر هي الوحيدة المطالبة بتغيير المفوضية، فقد قال النائب عن كتلة التغيير النيابية هوشيار عبد الله إن الإبقاء على المفوضية الحالية للإشراف على انتخابات أخرى «جريمة» بحق إرادة الشعب العراقي، داعياً مجلس النواب إلى استبعاد المفوضية الحالية بالطرق البرلمانية والقانونية والتصويت على مفوضية جديدة مستقلة.
وقال عبد الله إن«الأداء السيئ الذي قدمته مفوضية الانتخابات في انتخابات مجلس النواب عام 2014 وانتخابات مجالس المحافظات في إقليم كردستان يجعلنا نؤيد وبقوة تغييرها واختيار مفوضية جديدة تتصف بالمهنية والحيادية»، معتبراً أن «الإبقاء على المفوضية الحالية للإشراف على انتخابات أخرى جريمة بحق إرادة الشعب العراقي».
موقف رئيس الحكومة العراقية
لم يترك رئيس الوزراء حيدر العبادي المشهد دون الإدلاء بدلوه، فقد دعا العبادي مجلس النواب إلى ممارسة دوره بشأن تشكيل مفوضية انتخابات جديدة، معربا عن أمله بأن تكون مفوضية الانتخابات مستقلة ولا تمثل أحزابا سياسية.
وقال العبادي خلال مؤتمر صحفي في بغداد، الثلاثاء الماضي، قبل احتجاجات أنصار الصدر: «إننا ندعو مجلس النواب إلى ممارسة دوره بشأن تشكيل مفوضية انتخابات جديدة مع قرب انتهاء المدة القانونية».
وبعد تصاعد حدة الاحتجاجات ومقتل عدد من المتظاهرين دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر متظاهري ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد إلى «الانسحاب التكتيكي» حتى إشعار آخر.
و قال الصدر إن «جهات مجهولة» استعملت «القوة المفرطة» ضد المتظاهرين، وطالب الصدر الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية بالتدخل فورا لإنقاذ المتظاهرين، وتوعد بـ«رد أقوى» في المرة المقبلة
تحقيق عاجل
بعد ساعات من الاشتباكات التي شهدها ثاني أيام التظاهر في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية بغداد، دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم السلطات الأمنية إلى التحقيق العاجل بالأحداث التي وقعت في العاصمة العراقية بغداد، وحثّ السلطة التشريعية على أخذ مطالب المتظاهرين ببالغ الاهتمام.
وفي بيان أصدره حول التظاهرات الداعية إلى تغيير قانون ومجلس مفوضية الانتخابات أشار معصوم إلى انتهاء رئاسة الجمهورية من إعداد مسودة قانون جديد للانتخابات، مجدداً تأييده الثابت لأي إجراءات وتشريعات تعزز النظام الديمقراطي وتضمن مهنية ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
ليرد رئيس مجلس المفوضية سربست مصطفى على الاحتجاجات، قائلا : إن اللجوء إلى الشارع واستنفار الجماهير بصورة تظهر كأن المفوضية هي سبب المشاكل في العراق يثير الاستفهام.
وتساءل رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات: «ما هو المقصود من ذلك؟ هل هو تعديل قانون المفوضية أم تعديل القانون الانتخابي أم تغيير مجلس المفوضين الحالي أم إلغاء المفوضية المستقلة للانتخابات كمؤسسة بنيت حسب الدستور والقانون والإتيان بجسم انتخابي جديد».
وتظل سيناريوهات الوضع في العراق مفتوحة، ومن الصعب التكهن بما ستسفر عنه الأيام القادمة.