رشح الشناوي لـ«الأفضل»: اتحاد وهمي تخصُّص «بيع الجوائز»
ماذا يعرف الإنترنت عن الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم؟
لا شيء تقريبًا، إلا حساب تويتر لا يتجاوز 900 مشترك، وصفحة فيسبوك لا يتخطى أعضاؤها الـ 10 آلاف، وموقعًا رسميًا يسمح بالدخول إليه بكلمة مرور، وصفحة ويكيبيديا تصفه بـ «كيانٍ موازٍ للفيفا»، وكلها تدار من مدينة جدة السعودية.
باستثناء ذلك، يعرف الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم طريقه إلى الإنترنت بأخبار متفرقة، كلها من نوعية «حارس الأهلي المصري محمد الشناوي ينافس على خلافة مانويل نيوز كأفضل حارس في العالم»، أو «الهلال السعودي الـ 29 عالميًا».
غموض المؤسس ألفريدو بوجي
ألفريدو بوجي هو مؤسس الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم.
مصادر المعلومات عنه بالعربية والإنجليزية غالبًا هي الاتحاد نفسه. عدا ذلك، الصفحة العربية عبر ويكيبيديا تكتفي بسطر واحد، دون صفحة بالإنجليزية. وحتى الصفحة العربية «تفتقر إلى الاستشهاد بأي مصدر موثوق يمكن التحقق منه».
المعلومات المتاحة تقول إنه وُلِد في الدار البيضاء -المغرب عام 1950. قبل أن يرحل إلى إسبانيا لمتابعة تعليمه الثانوي والجامعي في كلية الآداب ثم كلية الصحافة، دون ذكر اسم الجامعة.
ورأس ألفريدو بوجي الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم منذ تأسيسه 1984، وحتى وفاته في 2011.
يضيف موقع IFFHS عملًا بطوليًا إلى سجل مؤسسه، فيقول إن بوجي تحدى سلطة الدولة الاشتراكية في ألمانيا؛ إذ كان «يسعى إلى الكمال، ويرفض جذريًا الأفعال غير المنطقية، ويلتزم بالمبدأ القائل بأنه كلما تعمق المرء في الموضوع، قل ما يعرفه».
يضيف: «على الرغم من أنه كان ولا يزال مصدر الأفكار، فإنه يرى نفسه فقط كجزء من الاتحاد الدولي ويرفض أي تمجيد لشخصه».
غموض التأسيس
تأسس الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم في 27 مارس 1984 في مدينة لايبزج الألمانية.
تقول مواقع أقدم تابعة للاتحاد إنه مسجل في مكتب الدولة الدنماركي الملكي -Royal Danish State Office، وحينما حاولنا تحقق أمر ذلك المكتب لم نجد شيئًا إلا معلومات رعايته لذلك الاتحاد!
يقول الاتحاد إنه حظي بـ «دعم – تأييد» وفي روايات أخرى «ضوء أخضر» وفي ثالثة «مباركة للتأسيس» من سكرتير عام الفيفا حينها هيلموت كيسر. المباركة هنا يشرحها الاتحاد نفسه في موقع آخر فيقول إن ألفريدو بوجي عرض الفكرة على كيسر فأعجبته، لكنه نصح أن يأخد الأمر فترات طويلة من الإعداد ليصبح تحويلها إلى واقع ممكنًا.
خلال مراحله المبكرة، وحتى 2002، ركز الاتحاد على إصدار مجلات فصلية Fußball-Weltzeitschrift وLibero spezial deutsch وLibero international بتمويل من شركة خاصة في دوسلدورف. لكن الإصدارات توقفت دون سبب رسمي، وإن كانت التقارير تقول إنها متعلقة بضعف التمويل، فتحولت المنظمة لنشر إصداراتها في سلسلة كتب بالتعاون مع معلنين، قبل أن تتحول في النهاية إلى الإنترنت.
اتحاد «لا» يباركه الفيفا
يقول الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم إنه يتمتع بمباركة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» وإن الاتحاد الدولي «كثيرًا» ما يستشهد بإحصائيات المنظمة، التي -يقول اتحاد التاريخ أيضًا- إن الاتحاد الدولي اعترف بها سنة 1990.
لكن فيفا نفسه تبرأ من الاتحاد أكثر من مرة.
الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي للعبة والنائب السابق لرئيس الاتحاد الدولي، القطري محمد بن همام، وصفه بـ «جهة غير شرعية وفاقدة للمصداقية، ولا يتبع أي اتحاد رسمي».
الاتحاد الدولي لكرة القدم نفسه اضطر لنفي العلاقة في بيان رسمي.
جوائز للبيع!
في نفس التصريح السابق ذِكره، اتهم بن همام الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم ببيع الجوائز مقابل مبالغ مالية.
الاتهام نفسه سيرد بالتفصيل في مقال نشره الموقع الرسمي لنادي ناسيونال مونتيفيديو الأوروجوياني في سبتمبر 2013، والذي قدم الصورة الموازية لما يكتبه الاتحاد عن نفسه.
يعيد المقال تصنيف الاتحاد كشركة، تخصص مالكها ألفريدو بوجي في بيع الجوائز لمن يدفع أكثر لسنوات، حتى اضطر للتوقف بسبب الفضائح والدعاوى القضائية المتكررة التي لاحقته في ألمانيا، بخلاف تضرر سمعته بعدما امتنعت وكالة الأنباء الألمانية عن نشر أي أخبار أو إحصاءات صادرة عنه بسبب افتقارها للمصداقية.
يضيف أن تصنيفات الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم اعتادت تضمين لاعبين مشهورين عالميًا لإضفاء المصداقية على البقية، الذين تضاف أسماؤهم للتلميع الإعلامي، أو للمجاملة، أو لإرضاء المعلنين، أو لأنهم يدفعون لهذا السبب.
يستدل المقال على ذلك بحفل «أفضل نادٍ في أمريكا الجنوبية في القرن العشرين، والذي دعي إليه جوزيه مورينيو وديديه دروجبا، لكنهم انصرفوا سريعًا عندما أدركوا «الحقيقة المؤسفة».
يستشهد كذلك بالأستاذ في جامعة كولونيا، كارل لينارتس، أحد أشهر مؤرخي كرة القدم في ألمانيا، والذي أمضى وقتًا في البحث عن المصادر الإحصائية والأساليب التي يستخدمها الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم في اختيار الفائزين بجوائزه، فتوصل إلى استنتاج مفاده أن المنهجية التي كان يستخدمها السيد ألفريدو بوج لم يكن لها أي دعم فني في الإحصاء.
يضيف: «لا يطبقون الأساليب الإحصائية ثم يحددون من يحصل على التصنيفات والجوائز. بل على العكس، يحددون من يريدون منحه الجائزة، ثم يحددون الأساليب الإحصائية التي تقترب من ذلك».
بقي للأمانة أن نذكر هنا أن لينارتس قال بنفسه إنه طلب الانضمام للاتحاد قبل سنوات، لكن مؤسسه رفض. ليستدل بذلك على أن الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم كان «منظمة غامضة تمامًا»، مشتبهًا في أنها مجرد «وان مان شو» لا يضم فعليًا إلا شخص مؤسسه المسن.
الانتقال إلى العرب
معلومة متكررة في أغلب المواقع الرسمية وشبه الرسمية تقول إن الاتحاد نقل مقره إلى شارع المرور في أبو ظبي لبعض الوقت، قبل أن ينتقل إلى بون في ألمانيا في 2010. لا تذكر المواقع لماذا أبو ظبي تحديدًا، ولا متى وصلها، ولا الفترة التي بقي فيها المقر في الإمارات، ولا لماذا غادرها.
بوفاة المؤسس ألفريدو بوجي، تجمد نشاط الاتحاد قليلًا، قبل أن يعود من جديد بتفاصيل جديدة.
تولى رئاسته الشيخ محمد بن صقر القاسمي في 2011، بعد انتخابات قالت الصحف حينها إنها جرت في مدريد، وفاز فيها بغالبية الأصوات التي كان لها حق التصويت على منصب الرئيس، وهي ألمانيا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا والأرجنتين والبرازيل وروسيا وإنجلترا والمكسيك ومصر واليابان وأستراليا. لكن صحيفة الاتحاد لم تذكر حينها من تحديدًا مثل تلك الدول، ولماذا هي بالذات من شارك في الانتخابات، ولا لماذا جرت في مدريد تحديدًا.
كان يفترض أن تستمر دورة القاسمي الرئاسية حتى 2015، لكنه استقال فجأة في 2013. لا نعرف أسباب الاستقالة، لأن المواقع التي نشرت الخبر، وبينها العربية، لم تعد متاحة حاليًا باستثناء الإمارات اليوم التي نوعت سبب الاستقالة في نفس الخبر بين «أسباب شخصية» و«فشله في تحقيق ما وعد به».
المهم أن الرئاسة وصلت إلى الرئيس الحالي السعودي صالح بن سالم باهويني في 2013، قبل انتخابه لدورة ثانية في 2019 (فترة الرئاسة هنا كانت 6 سنوات، بينما كانت أقل في انتخابات 2011، ومجددًا لا نعرف متى تم تغييرها).
في 2019 على الأقل سنعرف من اختار باهويني، والذين وصفتهم عكاظ السعودية بـ «نخبة مميزة من عمالقة الرياضة العالمية»: الفرنسي روبرت لي، الأرجنتيني جوليو هيكتور ماسيس، الدانماركي جورجن نيلسن، والأمين العام الإماراتي جاسم السيد، والكرواتية فاني ستب كوفيك، والروسي أيقور قولديس، والإسباني خوسيه ديل اولمو، والمصري خالد أبو العيون، والهندي أشيش بنديس، والتونسي عماد الكيلاني، والكاميروني إجناتيس فون إيشيكي، والبرازيلي كلوفز مارتن دا سيلفا، والمكسيكي ماركول إساف، مع تعيين اللاعب السابق محمد السويد، والفلسطيني إبراهيم النجار، كمستشارين للرئيس.
من جاور الفيفا!
الجدل حول حقيقة وضع الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاء كرة القدم لم يتوقف. في إحدى الحلقات حول الموضوع، قال باهويني إن مقر الاتحاد في زيوريخ «بجوار الفيفا» في إجابة على سؤال حول صلتهم بالاتحاد الدولي لكرة القدم!
في نفس المقابلة، قال باهويني إن للاتحاد قواعد واضحة في الاختيار. لكنه قال في نقطة أخرى: «أوصي الأعضاء دائمًا بالتجرد وعدم محاباة أي دولة كوننا لا ننتمي لأحد». فاته على الأغلب أن وصيته يفترض أن تكون غير ذات فائدة، حال وجود قواعد واضحة في الاختيار فعلًا!