الذكاء والمهارة الاجتماعية: أيهما يحقق النجاح في العمل؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
من المعروف أن هناك صفتين ضروريتين لتحقيق النجاح في مكان العمل: المهارة الاجتماعية والذكاء. فالأشخاص الذين يبلون بلاءً حسنًا يميلون لإثبات امتلاكهم لإحدى الصفتين أو كليهما.
ولكن صفة واحدة منهما لا تكفي للتميز الكبير. فوفقًا لبحث أجرته «كاثرين واينبرجر» الخبيرة الاقتصادية في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا، فإن الأشخاص الذين يصلون لأعلى الدرجات والمناصب في الشركات والمؤسسات يجمعون بين الصفتين وليس واحدة منهما. ونُشِرت نتائج ما خلصت إليه واينبرجر مؤخرًا على شبكة الإنترنت في دورية «استعراض الاقتصاد والإحصاء» الأكاديمية.
قامت واينبرجر الباحثة في معهد سانتا باربرا للبحوث الاجتماعية والسلوكية والاقتصادية بدراسة بيانات مهارات المراهقين ونتائج الكبار عامي 1972 و 1992. وخلصت إلى أن ثمة زيادة مع مرور الوقت في تقييم سوق العمل للأفراد الذين لديهم مزيج من القدرة المعرفية والمهارات الاجتماعية.
وقالت واينبرجر: «لقد قمت بالدراسة بطريقة مشابهة للدراسات التي تُجرى على درجات مادة الرياضيات، فكل 10 أعوام تقوم الحكومة الأمريكية باستعراض عينة تمثيلية من طلاب المدارس الثانوية وتخضعهم لاختبارات». وتابعت «ثم تقوم الحكومة بمتابعة هؤلاء الأشخاص طيلة 10 أعوام لمعرفة كيف يؤدون في سوق العمل عندما تصل أعمارهم لأواخر العشرينيات».
استخدمت واينبرجر مجموعات البيانات تلك لدراسة العلاقة بين ريادة الأشخاص داخل المدارس الثانوية والإقبال الكبير عليهم في سوق العمل لاحقًا، وبدأت تتساءل كيف كانت للمهارتين علاقة بذلك الأمر. وأوضحت أن مجموعات البيانات التي كانت بحوزتها آنذاك غير قابلة للمقارنة بشكل كاف بمرور الوقت، حتى تتمكن من الإجابة على ذلك السؤال بعناية.
ثم عثرت واينبرجر على دراسة يرجع تاريخها إلى عام 1999 كانت مصممة لتكون قابلة للمقارنة مع دراسة أخرى يرجع تاريخها إلى 1979. وشأنها شأن الدراسة السابقة، بدأت تلك الدراسة بطلاب المدارس الثانوية وتابعتهم في سوق العمل لفترة مماثلة من الوقت، وطرحت الأسئلة نفسها حول القيادة ومنحت الطلاب اختبارات رياضيات مماثلة.
واستطردت واينبرجر «عندها شعرت أنه يمكنني قياس التوجهات في الأهمية النسبية لحزم مختلفة من المهارات بدقة». وقبل أن تقوم واينبرجر بتحليل البيانات، كانت تريد معرفة ما إذا كان هناك تزايد في أهمية درجات الرياضيات، ثم افترضت أن التركيز ربما قد تحول في السنوات الأخيرة لينصب على القيادة والاتصال والمهارات الاجتماعية.
وقالت: «بدلًا من ذلك، وجدت أن المهارتين ظهرتا في نفس الوقت تقريبًا وبالتواصل مع بعضهما البعض، ولم تظهر أي منهما دون الأخرى».
إن سوق العمل اليوم، بحسب نتائج واينبرجر، يبحث عن عمال على قدر عال من المهارة والخلفية العلمية الجيدة، وبالنسبة للشخص الذي يحظى بالذكاء والمهارات الاجتماعية، فسيكون صعوده قويًا.
في الجزء الأول من التحليل، بحثت واينبرجر في درجات الرياضيات للطلاب خلال المرحلة الثانوية وكيف كانوا يتعاملون على الصعيد الاجتماعي سواءً كانوا أفرادًا في الفرق الرياضية أو كمحرري الكتب السنوية أو أي أدوار قيادية أخرى. واستخدمت الباحثة مجموعة بيانات مختلفة لتضع طريقة بديلة لقياس المهارات، ثم قامت بالبحث في المهارات المطلوبة للوظائف.
وكان بعض من تلك الوظائف مناصب إدارية تتطلب الذكاء والتفاعل الاجتماعي، وكانت هناك وظائف أخرى تتطلب أحد الميزتين أو نوعًا آخر من المهارات مثل القدرة المعرفية أو المهارات الاجتماعية القوية لشغل مناصب مثل تلك الموجودة في المبيعات أو التسويق.
وأوضحت واينبرجر أنه مع استخدام أسلوبين مختلفين لقياس المهارات، خلصت إلى الأنماط نفسها. الأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء والمهارة الاجتماعية يحققون المزيد من الأرباح في سوق العمل اليوم أكثر من العاملين في فترة الثمانينيات.
وخلصت الباحثة أيضًا إلى أن الأشخاص الذين يملكون إحدى المهارتين في الوقت الحالي، يقومون بالعمل نفسه الذي كان يقوم به من كانوا في الماضي. وأوضحت «في عام 1980، لم تكن هناك فائدة إضافية من امتلاك المهارتين معًا، لكن في يومنا هذا هناك فائدة».
على الرغم من ذلك، فالأشخاص الأذكياء غير الاجتماعيين وأصحاب الذكاء الأقل من المتوسط المتمرسين في العلاقات الاجتماعية، يبلون بلاءً حسنًا.
في الوقت نفسه، الطلاب الذين لا ينخرطون في الأنشطة المدرسية سواء على الصعيد الأكاديمي أو على الصعيد الاجتماعي، يقدمون أداءً أسوء مما نتصور. يمكن أن يكون للنتائج التي توصلت إليها واينبرجر تداعيات لإيجاد سياسات تعليمية فعالة.
وقالت واينبرج «أعتقد أن الأسئلة التالية التي يجب أن نطرحها تتمحور حول ما إذا كان ذلك الأمر طبيعيًا لهؤلاء الأشخاص وطرق حل ذلك الأمر، أو أنه يمكن إعطاؤهم حزمة أكثر قوة وتوازنًا من المهارات بينما يذهبون إلى سوق العمل».