إندونيسيا وحراك الحداثة
ومع تأسيس الحزب الوطني الإندونيسي في عام 1927، أصبح سوكارنو الناطق الرسمي الأبرز والمُعَبِّر عن وحدة إندونيسيا واستقلالها من هولندا والفصل بين الدولة والدين. وقام بالكتابة، بشكل مكثف، عن سؤال الإسلام والدولة. ودعا إلى إيجاد حل مشابه لتركيا أتاتورك، والتي سيُسمَح للإسلام فيها بأن يُمارَس كدين خاص، دون أن يتم السماح له بالتأثير في السياسات الوطنية. وقام سوكارنو بتقديم رؤية للإسلام كدين خاص في سياق دولة قومية مُعَلْمَنَة.
Lapidus
يصعب للغاية المحاججة ضد القول بأن عملية الأسلمة في السياق الإندونيسي قد تمت بنجاح، استمرت لقرونٍ عديدة، واستمرت حتى فترات ليست ببعيدة عن لحظتنا التاريخية المعاصرة بالنسبة لمسار الحراك الإنساني العام [1]. يصبح الأمر أوضح حين نتأكد بأن الديانة الأولى في إندونيسيا –الآن– هي، وبدون منازع، الإسلام.
لكن، عن أي أسلمة نتحدث؟، وما هو شكل الإسلام الذي نقصده بالتحديد حين نتحدث عن أسلمة إندونيسية ناجحة؟، هل نقصد الإسلام العربي الذي ترتسم ملامحه -ولو بشكل عام- في الذهن فور سماع كلمة «إسلام»؟، سواء ارتسم في صورته الطوباوية التي تحلم بها فئة غير قليلة من العرب المسلمين ومن تشرَّبوا ثقافتهم من بقاع عديدة في الأرض أو بصورته التاريخية الفعلية المستمرة في التحقق.
يمكننا القول بأن الأسلمة حركة ثقافية، بغض النظر عن طبيعة دخول الثقافة «سلميًا أو بعنف». والإسلام، باعتباره ثقافة، لا دينًا خالصًا [2] -أو جوهرًا يتم تفعيله بشكل تلقائي في أي سياق مغاير للسياق العربي- يتحرك به المسلمون في كل بقاع العالم، يؤثر في الاجتماع والثقافة، ويتأثر. هذه العلاقة تبادلية، لا يُشترط فيها – من قبل أن تبدأ – أن تهيمن ثقافة ما على ثقافة أخرى. أو أن تقف ثقافة ما ، صامتة، في حالة عجز عن إحداث رد فعل تجاه ما تفعله الثقافة الأخرى فيها وفي اجتماعها. ويمكن للمرء بشكل عام أن يجد، فيما يتعلق بالإسلام خارج أراضيه العربية «منظومة من الخلفيات الثقافية التي شكَّلت الإسلام وأعطته سمات محلية محددة».
لا نجاوز، هنا، حدود القول بأن الثقافات، حين تتبادل خبراتها التاريخية، وهي خبرات مشروطة بالاجتماع بشكل أساسي، لا يشترط أن تهيمن واحدة منهما على الأخرى أو أن تمحيها تمامًا.
الإسلام في مواجهة الاستعمار
بعد قراءة لإنجاز الدكتور نصر حامد أبو زيد بعنوان: «إصلاح الفكر الإسلامي Reformation of Islamic Thought»، والصادر باللغة الإنجليزية، يلزم القول بأن الصراع بين «الغرب» و«الإسلام» كان متواجدًا بإندونيسيا، قبل الاستقلال بالتأكيد. ولعب الإسلام دور المقاومة العميقة والمؤثرة ضد «قوى السلطة الأجنبية والاستغلال الأجنبي». يمكننا بالتالي الحديث عن توظيف الإسلام كسلاح ضد الحركة الكولونيالية. ولعله هو الأمر الذي كان وراء تأثر السياق الإندونيسي بكتابات «المنار» التي كان من أعلامها الشيخ الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني. وكان تأثير «المنار» إيجابياً للغاية؛ «فكما تُظهر الوثائق التاريخية، فإن مجلة «المنار» كانت صاحبة تأثير ضخم على الخطاب (الإسلامي) في إندونيسيا، (وساهمت في أن تكون نواة لفكر) الحركات الإسلامية في سوماطرة وجاوا».
وعلى نفس النهج الترابطي، يمكن القول بأن «حركات الإصلاح الإسلامي –في إندونيسيا– لا يمكن فصلها عن باقي حركات نفس الإصلاح في العالم الإسلامي»، وهي حركات إصلاح ظلت تستلهم خطابي محمد عبده والأفغاني.
وتأسّيًا بمجلة «المنار»، ومع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ظهرت بإندونيسيا مجلة «المنير»، في باندانج، ومجلة «الإمام» بسوماطرة بهدف «إكمال مهمة «المنار» في نشر التجديد الإسلامي على امتداد الأرخبيل المالاوي- الإندونيسي». رأت الأخيرة –أي مجلة «الإمام»– أن سيكولوجية المجتمع الإندونيسي هي العامل السلبي الأبرز والأكثر فعالية وتأثيرًا وراء القصور الحاصل في فهم الإسلام. ولذلك قامت بالتركيز على إبراز التخلف في المجتمعات الإندونيسية. ورأت أن الأزمة تأتي من فهم للإسلام يتعارض مع جوهره الحقيقي. وبناءً على ذلك، فالحل يكمن في تنقية الإسلام من أي شوائب غير إسلامية.
وإن كان يجوز لنا نقد هذه الرؤية التي تلقي بالمشكلة -بكامل عناصرها ووحداتها- في قلب الاجتماع ذاته، وبالتالي ثقافته، وننهمك حينئذ في الحديث عن إسلام «مثالي» منشود، إلا أننا قد نجد العزاء في دعوة مجلة «الإمام» لإعادة قراءة القرآن وتفسيره وكذلك السُنَّة، وذلك في سبيل هجر التقليد. وهو الأمر الذي سيدفع في النهاية في اتجاه عملية تنقية الإسلام. وهي رؤية، وفق لحظتها التاريخية، تعتبر تقدمية لحدٍ كبير.
أما مجلة «المنير» فقد سعت لإكمال مهمة الإصلاح/ التجديد الإسلامي بعد توقُّف مجلة «الإمام». وكان هدفها الأبرز مستلهمًا للفكرة المؤسساتية الأوروبية فأكَّدَت على أهمية حضور المؤسسات الدينية المُنَظَّمَة وهو الأمر الذي لم يكن مجمعًا عليه بإندونيسيا آنذاك.
ثمَّ تجلى التأثر بالخطاب الشرق أوسطي الإسلامي، الإصلاحي، من خلال مجلة «المنار» وفريضة الحج، في ظهور مؤسسات دينية إندونيسية. وللآن فإن المؤسستين الأقوى حضورًا هما «المحمدية» و«نهضة العلماء». تأسست الأولى عام 1912 على يد السيد أحمد دحلان، بينما تأسست «نهضة العلماء NU» عام 1926 على يد السيد حاسيم آسياري. وقد درس كلاهما بالحرمين لسنوات عديدة.
وتتبنى «المحمدية» مهمة تنقية الإسلام من الشوائب غير الإسلامية المتمثلة في الثقافات الإندونيسية المحلية وفق رؤية «شبه وهابية» أو «وهابية بشكل ظاهر». وبالتالي يمكن النظر إليها، كما يقترح نصر، باعتبارها مؤسسة إصلاح إسلامي. وترى آمال قرامي أنها تسير وفق مبدأ «إصلاح الإسلام من الداخل متأثرين –أي أنصار المحمدية– في ذلك بدعوات محمد عبده ورشيد رضا».
ويرى أبو زيد أن «نشأة «المحمدية» في إندونيسيا (ما قبل الاستقلال) دشَّن بداية مقاومة حديثة، لا تتبنى العنف كمنهج، ضد المستعمرين الهولنديين».
بينما تتبنى «نهضة العلماء»[3]، ومنذ بداية الأسلمة، كما تذهب آمال قرامي، أنها «لا بد أن تكون تدريجية وأن تأخذ بعين الاعتبار خصوصية البيئة المحلية؛ (وبالتالي) ذهب أنصار «نهضة الأمة»[4] إلى أن بقاء العمل بالطقوس القديمة سيضمن استمرار الهوية الدينية الجمعية، (وهو ما يعكس رؤيتهم التي تنبني على أنه) لا غرو أن يتم التعامل مع الموروث والخضوع لتأثير الديانات المتعددة، سيّما وأن تجربة التعددية الثقافية والدينية تعود بالنفع على المجتمعات؛ فهي التي جعلت الإسلام الإندونيسي مثلاً متميزًا عن سائر الإسلامات لكونه اتصف بصفة التسامح». بالتالي، كانت «نهضة العلماء»، كما يذهب أبو زيد، «مخططًا لها لأن تكون، ومن البداية، قاعدة للمقاومة الثقافية للإسلام التقليدي». وهي التي نشأت كذلك «كتفاعل ضد الحركات الإصلاحية التي رفضت الإسلام الإندونيسي لأنه إسلام يتبنى القيم المحلية. (ولكنها) لم تكن حركة ضد-حداثية». كما أنها عارضت الإصلاحات الإسلامية التي بدأها الوهابيون بإندونيسيا.
انتصار التعددية
بعد أن تم تدشين الجمهورية الإندونيسية المستقلة، تشكلت الحكومة من عدة أحزاب وحركات إسلامية وقومية مثل «نهضة العلماء» و«الحزب الوطني الإندونيسي»، والحزب الشيوعي PKI. وطالب المسلمون في البداية بإقامة دولة إسلامية Negara Islam.
ولكن انحاز القوميون للـ Pancasila [5] كأساس للتشريع الدستوري. ووفق لابيدوس Lapidus، «أَسقط البرنامج القومي، باستنكار واضح، أي مرجعية مباشرة للرموز الإسلامية وأكَّدَ المبادئ العلمانية كبديل. وتم التعامل مع الـ Pancasila بكل إعزاز، باعتبارها رمز النظام الجديد». وتم إسقاط كل الجُمل التي تجعل الدولة الجديدة إسلامية الهوية بشكل حصري.
وفي هذا الانتقال التاريخي، من عملية «الأسلمة» التي امتدت منذ بداية انتقال المسلمين للوسط الآسيوي لعملية «العلمنة» التي تجلَّت في الدستور الحاكم للدولة بشكل جلي، يبرز انتصار الإسلام «الثقافي» على حساب الإسلام «العربي» الذي كان حضور الدين الإسلامي فيه –كما ذكرنا في الجزء الثاني من سلسلة المقالات– مركزيًّا لانبثاق الدولة.
وللتأكيد أكثر على أن ثقافة التعددية تنتصر، حتى في أكثر اللحظات السياسية حرجًا على الحراك الإصلاحي المؤسساتي الإسلامي بإندونيسيا، نورد أنه، وفي سياق انتصار الحركة القومية على الحركة الإسلامية في كتابة الدستور الإندونيسي «ولإشباع تطلعات واهتمامات المسلمين، فإن الدستور نصَّ على تشكيل وزارة الدين. والتي أوكل لها حماية الحرية الدينية وأن تحافظ على العلاقات المتجانسة بين المجتمعات الدينية المختلفة، (بالإضافة إلى) مهمتها الأساسية في إدارة العلاقات الدينية للمسلمين، بما تتضمن من الزواج والطلاق والزكاة «الهبات المالية» والمساجد والحج». أي أن الحفاظ على ثقافة التعددية أمر هام وحاضر، وبقوة، حتى في لحظة إرضاء الحراك الإصلاحي الإسلامي الإندونيسي [6].
عن وعي نخبة الإصلاح الإسلامي الحداثي
1. نوركوليس ماجد Nurcholis Madjid
وفق رؤية نصر، يعتبر نوركوليس ماجد (1939 – 2005) أول من قام بتفعيل حركة التجديد اللاهوتي في إندونيسيا، سائرًا على رؤية خطابي محمد عبده والأفغاني.
ويمكن أن نعرض، ولو بشكلٍ شبه عام، لرؤاه الإصلاحية كما يلي:
1. تبني مبدأ الإسلام كدين شخصي. «رأى في الإسلام نظامًا إيمانيًّا خاصًا بدلاً من كونه نظاماً سياسيًا عامًا. وأكَّد على التعاون مع الجماعات غير المسلمة». والقرآن، وفق رؤية المفكرين مثل نوركوليس، ساهم في إلهام وتحفيز السلوك، ولكنه لم يوفر أحكامًا دقيقة للحياة اليومية.
2. العلمنة سيرورة وليست رؤية عالمية أو نظام إيماني.
3. المقاربة الثقافية هي الوحيدة القادرة على تقديم فهم مناسب للإسلام لصالح المجتمع الإندونيسي.
2. عبد الرحمن واحد Abdulrahman Wahid
الرئيس السابق لإندونيسيا، وكذلك الرئيس السابق لجمعية «نهضة العلماء» يعكس وعيًا كبيرًا، في أطروحاته الفكرية، للإسلام «الثقافي». السير في اتجاه «أنسنة» الإسلام والإعلاء من روح القانون في الإسلام (وهو ما يحيل إلى عدم الوقوف على التنفيذ الحرفي أو الامتثالي للأحكام في الإسلام بقدر الانشغال بما يقف خلف هذه الأحكام من مبادئ ورؤى وأهداف). وقد وظَّف كذلك مفهوم «الإسلام الثقافي» في إنجاح عملية التحول الديموقراطي (أو كما تُسَمَّى: الدَمقْرَطة Democratization) –بل وغرزها كثقافة– في السياق الإندونيسي. ورأى أن الإسلام مؤيد للديمقراطية. وأشار للإسلام، في هذا السياق باعتباره دين الإصلاح.
كما أكَّد على إيمانه بحقوق الإنسان، وذهب إلى أن الكرامة الإنسانية لها ثلاثة محاور:
الأول: الكرامة الفردية.
الثاني: الكرامة الجماعية.
الثالث: الكرامة السياسية.
3. منير (موناوير) سادزالي Munawir Sadzali
تنبع أهمية اجتهاداته من كونهوزيرًا سابقًا للشئون الدينية في أواخر تسعينيات القرن العشرين. وهو يدعو المسلمين للاهتمام، بشكل جدي، بعيد عن الشعارات، بالاجتهاد الديني. أن يكون الإسلام أكثر استجابة لاحتياجات إندونيسيا المحلية والظروف الراهنة.
ولعل مقاربته لنظام «الميراث» في الإسلام تعكس الكثير مما نسميه بالإسلام «الثقافي».
فقد رأى أنه في اشتراط القرآن لأن يرث الذكر ضعف نصيب الأنثى، قد يتعارض هذا الحكم، في بعض الحالات، مع مبدأ العدالة (وهو المبدأ الذي يسعى هذا الحكم للاقتراب منه في لحظة تاريخية معينة ومشروطة بالواقع الفعلي)[7].
ووفق قراءة نصر له، فإنه يرى بأن نظرة أكثر دقة لإطار اشتغال فكره اللاهوتي تحاجج بأنه كان ميَّالاً للقول بوجود «بعض الاشتراطات القرآنية – وبالتحديد تلك المرتبطة بالأمور الاجتماعية، اللا- طقسية – والتي لم تعد متوافقة مع متطلبات العصر الحديث (مثل قوانين المورايث والرق .. إلخ). وفي حالة المواريث،فإنه يجب أن يُفسَّر النص الديني في ضوء الظروف الاجتماعية بإندونيسيا؛ أي أنه يجب أن يرث النساء نفس نصيب الرجال».
وبشكل إجمالي، فإن مسعاه تمثَّل في «اشتراط أفق جديد لفهم النص الديني من خلال السياق الإندونيسي».
وإذا انشغل الجزء الأخير من ذلك المقال بعرض رؤى لمصلح لاهوتي، ورئيس أسبق للدولة، ووزير سابق للشئون الدينية، فإن ذلك الانشغال كان يطمح إلى التأكيد على أن التعددية الدينية والثقافية «أي الثقافة الإندونيسية بشكل عام» تلعب الدور الأبرز في فهم الإسلام في العصر الحديث والدور الذي تمارسه الثقافة في توجيه الفكر التجديدي وتعددية احتمالاته أو توجهاته والتي تتراوح بين الانفتاح والانغلاق.
وبكل تأكيد تقف تلك الرؤى على الجانب المقابل – تمامًا – من رؤى تسعى لتنزيل النص الديني بالإكراه على الاجتماع، أي اجتماع، وترى أن الاجتماع، في حركيته، يجب أن يقف ويتسمَّر مكانه ليستوعب النص الديني في كليته، دون أي تحليل أو فهم لمجموع أجزائه وتكويناته.
وإن كانت إندونيسيا قد تأسلمت، بنجاح منقطع النظير، على مستوى عدد معتنقي الدين حتى صار المسلمون أغلبية، فإنها،في تأسلمها كانت تمارس بالثقافة والاجتماع الإندونيسيين. وهو الأمر الذي جعلها أكثر انفتاحًا على الحداثة، برغم طابعها الكولونيالي، على عكس العرب في أوقات كثيرة.
[1] وكما يوضح أبو زيد، في جنوب شرق آسيا، يظهر انتقال المسلمين للإسلام على مدار قرون عديدة. «وفيما يُعرف الآن بإندونيسيا، أصبحت أغلبية سكان جافا وسوماطرة تدين بالإسلام بحلول القرن الثامن عشر».[2] يصعب للغاية الحديث عن دين (أو جوهر للدين) سابق على وجود الاجتماع. إلى ذلك يذهب عالم الاجتماع حين يرى أن الدين ظاهرة ثقافية. وكذلك، على سبيل المثال ذهب دوركهايم حين اعتبر أن الدين «ظاهرة يمكن تحليلها اجتماعيًا» كما أن «كلاً من الدين والمقدس سمة اجتماعية بالضرورة». ويلح مالوري ناي على أن دين المرء ثقافته وبالتالي يمكن فهم الدين «بوصفه شكلاً من أشكال الثقافة».[3] تشير إليها الباحثة آمال قرامي بـ «نهضة الأمة»، وهي تسمية غير صحيحة.[4] نوردها هنا كما كتبتها الباحثة.[5] راجع الجزء الأول من سلسلة المقالات بعنوان: «الإسلام خارج السياق العربي (1): ما بين الإسلام الثقافي وثقافة الإسلام». ونلاحظ هنا غياب أي حضور للفقه أو الشريعة الإسلامية كأحد مواد الدستور الإندونيسي. وهو ما سيمكنّنا، ولو قليلاً، من فهم طبيعة الصراعات الدينية-السياسية، وتباين تلك الصراعات باختلاف كل دولة عن الأخرى بحسب طبيعة تمايز الدساتير عن بعضها البعض، ومدى مركزية حضور الدين فيها سياسيًّا.[6] لاحظ هذه الإشارة الهامة من Lapidus والتي يوضح فيها أنه «ومنذ 1955 للآن، كان لزامًا على الأحزب الإسلامية أن تتأقلم مع الحقيقة التي تؤكد على أنه وبرغم كون إندونيسيا ذات أغلبية إسلامية ساحقة من السكان، فحضور الأحزاب الإسلامية يشكل أقلية سياسية».[7] للمزيد في هذه النقطة بالتحديد، نُحيل إلى مقال د. علي مبروك: مصلحة الإنسان وصلاح الحكم [وكذلك: من اللاهوتي إلى الإنساني – أفكار مُؤثَّمَة، الفصل الثالث بعنوان: القرآن بين المبدأ التأسيسي والحد الإجرائي – محاولة في قول جديد حول القرآن].