دفاعًا عن القرآن وقراءاته وتفاسيره ولغته
تساءل أناس عن مضمون حلقة الأستاذ يوسف زيدان مع الأستاذ عمرو أديب، والتي كانت بتاريخ 15/10/ 2017 حول: (أغلب تفسير القرآن خاطئ ، والقرآن له 11 ألف قراءة و11 ألف معنى).ولأجل هذا الهجوم الصارخ الواضح على القرآن الكريم وتفاسيره، كثر البحث عن الحلقة في الشبكة المعلوماتية، ولأجل النقاط التي طرحت فيها رأى البعض أن فيها تهجمًا واضحًا وصريحًا وصارخًا على القرآن وقراءاته وتفاسيره ولغته، وإليك النقاط التي تم تداولها في الحلقة مع مناقشتها، وبيان وجه الصواب فيها، ونسوق النقاط كما جاء ذكرها في الحلقة.
الادعاء بأن هناك أدوات تعريف كثيرة في اللغة العربية، وليست مقصورة على أداة التعريف (ال)، وساق مثالًا على ذلك أداة التعريف (ام) مثل إمبابة على البوابة، وامبارح على البارحة.والذي يجب أن نبينه في بادئ الأمر أن هناك فرقًا كبيرًا بين المعارف وأداة التعريف، ومعلوم لدى الصغير من دارسي العربية، أن الاسم في لغة العرب، إما أن يكون نكرة أو معرفة، والمعارف في اللغة العربية هي: العلَم ، وأسماء الإشارة، وأسماء الموصول، والضمائر، والمعرف بالإضافة إلى إحدى المعارف السابقة، والمعرف بالنداء، أما بالنسبة لأدوات التعريف، فالحق أنه لا توجد أدوات تعريف كثيرة في اللغة العربية، فلا يوجد من أدوات التعريف غير ( ال ) أو ( أم) وأم هي (ال) لكنها أبدلت اللام ميمًا على لغة حِمْيَر، وعليها جاء الحديث:
وهذا الحديث أخرجه أحمد من طريق آخر عن كعب بن عاصم الأشعري وكان من أصحاب السقيفة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من أم بر، أم صيام، في أم سفر [أحمد حديث كعب بن عاصم: 23045]فقرئ هذا الحديث على لغة حمير – ليس من أم بر أم صيام في أم سفر – بإبدال اللام ميمًا، وباب الإبدال باب كبير واسع في كتب الصرف، وقد حصر علماء اللغة الحروف التي تبدل في تسعة حروف لا غير تدرس في كتب الصرف.كما أن هناك في لغة العرب ما يعرف بالقلب المكاني، وهو جعل حرف مكان آخر فى الكلمة بالتقديم والتأخير شريطة ثبات المعنى، مثل: جبذ هي هي جذب، ومنه دَهِش وشُدِه أي تعجب وتحير، ومنه أمعن النظر، وأنعم النظر بمعنى واحد مع الإبدال المكاني.ومعلوم عند دارسي صرف العربية، أن من الإبدال منه ما هو قياسي، ومنه ما هو سماعي، يروى كما هو ولا يقاس عليه. ويعرف قارئ القرآن إقلاب الباء ميمًا إذا وقعت بعد النون الساكنة أو التنوين مثل: {كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} (الهمزة- 4)، ومثل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } (الرعد- 11) ، ومثل: { إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } (آل عمران- 119).ونحن جميعًا نعرف الإبدال في كلامنا العادي دون أن يغير ذلك معنى الكلمة، ويأتي الإبدال من اللهجات فأهل الشمال من مصر ينطقون القاف همزة، وأهل الجنوب ينطقونها على غير ذلك فصار القاف ثلاثة أحرف في النطق لكنه حرف واحد في المعنى؛ فحينًا تنطق قافًا، وحينًا همزة، وحينًا آخر حرفًا بين الجيم والغين، ولم يغير ذلك من معاني الكلمات شيئًا، وإن كان الالتزام بالنطق الصحيح واجبًا في مواضعه.أما أداة التعريف التي هي ( ال ) أو اللام وحدها على رأي بعض النحويين، وهي التي تبدل ميمًا دون أن يغير ذلك المعنى فهي لهجة من لهجات العرب، وفي هذه الأداة ( ال) يقول ابن مالك في ألفيته الشهيرة في البيت 106: «الْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ أَوِ الَّلاَمُ فَقَطْ * فَنَمَطٌ عَرّفْتَ قُلْ فِيهِ النَّمَطْ».ولا نطيل في هذه النقطة أكثر من ذلك؛ إذ قد حصل بيان المقصود، إن شاء الله تعالى.
طرح الأستاذ يوسف زيدان كلامًا حول قراءات القرآن وتفسيره فقال: (قراءات القرآن سبع استبقينا على حرف واحد وهو الحرف القرشي واستبقينا على خط واحد وهو الخط العثماني وليس هو عثمان بن عفان)، ثم تكلم عن خطأ التفسير وضرب مثالًا فقال: (قراءة فتبينوا من البيان وهو الوضوح وأغفلنا قراءة فتثبتوا وتعني التأكد، وأغلب تفسير القرآن خاطئ، والقرآن له 11 ألف قراءة و11 ألف معنى).
نسي المتكلم أن إجماع الأمة منعقد على أن القرآن نقل إلينا عن طريق التواتر، وهو نقل الكافة إلى الكافة، فكل جيل نقله إلى من بعده كما هو، فالصحابة، رضوان الله عليهم، نقلوه إلى التابعين محفوظًا في الصدور وفي السطور، وما من جيل إلا وفي بيت كل مسلم مصحف.ونسي كذلك أن إجماع الأمة منعقد على حفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان وغير ذلك، وأن الله سبحانه تكفل بحفظه بتهيئة وتقييض أسباب الحفظ فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (الحجر- 9)إذن فما قضية الأحرف السبعة التي بنى عليها المتكلم كلامه؟ وما المقصود بالحرف القرشي؟ وما المقصود بالخط العثماني؟ وما تأثير ذلك على المعنى؟وبين يدي الإجابة على ذلك نقدم بالحديث المشهور في ذلك، وقد رواه غير واحد من الصحابة ومن أصحاب المصنفات في السنة:
وقبل أن نعرف المقصود من الأحرف السبعة نلفت النظر إلى ثلاث جمل جاءت في الأحاديث السابقة، وهي: «أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسر»، والجملة الثانية: «فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا»، والجملة الثالثة: «أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك»ولو تساءلت عن المقصود بقوله: «وإن أمتي لا تطيق ذلك» يعني أن القرآن يقرأ على حرف واحد، لقيل لك إن الإسلام دين عالمي للناس كافة في كل زمان ومكان، وإن من البشر في بيئات معينة لا يستطيع أن ينطق حروفًا ما من مخرجها كحرف العين والضاد ونحو ذلك، لذا ونحوه قال النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، وإن أمتي لا تطيق ذلك، أي لا تطيق الحرف الواحد في القراءة لكون الإسلام لكل البشر، وهنا يتعين علينا بيان المقصود من الأحرف السبعة.والحديث عن معنى الأحرف السبعة حديث طويل، وهو باب واسع، ومن أوضح ما جاء فيه قول البيهقي: المراد به اللغات التي أبيحت القراءة عليها [ المدخل للبيهقي]، أي يُقرأ حسب لهجات العرب ولغاتها، وهذا القول يبين أن سبب إنزاله على سبعة أحرف هو التخفيف والتسهيل، وليس الاختلاف الذي يؤدي إلى تغيير المعنى. وقريب من ذلك قول القاضي عياض إذ قال في معناها: هو توسعة وتسهيل لم يقصد به الحصر.وذكر الطحاوي أن القراءة بالأحرف السبعة كانت في أول الأمر خاصة للضرورة لاختلاف لغة العرب ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة، فلما كثر الناس والكُتّاب وارتفعت الضرورة عادت إلى قراءة واحدة. [شرح أبي داود للعيني]وقال ابن عبد البر: وأجمعوا على أن القرآن لا يجوز فى حروفه وكلماته وآياته كلها أن تقرأ على سبعة أحرف ولا شيء منها ولا يمكن ذلك فيها بل لا يوجد في القرآن كلمة تحتمل أن تقرأ على سبعة أوجه إلا قليل مثل وعبد الطاغوت وتشابه علينا و عذاب بئيس ونحوه وذلك ليس هذا. [ البرهان في علوم القرآن للزركشي]وقال القاضي أبو بكر بن الباقلاني الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وضبطها عنه الأئمة وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحتها، وليست متضاربة ولا متنافية. [البرهان في علوم القرآن للزركشي] وقال الأكثرون هو حصر للعدد في سبعة، ثم قيل هي سبعة في المعاني كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والأمثال والأمر والنهي ثم اختلف هؤلاء في تعيين السبعة. [شرح أبي داود للعيني، وشرح مسلم للنووي] وقال أبو عبيد سبع لغات للعرب يمنها ومعدها وهي أفصح اللغات وأعلاها وقيل بل السبعة كلها لمضر وحدها وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في كلمة واحدة، وقيل بل هي مجتمعة في بعض الكلمات. [شرح أبي داود للعيني]وقال أبو عمرو الداني: فأما معنى الأحرف التي أرادها النبي، صلى الله عليه وسلم، هاهنا فإنه يتوجه إلى وجهين، أحدهما أن يكون يعني بذكر أن القرآن أنزل على سبعة أحرف أي سبعة أوجه من اللغات لأن الأحرف جمع حرف، والحرف قد يراد به الوجه، بدليل قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه}، فالمراد بالحرف ههنا الوجه الذي تقع عليه العبادة.والوجه الثاني، من معنى الأحرف أن يكون صلى الله عليه وسلم سمى القراءات أحرفًا على طريق السعة كنحو ما جرت علية عادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه. [الأحرف السبعة للداني]أما بالنسبة للغة قريش فمعلوم عند أهل اللغة أن لغة قريش هي أفصح لغات العرب سواء في النطق أو الضبط كقولهم الهون، وغيرهم يقول الهوان، وأيسر ما يقرب لك ذلك إذا نظرت إلى اللغة الإنجليزية مثلًا في لهجتها الأمريكية ولهجة أخرى لا يغير ذلك المعنى، وكانت لغة قريش أفصح لغات العرب لأن العرب كانوا يتوافدون عليهم لحج البيت، وكانت قريش تتخير من كلمات القبائل ما تضيفه إلى لغتها. وبشأن ذلك يقول السيوطي:
أما بالنسبة لقضية الخط العثماني فبغض النظر عن نوع الخط فمعلوم أن كتابة الجملة في اللغة لا يغير معناها من خط إلى خط، واكتب ما شئت من الجمل أو الفقرات مرة بخط النسخ وأخرى بالرقعة وثالثة بخط الثلث وانظر لها مرة بعد مرة، هل يغير ذلك من معناها شيئًا؟ بالطبع لا.أما خط المصحف المعروف بالخط العثماني حتى وإن لم يكن منسوبًا إلى سيدنا عثمان بن عفان، فإنه كان يكتب به المصحف من لدن الصحابة بنفس رسم الحروف الموجودة الآن في المصاحف، كإثبات الألف أو حذفها، ورسم التاء مفتوحة أو مربوطة بحسب ما ورد عن الصحابة والتابعين.ولا يجوز عند جماهير أهل العلم مخالفة المصحف في طريقة رسم حروفه، حتى قالوا لا يعدو رسم المصحف الإمام، أي لا يتجاوزه إلى غيره. قال الزركشي: ولما كتب الصحابة المصحف زمن عثمان رضي الله عنه اختلفوا في كتابة التابوت، فقال زيد التابوه، وقال النفر القرشيون التابوت، وترافعوا إلى عثمان فقال اكتبوا التابوت فإنما أنزل القرآن على لسان قريش. قال ابن درستويه خطان لا يقاس عليهما خط المصحف وخط تقطيع العروض. [البرهان في علوم القرآن: محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي أبو عبد الله المتوفي (794) هـ]وقال أبو البقاء في كتاب اللباب ذهب جماعة من أهل اللغة إلى كتابة الكلمة على لفظها إلا في خط المصحف فإنهم اتبعوا في ذلك ما وجدوه في الإمام أي المصحف الإمام، وهو مصحف عثمان.وقال أشهب سئل مالك رحمه الله هل تكتب المصحف على ما أخذته الناس من الهجاء، فقال لا، إلا على الكتبة الأولى. رواه أبو عمرو الدانى في المقنع ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة. وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن تغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك فقال لا، قال أبو عمرو يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم لمعنى المعدومتين في اللفظ نحو الواو في أولوا الألباب وأولات والربوا ونحوه. وقال الإمام أحمد رحمه الله تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك.
وقد قال البيهقي في شعب الإيمان من كتب مصحفًا فينبغي أن يحافظ على حروف الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف ولا يخالفهم فيها ولا يغير مما كتبوه شيئًا، فإنهم أكثر علمًا وأصدق قلبًا ولسانًا وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكًا عليهم، وروى بسنده عن زيد قال القراءة سنة، قال سليمان بن داود الهاشمي يعنى ألا تخالف الناس برأيك فى الاتباع. وعن أبي عبيد قال: خط المصحف واتباع حروف المصاحف عندنا كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها. [بتصرف من البرهان في علوم القرآن: الزركشي (794) هـ]ويقول الدكتور الطويل: وأسهمت في ذلك لجنة الفتوى بالأزهر، وعندما سئلوا عن كتابة المصحف بخط الإملاء المعتاد أفتوا بعدم جواز ذلك التزامًا بما كان عليه الصحابة والتابعون.ورأى حفني ناصف وجوب المحافظة على الرسم العثماني لمعرفة القراءة المقبولة والمردودة، وفي المحافظة احتياط شديد لبقاء القرآن على أصله لفظًا وكتابة، فلا يفتح فيه باب الاستحسان. [مدخل في علوم القراءات: السيد رزق الطويل (المتوفى: 1419هـ)] ولقد كان في تاريخ الأمة علماء متخصصون في الخط عرفت لهم مدارس خطية، وكتبوا المصحف بنفس الخط المكتوب به الآن كطريقة كتابة من حيث إثبات المثبت من الحروف وحذف المحذوف، وكان هؤلاء قبل وجود الدولة العثمانية بقرون، من بينهم ابن مقلة المعروف بالوزير الخطاط المولود ببغداد (272) هـ، وأبو الحسن علي بن هلال المشهور بابن البواب والمتوفى (413) هـ، وياقوت المستعصمي المتوفى (619) هـ، فهؤلاء كتبوا المصحف بنفس الطريقة المأثورة عن الصحابة والتابعين، وهم قبل الدولة العثمانية بقرون فدل ذلك على خطأ ما زعمه زيدان من نسبة خط المصحف إلى الدولة العثمانية.ومن أبرز الخطاطين الذين كانت لهم بصمة عظيمة في كتابة المصحف العثماني الشيخ حمد الله الأماسي المتوفى (1519) م أي توفي أول الدولة العثمانية، وكان قد كتب الشيخ عددًا من المصاحف ومئات من المخطوطات، وأعطى فن الخط العثماني عمومًا شكله الكلاسيكي وقدرته على التأثير واحتفاظه بالحيوية. [مجلة البحث التاريخي].هذا وقد كتبت مؤلفات من القرون الأولى حول قواعد رسم المصحف، وهي التي نسير عليها إلى الآن في طباعة المصاحف، ومن أشهر المؤلفات في هذا الشأن كتاب: المقنع في رسم مصاحف الأمصار، لعثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (المتوفى: 444هـ)، وأبو عمرو الداني قبل الدولة العثمانية بقرون.
وطرح الأستاذ يوسف زيدان كلامًا حول تفسير القرآن ومعاني الكلمات العربية فقال: تفاسير القرآن (قراءة فتبينوا من البيان وهو الوضوح وأغفلنا قراءة فتثبتوا وتعني التأكد، وأغلب تفسير القرآن خاطئ)، وقال: (ضبط المفردات بأن يعني ابتعد بانت سعاد، يعني ابتعدت وليس ظهرت، فيه أحكام لسه معرفنهاش)تكلم العلماء عن شروط المفسر الذي يجوز له أن يفسر القرآن، والتي منها أن يكون عالمًا بدلالات الألفاظ، عالمًا بعلوم القرآن، عالمًا بالنحو العربي، عالمًا بعلم الصرف وعلوم البلاغة الثلاثة، وأن يكون عالمًا بالسنة وبعلوم الحديث، عالمًا بأصول الفقه ومواطن الإجماع.. إلى غير ذلك من الشروط، كل ذلك ليتجنب القول على الله بغير علم لأن الله تعالى يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا} )الأنعام- 21)وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» [الترمذي في تفسير القرآن، وقال هذا حديث حسن] فالقول في القرآن بغير علم جد خطير.ويعرف أصغر طالب للعربية أن من سعة اللغة العربية أن اللفظ الواحد يستعمل في معان عدة، والذي يوضح المعنى المراد هو السياق، والمناسبة التي سيق فيها الكلام ونحو ذلك، وتعدد معاني الكلمة الواحدة أحد الأسباب التي من أجلها وضعت المعاجم.وقد اهتم علماؤنا بمعرفة مدلولات ألفاظ القرآن الكريم، قال الزركشي: وقد صنف فيه جماعة منهم أبو عبيدة كتاب المجاز وأبو عمر غلام ثعلب ياقوتة الصراط ومن أشهرها كتاب ابن عزيز والغريبين للهروي ومن أحسنها كتاب المفردات للراغب وهو يتصيد المعانى من السياق. [البرهان في علوم القرآن: الزركشي (794) هـ]ومن المهم أن يعرف معاني الأسماء والأفعال والحروف معرفة تمكنه من التفسير، وفي ذلك يقول الزركشي: ومعرفة هذا الفن للمفسر ضرورى وإلا فلا يحل له الإقدام على كتاب الله. [البرهان في علوم القرآن: الزركشي (794) هـ]
وطرح الأستاذ يوسف زيدان كلامًا حول عدد القراءات فقال: كشف الظنون لحاجي خليفة ذكر 11 ألف قراءة، عذاب النير غير النار النير هو الظلم.وهذا كلام عار عن الصحة تمامًا، والذي يعنينا أن أئمة الإسلام خاصة علماء القراءات وضعوا ضوابط يبينون بها القراءة الصحيحة، وهي التي نقلت إلينا بإسناد صحيح مع التواتر وموافقتها لرسم المصحف وموافقتها للغة ولو من وجه من الوجوه، قال ابن الجزري:
واختتمت الحلقة بكلمات ظهر فيها الصدق، إذ قال الأستاذ عمرو أديب: احنا مش عارفين دينا، فرد الأستاذ يوسف زيدان : احنا مش عارفين حاجة.ونسأل الله أن يحفظ لنا قرآننا وتفاسيره ولغته، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.