بين عبد الغني وكونتي: موانع زواج لاعبي كرة القدم
لم يكن هذا حوارًا بين رجلين على مقهى يستريحان فيه للفضفضة وحكاية ما لا يحكى، ولا حديثًا سريًا عبر واتساب بين لاعبين قديمين وهما يتناولان آخر أرعن صغير السن لا يعرف مصلحته، بل كان حديثا على الهواء مباشرة عام 2010 بين اسمين بحجم مصطفى عبده وأحمد رفعت عن أحد لاعبي الزمالك المعروفين.
تناول أحمد رفعت بكلماته تلك –على سبيل التأكيد- أسباب انصراف لاعب الزمالك عن التدريبات الجماعية للفريق، وما انبنى عليه بعد ذلك من خصومات وقعت عليه، ولكن من أين أتى بالتفسير المؤكد أنه كان يغادر التمرينات من أجل أن يقوم بما يؤكده الكابتن؟
ربما كانت هذه هي الصيغة الأكثر صراحة ووضوحًا لتناول ملف غير مسكوت عنه بين كافة أطراف الكرة المصرية، بدءًا من المدربين والإعلاميين والجماهير على إطلاق الكلمة، انتهاء باللاعبين أنفسهم: ملف الزواج، وتأثيراته على لاعبي كرة القدم.
كيف يتحايل كل المنتمين للوسط الكروي المصري -بمن فيهم الجماهير- على مصطلح «الزواج»، ليعبروا به عن إرث شعبي مصري عتيق يرى الجنس انتهاء لكل نشاط، وإفشالاً لأي مخطط، وسبة في جبين من يرتكب تلك الجريمة الشنعاء.
الجنس لديهم: أوضاع أنطونيو كونتي
ربما يكون نموذج الإيطالي أنطونيو كونتي هو الأكثر فظاظة فيما يتعلق بتناول مساحة الجنس في كرة القدم، سواء فيما يتعلق بالسرد الإعلامي أو فيما رواه هو نفسه عن تعامله مع لاعبيه.
تجلى ذلك في حوار تحدث فيه كونتي لصحيفة ليكيب الفرنسية، وأحدث ضجة كبيرة، حينما تناول ممارسة اللاعبين للجنس أثناء فترات التوقف.
قال كونتي إنه يحض لاعبيه على عدم المكوث طويلا في مدد الجماع أثناء فترات التوقف، متناولًا بالتفصيل الأوضاع التي يفضلها للاعبيه أثناء ممارسة الجنس مع زوجاتهم، ومعللاً ذلك بأنه يتعين على اللاعب ألا يبذل مجهودًا خرافيًا في العلاقة كي يحتفظ بمخزون طاقته لفترات المباريات بعد التوقف ويكون أقل عرضة للإصابات.
هكذا كان أكثر التعبيرات فظاظة ربما عن عالم الجنس لدى مدربي كرة القدم في المستوى الأوروبي العالي، نعم الموضوع هام، ولكنه ليس محوريًا في الحياة محوريته لدى التناول المصري المطعم بالتحابيش التي اعتدناها. والأهم أنه مسمىً بمسماه، ولم يحتج كونتي إلى الالتفاف حول كلمة أخرى للتعبير عنه، كما يدمن المصريون الالتفاف حول كلمة الزواج وهم يعنون بها الجنس.
هذا الفصل نجده أكثر لدى بيب جوارديولا، حينما ووجه في مؤتمر صحفي عام 2018 بتصريحات من داني ألفيس الذي قال إن اللعب تحت إمرة جوارديولا رائع لدرجة أنه يشبه ممارسة الجنس، فرد بيب مازحًا: «أنا أفضل الجنس بمسافة بعيدة».
هكذا عمومًا يمكننا أن نرى تناول الجنس في كرة القدم حول العالم، موضوعًا منفصلاً تمامًا، لائقًا أكثر على صفحات الجرائد الصفراء وأخبار المشاهير المليارية،بشكل منفصل تمامًا عن صميم كرة القدم.
الجنس لدينا: قل زواج ولا تقل جنس
ممارسة الجنس لدى الأوساط الكروية المصرية مرصودة باستفزاز، لأن الإرث الشعبي المصري الرابط دومًا بين ممارسة الجنس واعتلال الصحة -على عكس ما تقره كل النظريات العلمية-، كان لابد أن ينسحب على كرة القدم، القائمة بالأساس على الصحة البدنية، والمتابعة من عشرات الملايين في مصر صباح مساء.
الكرة المصرية مليئة بحكايات تندرج كلها تحت عنوان: «أضاع نفسه بسبب الجنس»، ولكن هذا لا يتم التصريح به علنًا. ستجد هذا العنوان الضمني دائمًا في سرد قصص لاعبين مثل محمد عباس وجمال عبد الحميد وصالح جمعة وإبراهيم سعيد وأحمد حسام ميدو وغيرهم.
وعلى الرغم من أن كثيرًا من هؤلاء اللاعبين «لم يضيعوا أنفسهم أساسًا» لأن مسيرة الكثيرين منهم يُمّنت بنجاح كبير، إلا أن هذه ليست الفئة المقصودة حتى، نحن هنا نتحدث عن أولئك الذين قرروا أن يتزوجوا فواجهوا غضبة وهمزًا ولمزًا لا مبرر له.
تتذكرون انطلاقة عماد متعب في كرة القدم المصرية؟ هداف لا غبار عليه، هداف كل المراحل السنية وتميمة الأهلي الذي شكل مع محمد أبو تريكة ومحمد بركات وأمادو فلافيو واحدًا من أقوى خطوط الهجوم في تاريخ الكرة المصرية، الوريث الشرعي لحسام حسن، المتعب، المرهق، القناص، الهداف.. ووو..
تزوج عماد متعب!
واقترانًا بإصابة في الظهر عانى منها لسنوات، وبعض النزول في المستوى وعدم التوفيق الذي يطرأ لأي مهاجم، بدأ عماد متعب يهاجَم بضراوة، وكل هجوم يلصق بالزيجة بشكل فج وغريب، والأهم أنه كان من جمهور الكرة المصرية بشكل عام.
زواج عماد متعب البديهي الذي هو حقه شرعًا وعرفًا وبداهة وكل شيء، لم يكلفه فقط تلك الإساءات المريعة في مدرجات مباريات القمة، ولا بعض العناوين المستفزة في الجرائد والصحف، بل كلفه وجهة نظر لا يُدرى من عممها حول أن زيجته تلك بالتحديد هي التي أثرت على مشواره الكروي، وهي التي أضعفت مستواه البدني وتسببت في عدم توفيقه، ولا يتحدث أحد بالتأكيد عن قرار الزواج والاستقرار وتكوين العائلة، بل يتحدثون عن مفهوم واحد فقط: الجنس!
قد تقول إن هذا مرهون بحالة متعب نفسه، وكون زوجته من المشاهير اللاتي عرفن في المجتمع بشكل أوسع بعد الحصول على لقب «ملكة جمال مصر»، هذا كله حتمًا ليس مبررًا لذلك التناول السافر، والمنطق الغريب في التعاطي مع المسألة، وسيشرح لك المثال التالي هذا التضادّ الغريب.
هل تتذكر ما قيل حينما قرر أحد أهم لاعبي الكرة المصرية عبر التاريخ حازم إمام أن يتزوج؟ هل تتذكر ما ألصق بقدرته البدنية آنذاك من اتهامات، لمجرد أنه اتخذ هذا القرار البديهي للغاية؟
لم تكن زيجة حازم إمام تحمل مواصفات زيجة عماد متعب، ولكن ألصق بالزيجة هذا الاتهام العجيب ضمنيًا لدى كافة الأوساط، وهنا لا يمكن تخصيص طرف بعينه، بل إنه في حالة حازم إمام كان الجمهور بطل تلك الحكاية.
تزامن هذا مع تناقص مردود أحد أهم أجيال الزمالك الذهبية، وارتفاع نجم الأهلي في أفضل جيل له من دون منازع، ولأن حازم إمام كان نجم الفريق، ولأن جماهير الزمالك كانت تبحث دائمًا عمن يحمل هموم فريق كرة القدم، فقد حملها حازم على كتفه وحيدًا.
قيل إن حازم إمام ليس ذلك اللاعب الذي ظهر في منتصف التسعينيات وخرج إلى أودينيزي ثم أبدع مع الزمالك في 3 أعوام ذهبية، بدأ الحديث الضمني عن الزيجة ومن ورائها مفهوم ماذا؟ بتّ تعلم بكل تأكيد!
واستُثنيت أسباب موضوعية عديدة لتراجع مستوى حازم إمام، أن عمره شارف على الثلاثين، وأن الزمالك عانى واحدة من أسوأ فتراته إداريًا وماديًا ولم يعد حازم إمام يحظى بدعم نجوم يحملون عن كاهله مهمة قيادة الفريق، وأنه مني بإحباط كبير بعد خروجه من حسابات حسن شحاتة في جيل تاريخي للكرة المصرية، كل هذا لم يقل، وإنما قيل إن مشكلة حازم في نفسه، ودائمًا ما كنت تشم رائحة جملة: منذ تزوج ومستواه في النازل!
مجدي عبد الغني: يا ابني حد يتجوز في نص الموسم؟
هنا خرج الحديث إلى الشاشة بشكل عجيب، واحتمل أوجه عديدة لأن قائله يصف نفسه دائمًا بأنه «رجل يحب أن يعطي خبراته للشباب» ولأنه أحد أبطال واقعة ستوديو أون تايم سبورتس الشهيرة.
الحديث هنا عن مجدي عبد الغني، الذي لم يجد بدًا من توجيه اللوم بوضوح للاعب الزمالك محمد عبد الغني، الذي ارتكب جرمًا فظيعًا وتزوج وسط الموسم، فكان لزامًا أن تطاله سهام الانتقاد اللاذع لهذا السلوك المشين!
وبخ عبد الغني لاعب الزمالك بقسوة قائلًا إن الزواج في منتصف الموسم يسبب تمزقات وشدًا وإجهادًا والإصابة بغضروف الركبة وقد يسبب الإصابة في الرباط الصليبي، قائلًا بتهكم إنه طيلة مشواره الاحترافي لم ير هذا ولم يسمع عنه، وإن عبد الغني الذي لم يستطع الصبر حتى نهاية الموسم -على حد تعبيره- رجله مش هتبقى شايلاه.
كل هذا ليس بالتأكيد بسبب قرار اللاعب في الزواج والاستقرار وتكوين أسرة، بل لأنه قرر أن يمارس الجنس بالنسبة لمجدي عبد الغني «الذي لم ير في البرتغال أحدا يمارس الجنس وسط الموسم»، هذا ما سماه مسجل هدف مصر الوحيد في مونديال 1990 بـال «سمك لبن تمر هندي»، واستجلب دقيقتين من التوبيخ الشديد للاعب الزمالك جرّاءه!
بشكل بديهي، رد اللاعب على هذا التوبيخ عبر إنستجرام بشكل حادّ مطالبًا مجدي عبد الغني بعدم التدخل فيما لا يعنيه، ولكن قد نسمع عما قريب تلك العبارة التي يتناول بها كلُّ مصري كلَّ مصري: «حياة المشاهير لا تخصهم فحسب»، وهي عبارة مناسبة لتجميل الدخول إلى غرفة نومك دون استئذان!