سيناريو تخيلي: ماذا لو لعب «فارس حسونة» باسم مصر؟
تبدو كلمات الخبر منطقية تمامًا عندما نعرف أن البطل الأولمبي فارس حسونة (23 عامًا)، صاحب الميدالية الفضية في بطولة العالم للكبار 2019، والبرونزية عام 2017، وصاحب ذهبية بطولتي العالم للشباب في أعوام 2017 و2019، إلى جانب فضية بطولة آسيا وسط عمالقة اللعبة في طشقند عام 2020.
أرقام تجعل حصول اللاعب على ذهبية في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو هذا العام أمرًا طبيعيًّا، لا سيما ووالده ومدربه إبراهيم حسونة هو اللاعب الأولمبي الذي شارك في دورات الألعاب الأولمبية أعوام 1984و 1988 و1992.
تغير السيناريو تمامًا عبر منصات التواصل عندما كُشف عن الأصول المصرية للاعب القطري، الذي اضطر رفقة والده إلى الذهاب إلى قطر بعد خلافات مع اتحاد اللعبة في مصر، وهو ما أثار حالة من الجدل الواسع، والتي بدورها طرحت علينا سؤالًا: ماذا لو لعب ابن مدينة المحلة باسم مصر؟
إجابة هذا السؤال سننقلها على لسان حسونة في «سيناريو تخيلي» ارتبط بتجارب عدد من الأبطال المصريين في لعبة رفع الأثقال، وذلك خلال السنوات القليلة الماضية، والتي قرر فيها حسونة تمثيل العنابي.
اعتزال مبكر
أهلًا بكم أصدقائي، أنا فارس حسونة لاعب منتخب مصر لرفع الأثقال، والمتوج للتو بذهبية بطولة العالم، ولكني الآن أعاني من إصابة تعرضت لها خلال معسكر المنتخب الوطني استعدادًا للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في ريو دي جانيرو 2016، والتي اختلف الأطباء في تشخيصها حتى الآن.
على مدى الشهور الماضية حاولت التواصل مع اتحاد رفع الأثقال المصري من أجل بحث سبل توفير العلاج لي، ولكن دون جدوى. رغم حصولي على وعود كثيرة من قبل وزارة الشباب والرياضة بتخصيص الدعم المناسب للعلاج، ولكن مرت الشهور وما زلت مصابًا ولا أقدر على التدريب.
لم يشفع لي سجلي الحافل على مدى السنوات التي قضيتها في اللعبة عند مسئولي الاتحاد، لم يحاولوا التواصل معي من الأساس، وحاولوا قتل مسيرتي مع الحديد، بعد إنجازات قارية وعربية وعالمية، وبالفعل نجحوا في إجباري على الاعتزال المبكر، رغم القرار الصعب، لكن لم يكن لديَّ أي خيار آخر.
رسوب دراسي
أثناء وجودي في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو 2016، وفي الوقت الذي استطعت فيه خطف الميدالية البرونزية، لأصبح من ضمن 3 ميداليات فقط فازت بها البعثة المصرية في الدورة، تفاجأ أخي بوصول إخطار إلى المنزل يفيد بأني حصلت على «صفر» في جميع امتحانات الثانوية العامة.
عكرت تلك الصدمة صفو سعادتي بالميدالية الأولمبية، رغم الوعود التي حصلت عليها مسبقًا بإمكانية تأجيل الامتحانات لتزامنها مع الأولمبياد، ولكن كلها وعود لم تسمن ولم تغنِ من جوع؛ إذ توجب عليَّ الانتظار لعام دراسي آخر، من أجل إتمام الشهادة الثانوية.
لم أرَ أسرتي منذ 4 أشهر تقريبًا بسبب الاستعدادات المكثفة للدورة الأولمبية، وعانيت على مدى السنوات الماضية في التنقل من بطولة إلى أخرى من أجل حصد الميداليات ولأرفع علم بلدي عاليًا، واعتقدت أن أزمة الامتحانات ستُحل بالفعل، سواء بعقد لجنة خاصة في البرازيل أو تأجيلها بضعة أشهر، ولكن لم يحدث شيء في النهاية.
ذلك العام الذي قضيته في المنزل، من عبور تلك المرحلة الفاصلة في مسيرتي التعليمية، أثرت على أرقامي كثيرًا، حيث عدت إلى المنافسات من خلال بطولة البحر المتوسط، وحملت أوزانًا أقل بفارق كبير عن تلك الأوزان التي حققتها في ريو، والتي كان من المفترض أن تزيد بعد الدورة الأولمبية.
أزمة منشطات
أنا حزين للغاية، لقد حُرم الاتحاد المصري لرفع الأثقال من المشاركة في البطولات العالمية لمدة عامين، بسبب ظهور عينات إيجابية على عدد من لاعبي البعثة المصرية المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية في المغرب، ذلك القرار الذي تأثرت به سلبًا رغم كوني غير متورط فيه بأي حال من الأحوال.
لقد تسبب المدرب في تلك الأزمة بعد إعطاء اللاعبين المكملات الغذائية التي أظهرت عيناتهم الإيجابية، حتى إن رفض مسئولو الاتحاد الاعتراف بذلك، فنتيجة الأمر واحدة في رأيي، سنهدر عامين من سنواتنا مع الرياضة، وستتأثر أرقامنا طوال تلك الفترة، لأننا لن نلقى الدعم اللازم أو مواصلة التدريبات في الوقت الحالي.
يتحدث البعض عن محاولات من أجل إرجاع الاتحاد الدولي عن قراره، ولكن كل ذلك لا يهمني، لديَّ أزمات مالية بعد انقطاع راتبي الذي أتقاضاه من المنتخب، بالإضافة إلى عدم توافر أي دخل يعيني على تحمل مسئوليات الحياة، لا أريد أن أتخلى عن حلمي وأعلن الاعتزال الآن، ولكن الظروف تشير إلى ذلك.
ضياع الحلم
لقد انتهيت للتو من مشاهدة منافسات وزني في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، والتي كانت بمثابة حلم قريب بالنسبة إليَّ، لحظات لم أتمالك فيها نفسي، ووددت لو أطير إلى اليابان الآن من أجل المنافسة، نعم أنا على ثقة في أنني أستطيع الظفر بميدالية، لقد تفوقت على هؤلاء من قبل، وأعرف كيف أتفوق عليهم مجددًا.
بعد انتهاء المنافسات وصدور جدول ترتيب اللاعبين رجعت بذاكرتي قليلًا إلى الوراء، ماذا لو كنت هناك؟ ميدالية مضمونة أم رقم أولمبي جديد أم عزف النشيد الوطني لأول مرة منذ كرم جابر 2004، أفكار وراء أفكار مرت على عقلي، لدرجة أنني لم أستطع استيعابها مرة واحدة، واضطررت إلى غلق التلفاز.
لا أخفي عليكم سرًّا أصدقائي، لقد راودتني فكرة الهروب من هذا المناخ، لقد تساءلت بالفعل: ماذا لو كنت قبلت عرض التجنيس الذي وصلني منذ سنوات؟ هل كنت سأشاهد هذه المباراة من أريكة منزلي أيضًا أم كنت سأقف على منصات التتويج؟
أكثر ما يؤرقني في تلك الفكرة، هو الوقوف لعزف نشيد لم أعتده، ولم أعرفه من قبل، ولكن على جانب آخر، كنت سأحمل الذهب الذي سعيت إليه طويلًا ولم تجعله الظروف يسعى إليَّ حتى الآن.