إبراهيم حسن: الرجل الذي صنع أسطورة حسام حسن
الحقيقة أن حسام حسن لم يطلق أي تصريح يفيد التقليل من موسيماني أو توجيه اللوم لإدارة الأهلي لاختيار مدرب من جنوب أفريقيا لقيادة الفريق. كل ما تحدث عنه الرجل هو أن هوية الأهلي المعروفة لم تظهر مع موسيماني بعد. لهذا نفى حسام الأمر بشكل واضح، لكن الأمر لم يتوقف هنا حيث ظهر فجأة صوت يبدو بعيدًا عن كادر الكاميرا لكنه قريب من صوت حسام دون شك.
تحركت الكاميرا لتلتقط الطرف الآخر من معادلة التوأم التاريخية إبراهيم حسن يصيح في الجميع: «إذا تم تعيين عم حارث كمدرب للأهلي سيفوز بالدوري والأهلي كان سيئًا في المباريات الماضية وكان سيئًا في مباريات أفريقيا أيضًا فلماذا الحديث الآن؟»
خمن ماذا؟ إبراهيم نفسه هو صاحب التصريح الذي يقصده الصحفي أيضًا.
إذا حاولت تفسير سبب تصريحات إبراهيم من الأساس فهي محاولة للتأكيد أن هناك مدربين مصريين أكفاء وعلى رأسهم حسام حسن بالطبع، أما عن اندفاع إبراهيم للحديث أثناء المؤتمر فهي محاولة أخرى للتأكيد أن هزيمة حسام بفضل إمكانات الأهلي وليس موسيماني.
حسنًا، هذا المشهد يبدو مكررًا في علاقة التوأم بعضهما البعض وعلاقتهما بالجميع في المقابل. أحاديث أحدهما تحسب على شقيقه بالضرورة، يحاول أحدهما تدارك الأمر لكن دون تقليل من الآخر أبدًا.
إذا قدر لأحد منهما أن يقف في منتصف بقعة الضوء فالآخر سيستميت ألا تتزحزح بقعة الضوء تلك عن توأمه، لأنهما يدركان جيدًا أن مصيرهما واحدًا.
كان لحسام حسن دون شك النصيب الأكبر من بقعة الضوء، لذا كان الدور الأصعب من نصيب إبراهيم حسن. ربما لهذا يعتقد البعض أن حسام هو العقل وإبراهيم هو العضلات كما يقال لكن المتتبع الجيد لمسيرة التوأم يدرك أنهما قررا تبادل الأدوار طبقًا للظروف المحيطة. ونفس تلك الظروف أجبرت إبراهيم أن يلعب دورًا محددًا لكنه كان ذكيًا ومخلصًا في تقبل هذا الدور.
ولأن إبراهيم حسن كان دوره أكثر تعقيدًا فربما محاولة تتبع مسيرة الرجل يشرح لنا الكثير من شكل علاقة التوأم.
أسطورة التوأم حسن التنافسي المجنون
تدرج التوأم حسن في قطاع ناشئي النادي الأهلي بشكل منطقي، لكن المثير أن إبراهيم حسن كان يلعب كرأس حربة بينما يلعب حسام حسن كجناح أيمن. تبدو تلك المعلومة غير معروفة للكثيرين والسبب أنها تثير ضيق حسام والذي ربما يريد تأصيل فكرة أنه مهاجم منذ ولادته.
وصل التوأم لفريق تحت 17 سنة وأصبح حسام حسن رأس حربة وإبراهيم ظهير أيمن. يعتقد البعض أن حسام لمع قبل أخيه والدليل مشاركته في مباراة ناشئي الأهلي ضد نجوم الزمالك الشهيرة عام 1985، لكن الحقيقة أن إبراهيم شارك قبل حسام عندما حل بديلًا وهو في السابعة عشر ليراقب العظيم عماد سليمان نجم نادي الإسماعيلي آنذاك في قلب الإسماعيلية وأبلى إبراهيم بلاء حسنًا.
تأخر إبراهيم في الظهور كلاعب أساسي في الأهلي بسبب كسر في الفك لكن الثابت أن التوأم كانا مميزين بشكل واضح. ربما نال حسام الإشادة المستحقة من الجميع كونه مهاجمًا صريحًا، لكن إبراهيم لم يكن يومًا ظهيرًا عاديًا بل إن معظم من عاصر التوأم يؤكد أن إبراهيم حسن هو أفضل ظهير أيمن أنجبته الكرة المصرية دون شك.
يدرك حسام حسن جيدًا أن إبراهيم هو جزء هام من تكوينه، إذا كنت تكره الخسارة حد الجنون وتملك من الغل الكروي ما يسمح لك بمعاداة الجميع من أجل الفوز بمباراة تجريبية أو تقسيمة خلال تمرين، فمن المؤكد أنك ستصير رجلًا غريب الأطوار في غضون شهور. فقط شيء وحيد ربما يهون عليك الأمر: وهو ألا تكون وحيدًا في ذلك.
كان التوأم يتمتعان بنفس الروح والقدرة على إحداث الفارق. يحكي أحمد شوبير أنهما في إحدى مباريات التدريب لعبا ضد بعضهما البعض واختلفا فكانت العاصفة حيث إن الثنائي لا يريد أن يعترف أنه خسر أبدًا. وإذا دققت النظر ستتأكد أن الثنائي حتمًا يختلفان فيما بينهما لكن دون أن يظهر ذلك.
تبادل الأدوار وخلافات للنجاح
لا يتفق التوأم إلى الآن من منهما أكبر من الثاني. لا أحد يعرف حقيقة الأمر بالطبع سوى الأم، والمثير هنا أن الأم ولأنها تدرك حقيقة ولديها جيدًا كانت تخبر كل واحد أنه الأكبر. يتفاخر إبراهيم أنه قائد للأهلي قبل حسام حسن، فيرد حسام أنه قائد لمنتخب مصر قبل إبراهيم.
إذا تابعت أي لقاء للتوأم سويًا ستتأكد أنهما حتى يختلفان في سرد الحدث الواحد. يستمع أحدهما للآخر جيدًا فيشعر أنه ربما لم يكن واضحًا بما فيه الكفاية أو ربما كان متهورًا بعض الشيء فيقاطعه ويعيد سرد الحديث بشكل أفضل وهكذا.
هذا هو نوع الخلاف بينهما، يتنافسان سويًا من أجل مصلحة التوأم ويختلفان من أجل مصلحة التوأم وكان الأمر مماثلًا داخل الملعب أيضًا.
يتم إيقاف إبراهيم حسن في الأهلي فيسجل حسام ويخلع القميص ليظهر رقم أخيه للجميع. يرحلان عن الأهلي إلى الزمالك ويسجل حسام في مرمى الأهلي في نفس الموسم ويبكي لكن إبراهيم يركض نحو الجماهير ليؤكد لهم أن حسام حسن هو المهاجم الأول في مصر رغمًا عن الجميع.
يبدو هذا الارتباط منطقيًا كونهما توأم خاصة إذا عرفت أن والدهما توفي وهما في عمر الثانية عشر، وأنهما مرتبطان بوالدتهما بشكل شديد حتى أنهما وحتى سن الخامسة والعشرين اعتادا أن يناما جوارها دون خجل.
لكن ما يميز هذا الارتباط أنه كان ارتباطً واعيًا جدًا، طالما أن المصير واحد فيجب أن يشد أحدهما الآخر إذا وقع. لكن إبراهيم حسن مع الوقت بدأ يفقد ميزة تبادل الأدوار تلك.
حسام الأسطورة: من قال غير ذلك؟
خفت نجم إبراهيم حسن مع الوقت دون شك ولم يستطع أن يحافظ على مستواه المميز مثل حسام، وهنا بدأ شكل العلاقة التي ربما أصبحت مترسخة في ذهن الناس إلى الآن. يقال إن سبب رحيل التوأم عن الأهلي هو محاولة التجديد لحسام حسن فقط دون أخيه وهو ما ينكره حسام نفسه، لكن تلك المقولة تلخص ما كان يشعر به الناس حينئذ.
كانت الجماهير تعتقد ببساطة أن حسام يستطيع أن يستمر في الأهلي لعدة سنوات لكن في المقابل لا يملك إبراهيم نفس الفرصة. بعيدًا عن صحة الأمر لكن من المؤكد أن تلك كانت لحظة فارقة في مسيرة التوأم.
يدرك حسام حسن أنه مهاجم أسطوري وأنه قادر على حمل أخيه إذا تعثر حتى وإن كان ذلك خارج اسوار الأهلي. وفي المقابل فهم إبراهيم أن مسألة تبادل أدوار الدفاع والهجوم تلك بدأت تختل مع الوقت. حسام حسن الآن هو القادر على استمرار اسم التوأم بشكل أكثر تأثيرًا ولذا ارتضى إبراهيم بموقف المدافع الأبدي عن الأسطورة حسام حسن.
مع الوقت بدأت أسطورة الهداف حسام حسن تغطي على أسطورة التوأم ومع الوقت أصبح الحديث عن حسام المدرب الذي لا ينال التقدير المستحق بسبب الخلاف مع الأهلي يطغى على فكرة إبراهيم حسن الظهير الأيمن المثالي الذي طاله النسيان رغم أهميته. لكن طوال هذا الوقت لم يحاول إبراهيم أبدًا أن يدخل في معركة خاصة، المعركة دومًا هي معركة التوأم وإذا فاز حسام بالمعركة فحتمًا إبراهيم سيخرج فائزًا.
ارتضى إبراهيم بالدور الصعب لكي تستمر أسطورة التوأم حتى وإن إختزلها البعض في شكل حسام حسن. ارتضى أن يخرج من كادر الكاميرا تمامًا ولا يتدخل إلا ليصرخ في الجميع أن حسام حسن هو الأفضل حتى إذا تطلب ذلك أن يقول ما لا يقتنع به، مثل أن عم حارث يستطيع أن يفوز بالدوري إذا درب الأهلي.