كيف ستحسم إسرائيل حربها القادمة ضد حزب الله؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
تجمع السكان المحليون في بلدة شلومو الشمالية الأسبوع الماضي من أجل حدث خاص لتكريم اللواء 300، وهي الوحدة العسكرية التي حفظت أمن الجزء الغربي من الحدود مع لبنان لمدة 42 عامًا.صعد القادة المتقاعدون واحدًا تلو الآخر إلى مواجهة الميكروفون وأبهجوا صغار الجنود بالحكايات من مختلف فترات تاريخ المنطقة، والأحداث التي لن ينساها أحد؛ كمذبحة باص مدرسة «أفيفيم»، ومذبحة مدرسة «معلوت»، وهجوم الطريق الساحلي السريع، ومقتل أعضاء عائلة هاران في نهاريا، والندوب الأخرى التي حُفرت وسط المناظر الخلابة بغرب الخليل.
هناك شعور بأن السكان الإسرائيليين بالشمال يُجبرون على دفع ثمن قرارهم بالاستقرار هناك، ولكن الأمر لم يكن دائمًا كذلك.منذ «حرب الاستقلال» حتى السبعينيات، كانت لبنان الجارة الأقل تهديدًا، حيث اعتُبرت «الدولة الهادئة» في الشمال.كما سرت نكتة في تلك الفترة تقول إنه إن اضطررنا للهرب، سيغزو الجيش الإسرائيلي سوريا، بينما ستحتل أوركسترا الجيش الإسرائيلي لبنان.إلا أنه منذ عام 1970، العام الذي تعرضت فيه «المنظمات الإرهابية الفلسطينية» للطرد من الأردن، ومن ثَمَّ انتقلت إلى لبنان، تحولت بلاد الأرز من جارٍ غير مؤذٍ إلى ملاذ آمن للإرهاب. واليوم، تحتضن لبنان التهديد العسكري الأقوى لإسرائيل.يقول البعض إن حزب الله أشبه بقطة صغيرة قد تخدشك أحيانًا، ولكن ببطء، تتحول تدريجيًا لتصبح نمرًا مفترسًا.تتفاخر المنظمة اليوم بـ 41 ألف مقاتل ضمن صفوف المجندين والاحتياطيين التابعين لها. اكتسب العديد منهم الخبرات القتالية في سوريا. كما أن الإمكانات العسكرية التي يمتلكها حزب الله تتخطى نسبة 95% من الإمكانات العسكرية لأي جيش نظامي في العالم.ويخطئ كثيرون منا حين يشيرون إليه بوصفه «منظمة إرهابية». فمن وجهة نظر أخلاقية، يعتبر ذلك الوصف صحيحًا. ولكن من وجهة نظر احترافية، لا يُعد ذلك الوصف دقيقًا.
بالفعل لدى حزب الله القدرة على إمطار إسرائيل بآلاف الصواريخ والقذائف في يوم واحد، كما يمكنه إرسال عدد كافٍ من القوات البرية للسيطرة على البلدات المتاخمة للسياج الحدودي، ما يجعله جيشًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.لا أقصد بتلك الكلمات بث الخوف، فاحتمالية أن يتمكن حزب الله من تجسيد هذه القوة وشن حرب ضد إسرائيل مستبعدة. فالمنظمة مُجهَدة من وجهة النظر الإستراتيجية؛ مجهدة لدرجة أنها لا تستطيع تحمل إطلاق النار، ناهيك عن بدء أعمال عدائية ضدنا.يعتبر العقد الماضي العقد الأكثر هدوءًا في الجليل، بالمقارنة بالأعوام الأربعين الماضية بالتأكيد. ويبدو واضحًا على نحو متزايد أن «الحرب الأهلية السورية» لن تنتهي قريبًا. ما يعني أن حزب الله لا يمتلك رفاهية بدء مشكلات في الشمال.عند إلقاء نظرة متأخرة على الحرب اللبنانية الثانية نجد أنها كانت مختلفة تمامًا. فالزمن لم يخفف من خطورة الإخفاقات التي كُشف النقاب عنها في تلك الفترة، بما في ذلك القيادة السياسية والعسكرية التائهة. ومع ذلك، جلبت الحرب هدوءًا غير مسبوق إلى الشمال. فلم يكن الردع ضد حزب الله أكثر فاعلية من الآن.وبعد عقد، يبدو حزب الله بالفعل أكثر قوة من ذي قبل، لكن لديه رغبة ضعيفة للغاية – على الأقل خلال الفترة الحالية – لدخول حرب جديدة ضد إسرائيل، والتي ستجلب الدمار إلى لبنان بشكل خاص.يستمر حزب الله في تعزيز تسليحه وقوته، ويتساءل عديدون حول إن كان يتم حفر أنفاق للهجوم تحت أراضينا في الشمال، مثلما يحدث من جانب غزة. والإجابة، كما يتضح، لا، ولكن ذلك ليس مريحًا للغاية. فالحدود المتعرجة التي تفصل بين إسرائيل ولبنان تجعل الأنفاق غير ضرورية.يمكن افتراض أن حزب الله لديه القدرة على تحريك كتيبة من المقاتلين إلى داخل إسرائيل عبر الشجيرات الكثيفة الممتدة بطول الخط الحدودي دون أن يلاحظهم أحد. وهو ما يشير إليه الجيش الإسرائيلي حين يتحدث عن «2500 نفق فوق الأرض» تجعلها الحدود المتعرجة المغطاة بالنباتات متاحة، وتوفر الغطاء لحزب الله.بينما تحدث القادة المتقاعدون حول كيفية التعامل عسكريًا مع التسللات الحدودية خلال السنوات التي لم يتواجد بها سياج حدودي، لم يعد الجيش الإسرائيلي اليوم يكتفي بالسياج ووسائل الردع.بدلًا من ذلك، يُجري الجيش تغييرات مادية وجيولوجية بالمشهد، حيث يُقيم مشروعات هندسية عملاقة بهدف نحت منحدرات جديدة قرب البلدات الحدودية، ما سيصعّب على حزب الله تحضير مفاجأة.كذلك طور الجيش الإسرائيلي طائراته الحربية، وتخلّص من خططه السابقة المنطوية على محاولة كبح إطلاق الصواريخ عبر مطاردة مطلقيها دون جدوى. وبدلًا من ذلك، جهز الجيش خططًا تهدف إلى إنهاء الحرب في الشمال على نحو سريع وحاسم.وفق كتاب «عوفير شيله»، «شجاعة الانتصار»، لم يعد الجيش الإسرائيلي راضيًا بمجرد الاعتماد على النموذج الثنائي، الذي يطرح خيارين؛ إما اجتياح الأراضي أو شن حرب استنزاف طويلة وممتدة بطول الحدود.بطول الساحة الفاصلة بين هذين الخيارين، يقول الجيش إنه قد توصل إلى أساليب وخطوات يفترض أنها ستحقق نهاية سريعة للقتال، وبنتائج تصب في أغلبها لصالحنا.
كثيرًا ما قال «جابي أشكينازي»، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، إن مسئولياته تتضمن عدم طرح سؤال حول هوية المنتصر في الحرب القادمة. وهي ذات الروح التي تخللت الخطط التي رسمها سابقه، «جادي أيزنكوت».لا تظهر كلمة «انتصار» هنا، ولكنها تصف بوضوح الحاجة إلى تسجيل «انتصار مدوٍّ»، الانتصار الذي يتردد صداه طويلًا بعد حدوثه، لدرجة عدم طرح احتمالية حدوث جولة جديدة من القتال.تُعِد القيادة العليا للجيش الإسرائيلي عددًا من المفاجآت لحزب الله. وستكون الحرب القادمة حربًا قاسية ومؤلمة، وتتعلق الآمال بأنها لن تحدث من الأساس، ولكن إن حدثت، فمن المفترض أن تحمل نهاية مختلفة تمامًا عن سابقاتها.