رؤية من الداخل: كيف سيكون جيش إسرائيل عام 2048؟
خصصت مجلة «معارك» التي يصدرها الجيش الإسرائيلي عددها رقم 477 لشهر أبريل/ نيسان 2018 للحديث عن الجيش الإسرائيلي عام 2048، أي بعد مرور مائة عام على قيام الدولة، ومن تأسيس جيشها كجيش نظامي، قام على أكتاف عدد من الميلشيات والعصابات اليهودية المسلحة التي كانت موجودة في فلسطين قبل الإعلان عن قيام (دولة) إسرائيل.
اشتمل العدد على مجموعة مقالات لكبار قادة الجيش سواء الحاليين أو السابقين وعدد من الضباط المؤثرين بداخله، ترسم خطوطًا عريضة عن صورة الجيش في مئويته وكيفية مواجهته للتحديات المستقبلية، سواء على المستوى التقني أو التكنولوجي أو التنفيذي أو الاستخباراتي. كذلك التحديات التي تواجه الأذرع الرئيسية للجيش الإسرائيلي، وكيفية التخطيط لتطويرها، وقبل كل ذلك الحديث بالتفصيل عن شكل «المعركة المستقبلية» التي تنتظر إسرائيل خوضها.
يستهل العدد بمقدمة لمحرره اللواء متقاعد عيدي ليرنر يقول فيها: «إنه في 25 مارس عام 1948 أرسل اللواء الأول في الجيش الإسرائيلي دافيد ماركوس مذكرة لرئيس الوزراء ولقائد القيادة الإقليمية للجيش اللواء إسرائيل جليلي، قال فيها إن التفوق الكمي ليس من شأنه وضع الجيش في وضع دفاعي جيد، فالزيادة العددية للعدو يمكن التغلب عليها بطرق منهجية وتكنولوجية ومن خلال الروح القتالية»، ويضيف ليرنر أنه من حينها والجيش يعتمد على التفوق الكيفي في مواجهة جيوش العدو.
لمحة تاريخية
يرجع الفضل في بناء الجيش الإسرائيلي لـ دافيد ماركوس، اللواء الأول بجيش الدفاع الإسرائيلي، الأمريكي الأصل والذي خدم في هذا الجيش فقط لـ 12 أسبوع. بدأت أولى مساهماته في تطوير النواة الأولى في الجيش الإسرائيلي في اختصاره الدورة التدريبية التي كان الضباط الملتحقون بالجيش يحصلون عليها من شهرين إلى شهر واحد، وانتدب لإدارتها ضابطًا بريطانيًا اسمه «حاييم لاسكوب».
كان لهذه الدورة أثر كبير في تطوير الأسس القتالية، للكثير من ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي في مواجهتهم للجيوش العربية في حرب 1948، لاسيما وأن هذه الدورة اشتملت على الكثير من دروس الحرب العالمية الثانية التي تعلمها الجيش البريطاني، ومن ثم اعتمد بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، توصية من ماركوس بإدخال هذه الدورة ضمن الدورات الأساسية للمدرسة العسكرية لسلاحي المشاة والمدرعات.
ومع نشوب حرب عام 1948 كانت المشكلة الأساسية التي واجهت الجيش الإسرائيلي هي الحصار الذي فرضه الجيش الأردني على القدس، وطلب بن جوريون من ماركوس تقديم مقترحات عاجلة لاحتلال الطريق المؤدي للقدس والقرى المجاروة لها، وبالفعل قدم ماركوس حلا مكونا من خمسة إجراءات وهي:
1. تدعيم القوات المحيطة بالقدس باثنين من الكتائب الخاصة في المناطق الجبلية شرقي القدس، لمنع استمرار سيطرة القوات العربية عليها.
2. قوات العدو تمتلك 4 مدافع 75 ملم، وبالتالي يجب امتلاك مدافع قتالية لمدى مشابه يصل إلى 65 ملم، هدفها إلحاق ضرر مباشر بمدافع العدو من مسافات قصيرة، وليست هناك ضرورة لمدافع ثقيلة أو ذات مدى بعيد.
3. تسليح المجندين براجمات هاون وقذائف مضادة للدبابات.
4. التأكد من صلاحية الطرق لمرور قوات الجيش وعدم تدميرها من قبل العدو، وبالتالي الحاجة لقوات مدرعات هندسية.
5. سَرِية انقضاض عسكرية تقوم بتدمير أي مدرعة تابعة للعدو عند مدخل الطريق المؤدي للقدس.
وكان إسهام ماركوس الأساسي في التخطيط للجيش الإسرائيلي وبلورة عقيدته هو اعتبار القدس الجبهة العسكرية الرئيسية من بين الجبهات القتالية الأخرى في كامل الأراضي الفلسطينية، لاسيما بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل عام 1948 وخسارة الجيوش العربية للحرب، إذ أنشأ بالجيش الإسرائيلي كتيبة كاملة مختصة بجبهة القدس.
كما تقرر كذلك بتوصية من ماركوس إنشاء قيادة عليا لقيادة كل وحدات وقيادات الجيش، يكون بيدها جميع القرارات المصيرية، ويكون بإمكانها تنفيذ أهداف عملياتية واضحة ومباشرة، بشكل مكن من كسر الحصار العسكري الأردني للمدينة آنذاك. وأعطى حرية أكبر الجيش الإسرائيلي للحركة بالقرب من المدينة وداخل ضواحيها.
الجيش الإسرائيلي في مئويته
جنود الاحتلال في مهمة تدريبية (صورة أرشيفية)
يتصدر عدد المجلة مقال مهم للقائد الحالي لأركان الجيش الإسرائيلي الفريق جادي آيزنكوت، بعنوان «جيش الدفاع الإسرائيلي لدولة ذات مائة عام»، يستعرض فيه في البداية تاريخ الجيش الإسرائيلي منذ نشأته لاسيما تاريخ التجنيد فيه والذي تحول من تجنيد تطوعي إلى تجنيد إلزامي، ودخلت فيه شرائح طائفية واجتماعية لم تكن تجند فيه، كـ المتدينين اليهود.
كما يشير آيزنكوت إلى المتغيرات العالمية التي طرأت في السنوات الأخيرة لاسيما في الشرق الأوسط، والتي جعلت من الصعب توقع شكل وطبيعة المعارك المستقبلية المتوقع أن يخوضها الجيش الإسرائيلي حتى عام 2048. وضع آيزنكوت ثلاثة محددات في ضوئها يمكن رسم مستقبل الساحة القتالية التي من الممكن أن يخوض فيها الجيش الإسرائيلي معاركه مستقبلًا، وهي كالتالي:
البيئة الدولية، الوضع الجيوبولوتيكي، التطور التكنولوجي، طبيعة العدو المستقبلي، التوجهات الداخلية في الجيش الإسرائيلي، كعلاقة الجيش بالمجتمع، والقيم العسكرية، والتحولات الديموجرافية. وخلص آيزنكوت إلى عشرة محددات يمكن في ضوئها رسم صورة الجيش الإسرائيلي عام 2048، وهي:
1. بقاء القيم العليا للجيش كما هي، وبقاؤه رمزا وأداة للدفاع عن الدولة وتوفير الأمن لمواطنيها وتحقيق النصر في أي حرب.
2. بقاء الجيش متفوقًا كيفيًا على بقية جيوش المنطقة وصاحب قدرات قتالية تنفيذية عالية.
3. بقاء قيمة تدريب المواطنين بالجيش كقيمة وازنة لرسم صورة الجيش الشعبي/ الرسمي صاحب المهارات القتالية العالية.
4. تزايد توجهات تجنيد الشباب مع الحفاظ على قيمة تقدير العامل البشري كقيمة عليا داخل الجيش، والإعلاء من قيمة الالتحاق بالخدمة العسكرية بين الشباب.
5. الإبقاء على أهمية القوات البرية من بين قوات الجيش، وتطوير قدراتها الهجومية بما يتناسب مع التحديات المستقبلية.
6. تطوير القدرات البحرية والجوية للجيش والتنسيق فيما بينهما.
7. تطوير القدرات الاستخباراتية والتكنولوجية التنفيذية من خلال تطوير استخدام العنصر البشري في المنظومة الاستخباراتية العسكرية.
8. امتلاك قدرات شبكية قوية، وتطوير قدرات حرب السايبر الإسرائيلية بشكل يساعدها في خوض ما يعرف بـ «الحرب الرابعة».
9. إدخال تعديلات على العقيدة القتالية للجيش تتناسب مع إمكانية امتلاك دول شرق أوسطية لأسلحة دمار شامل، بمعنى بلورة نظرية قتالية (هجومية/ دفاعية) تتلاءم مع هذا التحدي العسكري المحتمل بقوة.
10. توظيف الجيش بشكل يفيد المستوى السياسي في إسرائيل لإقامة علاقات جيرة حسنة مع دول وشعوب المنطقة المحيطة بإسرائيل، يدفعها للتسليم بوجود إسرائيل كدولة قوية وصاحبة قدرات عسكرية لا يمكن التغلب عليها.
الأسطول البحري كسلاح استراتيجي عام 2048
«من الخدمة البحرية إلى ذراع استراتيجية»، مقال آخر يتحدث عن أن تطور التكنولوجيا الهائل في السنوات القليلة الماضية من شأنه أن يزيد من التحديات العسكرية البحرية التي تواجه إسرائيل.
يشير إلى مستخلصات مؤتمر دولي حول الصناعات العسكرية أقيم عام 2017 بالولايات المتحدة بعنوان Mad Scientist، والذي أشار إلى عدة أمور إذا حققتها أية دولة عسكريًا، لاسيما في مجال البحر، فمن الممكن أن تمتلك قدرات تكنولوجية عسكرية بحرية قوية حتى عام 2050، وهي:
1. سلاح الطاقة ( ليزر و –RF) وهو سلاح فتاك يقوم بالتفجير عن بعد.
2. تفعيل الروبوتات، والتي تستخدم عن بعد وذات بنية تكنولوجية متطورة.
3. المدافع الإلكترو-مغناطيسية والتي تقوم بإطلاق القذائف مغناطيسيًا بدلًا من إحداث تفجير كيماوي بشكل أسرع ولمسافات أطول.
4. الحركية المتقدمة، وذلك من خلال تطوير سرعات الأسلحة البحرية وتحسين مدى دقتها.
5. البيولوجيا الاصطناعية، من خلال الهندسة الجينية وملاءمتها مع أجسام بيولوجية.
6. الطاقة المتقدمة، استخدام طاقة حديثة بشكل تكنولوجي.
7. استخدام قدرات شبكية وما يعرف بـ «إنترنت الأشياء -Internet of things».
يخلص المقال إلى أن بناء جيش الأسطول البحري الإسرائيلي مثلما أقيم عام 1948 لا يمكنه أن يحقق الأمن البحري لإسرائيل مستقبلًا، لاسيما في ظل تزايد التهديدات البحرية، وبالتالي فإن زيادة استخدام التكنولوجيا في الوسائل البحرية العسكرية بات أمرًا ضروريًا حتى يتطور السلاح كذراع استراتيجية طولى لإسرائيل يمكنها أن تضرب بها في أي مكان، بشكل يبلور من القدرات الاستراتيجية لدولة إسرائيل.
حرب المدن
يبدو التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل في حرب المدن (النمط الذي يواجه القوات البرية الإسرائيلية) هو تغير شكل المواجهة من مواجهة جيوش نظامية إلى مواجهة منظمات عسكرية تأخذ شكل ميلشيات وجماعات إرهابية مسلحة، وهو التغير الذي مثل ميزة نسبية لدى هذه الجماعات المعادية لإسرائيل، والتي أخذ هجومها على إسرائيل ثلاثة أشكال أساسية، وهي:
1. تبني فكرة الهجوم في قلب إسرائيل بواسطة صواريخ (أرض – أرض) بهدف استنزاف إسرائيل عسكريًا وأمنيًا.
2. التخلي عن فكرة احتلال أراض تابعة لإسرائيل، وتفضيل الدخول في معارك دفاعية تهدف إلى سحق القوات البرية الإسرائيلية من خلال الاعتماد على خطط عسكرية دفاعية عميقة.
3. الحرب في مناطق مأهولة بالسكان لتحييد التفوق العسكري الإسرائيلي واستخدام المدنيين كدروع بشرية لممارسة ضغوط دولية على إسرائيل.
وفي ضوء ما سبق، يقول المحللون العسكريون إنه لم يعد هناك أهمية لاجتياج إسرائيلي بري عسكري لمدن مأهولة بالسكان، لاسيما في ظل التزايد الديموجرافي، فعلى سبيل المثال في عام 2050 من المتوقع أن يصل عدد سكان لبنان إلى 5.5 مليون شخص معظمهم يسكنون المدن الكبيرة، وذلك بسبب تزايد استيعاب لبنان لأعداد كبيرة من اللاجئين سواء الفلسطينيين أو السوريين، وبالتالي فإن أي حرب من المتوقع أن تخوضها إسرائيل غالبًا ستكون وسط مناطق مأهولة بكثافات سكانية عالية، وهو ما يزيد من التحدي العكسري لقواتها البرية، لاسيما في ظل تزايد التهديد الصاورخي المضاد لقوات إسرائيل انطلاقًا من مناطق سكانية حيوية.
كذلك فإنه من المتوقع أن يظهر لإسرائيل تحد آخر يتعلق بالتهديدات (تحت الأرضية) العسكرية، يتيح للعدو إمكانية التحرك بسهولة وخفاء داخل المناطق المأهولة بالسكان، والظهور فجأة بمناطق ذات أهمية تكتيكية بالنسبة لجيش إسرائيل وفي نفس الوقت يتيح له فرصة توفير (ملجأ) آمن في وقت الحاجة، وللأسلحة التي يستخدمها لاسيما راجمات الصواريخ، فالمدينة ستمثل مجالًا فعالًا ومؤثرًا في ساحات القتال البرية ضد الجيش الإسرائيلي مستقبلًا، سواء تحت الأرض أو فوقها.
وللتغلب على هذا التحدي يطرح محللون عدة نظريات ممكنة مستقبلًا، على رأسها نظرية (السحق) والتي تقول بتوجيه ضربات نارية قوية ومكثفة ضد المدن المراد الحرب فيها لتحييد القوة العسكرية بها، وهي النظرية التي تحتاج لمعلومات استخباراتية دقيقية واستخدام الهجمات النارية بشكل دقيق ومركز.
ونظريات أخرى كـ الاستخبارات الوقتية، وذلك لاستخدامها وقت الحاجة لقطع النسيج البشري داخل المدينة المراد استهدافها وبشكل يؤمن تحركات القوات البرية وتحسين طريقة استخدام الهجمات النارية. إضافة إلى نظرية استخدام النيران بشكل متزامن ومتنوع، مثلما استخدم الجيش الإسرائيلي ضد غزة عدة مرات، إذ وجه ضربات صاروخية محسوبة ضد مدن القطاع تقوم على حسابات دقيقة حول مدى فعاليتها وتأثيرها وتمكنها من تحييد القوة العسكرية للعدو.
وكذا نظرية الهندسة والتي تعتمد على القتال التكتيكي سواء تحت الأرض أو فوقها بهدف تقليل أو عرقلة العدو داخل الساحة القتالية وإحداث مسارات تحرك جديدة ومبتكرة للجيش الإسرائيلي، علاوة على توفير حماية للقوات الإسرائيلية من العبوات الأرضية الناسفة والمباني الملغومة. ونظرية تحييد تهديدات ما تحت الأرض من خلال توفير المعدات اللازمة للقتال تحت الأرض في مناطق مأهولة بالسكان.
الدفاع الجوي (الروبوتي)
أما عن حالة الدفاع الجوي الإسرائيلي عام 2048، فتشير مقالة إلى أن التهديد الجوي سيكون هو التهديد المركزي الذي سيواجه إسرائيل في مواجهتها العسكرية المستقبلية، ومن المتوقع أن يأخذ مفهوم الدفاع الجوي شكلًا (روبوتيًا)، يمكنه تحييد أي تهديد سواء استراتيجي أو تكتيكي على إسرائيل.
وتشير الدراسة إلى أننا (الإسرائيليين) أصبحنا نعيش في عالم متغير ينتظر ظهور ما يسمى بـ (القوة الثالثة) في ظل غياب القوى العالمية الكبرى وهما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وأن الحدود الإقليمية تتلاشى وهناك بعض القوى الإقليمية الآخذة في الظهور بالمنطقة مثل إيران وتركيا، إضافة إلى تهديدات المنظمات الإرهابية، وبالتالي فإن إسرائيل عليها أن تكون مستعدة للتعرض لهجمات جوية من كل اتجاه، سواء هجمات جوية نووية أو هجمات جوية تقليدية.
تحدّث المقال عما أسماه بـ (ثورة السلاح الدقيق) والتي حدثت نتيجة متغيرين، الأول: هو التطور التكنولوجي الرهيب في صناعة السلاح، من قدرات تدقيق توجيهه وإصابته للهدف، والثاني: التجارب التنفيذية التي تم تنفيذها في حربي سوريا واليمن وأثبتت – بدون أدنى شك – القدرات البارزة لاستخدام وسائل قتالية دقيقة.
وأضاف المقال أن هذه الثورة تزيد من مخاطر التهديد الذي تتعرض له إسرائيل، فالتعرض لعدد قليل من الصواريخ الدقيقة بإمكانه أن يحدث ضررًا أكبر بكثير من ضرر الصواريخ غير الدقيقة لاسيما لو تم توجيهها إلى مواقع استراتيجية، إذ يمكن أن تسبب الكثير من الدمار وأن تتفوق على منظومات دفاع جوي إسرائيلية.
كما يؤكد المقال أن إسرائيل تقوم بتطوير دفاعتها الجوية تكنولوجيًا بشكل كبير وهو ما يكلفها ميزانية مالية هي الأضخم في العالم، وأنه في الوقت الحالي تطور أسلحة جوية ستكون لها السيادة خلال ربع القرن القادم وهي الأسلحة الجوية الموجهة بالليزر والتي من شأنها أن تغير من مفاهيم المواجهات العسكرية وستكون ذات فعالية وتأثير غير مسبوقين.
يشدد المقال أيضًا على أن قدرات الدفاع الجوي الإسرائيلي بإمكانها أن تحدد مدى قوة الجيش أو ضعفه مستقبلًا، كذلك سيتحدد في ضوئها قدرة الدولة على الحفاظ على أمن مواطنيها في حالة تلقي الجبهة الداخلية ضربات جوية مركزة وموجهة، إضافة إلى تأثيرها المباشر على مستوى المناعة القومية ومدى قدرة الدخول لمواجهات عسكرية مستقبلا.
المخابرات العسكرية 2048
تحت عنوان «المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) 2048 .. التفوق الاستخباراتي في العصر الرقمي»، أشار مقال إلى أن اختفاء الحدود بين الأدوات المادية الملموسة والرقمية سيكون هو التحدي الاستخباراتي الأول الذي سيواجه الجيش الإسرائيلي خلال ربع القرن القادم، فمن سيحقق تفوقًا في المعلومات والمعرفة سيحقق تفوقًا عسكريًا لا محالة.
وأضاف المقال أن (الثورة الرقمية) التي حدثت غيرت قواعد اللعبة، ليست العسكرية وحسب بل اللعبة الحضارية في تاريخ الإنسان بشكل عام؛ إذ إن امتلاك المعرفة هو الذي سيحدد بشكل دقيق من سينتصر في الحرب القادمة، فالثورة الرقمية هي الحدث الأكثر جوهرية الذي وقع في القرن الـ 21، مشيرًا إلى أن ظهور الإنترنت عام 1989، ومن ثم ظهور الإنترنت عن طريق الكابلات البحرية، ثم الهواتف الذكية، مثلت نقلات نوعية في عالم التطور الرقمي التكنولوجي البشري، وفي المستقبل القريب سيمثل ما يعرف بـ (التحرير الجيني) أو إدخال شرائح رقمية ذكية لأجسام حية قفزات أقوى في عالم التكنولوجيا الرقمية وستضيف للإنسان قوة مهمة، يمكنها أن تحسن من مستوى حياته، وستحول الإنسان إلى كائن (شبكي)، ليس فقط بمعناه الاجتماعي لكن أيضًا بمعناه المادي الملموس.
وشدد المقال على أن جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) سيكون عام 2048 جهازا معلوماتيا بحتا، مهمته الأساسية هي جمع المعلومات وفهمها، فمعلومات كثيرة تعني فهما أكثر وتعني انتصارا أكبر. فبعد ثلاثين عاما من الآن كل شيء في عالم المعلومات سيبدو مختلفا لدرجة أن النظام الاجتماعي البشري سيتغير وكذلك منظومة القيم الاقتصادية والسياسية العالمية، وهو ما سيحدث تغييرا جوهريا في طبيعة وشكل وأدوات الحروب سواء فيما يتعلق بأسباب نشوبها أو الأطراف المحاربة وبشكل الحرب وصورتها وبالطريقة التي ستُحسم بها الحروب.