يعد «مالكوم إكس» رمزًا بارزًا من رموز مكافحة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يعد رمزًا من رموز الدعوة للإسلام وسببًا رئيسًا في اعتناق الكثير من الأمريكان للدين الإسلامي بعد انضمامه لتنظيم «أمة الإسلام» بزعامة «إلايجا محمد»، وكان السجن محطة تحول في حياة مالكوم، فانتقل فيها من وحل الجريمة والمخدرات إلى اعتناق الإسلام وإدراك ما فاته من تعلم ودراسة، حيث إن المرحلة الثانوية كانت آخر عهده بالمدرسة، فاستطاع في 7 سنوات في السجن تكوين ثقافة متكاملة متأنية كانت له كذخيرة علمية انطلق بها في مسيرته الحقوقية والدعوية.
بداية القصة
في عام 1946 م في نيويورك ألقي القبض على مالكوم إكس وصديقه «شورتي» بعد تورطهما في عملية سرقة باءت بالفشل، وحُكم عليه بعشر سنوات قضاها في سجن الولاية (تشارلستون).
كان مالكولم متمردًا متقلب المزاج نظرًا لانقطاع المخدرات عنه وكان يتفاخر بين السجناء بسجله الإجرامي، حتى التقى بمسجون أسود يدعى «بيمبي» وقد أدهش مالكوم بثقافته وحسن اطلاعه وحلقات النقاش التي كان يثيرها داخل السجن، فكانت تلك الشرارة التي أشعلت جذوة الثقافة عند مالكوم، لاسيما وقد قابل صعوبة في قراءة مراسلات إخوته البريدية فكان يقول:
المستوى الأول: تعلم الحروف والهجاء
بعدها انهمك مالكوم في تعويض ما فاته من الدراسة التي فاتته بالبدء في المستوى الأول بتحسين خطه وإملائه وتكوين حصيلة كلمات تفيده في بناء المستوى الذي يليه من ثقافته فيقول:
المستوى الثاني: القراءة العامة
ثم انتقل مالكوم بعد تلك المرحلة إلى التي تليها وهي القراءة والاطلاع فيقول:
كان يقضي مالكوم أغلب يومه في القراءة والغوص في أسبار المعرفة، وكان – رحمه الله – صاحب همة عالية وحماس حتى في مرحلة ما قبل إسلامه، فصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: «تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام»، ومن همته كان يتظاهر بالنوم أمام حراس السجن بينما هو يقرأ في كتاب، وكانت حصيلته من النوم من 3 إلى 4 ساعات يوميًا! فيقول:
المستوى الثالث: القراءة التخصصية
حرص مالكوم على التخصص في القراءة بعدما كون أرضية عامة في كل مجال، فكانت أغلب قراءاته في قضية «تاريخ الاستعباد» والحضارات الأفريقية والعربية، فقرأ في تاريخ الحضارات وفي الفلسفة الغربية والشرقية، وفي الأديان والعلوم البيولوجية، وقرأ في السياسة والأدب، وتعمق بقوة في القراءة داخل قضيته وهي معرفة أصل الأمريكان السود، وكانت أغلب قراءاته بدافع إثبات فكرة شيطنة الرجل الأبيض فكان يقول:
وكان من شدة نهمه في القراءة والبحث وإيمانه بقضيته بدأ يبحث في قضايا متعمقة مثل هل المسيح عليه السلام كان أسمر اللون أم أبيض؟! هل كان أول إنسان مخلوق على وجه الأرض أبيض أم أسمر؟
شكل مالكوم ثقافته بعد أن كانت شبه معدومة بسبب حياة الانحراف التي عاشها قبل سجنه، والمميز فيها أنه بناها بمرحلية وتأن وسخّر كل ما قرأه في خدمة قضيته، وكانت فترة السجن من أفضل فترات حياة مالكوم التي بنى فيها نفسه حتى أنه كان يقول إنه لم يكن ليتعلم في الجامعة ما تعلمه داخل السجن:
توج مالكوم تلك المسيرة الثقافية بإخلاصه لهدفه بأنه ما كان يتعلم ذلك العلم من أجل الشهرة أو الصيت ولا تقلد المناصب -بالرغم من نيلها بعد ذلك – ولكن فقط من أجل بناء ثقافته وتعلمه، فيقول:
مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.
المراجع
السيرة الذاتية – مالكوم إكس – دار بيسان (بيروت) – ترجمة ليلى أبو زيد
السيرة الذاتية – مالكوم إكس – دار بيسان (بيروت) – ترجمة ليلى أبو زيد