كيف تنشر كتابك الأول بأقل تكلفة مادية؟
على الرغم من أن كتابها «شكلها سافرت»صدر في 26 أغسطس/ آب 2016، استطاعت الكاتبة «سها الفقي» أن يأتي كتابها الأول في قائمة الكتب الأكثر مبيعًا، إلى جانب احتلال عدد آخر من الكتاب الشباب لقائمة الأكثر مبيعًا في الأدب الساخر مثل «بالطو وفانلة وتاب» للكاتب «أحمد عاطف»، هذا إلى جانب تصنيف 14 رواية لثمانية كتاب شباب ضمن أكثر الروايات مبيعًا لعام 2016.
احتل الكتاب الشباب مراكز متقدمة في قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في الرواية والأدب الساخر والكتب الاجتماعية والشعرية؛ إلا أنهم يتراجعون في الكتب التاريخية إذ لا يوجد سوى كتابين تاريخيين لكتاب شباب في تلك القوائم وهم كتاب «دم المماليك» للكاتب «وليد فكري» وكتاب «فرعون ذو الأوتاد» للكاتب «أحمد سعد الدين»، وتراجعهم في الكتب السياسية أيضًا بكتاب واحد وهو «زمن الوحوش الضارية: بحث في صراع الخطابات في مصر في سنوات الضباب والثورة والدم» للكاتبين «محمد مصطفى وبلال علاء».
ترصد إضاءات دور النشر الداعمة للكتاب الجدد وشروط كل دار للنشر، إلى جانب الصعوبات التي يواجهها هؤلاء الكتاب مما يجعل من حلم نشر أعمالهم استحالة إلا أن إصرارهم على النجاح ما يميزهم دائمًا؛ لتتعلم من أخطاء السابقين وتتفادى الصعوبات التي من الممكن أن تواجهك في مسيرة نشر كتابك الأول.
أبرز دور النشر التي تدعم الكتاب الجدد
إذا كنت ترغب في نشر عملك الأدبي ولا تريد أن تتحمل تكاليف الطباعة والنشر فهناك العديد من دور النشر التي يمكن أن تنشر ذلك العمل مع احتمالية أن تتحمل نسبة من التكاليف ولكن بشكل مبسط.
1. دار دون للنشر والتوزيع
تأسست الدار في 21 أغسطس/آب 2008، وأسسها ثلاثة شباب هم أحمد مهنى، أحمد البوهي ومصطفى الحسيني، وكان أول الكتب الصادرة عن الدار هو كتاب «يا عيني يا مصر» للدكتور «نبيل فاروق» عام 2009.
منذ عام 2012 والدار تفتح باب استقبال الأعمال الفنية سواء لكتاب جدد أو كتاب سبق لهم أن نشروا أعمالًا أخرى، لم تبالغ الدار في وضع شروط للنشر حيث اشترطت أن يكون العمل احترافيًا -أي أنه في مرحلة متقدمة وليست مرحلة الهواية- وأن يتم قبول العمل من لجنة القراء بالدار.
وتستقبل الدار الأعمال لمدة شهر ونصف بداية من شهر مايو/ آيار وحتى منتصف شهر يونيو/حزيران، على أن تكون الأعمال في أحد المجالات الآتية «الرواية-الشعر بالعامية- القصص- الكتابات الحرة»، تستقبل الدار الأعمال من خلال بريدها الإلكتروني «publishing@dardawen.com».
توضح الدار أيضًا الحالات التي يتم فيها رفض الأعمال المقدمة إليها؛ فإما أن العمل لا يتوافق مع أولويات الدار من حيث عدم احترافيته أو في طبيعة العمل، أو أن الدار ترى أنها لن تستطيع التسويق لذلك العمل، وفيما يخص تكاليف النشر والتوزيع تضع الدار أساليب مختلفة منها:
- أن تتحمل الدار تكاليف إنتاج العمل بالكامل والاتفاق مع صاحب العمل على نسبة من الأرباح تذهب له.
- أن تتشارك الدار والكاتب في إنتاج العمل والاتفاق على نسبة أرباح الكاتب.
ومنذ عام 2015 توسعت الدار في دعم أعمال الكتاب الجدد والشباب من خلال مسابقة الدار التي تعقدها كل عام لاختيار أعمال أدبية جديدة تقوم بنشرها وتوزيعها، كما تقدم الدعم لهؤلاء الكتاب من خلال عقد حفلات توقيع متعددة لهم، والمشاركة بأعمالهم في معارض الكتاب الإقليمية، والتي كان آخرها معرض جدة للكتاب.
2. كيان للنشر والتوزيع
كيان للنشر والتوزيع
هكذا تكون آخر صفحات أي كتاب قامت دار «كيان للنشر والتوزيع» بنشره؛ فتحاول أن تدعم كل من يحب الكتابة ويريد أن يتم نشر أعماله الأدبية، ويرى فريق كيان أنها تسعى لمساعدة شباب الأدباء من أجل أن ينشروا أعمالهم، واضعين مقومين أساسين في مساعدتهم لشباب الأدباء وهما:
- مساعدتهم على تحقيق النجاح والانتشار.
- حفظ حقوقهم، إذ رأت كيان أن بعض الفاعلين في مجال النشر قد أساءوا للنشر للأدباء الشباب.
وفي عام 2014 أعلنت كيان عن مسابقة «أم كلثوم الأدبية» بالتعاون مع مكتبات «ألف»، وكانت المسابقة في مجال كتابة القصة القصيرة على أن تكون تلك القصص ملهمة بالمطربة «أم كلثوم»، على أن تكون تلك القصص باللغة العربية وتتراوح كلماتها ما بين 1500 كلمة إلى 2000 كلمة، واستمرت المسابقة حتى فبراير/ شباط 2015، وتم ا ختيار 14 قصة فائزة من أصل 42 قصة وتم نشرهم في كتاب يحمل اسم «أم كلثوم..كوكب الشرق».
وعلى العكس من دون فكيان لا توضح أسس الاختيار أو الرفض للأعمال الأدبية، إلى جانب عدم ذكر أي شيء يخص تكاليف النشر والأرباح للكاتب.
3. الرواق للنشر والتوزيع
دار الرواق للنشر والتوزيع هي إحدى دور النشر الحديثة والتي تحاول أيضًا أن تدعم الكتاب الجدد واحترام أعمالهم والحفاظ على حقوقهم لدى المؤسسة، ومن أجل تحقيق ذلك وضعت الرواق سياسة نشر واضحة تجاه التزاماتها والتزامات الراغب في التقديم للنشر لديهم، وهي كالآتي:
بجانب إرسال العمل وملخص له وسيرة أدبية للكاتب، تطلب الرواق من الراغبين بالنشر لديها كتابة تعهد بأنه لن يرسل العمل إلى أي دار نشر أخرى حتى يتم إرسال رد على عمله من أجل عدم إضاعة وقت لجنة القراءة في قراءة عمل يفاجأون بأنه سوف ينشر من قبل دار أخرى، كما توضح أنه تعهد أخلاقي وليس قانونيًا.
في حالة رفض أي من الأعمال المقدمة لها تحتفظ الدار بحقها في عدم إبداء أسباب الرفض، وفي حالة قبولها تتحمل الدار تكاليف إنتاج العمل كاملة ولا تقبل أن يقوم صاحب العمل بتحمل أي من نفقاته، وأن الطريقة الوحيدة للنشر من خلالهم هي قبول لجنة القراءة للعمل.
إلى جانب ذلك أعلنت الرواق عن مسابقة الرواق الأولى لشعراء العامية الشباب، والتي أغلق باب التقديم لها يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وكانت شروط المسابقة كالآتي:
- لم يسبق للمتقدم النشر الورقي.
- ألا يقل العمل عن 120 صفحة من القطع الشعرية الصغيرة.
صعوبات النشر أول مرة
ترصد إضاءات تجارب النشر الأولى لبعض الكتاب الشباب لمعرفة الصعوبات التي واجهتهم وكيف قاموا بنشر أول أعمالهم.
قلبي مزيكا بمفاتيح.. مي محمود
على الرغم من صغر سنها وقتها استطاعت الكاتبة «مي محمود» أن تنشر أول مجموعة قصصية لها في سن 18 سنة، تقول مي لفريق إضاءات «أنا مكنش في دماغي خالص موضوع النشر، كنت بكتب على البلوج بتاعتي من أجل متعة الكتابة مش أكثر». وتضيف مي عندما شجعتها إحدى الكاتبات أن تقوم بنشر القصص التي تكتبها على المدونة أنها كانت متحمسة حماسًا طفوليًا لفكرة النشر على الرغم من إحساسها الداخلي أنها غالبًا لن تنجح في النشر نظرًا للصعوبات التي يواجهها أصدقاء كتاب أكثر خبرة واحترافية منها.
وتصف سبب تخوفها بأنها كانت تريد أن تنشر مجموعة قصصية وأن القصص أكثر عرضة للرفض لأسباب تجارية. تواصلت مي مع دار العين وأصيبت بالدهشة على حد تعبيرها لتعاملهم معها بحرفية وجدية على الرغم من صغر سنها وأنه أول أعمالها الأدبية، وتقول مي فيما يخص تكاليف النشر «بالنسبة للتكاليف آه دفعت مبلغ مش متذكرة قيمته بالظبط وده كان سيستم الدار بشكل عام»، لكنها كانت سعيدة بالعمل مع الدار ولم تسعَ للبحث عن فرص للنشر أخرى وتتمنى أن تتكرر التجربة مرة أخرى.
جلالتها وطرد يصل متأخرًا.. المغامرة كانت تستحق
الكاتبة «نوران خالد» إحدى الكتاب الشباب الذين حاولوا نشر أعمالهم الأدبية بعد الثورة، وبالفعل استطاعت أن تتواجد في الوسط بروايتين وهما «جلالتها» 2013 و«طرد يصل متأخرًا» 2016، وتقول نوران لإضاءات إن أول تجربة نشر لها جاءت عن طريق «ظهر الكتب» حيث أنها كانت تبحث عن البريد الإلكتروني لدور النشر المتواجد في ظهر الكتب وترسل لهم رغبتها في نشر عملها الأول.
على الرغم من إرسالها لكثير من دور النشر عارضة رغبتها في النشر لديها فإن كثيرًا من الدور لم تقم بالرد عليها مطلقًا، وهناك دور أخرى ردت بالاعتذار، والباقون بلغوها بأنها يجب أن تتحمل التكاليف كاملة إلا دار واحدة وهي دار «ابن النفيس للنشر والتوزيع» وهي دار نشر كويتية، أبلغتها الدار بأنه بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها مصر فإن الدار تتبع سياسة أن يقوم الكتاب الجدد بتحمل تكاليف النشر للطبعة الأولى وإذا لاقت نجاحًا فسوف تتحمل الدار تكاليف نشر الطبعات التالية؛ وبالفعل تم النشر وقامت نوران بتحمل تكاليف الطبعة الأولى المكونة من 500 نسخة وكانت تكاليف نشرها حينها ما يقرب من 6000 جنيه مصري.
وفي روايتها الثانية «طرد يصل متأخرًا» فكانت عن طريق «دار دون» والتي كانت معلنة عن فتح باب التقديم لتلقي كتابات الكتاب الجدد؛ فأرسلت عملها الثاني ولم تتحمل التكاليف الأساسية للنشر باستثناء هامش تكاليف بسيط تكلفته نوران لضمان حجم دعايا أكبر نظرًا لكبر حجم الكتاب لبعض شرائح القراء الحاليين.
تضيف نوران أنها واجهت الكثير من الصعوبات حينما نشرت روايتها الأولى «التجربة الأولى مخدتش حقها أوي في التسويق وعرضها على السوشيال ميديا وتوصيلها للناس والتوزيع». توضح أيضًا أنها ككاتبة جديدة وأول دخول لها للوسط الأدبي لم تأخذ حقها إلا أنها سرعان ما أدركت أنها لم تكن وحدها من مرت بتلك الصعوبات «معظم الناس واجهت مشاكل شبيهة وأصعب وهما بيسعوا علشان ينشروا أول حاجة ليهم». وفيما يخص التكاليف فتقول إن كل من تعرفت عليهم من الكتاب الشباب قاموا بتحمل جزء من أو كل التكاليف ولم يستردوها ولم يتحصلوا على أرباح بيع كتبهم، إلا أنها كانت مغامرة تستحق أدبيًا ومعنويًا.
إكسيليفون… زينب أحمد
إكسيليفون هو الديوان الأول لزينب أحمد والذي تم نشره عن طريق دار دون من خلال نفس الطريقة التي قامت نوران خالد بنشر روايتها الثانية عن طريقها، وتقول زينب لإضاءات «مواجهتنيش صعوبات كبيرة الحمد لله، كانت كل الصعوبة في المنافسة.. لأن دواوين الشعر زي ما كلنا عارفين كترت».
كما أنها لم تتحمل أيًا من تكاليف النشر، إذ تحملت الدار تكاليف الديوان بأكمله بداية من الغلاف وحتى توزيعه. ويذكر أن الديوان مشارك في معرض جدة للكتاب ضمن الكتب التي تشارك بها الدار في المعرض.