كيف تصاحب أبناءك الشباب؟
يعاني الكثير من الآباء من تصـرفات أبنائهم المراهقين التي يرونها مستفزة لهم؛ مما يضطرهم إلى الصراخ الدائم في وجوههم، وإلقاء التنبيهات والتحذيرات ليل نهار على مسامعهم، ودون أن يدري أحد تتسع الفجوة بينهم وبين أبنائهم، ويصعب بعد ذلك تقريب المسافات وتفهم وجهات النظر، فيكون الخلاف هو أساس التعامل بين الآباء وأبنائهم، ويصبح البيت كله متوترًا لتوتر العلاقة بين أفراد الأسرة، وللشد والجذب المستمر في تلك العلاقة.
وإليكم بعض النصائح التي تعينكم على تقريب المسافات بينكم وبين أبنائكم المراهقين، ومن ثم يسهل مصاحبتهم ومعرفة ما يدور داخلهم، ويسهل بعد ذلك إزالة الحواجز بينكم وبينهم:
1. أساس العلاقة هو الاحترام.. احترم ابنك يعطيك حبًّا واحترامًا.. احترم رأيه واستمع إليه جيدًا ولا تهاجمه باستمرار.. قل له: «أُقدِّر رأيك لكن لي رأي مختلف»، واشرح له وجهة نظرك، ثم اترك له الخيار في النهاية.
2. امدح ابنك لحسن تصرفه، وامدحه إذا قدَّم خدمة لك، والأم تمدح ابنتها، وتشكرها إذا ساعدتها في شؤون المنزل.. كلمة (شكرًا يا حبيبتي.. جزاك الله خيرًا يا حبيبي) لها مفعول السحر في نفوس الأبناء؛ فيتعلمون منكم وجوب شكر كل من قدم لهم معروفًا، وهذا الشكر والدعاء بالخير لهم يكون دافعًا قويًّا لمزيد من مساعدتكم ومزيد من تحسين السلوك.
3. لا تستهزئ أبدًا بابنك خاصةً أمام أخواته البنات، وأمام الآخرين، فالولد يشعر بأنه قد أصبح رجلاً ويطلب من الكل احترامه؛ فلا تشتمه أبدًا ولا توبِّخه أمام أحد.. عاتبه بينك وبينه، وبصوت معتدل دون تخويف وصراخ وبالطبع دون ضرب؛ فهو قد أصبح رجلاً.. وكذلك الحال مع البنت؛ فهي أكثر حساسية من الولد، وتتعب نفسيًّا، وتهتز ثقتها بنفسها إذا استهزأت بها أمها أمام إخوتها وأمام صديقاتها؛ فيجب على الأم مراعاة ذلك.
4. الشباب في هذا الزمان لهم تقليعات غريبة وسلوكيات نراها نحن غير لائقة، فلا تستهزئ بطريقة ملابسه، بل وضح له أن هذه الملابس لا تناسبه، فهي -مثلاً- ضيقة أكثر من اللازم ولا تناسب الرجال، وتظهر عيوب جسده، وقصة الشعر تلك لا ينبغي أن تكون لرجل، أو منهي عنها في السنة النبوية (كمن يحلق رأسه قزعًا)، وتطويل شعره مع ربطه من الخلف لا يليق برجل أبدًا، فهذا للنساء فقط، ولا تكثر عليه في النصائح.. اكتفِ بالنصح وقل له: «أنصحك لأني أحبك وأخاف على منظرك أمام الناس، وأرجو احترام الجميع لك، وأنت حر»، ثم اترك له الخيار.
5. يجب أن يكون الوالدان ذكيين في إسداء النصح لأبنائهما، فالبعد عن لهجة الأوامر والتهديد يجعل كلامهما مقبولاً لديهم. وإعطاء الأبناء حرية الاختيار يعطيهم فرصةً للجلوس مع أنفسهم والتفكير فيما تقولونه لهم، ومن ثمَّ القرار الصائب، الذي غالبًا يكون ما ترونه وتنصحون به.. المهم أن ينصح الوالدان بحب وبلا تهديد ولا صراخ، وتكون النصيحة قصيرة لا تتعدى خمس دقائق، تلقيها على مسامع أبنائك، ثم تسكت أو تغير الموضوع وتتكلم في أي شيء آخر، ولا تكرر النصيحة في اليوم الواحد؛ لأن نفوس الأبناء تملُّ النصح الدائم والعتاب الدائم، تمامًا كما نملُّ نحن ممن يكثر عتابنا ويثقل علينا في النصح.
6. الثناء على اختياراتهم إن كانت صحيحة أمر مهم جدًّا في تنمية أواصر المحبة والثقة المتبادلة بينكم.. فإذا اشترى الولد ملابس مناسبة امدحه وقل له: «ذوقك جميل.. الملابس رائعة.. هي مناسبة جدًّا لك.. الألوان متناسقة واختيارك موفق». والحال نفسه مع البنات؛ ثناء الأم على اختيارهن الموفَّق لملابسهن وأدواتهن يعطيهن ثقة في أنفسهن، ويمنحهن سعادةً تنعكس فيما بعد على العلاقة بين الأم وبناتها. وإن كانت للأم ملاحظات فمن الممكن أن تقولها وسط ثنائها على الملابس والاختيار.. مثلاً: «هذا الفستان مناسبٌ لك، لكن أرى أن ألوانه غير متناسقة، فحبذا لو بحثتِ عن نفس الموديل بلون مختلف»، ودائمًا نحترم اختياراتهم ونترك لهم حرية القرار.
7. وجود الحوار المتبادل بين الآباء وأبنائهم يختصر الكثير من المسافات بينهم.. تحدثوا مع أبنائكم وأنتم على مائدة الطعام.. اسألوهم كيف كان يومهم في المدرسة.. احكوا لهم عن مواقف حدثت معكم.. ابدؤوا الحوار وكأنهم أصدقاء لكم.. إذا حكى أحدهم عن مشكلة عايشها، اهتموا واسمعوه ثم اقترحوا حلولاً لتلك المشكلة، واسمعوا منه تعليقه.
8. الأم أقدر على مصاحبة أبنائها وبناتها من الأب؛ لذلك عليها انتهاز الفرص لبدء أي حوار معهم.. تجلس مع بناتها تستمع إليهن وإلى ما حدث لهن في يومهن.. تقترح عمل نوع معين من الحلويات أو أي أكلة، وتطلب منهن المشاركة، كما تطلب منهن اقتراحات لطعام الغد.. تسمع أبناءها وتحكي لهم عما واجهها في يومها من مشكلات.. تحكي للجميع أي موقف حدث معها وتسمع منهم وتأخذ رأيهم وتطلب مشورتهم.
وأخيرًا أقول للجميع: جربت جميع الطرق في تربية أبنائي، فلم أجد أفضل من الحب والعدل في توزيع المشاعر على الأبناء، والاحترام، هذه الثلاثة هي أساس العلاقة الناجحة بين الوالدين وأبنائهما، ويجب على كل أب وأم أن يراجعا تصرفاتهما مع أبنائهما، ويضعا دائمًا أنفسهما مكانهم، ويبتعدا -ولو قليلًا- عن المشكلة ليستطيعا التعامل مع الموقف بحكمة وحسن تصرف.