كيف تفاقمت مشكلة الفقر في إسرائيل؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
أظهر تقرير “معهد التأمين الوطني” عن الفقر، والذي نُشِر في وقت سابق من شهر ديسمبر 2015، زيادةً في نسبة الأُسَر التي تعيش تحت خط الفقر. فحوالي ربع سكان إسرائيل يعانون من الفقر، كما أنها تصدرت قائمة الدول التي تعاني من معدلات فقر عالية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي OECD (المرتبة الثانية بعد المكسيك)، وهو ما يشير إلى فشل ذريع من قِبل الحكومة وقادة إسرائيل.
تم تجاهل انتشار ظاهرة الفقر الحاد في إسرائيل لأنه موجود تقريبًا على هوامش المجتمع، التي تؤثر بشكل رئيسي على القطاعات اليهودية الأرثوذكسية والعربية، وبعيدًا عن مركز الاهتمام. ولكافة الأغراض العملية، يمكننا القول إن التقرير الذي نتحدث عنه هو تقرير عن الفقر الخاص بالعرب واليهود الأرثوذكس.
وفقًا للتقرير، ارتفعت نسبة الأسر الفقيرة في القطاع العربي من 51.7% في 2013 إلى 52.6% في عام 2014. ومما يثير القلق أنه وفقًا للإحصاءات، 37.4% من الفقراء في إسرائيل من العرب الإسرائيليين، على الرغم من أن عرب إسرائيل يشكلون نحو 20% فقط من السكان الإسرائيليين. وقد تغيرت النسبة المئوية للأسر اليهودية الفقيرة بالكاد في عام 2014؛ من الناحية الفنية، انخفض المعدل من 13.7% إلى 13.6%، مع ملاحظة أن هناك هامش للخطأ. كما أن الإحصاءات غير مشجعة. فالإحصاءات مجتمعة لا تبين فقط أن إسرائيل لم تنجح في الحد من معدلات الفقر، بل إنه ثمة تدهورا كبيرا بين المواطنين العرب الإسرائيليين.
غالبًا ما تلقي إسرائيل اللوم على ارتفاع معدلات المواليد بين عرب إسرائيل فيما يتعلق بزيادة الفقر. لكن مع ذلك، انخفض معدل المواليد بين عرب إسرائيل بشكل ملحوظ في العامين الماضيين. وفي السياق ذاته، تشير الإحصاءات الواردة في مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية لعام 2015، إلى أن 66.5٪ من المواطنين العرب في إسرائيل قد أكدوا على شعورهم بأنهم جزء من دائرة انتخابية ضعيفة أو ضعيفة إلى حد ما، بالمقارنة مع 28% فقط من اليهود الذين أكدوا على الأمر ذاته.
هناك العديد من العوامل المُحددة التي أثّرت على التدهور الحاصل في المجتمع العربي داخل إسرائيل: خفض مخصصات الأطفال، وتباطؤ النمو الاقتصادي من 3.3% في عام 2013 إلى 2.6٪ في عام 2014، والوضع الأمني أثناء وبعد عملية “الجرف الصامد”. لكن هذه ليست سوى أعراض لفيروس أشد فتكًا بكثير له علاقة بالتقسيم غير العادل للميزانيات ومحدودية فرص العمل، جنبًا إلى جنب مع التهميش الثقافي والمشاكل الداخلية في المجتمع العربي التي تجعل من الصعب على النساء دخول سوق العمل، أو تجعل من الصعب على العائلات الانتقال إلى مناطق يكون من الأسهل فيها العثور على العمل. وهناك أمثلة أخرى لا تُعد ولا تُحصى.
يتطلب الوضع الحالي إستراتيجية جديدة واستثمارًا اقتصاديًا على مستويات عدّة وفي وقت واحد:
- أولًا: التعامل بشكل استباقي مع مجال العمل، بجعل الوظائف المتاحة مناسبة للمرأة العربية. ومن شأن هذا زيادة نسبة المشاركة في القوى العاملة، والتي تبلغ اليوم نسبة 30% فقط. كما ينطوي ذلك على وضع العمال العرب في وظائف ذات جودة عالية، وإنفاذ قوانين مكافحة التمييز في ممارسات التوظيف.
- ثانيًا: تخصيص ميزانيات لنظام المدارس، والذي من شأنه الحد من الاكتظاظ في الفصول الدراسية، وتحسين نوعية التعليم والمعدَّات التكنولوجية المتاحة للطلاب بشكلٍ كبيرٍ.
- ثالثًا: توسيع اختصاصات المجالس المحلية، وتخصيص الأراضي للمناطق الصناعية، بما من شأنه تمكين السكان من العمل بالقرب من منازلهم وزيادة إيرادات السلطات المحلية.
- رابعًا: زيادة مخصصات الميزانية من الوزارات الحكومية إلى المواقع التي يعيش فيها المواطنون العرب في إسرائيل، وبذلك سوف تستثمر الوزارات أموال الحكومة مباشرة، دون أن تؤدي السلطات المحلية العربية (والتي غالبًا ما تعاني من فشل الإدارة) دور الوسيط.
لن يكون من السهل على خزينة الدولة دفع تكلفة مثل هذا البرنامج لمدة عِقد من الزمن، والتي تعادل 65 مليار شيكل، أي حوالي 6.5 مليار شيكل سنويًا. لكن الفوائد التي ستعود من النمو الاقتصادي وتنمية المناطق المُهمَّشة، ستؤدي إلى مستوى أعلى من التماسك الاجتماعي في دولة إسرائيل، والذي من شأنه أن يحقق فائدة على قدر التكلفة.