كيف تحافظ على مستوى لياقتك البدنية في رمضان؟
حلَّ علينا شهر رمضان المُبارك، وقد يتساءل البعض عمَّا إذا كان بإمكاننا مُمارسة الرياضة في رمضان؟ وما أنسب وقت للتمرن؟ وكيف يُمكن التوفيق بين صيام شهر رمضان ومُمارسة الأنشطة البدنية؟
بالطبع يجب ألا ننقطع عن مُمارسة الرياضة بحجة الصيام، فالغاية من المُواظبة على التمارين الرياضية في شهر رمضان هي الحفاظ على مستوى لياقتك البدنية وليس تحطيم الأرقام القياسية أو بناء كتلة عضلية جديدة. ولا يعني ذلك أن أداءنا سيكون في أعلى مستوياته.
ما أنسب وقت لممارسة الرياضة في رمضان؟
من الناحية المثالية ينبغي للرياضي شحن طاقته بالطعام والشراب قبل وأثناء وبعد التدريب، لكن عند الصوم لن تُتاح هذه الوضعية مما يدفعنا إلى تغيير الجدول الزمني للأكل والشرب من جهة وتغيير مُدة وكثافة التمارين الرياضية. ففي أثناء اليوم العادي تُتاح لنا عِدة فرص للتمرن منها بعد الاستيقاظ من النوم وقبل تناول الإفطار، أو حتى في منتصف النهار، أو بعد دوام العمل، أو في المساء.
أما في رمضان فيصعب تحديد الأوقات التي يُمكن ممارسة الرياضة فيها، إذ ينحصر وقت ممارستنا للرياضة في:
1. ممارسة الرياضة بعد السحور
الميزة الوحيدة لمُمارسة الرياضة في هذا الوقت هي الانتهاء باكرًا من التمرين، كما أنك تكون تناولت الطعام للتو. لكن يُحذرنا الباحث «كريم شامري» من التمرن في ساعات الصباح الباكر، وذلك لأن هناك مُتسعًا من الوقت منذ وجبة السحور وحتى غروب الشمس. كما أن مُمارسة الرياضة بعد السحور تعني أنك تستقطع وقتًا من نومك. لذلك يُفضِّل ممارسة الرياضة ليلًا، إمَّا بعد الإفطار، لتفادي مشاكل عُسر الهضم، أو قبل الإفطار بقليل بحيث تنتهي فترة التمارين قرب وقت الإفطار لتعويض الجسم بالسوائل والطاقة المفقودة.
2. ممارسة الرياضة قبل الإفطار
يُفضِّل مُعظمنا ممارسة الرياضة في رمضان قبل الإفطار، وذلك لوجود وقت فراغ على عكس فترة بعد أذان المغرب التي تزدحم بالعبادات والزيارات، ومنَّا من يُصاب بالتخمة جراء تناول الإفطار الدسم، وهناك منْ يُفضل الراحة والنوم على ممارسة الرياضة.
من جهة أخرى فمُمارسة الرياضة في هذا الوقت لها مساوئها، إذ إنك تتمرن في آخر النهار بعد أن يستنفد جسدك كل طاقته، وتكمن المُشكلة الأساسية في انعدام الغذاء والسوائل.
لذا إن كنت ممَّن يُفضلون التمرن قبل الإفطار فتأكد من أن تُمارس الرياضة قبل الإفطار بنصف ساعة أو ساعة حتى لا تُجهد جسدك وتضمن تزويد الجسم بالمُغذيات بأسرع ما يُمكن، واحذر ممارسة الرياضة في الأجواء الحارة.
3. ممارسة الرياضة بعد الإفطار
بخلاف مُمارسة الرياضة قبل الإفطار على معدة خاوية فإن اختيار هذا الوقت يتميز بشحن جسدك بالطعام والشراب وإمكانية شحن الطاقة بعد الانتهاء من التمرين، لذلك لا تستعجل التمرن إلا في حالة تناول فطور خفيف لإمدادك بالطاقة. أمَّا في مُعظم الحالات فيُفضل الانتظار ما بين ساعتين وثلاث ساعات قبل ممارسة الرياضة لتُعطي فُرصة لهضم الطعام.
أكلك صحي في رمضان
وجبتا الإفطار والسحور هما الوجبتان المسموح بتناول الطعام فيهما، فموائد الطعام وألذ وأشهى المأكولات الرمضانية قد لا تُناسِب نظامك الغذائي، خاصةً إن كنت من مُمارسي الرياضة، لذلك يجب اتباع نظام غذائي سليم ومراعاة ما تأكله وقتي السحور والإفطار.
1. المشروبات في رمضان
يزداد مُعدل تعرُّق الجسم مع ارتفاع درجات الحرارة، لذلك احرص خلال شهر رمضان على شرب كمية كبيرة من المياه بين وجبتي الإفطار والسحور، وكذلك تناول الأطعمة الغنية بالمياه مثل البطيخ والخيار والطماطم. وتجنب شرب القهوة والشاي والكولا، فهي مشروبات مُدرة للبول مما قد يؤدي إلى الإصابة بالجفاف.
2. وجبة الإفطار
من الطبيعي أن تكون وجبة الإفطار عامرة بأشهى المأكولات، خاصةً أنها وقت التجمع العائلي والزيارات، ما يُشجع على تناول كميات كبيرة من الطعام وإصابتك بالخمول والتُّخمة ويمنعك عن ممارسة الرياضة.
لذلك يجب اتباع نظام غذائي صحي وعدم الإفراط في تناول الأطعمة، ما يتطلب أن تُغيِّر من سلوكك، كأن تبدأ فطورك بتناول 3 حبات من التمر ثم شُرب كمية بسيطة من الماء أو العصير الطازج لتعويض نقص السوائل.
بعد صلاة المغرب ابدأ بالشُّوربة أو السلطة، فسُعراتها خفيفة، كما أنها غنية بالألياف التي تقي من الإمساك وعسر الهضم. وتليها الأطعمة التي تحتوي على البروتين (اللحم أو الدجاج أو السمك) وتجنب الأطعمة المقلية أو المُصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، واستبدل بها زيت الزيتون أو المُكسرات، وابتعد تمامًا عن تناول حلويات رمضان (البسبوسة والكنافة وغيرها) عقب وجبة الإفطار.
3. تسحَّروا فإن في السحور بركة
وجبة السحور هي الوجبة الرئيسية الثانية التي نتناولها وتُساعدنا في التغلب على الجوع أثناء ساعات الصيام. لذلك يجب أن تتضمن هذه الوجبة الخضروات وأطعمة غنية بالبروتين مثل منتجات الألبان أو البيض، والألياف والكربوهيدرات المُعقدة (الشوفان أو الفول)، واحرص على الحدِّ من استخدام الملح قدر الإمكان كالمخللات والأجبان المالحة والمقرمشات الجاهزة (الشيبس وغيرها).
إذن، كيف أمارس الرياضة في رمضان؟
حين يحل شهر رمضان الكريم يتوقف مُعظمنا عن التمرن إما بحجة ضيق الوقت أو تعب الصيام. الحل هو تقليل عدد أيام التمرن وكذلك الأوزان المُستخدمة خاصة في الأسبوع الأول، وزيادتها تدريجيًّا حتى يتأقلم جسدك مع الصيام، وأن تُطيل فترة الراحة بين كل مجموعة وأخرى مما يُعطيك المزيد من الوقت لالتقاط أنفاسك. مع العلم أن نظام التمرن يختلف قبل الإفطار عن بعد الإفطار. إذ إن التمارين تكون مُكثفة بعد الإفطار ومُدتها أطول، كما يُمكننا بذل طاقة أكبر في التمارين الليلية وممارسة تمارين القوة.
1. تمارين القوة
بالنسبة لرفع الأثقال في رمضان يُنصح بمُمارسته بعد الإفطار حتى لا تُجهِد عضلاتك، أما إن أردت التمرن أثناء الصيام فيُفضل القيام بالتمارين البسيطة باستخدام وزن الجسم. فالغاية من ممارسة الرياضة –خاصةً رفع الأثقال– في رمضان هي الحفاظ على المستوى الذي وصلنا إليه وليس بناء كتلة عضلية جديدة.
من أمثلة التمارين التي يُمكن ممارستها قبل الإفطار –شرط أن تكون مُنخفضة أو مُتوسطة الحِدة– بهدف تنشيط مجموعات عضلية مُتعددة وزيادة التمثيل الغذائي وحرق السُّعرات الحرارية، هي تمرين القرفصاء Squat، وتمارين الضغط Push Ups.
بإمكانك أداء من 4 إلى 5 مجموعات من هذه التمارين مُكرِّرًا كل تمرين من 10 إلى 20 مرة reps، وتتوسطها فترة راحة للاسترخاء من 20 إلى 60 ثانية قد تطول أو تقصر وفقًا لمستوى لياقتك البدنية.
2. التمارين الهوائية
مُمارسة التمارين الهوائية كالجري أو ركوب الدراجة مُجهِدة خاصة أثناء الصيام، فهي تمارين ذات كثافة وحِدة مُرتفعة، لذلك يُفضَّل أداؤها بعد الإفطار بعد تزويد جسدك بالطعام والشراب.
من أمثلة التمارين التي يُمكننا ممارستها لتحسين صِحة القلب والأوعية الدموية دون استخدام أي أجهزة، هي تمارين القفز Jumping Jacks، وكذلك القفز التبادلي من جانب لآخر Side to Side Jumps.
يُمكنك أداء من 4 إلى 5 مجموعات، مُدة كل تمرين بين 20 إلى 60 ثانية، وتتوسطها فترة راحة للاسترخاء من 10 إلى 30 ثانية تتغير تبعًا لمستوى لياقتك البدنية. فإن شعرت بالتعب أو الإعياء أو بدوخة فلتتوقف فورًا عن التمرن.
مسك الختام
مُمارسة الرياضة خلال شهر رمضان هي تحدٍّ حقيقي لموازنة العبادات مع العائلة والنوم والتمرن. كما أن الصيام لفترات طويلة يُسبِّب العديد من التغيرات الفسيولوجية، وقد يُؤدي للجفاف ما ينتج عنه ضعف العضلات. كل تلك أمور تجعل من مُمارسة الرياضة أمرًا ضروريًّا لتقوية العضلات والحفاظ على صحة وسلامة الجسم.
واعلم أن الغاية من التمرن خلال الشهر الكريم هي المُحافظة على المستوى الذي وصلنا إليه وليس اكتساب كتلة عضلية جديدة، لذلك يجب أن تكون مُدة وكثافة التدريبات مُصممة وفقًا لحالة التغذية الخاصة بك والظروف الخارجية مثل الحرارة والرطوبة.
كما يُفضَّل تقليل الأوزان المُستخدمة في تمارين رفع الأثقال، وزيادة فترة الراحة بين كل مجموعة وأخرى، وعدم ممارسة التمارين الهوائية خاصة أثناء الصيام لعدم قدرتك على تعويض السوائل والطاقة مما قد يؤدي للإرهاق والجفاف، وتأجيل التمرينات القاسية والمرهقة إلى ما بعد الإفطار.