يمثل الملك محمد إدريس السنوسي الامتداد الجهوي والصوفي للحركة السنوسية في الشرق، ومع انقلاب القذافي وترسيخ حكمه اعتمد على التجمعات الجهوية للغرب، والمحافظة على طرابلس وطوقها مستغنيًا بشكل ممنهج عن التكوينات في المشرق، المنطقة الثرية بالحركات السياسية والدينية، ومجرفًا الجهاز البيروقراطي الناشئ للدولة.

امتاز حكم القذافي بحكمه مركز الدولة الليبية بأطرافها، عبر قوات من الجنوب ومن قبائل الصف الثاني، وكانت بنيغازي الحاضرة الأولى في ثورة 17 فبراير/شباط 2011م شاهدةً على تهميش الشرق ومكوناته، بل إن الثورة قامت في الشرق قبيل عام 2011 من خلال المظاهرات العنيفة، وليس من قبيل المصادفة أن تكون مظاهرات بنيغازي الأولى في 17 فبراير/ شباط 2006، ضد السفارة الإيطالية بسبب الرسوم المسيئة، والتي بسبب مواجهة النظام العنيفة لها تحولت إلى شبه ثورة شعبية في الشوارع أُحرق فيها أكثر من 30 مبنى حكو ميًا، حتى أن هناك العديد من المقاربات التي صدرت وقتها شبهتها بربيع الجزائر 1988.

لا أعتقد أنه من الممكن في ليبيا كما في سوريا أو إيران أن تُنظم مظاهرة حاشدة من دون أن يكون مسؤول كبير في النظام على علم بذلك.

رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي مارتشيلو بيرا – صحيفة كورييري ديلا سيرا 2006

ما كان في الشرق ثورة على التهميش، تصاعدت إبان موجة الربيع الأولى التي أعطت فرصة للشرق المبتور سياسيًا ليلعب السياسة بالرغم من افتقاره للمارسة، ما ألجأه إلى السياسة في حالتها الأولية؛ الاحتراب.

كان تحالف الغرب بين إقليم طرابلس وفزان هو المسيطر على الوضع السياسي الليبي، أدى خروج مصراته امتدادًا لمظاهرات ثورة 2011م، لغضب عارم في نظام القذافي كون مصراته من إقليم الغرب ويتمتع وجهاؤها بوضع في التحالف الحاكم وتمثل جانبًا اقتصاديًا تجاريًا وسياسيًا، لكنه الطموح الذي أعيا صاحبه فمصراته ترى نفسها أحق بقيادة هذا التحالف من القذاذفة، لذا كان عقابهم شرساً من القذافي بقصفهم بالطائرات بوحشية.

تجب الإشارة إلى أن الجيش الليبي كان يتشكل بشكل أساسي من قيادات شرقية بامتياز، وهو ما حفز القذافي لاستهلاكه في حرب تشاد، واستعاض عنه بقوات الكتائب الأمنية في الغرب والمرتزقة من تشاد. انحاز قادة الجيش للثورة بسرعة لكنهم كانوا يملكون جيشًا ضعيفًا، هذه التكوينة العسكرية لقادة الشرق هي ما تحدث الفارق الآن في صفوف قوات حفتر.

في الوقت الذي انشغلت السلطة والتحالف الحاكم في الغرب في محاولة إيجاد صيغة جديدة لإبرام تحالف حاكم، كان الشرق بترصد من خلال الكتائب العسكرية المنشقة -على رأسهم عبدالفتاح يونس وزير داخلية القذافي المستقيل والمنضم للثورة، بالتحالف مع الحركات الإسلامية التي كانت تتعمد إذلال الأولين على خدمتهم للقذافي. عبر هذا التحالف استطاعوا تقويض سلطة الغرب بل تركها في حالة سائلة جدًا، لا تستطيع بناء نفسها، وبالإضافة للمشكلة الذاتية في بنائها نفسها فالسلطة في الغرب لم تكن دولة ولم تكن مكتملة البناء المؤسسي.

هنا استعاد الشرق زمام المبادرة في ظل انقسام الغرب على الغرب وحيلولة الشرق دون توصلهم إلى اتفاق، في هذه الأثناء انكفأ الشرق على نفسه ووقع الشقاق بين الكتائب العسكرية والإسلاميين. مستغلًا لوضع إقليمي مجاور في مصر 2013، صعد نجم حفتر كمعادٍ للإسلاميين، إلا أن المحرك الأساسي في ليبيا – كما وضحنا سابقًا – هو الجهوية والمناطقية فنجد في قوات حِفتر نفسها من القادة مَن هو ذو توجه إسلامي، وامتداد صوفي وآخر سلفي مدخلي. استغل حِفتر تناقض الغرب وصراعاته لصالح مشروعه فوظف بقايا رجال القذافي هناك لاقتحام طرابلس، وبهذا مثّل الشرق التيار المحافظ الديني، حتى أن حفتر نفسه أكثر محافظة ممن يقاتلهم في الغرب، لكن حفتر مرّ بعدة محطات في طريقه، نأتي على تفصيلها الآن.


المحطة الأولى: إثبات الذات

أعلن في مايو/ آيار 2014 عن عملية الكرامة التي أيدها علي زيدان رئيس الوزراء المعزول من الحكومة المؤقتة، وبدأت الحرب ضد الجماعات الإسلامية المسلحة في طبرق وتمشيطها لاتخاذها مقرًا آمنًا بعد ذلك لما يُعرف ببرلمان طبرق. امتدت العملية إلى أجزاء من بنيغازي والمرج وصولًا إلى الغرب في طرابلس والزنتان جنوبًا، حصل في ذلك الوقت على رضا وموافقة من الأطراف التي تُعادي التيار الإسلامي، ورغم أنه لم يستطع الانتصار في كل تلك المعارك فإنها كانت بالنسبة له محاولةً لإثبات الوجود، واستطاع من خلالها بالفعل انتزاع طبرق.

خريطة الشرق الليبي توضح المراكز التي انطلق منها خليفة حفتر.

اتخذ حفتر من المرج مقرًا لقياداته بعد السيطرة عليها بمساعدة اللواء عبدالرازق الناظوري، رئيس أركان جيشه قبل ذلك بأعوام، وجرى تدعيم دفاعات المدينة وتمشيطها لحمايتها من تواجد الجماعات الإسلامية.

حاولت مصر دخول الحرب في ليبيا تحت شرعية دولية بتوجيهها ضربات عسكرية ضد تنظيم داعش في درنة فبراير/ شباط 2015، كان مجلس ثوار درنة قد حارب حفتر بشكل شرس وحال دون دخوله للبلدة. كانت درنة آخر معاقل الإسلاميين في الشرق التي سيطر عليها حفتر لاحقًا، لكن مصر فشلت في الحصول على موافقة دولية على تدخلها العسكري في ليبيا خوفًا من محاولتها بسط نفوذ على المناطق البترولية في الشرق، فقدمت الدعم غير المعلن لقوات اللواء حفتر.

وفي يونيو/ حزيران من نفس العام نُفذت محاولة اغتيال للواء في منطقة الأبيار شرقي بنيغازي، المنطقة التي يتخذها إدارةً لعملياته في بنيغازي، وفي نفس الشهر رفض عبدالله الثني -رئيس الحكومة المؤقتة خلفًا لزيدان- تحركات حفتر واعتبره خارجًا عن القانون، وذلك بسبب موقف حفتر المسبق ضد الحكومة والمؤتمر الوطني في بداية العام، وبعد إزاحة الثني من قبل اتفاق الصخيرات سيؤيد اللواء حفتر.


المحطة الثانية: تجفيف المنابع والحصول على التمويل

خريطة الشرق الليبي

مطلع عام 2016 اتهم الرائد محمد حجازي – المتحدث باسم عملية الكرامة والمنشق عن حفتر – حفتر بتنفيذ عمليات اغتيالات في بنيغازي والبيضاء، كما اتهمه بإطالة أمد الحرب للحصول على الأموال من الداعمين الدوليين.

لم تستطع قوات حفتر بسط النفوذ في الشرق ضد الجماعات الإسلامية المسلحة التي تنقسم إلى أنصار الشريعة والإخوان المسلمين، وفيما بعد داعش، وبالرغم من سيطرته على طبرق والمرج طالت حربه ضد إسلاميي الشرق حتى عام 2018.

وللحصول على تمويل سعى باستراتيجية موحدة إلى تجفيف منابع القوى الإسلامية بالسيطرة على المواقع النفطية، حيث كانت تلك القوى تحصل على مصادر مالية من خلال بيع النفط في مالطة وتونس، كان الهدف الثاني، إيجاد مصادر مالية لتلك العمليات العسكرية التي يخوضها، زيادة على دعم الإمارات لشراء الأسلحة عبر مصر.

وسع حربه ضد التنظيمات الإسلامية في الشرق، وخاض حربًا عنيفة للسيطرة على البيضاء، وهي مدينة تقع بين طبرق والمرج التي يسيطر عليهما، وثلاثتهم شرق بنيغازي.

يسيطر جهاز حرس المنشآت النفطية على المناطق النفطية في الهلال النفطي الليبي، وهو جهاز أنشئ عام 1999 برئاسة علي الأحرش، ثم تولاه إدريس أبو قاسم سنة 2014، واجه الجهاز محاولة القوى الإسلامية للسيطرة على المناطق النفطية، وقد كان الجهاز يتاجر في النفط بشكل غير شرعي. خاضت قوات حفتر في سبتمبر/ أيلول 2016 معركة تسمى «البرق الخاطف» للسيطرة على منطقة الهلال النفطي ضد جهاز حرس المنشآت.

ولم ينتهِ العام إلا بسيطرتهم على معظم مدينة أجدابيا مسقط رأس حفتر، كما سيطروا على الموانئ النفطية «رأس لانوف ومدينة البريقة والسدرة والزويتنية»، ولم يتبقَ لهم في منطقة الهلال النفطي سوى بقية مدينة بنيغازي ودرنة التي يسيطر عليها الإسلاميون، لكن وعلى الرغم من ذلك لم تستطع قوات حفتر حماية تلك المنطقة من الهجمات، كما توقف إنتاج النفط في المنطقة.


المحطة الثالثة: بسط النفوذ

مناطق النفوذ والسيطرة في ليبيا سنة 2017

في الجفرة وسط ليبيا وأول مدن إقليم فزان من الشرق، والتي تتقاسم سيطرتها قوات مصراته وسراي الدفاع عن بنيغازي، قامت قوات حفتر بتكثيف الضربات الجوية وسيطرت على هون وسكونة ودان حتى بسطت نفوذها على الجفرة كلها في يونيو/ حزيران 2017.

في عام 2017 خاضت قوات حفتر معارك ضخمة ضد كتائب شهداء 17 فبراير، ومجلس شورى ثوار بنيغازي وكتائب راف الله السحاتي، وذلك لبسط النفوذ على مدينة بنيغازي وبسياسة الأرض المحروقة سيطرت القوات على بنيغازي، وفي يوليو/ تموز 2017 أعلنت بسط نفوذها على المدينة وهي أكبر معاقل الجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا، وذلك بدعم جوي خارجي.

في نهاية عام 2017 استغلت قوات حفتر الصراع الدائر بين داعش وقوات غرفة عمليات صبراته لصالحها لتبسط النفوذ على المدينة التي تقع غرب طرابلس، من خلال الغرفة التي شاركت فيها قواته. كانت آخر محطات حفتر في الشرق سيطرته على درنة، وانتزاعها من الإسلاميين بتوجيه نيراني عنيف وغطاء مصري إماراتي كثيف في يونيو/ حزيران 2018، ليخضع أغلب الشرق لحكم اللواء حفتر، ويحكم سيطرته على الهلال النفطي الليبي. بدأ حفتر إعادة إنتاج النفط مرة أخرى بعد طرد حرس المنشآت النفطية وضم ما تبقى منهم.


المحطة الرابعة: إبرام التحالفات

اتجه بعد ذلك حفتر إلى الكفرة جنوبي إقليم برقة، وأبرم تحالفًا مع قبيلة الزوي ليصبح الشرق جميعه خاضعًا لقواته، وليتمدد بعدها في إقليم فزان في الوسط والجنوب الغربي متفاديًا التقدم نحو طرابلس عبر مصراته، التي تستطيع عرقلة تقدمه، ونظرًا لأن إقليم فزان يخضع لحكومة الوفاق فإن الصراع هناك بدأ يتحول بشكل واضح بين حكومة الوفاق وحفتر بالتدريج.

اتجه حفتر بقواته إلى مدينة سبها عاصمة الجنوب الغربي في إقليم فزان، وذلك بعد انسحاب اللواء السادس التابع لحكومة الوفاق، والذي اتهم الحكومة بعدم دعمه في مواجهة حفتر. جرى قبل انسحاب اللواء السادس تنفيذ عدة اغتيالات في مدن الجنوب مثل اغتيال محمد كري مدير مديرية الأمن في مدينة مرزق وهو من أقلية التبو، يشير البعض لوقوف قوات حفتر خلف العملية،وتمت السيطرة على المدينة بعدها.

قامت قوات حفتر بالسيطرة على مدينة سبها بعد انسحاب اللواء في فبراير/ شباط 2019، يشير بعض المتخصصين إلى أن هذا الانسحاب جاء جراء مواءمات مع قوات حفتر، كما سيطرت قواته على حقل الفيل وهو أكبر حقول إنتاج النفط في الجنوب الليبي.

اتهم قادة من قبيلة التبو موالين لحفتر، الرجل بإجراء تغييرات ديموغرافية ضد القبيلة وانشق بعضهم خلال سيطرة حفتر على إقليم فزان، مما ينذر بحجم الانشقاقات وضعف الجبهة الداخلية للواء المتقاعد.

أعمل حفتر التفاوض والتحالفات في إقليم فزان، فأبرم اتفاقًا مع السلفية المدخلية في مدينة الزنتان في الجنوب الغربي لطرابلس لقتال قوات مصراته عام 2015 التي تكن العداء لقوات مصراته، ويذكر أن أسامة الجويلي قائد كتائب الزنتان كان متحالفًا مع حفتر، ثم انقلب عليه بعد اتفاق الصخيرات، إلا أن خصومته مع كتائب مصراته قد تميل بالرجل وقواته إلى كفّة حفتر، ومع انحياز مصراته لحكومة السراج وثقت علاقة حفتر بالزنتان لتدخل في تحالف عسكري قوي مطلع العام الجاري 2019 وتساعد في اقتحام مدينة غريان.


المحطة الخامسة: الطريق إلى طرابلس

أعلن اللواء عبدالسلام الحاسي آمر غرفة عمليات حفتر في غرب ليبيا دخول مدينة غريان جنوب العاصمة الليبية طرابلس والتي تبعد 100 كيلومتر فقط عنها. دخلت قوات حفتر المدينة بمواءمات سياسية، وبعدها بأيام أطلق اللواء خليفة حفتر عملية «تحرير طرابلس» حيث هاجمت قواته من محورين رئيسيين، أحدهما، من الجنوب باتجاه المطار والعزيزية، والآخر، من الغرب من مدينة الزاوية، ومنيت بهزيمة بعد أيام بسبب نفير قوات مصراتة وتحالفات مدينة الزاوية التي نصبت فخًا عسكريًا لقواته أدى لهرب قواته إلى مدينة ورشفانة وأسر أكثر من 140 جنديًا. بدأت قوات حفتر باستخدام سياسة الأرض المحروقة واستهداف المدنيين بُعيد خيباتها العسكرية المتتالية حول طرابلس.

وعبر اتفاقات انقلب اللواء التاسع بترهونة ذو التوجه السلفي على حكومة الوفاق، وانضم للقتال إلى جانب قوات حفتر في حربها ضد حكومة الوفاق، ويبعد اللواء 90 كيلومترًا فقط عن العاصمة الليبية، ويخترق اللواء طرابلس من محور ثالث لصالح حفتر وهو محور عين زارة حتى صلاح الدين.

تنشر بعض القنوات الإعلامية عن مشاركة مصرية بطائرات استطلاع ، و فرنسية لتقديم الخبرات الميدانية، وإماراتية بالطائرات لمساعدة قوات حفتر في السيطرة على طرابلس. تنتهك هذه الدول قرار مجلس الأمن بشأن حظر بيع السلاح لأطراف الصراع في ليبيا. وفي المقابل فإن حكومة السراج لا تمتلك الإمكانات العسكرية التي يمتلكها جيش حفتر.

كانت أهم العوامل التي دفعت بحفتر لتسريع المهمة، أولًا، سيطرته على مدينة غريان، ثانيًا، انشغال الجزائر بنفسها مما يسبب تخليًا عن حكومة السراج، ثالثاً، رغبة الأطراف الخارجية بالاعتراف بحفتر وتمكينه من ليبيا مما يحقق المصالح السياسية والعسكرية لهم هناك. يُراهن حفتر على دخول طرابلس في وقت قصير، كما يراهن على الخيانات من الداخل، وذلك كون الوقت معه محدود، فاستمرار الحرب على طرابلس من دون حسم قد يضع الدول الداعمة له في حرج دولي ويحتاج حفتر كذلك للحسم قبل اتخاذ أي موقف في مجلس الأمن، لذا فهو يُراهن على حسم تلك المعركة في أقل وقت ممكن وبأي ثمن.


سطوع شمس الشرق على طرابلس

خريطة السيطرة في ليبيا، حفتر

يمكن اعتبار الصراع الدائر رحاه اليوم في طرابلس بين قوات حِفتر بين المنشقين من نظام القذافي، أولئك الذين شكلوا أركان حكمه بين ثورة الشرق وثورة الغرب «مصراته».

منذ 24 مارس/ آذار 1999 وحتى 11يونيو/ حزيران من نفس العام خاضت قوات الناتو حربًا ضروسًا ضد الصرب بقيادة ميلوسوفيتش لإجبار الصرب على الانسحاب من كوسوفو، وفي اليوم الـ38 قامت القوات بتوجيه أكثر من 600 ضربة بالطائرات في بلغراد، مع قدوم المبعوث الروسي للسلام فيكتور تشيرنوميردين إلى بلغراد، انتهت الحرب بعدها بشهر تقريبًا مخلفةً العديد من القتلى في صفوف المدنيين حتى من اللاجئين الألبان ومن الكوسوفيين، وجرى تدمير أحياء بأكملها وبلغ عدد القتلى ما يفوق الـ600 قتيل مدني.

ربما يكون هذا هو سيناريو طرابلس، وبعد زيارة غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة في حالة تعرقل سقوط طرابلس في يد حفتر سيحتاج الأخير إلى دعم وتدخل سريع من قبل مصر وربما معلن، وهو ما لا يرجوه حفتر إلا في الإطار الحالي بالتدخل غير المعلن. تأتي استراتيجية السراج بإطالة أمد الصراع للتسبب في ضغط حلفاء حفتر عليه بالانسحاب كونه أحرجهم، وهذا ما لاح في الأفق بعد قرار عبدالسلام الحاسي بانسحاب قوات حِفتر من مدينة غريان.

ويعول حفتر على انشقاقات داخل الحكومة نفسها أو عبر أطراف أساسية فيها ليختطف الشرعية الدولية منها، ومن الواضح من خلال مقابلته للعاهل السعودي والرئيس المصري فإن الاعتراف به بشكل رسمي قاب قوسين أو أدنى، لذا فمعركة طرابلس حيوية له بأي ثمن ممكن وإن حولت طرابلس إلى بلغراد جديدة، تنتهي بعدها سطوة الغرب على السياسة الليبية لتعود إلى الشرق مرة أخرى.

والسؤال الذي يُطرح الآن في حال انتصر حِفتر هل ستعاقب مصراتة مرتين؟ المرة الأولى، من القذافي والآن من منشقي الشرق؟ فما يبدو إلى الآن أن قوات مصراتة لن تستسلم بسهولة إلا بالخيانات!