كيف يساعد توظيف المستقل على زيادة تنافسية الشركات؟
عزيزي صاحب العمل، كيف حالك؟
هل سألت نفسك يومًا وأنت واقف أمام قسم المعكرونات في «الهايبر ماركت»: لماذا تشتري هذا النوع بالتحديد ولا تشتري أي نوع غيره؟
قد تكون إجابتك السريعة أنك تأثرت بإعلانات المنتج على «السوشيال ميديا» مثلًا أو أن زوجتك أخبرتك أن نوع المعكرونة هذا «ما بيعجنش»، ومن واقع خبراتك فإنك تدرك بالطبع أن شركة المعكرونة تعتمد في مبيعاتها على خطة لزيادة التنافسية مع الشركات الأخرى، ولكنك قد لا تدرك أن أهم عناصر نجاح هذه الخطة هي المستقلين الذين توظفهم الشركة للدعاية والتسويق ووضع الخطط والاستراتيجيات؛ لأنهم الأفضل في العمل على زيادة تنافسية الشركات.
لأن التنافسية أساس العمل الحر
أساس النجاح في مجالات العمل الحر هو التنافس فيما بين المستقلين؛ فكل منهم يسعى للتميز، ويحرص على زيادة تجاربه وخبراته، وملء «البورتفوليو» بالأعمال المتعددة والمتميزة، ليكون أحد البارزين على منصات العمل الحر الشهيرة، مثل منصة خمسات ومنصة مستقل، وهو ما يجعل بيئة الأعمال الحرة والمستقلة بيئة تنافسية في طبيعتها، تُؤسَّس على التنافس وتنمو به، وبالتالي، فإن استعانة الشركات بخبرات عامل حر أو أكثر في مجالات عملها يساعد على نشر هذه الحالة من التنافس داخل فرق عمل الشركات وإداراتها المختلفة، وكأن التنافسية «أوبشن» ضمني تحصل عليه الشركات بمجرد توظيف عامل حر، بحيث يسعى إلى تفوق شركته على منافسيها بقدر سعيه إلى التفوق على منافسيه في مجال عمله الحر.
يحقق العمل الحر فوائد كبيرة للأعمال التجارية، فهو يساعد على استكشاف أسواق جديدة ومهارات جديدة ومتطورة، ويزيل الحواجز التجارية، ويتكيف موظفوه بشكل أفضل مع التطور التقني المستمر، وهو ما يزيد من القدرة التنافسية للشركات والأعمال التي تستفيد من توظيف المستقلين، وعما قريب سيصبح من الصعب تحقيق القدرة التنافسية للأعمال والحفاظ عليها وتحسينها دون الاعتماد بشكل أساسي على خدمات المستقلين وأصحاب العمل الحر.
العمل الحر تنافس مستمر
بيئة الأعمال الحرة بيئة تنافسية بطبعها، تسعى لتحقيق قدر من التميز لكل أفرادها بحيث تستمر المنافسة والسعي نحو التطور؛ لتضمن استمرار التطور والتنافس اللذين يساعدان على التحسّن المستمر، ففي العمل الحر يسعى الجميع للمنافسة القائمة على فوز الجميع، وليس فوز أحد على الجميع، بل إن بيئة العمل الحر تعمل على زيادة تنافسية الأقل ليلحق بالأعلى منه، فالعامل الحر لا يريد أن ينجح بمفرده، إنما يسعى للنجاح لمواكبة نجاح الآخرين، وهو ما يجعل من العامل الحر موظفًا إيجابيًا للشركات وأصحاب الأعمال.
وعندما تُوظف مستقلًا ويقوم بعمل جيد، فإن النتيجة المباشرة لذلك هي أنك ستسعى لتوظيف المزيد من المستقلين، وبالتالي سيسعى منافسوك للهدف نفسه؛ من أجل الحصول على المكاسب نفسها، وبذلك تزداد التنافسية، وتنتشر داخل الشركة، وبينها وبين الشركات الأخرى.
فكّر معي في صاحب عمل وظّف مستقلًا عبر منصة مستقل لإنشاء موقع ويب لأعماله، ومن ثم بحث على المنصة عن شخص يتولى المسؤولية عن الموقع، وآخر يساعده في الإعلان عن أعماله، وثالث يساعده في تحسين نتائج موقعه على محرك بحث Google، إذا قاموا جميعًا بعمل جيد، فقد يحتاج صاحب العمل إلى مساعدة في خدمة العملاء، والمبيعات، وتطوير استراتيجيات العمل، والقانون، والمحاسبة، وغير ذلك الكثير، وكل ذلك بدافع من رغبته في استمرار القدرة التنافسية التي حققتها أعماله عبر توظيف مجموعة من المستقلين المتميزين.
علاقة القدرة التنافسية بالعامل الحر
تُعرف القدرة التنافسية للأعمال بأنها قدرة المؤسسات على إنتاج سلع أو خدمات بسعر وجودة مناسبين، بحيث تضمن ربحية جيدة، وتنال تفضيل العملاء على حساب سلع وخدمات المنافسين الآخرين، وتضمن القدرة التنافسية استدامة أعمال الشركات، وهو ما يفرض على الشركات الاهتمام بالعناصر البشرية والمادية التي تضمن لها مقدارًا من الجودة والابتكار يحقق لها قدرة تنافسية مناسبة.
ويتطلب بناء القدرة التنافسية إنشاء استراتيجية تتضمن التحسين المستمر لعوامل مختلفة، على رأسها العنصر البشري، والقدرة على الابتكار، والعلاقة مع العملاء، وهي عناصر لا يمكن تحقيقها بكفاءة إلا بجذب أفضل المواهب التي تؤدي مهامها على أفضل وجه ممكن، وتتوقع المستقبل بناء على مواكبة التطور الحالي، لتقدم سلعًا وخدمات مبتكرة، وتعمل على إنشاء علاقات دائمة مع العملاء، وهي أمور تعد من صميم تألق العامل الحر الذي يسعى للتطور والابتكار، والسعي الدائم نحو المستقبل، والحفاظ على علاقات جيدة ودائمة مع عملائه.
وبحسب نصائح مجلس خبراء فوربس، فإن تحقيق النجاح يتطلب من الشركات وأصحاب الأعمال إحداث توازن بين أولويتين: مواكبة المنافسين، والحفاظ على التدفق النقدي، ومن العوامل المهمة التي تساعد على تحقيق ذلك التوازن ألا تخسر الشركة أموالًا أكثر على بنود تثقل ميزانيتها، مثل المقرات الدائمة، والأدوات المكتبية، وهو ما يتحقق بتوظيف المستقلين؛ إذ لا يحتاج توظيفهم إلى مقرات دائمة وإنفاقات نثرية تثقل كاهل الشركات وأصحاب الأعمال بأعباء مادية تعطل من قدرتهم على الحفاظ على المنافسة والتدفق النقدي.
العامل الحر يواكب تطور التنافسية
بسبب تطور الأعمال، ودخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف أنواع الأعمال، صارت القدرات التنافسية للشركات تعتمد على تجارب العملاء والموظفين على حدٍ سواء، وصارت الشركات الرائدة على يقين من أن التكنولوجيا ركن ركين من أعمالها، بغض النظر عن مجال عملها، وهذا ما يفرض على الشركات وأصحاب الأعمال اعتماد إتقان التكنولوجيا كمعيار أساسي للتوظيف والترقي واختيار فرق العمل المختلفة، وهو ما يحققه العامل الحر بسلاسة ومرونة؛ إذ يعتمد مجال عمله الحر على أدوات ومعدات وبرامج وتطبيقات تقنية، ويتوقف نجاحه وتطوره على مدى إتقانه للتكنولوجيا، ومهارة استخدامها في أعماله، بحيث يدرك الغد بناء على خبرات وتجارب اليوم.
ويساعد العامل الحر على تحقيق ميزات عدة للشركة تساعدها على زيادة قدرتها التنافسية، ومنها:
- تغيير طريقة تفكير الشركة وتطوير استراتيجياتها، بحيث تتوقع المستقبل؛ لتسبق منافسيها دائمًا، من خلال التخلي عن الجمود، والاهتمام بالتحليل والبحث الدائم والدؤوب عن كل ما يمكن أن يميزها، ويجعلها أكثر تنافسية.
- تحديد الأولويات وزيادة التواصل، وهما من أهم ما يقدمه العامل الحر للشركات، بناء على خبراته وتجاربه السابقة مع الأعمال المختلفة والمشروعات المتعددة وأصحاب الأعمال المتنوعين، فيصبح أقدر على دعم تنافسية شركته.
- تعدد الخبرات والمهارات، بحيث تمتلك الشركة فريق عمل متكامل متنوع الخبرات، يغطي كل جوانب العمل بطريقة شاملة ومتكاملة، فتصبح فرق العمل متقاربة الاهتمامات والخبرات، ولا تكون بمثابة جزر منعزلة، تضم مجموعات متنافرة من الموظفين داخل حجرات مكاتبهم، لا يعرف كل منهم إلا ما يخص إدارته فقط، ولا يحقق من تجارب العمل سوى تجارب قاصرة على إدارته وتخصصه المحدود.
- خلق تجربة وظيفية سلسة، وهي جزء لا يتجزأ من كون الشركة قائمة على الخبرة. ولإنشاء هذه التجارب يجب تكوين فريق عمل متجانس الخبرات والمهارات؛ لأن الموظفين لا يقلون أهمية عن العملاء، فهم بمثابة سفراء للشركة.
- توفير قدر من النفقات كان يُهدر على مقرات دائمة، وأدوات مكتبية، ونثريات وظيفية، ما يمكّن الشركة من استغلاله في زيادة الجودة والإنتاجية، وبالتالي، زيادة قدرتها التنافسية.
الأمر بسيط، ولا يحتاج لعناء، موظف تنافسي يعمل في بيئة أعمال حرة تنافسية، ويسعى للتميز عبر منافسة غيره الذين بدورهم يسعون لزيادة تنافسيتهم، لذا، فإن توظيف هذا الموظف وأقرانه يعد محركًا قويًا لتنافسية الشركات والأعمال، ضامنًا لاستمرار قدرتها على المنافسة، وتحويل بيئات الأعمال المختلفة إلى بيئات مرنة وتنافسية، ليجعلك تتأكد حين شرائك لكيس المعكرونة في المرة القادمة أن هناك مجموعة من المستقلين تقف وراء قرارك بشراء هذا الكيس، لذا أدعوك أن تفكّر بطريقة مختلفة.