بالأرقام: كيف يحاول «كونتي» بناء إنترميلانو الجديد؟
تسيطر فكرة واحدة على رأسي كمتابع للكرة منذ تعيين كونتي مديرًا فنيًا لإنتر ميلان بعد مواسم من التخبط الفني والإداري التي غير فيها مسئولوا الإنتر ما يزيد عن العشرة مدربين خلال التسع سنوات الماضية، وهي هل سيفوز الإنتر مجددًا بدوري أبطال أوروبا؟ نعم، لقد قرأت السؤال بطريقة صحيحة، لم أتساءل عن فوز الإنتر بالدوري ومناطحة اليوفي، بل سألت عن الفوز بذات الأذنين!
عانى الإيطالي الشهير من كلمة كأس في رأسه حيث إنه لم يفز سوى بكأس واحد طوال مسيرته في موسمه الثاني والأخير مع تشيلسي في حين نجاحه الساحق في الفوز بالدوريات. هنا مجال النقاش سيفتح حول إمكانية كونتي من الأساس بالفوز بمباريات الكئوس، أم أنه مدرب دوري فقط كما يُطلق عليه.
الكماشة : لا تخافوا، ولكن احذروا
كررها كونتي في معظم تجاربه البداية باللعب بأربعة مدافعين سواء ب 4-3-3 أو 4-2-2، ثم تلقي الهزائم ثم تغييرها للشكل المُحبب له بثلاثة لاعبين في الخلف إما بشكل 3-4-3، كما سيطر على إنجلترا بتشيلسي أو بشكل 3-5-2 كما فعل مع يوفينتوس أو ب 3-1-4-2 كما طبقها مع المنتخب الإيطالي.
توفر تلك الخطة لكونتي شكل طاولة الطعام التي تنفتح وتُغلق على نفسها، حول لاعب الارتكاز أمام ثلاثي خط الدفاع، شكل يستطيع به إحكام السيطرة على لاعبيه قبل لاعبي الخصم. يقول كونتي دائمًا إن المدرب هو المدرب واللاعبون هم اللاعبون، فهو يريد منهم الطاعة التامة في الملعب، هو يريد أن يتحكم بهم مثل عرائس الماريونيت.
سيلعب كونتي مع الإنتر 3-5-2 بالشكل الذي لعبه مع يوفينتوس ما بين 2011 و2014، لذلك كانت الحرب على لوكاكو، لماذا؟ سنرى.
تمرر الكرة بين قلوب الدفاع، تمريرة للخارج لأحد مدافعي الطرف ثم تمريرة للداخل للريجيستا «بيرلو في اليوفي والآن سينسي في الإنتر »، ثم تمريرة سريعة للمهاجم الذي يهبط لوسط الميدان لتوزيع اللعب على الطرف الآخر الذي يكون فيه الظهير الجناح ينعم بمساحة خالية تمامًا بعد تجميع اللعب كله على الناحية الأخرى. الفيديو السابق يشرح ذلك تمامًا.
الانتدابات : تروس تكمل الماكينة
لماذا القتال على لوكاكو إذن؟ حسنًا لوكاكو هو أحد أفضل من يستطيعون اللعب مع كونتي في تلك الخطة حيث الطول الفارع والقوة البدنية الخارقة التي تمنح القدرة على النزول لوسط الملعب ومن ثم توزيع اللعب بعد حجز المدافعين عن الكرة. ولكن ماذا عن إخباركم بأن معدل تمريرات لوكاكو المؤدية إلى فرص هبط في آخر 4 مواسم من 1.4 إلى 1.2 إلى 1 إلى 0.89 في المباراة الواحدة؟
يعلم كونتي ذلك بالتأكيد ولكن كونتي يلعب بالمجموعة كاملة، سيتم إجبارك على فعل الصواب لأن الجميع يعمل كالتروس في نفس الماكينة، وما استطاع زازا فعله بالتأكيد سيفعله لوكاكو!
توضح الصور السابقة أن تحركات لوكاكو ومعظم لمساته خارج منطقة جزاء الإنتر، وبالتالي تغيير في عقلية اللاعب نفسه بمجرد دخوله منظومة أنطونيو كونتي. استخدام لوكاكو المختلف سيعوض نقص قدراته الفنية أمام المرمى اللاعب الذي سجل مرة واحدة في 20 مباراة أمام الأندية الكبيرة في إنجلترا أو ما يعرفون بال top six.
جلب كونتي ستيفانو سينسي أيضًا من ساسولو اللاعب الذي سيجعل منه كونتي بوجبا آخر بجوار بروزوفيتيش الذي سيزدخر في دور البوكس تو بوكس مع أنطونيو. سينسى الذي سجل هدفًا وصنع آخر في مباراتين مع الإنتر حتى الآن، يبدو وأنه سيصبح القطعة التي حاول سباليتي جعلها تعمل مع فاليرو أحيانًا كثيرة ولكنها رفضت العمل بعد شنايدر.
الانتقال الثاني المثير كان انتقال سانشيز غير الموفق لمدة تقارب عامين مع مانشستر يونايتد بعد سنوات النجاح مع برشلونة والتألق اللافت في أرسنال، ماذا يريد كونتي من لاعب يصفه الجميع بالانتهاء؟ الإجابة هي الرهان على الوحش النائم.
كما وصفه بيب جوارديولا هو مقاتل كإنسان في الأساس بجانب موهبته الفطرية كلاعب كرة قدم، ولكن لأسباب لا يعلمها أحد فقد كل شيء في مانشستر يونايتد، حيث انخفض معدل تسديداته على المرمى من 3.79 مع أرسنال إلى 1.68 مع مانشستر يونايتد في المباراة الواحدة!
فارق شاسع بين سانشيز مع أرسنال حيث الفطرة في التحرك بسرعة خلف الدفاع وبين التكاسل الذي ظهر عليه مع مانشستر يونايتد. يراهن كونتي على إعادة سانشيز كما راهن على لوكاكو أيضًا. الرهان ليس مهاترة لأن كليهما أثبت في وقت ما جودته ولأنهما لايملكان ما يمكن خسارته، بل يريدان إثبات شيء ما.
نفس القصة: النهاية واحدة والنجاح مؤكد
تتشابه قصة تعيين يورجن كلوب في ليفربول بعد إقالة رودجرز في أكتوبر 2015 مع قصة تولي كونتي مقاليد الأمور في الإنتر، ليست في طريقة أو توقيت تولي المنصب ولكن في وضع الفريق قبلها. تخبط في ليفربول واعتبار التأهل لدوري الأبطال إنجازًا كذلك في ميلانو لسنوات عديدة حتى المواقف تتشابه مع موقف كونتي ذاته عندما تولى مسئولية اليوفي في 2011 وبدرجة أقل مع كونتي أيضًا عندما تولى مسئولية تشيلسي في 2016.
تتشابه أيضًا كل تلك القصص في جمال نهايتها حيث دوري الأبطال يتوج مجهود كلوب مع ليفربول وثلاثية محلية ستظل في التاريخ لكونتي مع اليوفي، وبالتالي يتوقع الجميع أن يكسر كونتي سيطرة اليوفي المحلية التي دامت لـ 8 سنوات متتالية، هنا يكمن التحدي الحقيقي.
يختبئ تحدٍ آخر بداخل كونتي وهو الفوز بكأس، حيث لم يفز كونتي سوى بكأس واحدة طوال تاريخه التدريبي كانت كأس إنجلترا مع تشيلسي في موسمه الثاني. يلام كونتي على عدم اهتمامه بالكؤوس تارة حيث له تاريخ مع اللعب بالصف الثاني مثلما فعل أمام روما وأراح بوفون وبوجبا وتيفيز من أجل الدوري، وأخرى يُتهم بعدم قدرته على لعب مباريات خروج المغلوب فهل سيغلب كونتي شيطانه؟