الذكاء الاصطناعي: كيف يرى «ChatGPT» كرة القدم؟
لا صوت يعلو فوق صوت تقنيات الذكاء الاصطناعي وسبل استخدامها في الآونة الأخيرة. ليس فقط على صعيد الأنظمة المعقدة، ولكن على جميع المستويات الأدنى وصولًا لخدمات الإنسان اليومية.
ولأن المجال ما زال واعدًا، فإن حجم المنافسة عليه من شركات التقنية عالميًّا يبدو عملاقًا؛ حيث تطمح كل شركة في أخذ السبق من نظيرتها، من أجل فرض السيطرة على سوق اقتصادي ضخم، بدأت مؤشراته في الظهور، وما زال مستقبله يلوح في الأفق.
وفي محاولة لاستيعاب ما يحدث حاليًّا، سأطرح عليك سؤالًا: ماذا لو أخبرتك بأن المقدمة السابقة ليست من كتابتي، ولكنها من كتابة تقنيات الذكاء الاصطناعي؟ هل شعرت بذلك؟ لا بأس لقد توقعت إجابتك بالفعل.
نعتذر عن الصدمة الأولى لك في هذا المقال، ولكننا نعدك بأنها لن تكون الأخيرة. على كلٍّ سنحول دفة الأمر سريعًا، ونذهب لطرح سؤال أكثر أهمية، ألا وهو: كيف ستكون كرة القدم في عصر الذكاء الاصطناعي؟
بداية «الرحلة»
لا شك أن هناك عددًا من التطبيقات القائمة بالفعل في عالم كرة القدم الآن، خاصة بعد بطولة كأس العالم الأخيرة في قطر، والتي حرص خلالها الاتحاد الدولي للعبة «فيفا»، على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مباريات البطولة.
وبعيدًا عن تقينة حكم الفيديو «VAR»، وتقنية خط المرمى، المطبقتين من قبل البطولة، شهدت قطر تطبيق تقنية مستحدثة، تُدعى التسلل شبه الآلي «Semi-automated offside technology»، والتي تقوم على تتبع أطراف الهيكل العظمي للاعبين، مما يساعد في دقة قرار الحكم المساعد.
كما شهد المونديال العربي تواجد تقنية تحليل الأداء للاعبين أثناء إقامة المباريات «performance analytics»، والتي وفرت أكثر من 15 ألف نقطة بيانات؛ الأمر الذي جعل المحللين والمدربين والجماهير أيضًا أكثر قدرة على فهم مجريات اللقاءات.
إلا أن التقنية الأبرز في تلك البطولة، كانت في كرة «الرحلة»، والتي صممتها شركة «أديداس» الألمانية خصيصًا، بتقنية الذكاء الاصطناعي القائم على الشحن، حيث تسمح بوجود مستشعر حركة قادر على تتبع كل لمسة للكرة بمعدل 500 لمسة في الثانية الواحدة.
تحليل الأداء
تلعب تقنيات تعلم الآلة «Machine Learning» دورًا حيويًّا في الوقت الحالي، في عمليات تحليل أداء الفرق واللاعبين، وذلك عبر تحليل مقاطع فيديو ومشاهد بانورامية من المباريات أو تدريبات الفرق المختلفة بشكل سهل للغاية.
وبحسب موقع «codemotion» التقني، فإن تلك التقنيات تقوم على 4 مراحل رئيسية هي: التعرف على اللاعبين والكرة، تتبع اللاعبين في الفيديو، تمييز اللاعبين بين الفريق والخصم، إلى جانب حساب مواقع اللاعبين بدقة عبر إحداثيات ذكية للملعب.
الأمر الأكثر إثارة هو أن تلك التقنيات تُنجز تلك المراحل في ثوانٍ معدودة، من خلال جمع نتائج هذه العمليات في قواعد بيانات محددة ونقلها إلى لوحة معلومات توفر تحليلًا ديناميكيًّا، وهو ما يعرف بـ «نظام ذكاء الأعمال».
ولا تكمن أهمية تلك التحليلات في مساعدة المدربين على إدارة فرقهم بشكل أفضل من خلال بيان نقاط الضعف والقوة فقط، بل تمتد إلى معلومات ملموسة للتوقع بإصابات اللاعبين، وبالتالي التدخل لتجنب تلك الإصابة، إلى جانب عمليات استكشاف المواهب والتعاقد مع اللاعبين من دوريات مختلفة مستندة لما تخبرنا به الآلة عادةً.
الجمهور عن بُعد
هل تتذكر تقنية تحليل الأداء في كأس العالم؟ نعم، تلك التي أتاحت تجربة استثنائية للجماهير في المدرجات، من خلال متابعة حية لإحصائيات اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، المفاجأة أن فكرتها الأولى لم تكن في مونديال قطر.
قدم الاتحاد الألماني لكرة القدم بالتعاون مع البوندسليجا، فكرة شبيهة لها أثناء انتشار وباء الكورونا، أُطلق عليها في ذلك الوقت «الجمهور عن بُعد»، والتي تقوم أيضًا على استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى تفاعلي أكبر للجماهير في المنازل.
وحرص القائمون على الدوري الألماني، على تقديم كم هائل من المحتوى الرقمي عبر منصات البث وقنوات البث، وذلك في محاولة منهم لتعويض الجماهير عن أجواء الملعب التي اعتادوا عليها، والنقاشات التي كانوا يقومون بها أثناء مشاهدة لاعبيهم المفضلين.
ووفقًا لدراسة من إحدى الجامعات الهندية بعنوان: «المنظور العالمي: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في لعبة كرة القدم»، فإنه يمكن استخدام تلك التقنيات في مواجهة ظاهرة خلو الملاعب من الجماهير بسبب الارتفاع المستمر في أسعار التذاكر.
واعتمد الباحثون في تلك النظرية على إمكانية تطوير قواعد البيانات الخاصة بجماهير الأندية بشكل يسمح لها بتحديد المباريات المطلوبة خلال الموسم مثل: «المباراة الأولى، والمباراة الأخيرة، ديربي أو كلاسيكو معين»، وبالتالي رفع سعر تذكرته، بينما تشجيع الجماهير على حضور المباريات غير المطلوبة من خلال تخفيض سعر التذاكر بها.
الحكم الآلي
واحدة من نتائج نفس الدراسة، كانت متمحورة حول التحكيم، حيث رأى الباحثون أن اعتماد الفيفا لتقنية حكم الفيديو، إلى جانب تقنيات التسلل شبه الآلي والكرات الذكية، فتح الباب أمام الذكاء الاصطناعي ليحل محل حكام الراية.
واستشهدت الدراسة بحديث الباحث إيان بيرسون الذي قال: «التطورات في التكنولوجيا ستعني أنه ستكون هناك احتمالات لإدخال التقنية في الرياضة للمساعدة في الاستفادة منها إلى حد كبير».
وأوضح الباحث البريطاني أن عشاق كرة القدم سوف يعتادون على رؤية مساعد آلي لأن الذكاء الاصطناعي ليس عرضة للخطأ البشري، على عكس حكام الراية في الوقت الحالي.
ووفقًا لما ذكرناه سلفًا من مراحل تعامل تقنيات الذكاء الاصطناعي مع تحليل مقاطع الفيديو، فإن عمل الإنسان الآلي محل حكم الراية تبدو قابلة للتنفيذ؛ نظرًا لقدرتها على اتخاذ القرارات بشكل أسرع وأكثر دقة، حتى إن استبعدت الدراسة تطبيقها في القريب العاجل.
ختامًا، لم يتبقَّ سوى معلومة وحيدة لا بد أن نخبرك بها الآن، ألا وهي أن تطبيق «ChatGPT» الشهير، والذي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، هو من أخبرنا بالأفكار الرئيسية في هذا المقال، بل ساعدنا في العثور على دراسات بحثية تثبت ذلك، وهذه بالطبع صدمتك الثانية اليوم.