كيف تقاوم «الرأسمالية» في القرن 21؟
الحديث عن الرأسمالية والنضال ضدّها أصبح مكررًا، وقد يراه البعض سخيفًا؛ لكن عالم الاجتماع الاقتصادي الأمريكي «إريك أولين رايت» في كتابه «كيف تكون مناهضًا للرأسمالية في القرن 21» (صفحة سبعة للنشر، 2022، ترجمة سمير عبد ربه) لا يقدم حديثًا اشتراكيًا كلاسيكيًا وإنما دعوة إلى الوصول بالأسواق والدولة إلى شكل ديمقراطي اجتماعي؛ تضع الإنسان وحاجته أولوية لها.
يظن البعض أنه من الطبيعي أن أبناء الطبقات العاملة هم فقط أو بالأساس من يناهضون فكرة الرأسمالية ويقفون ضدّها؛ ولكن تلك الفكرة مع التقدُّم وانفتاح الأسواق وتنوع الوظائف لم تَعُد ذات أساس قوي وذلك بسبب تعقيدات المصالح الطبقية، ولذا كان لا بد من محاولة إيجاد مَخرج آخر يجمع البشر من الناحية الأخلاقية التي يرى رايت أنها أرضية مشتركة حتى أكثر من الأرضية الاقتصادية والطبقية نفسها؛ ويعتبر رايت مثال دعم فريدريك إنجلز، الذي كان رأسماليًا كبيرًا في حياته الخاصة، للماركسية أشهر الأمثلة على ذلك. فالناس أحيانًا يميلون لأخذ موقف أخلاقي في تحديد قضاياهم وموقفهم منها. هكذا يبني إريك أولين رايت موقفه على عدد من الأسس أو المعايير الأخلاقية التي تدفعنا لمناهضة الرأسمالية بحثًا عن بديل أفضل.
الأسس الأخلاقية لمناهضة الرأسمالية
1. المساواة والعدل:
تنطلق كل الممارسات الاقتصادية والأفكار المناهضة للرأسمالية من فكرة البحث عن المساواة والعدل؛ لأن عدم المساواة شيء أصيل في الرأسمالية وليس مجرد صدفة، فهي تغذّي التفاوت الطبقي والاستغلال نتيجة تراكم الثروة لدى طبقة واحدة وعدم توزيع الأرباح بشكل عادل يضمن ازدهار ورفاهية الجميع، كما أنها تخلق حالة من الاضطراب النفسي بسبب القلق من المخاطر الحياتية وعدم وجود ظهير آمن للمواطنين يحميهم. كما أن اتجاه الشركات للتجديد والابتكار المستمرين.
كل هذا بدوره يخلق تساؤلات عن معنى المساواة المطلوبة ولأي حد يمكن تطبيق ذلك المبدأ. ويختلف الأمر هنا عن مبدأ تكافؤ الفرص. التكافؤ يتيح للجميع بداية واحدة، ولكن عند نقطة معينة، من يفشل لا يلوم إلا نفسه في الفشل. أما المساواة فهي إمكانية توفير آليات تعمل على أن يصل الجميع إلى حياة مزدهرة ومناسبة، أي ما يضمن الحد الأدنى من الحياة المناسبة بغض النظر عن أي تصنيفات طبقية أو جنسية أو دينية أو حتى قدرة بدنية. فكل التصنيفات قد تظلم صاحبها، ولذلك يحتاج الجميع إلى المساواة.
2. المواءمة بين الديمقراطية والحرية:
من المفارقات أن قيمتي الديمقراطية والحرية هما في الأصل متنافرتان رغم ارتباطهما شكليًا؛ فالديمقراطية تعمل على فرض قواعد ملزمة للجميع يعملون من خلالها ما قد يؤثر سلبًا على قيمة الحرية الشخصية للفرد إنها إشكالية جدلية ومعقدة، تظهر بوضوح في البنية الرأسمالية. فهي تسمح باستبعاد الطبقات العاملة من تقرير مصيرهم أو المشاركة في القرارت المؤثرة مباشرة على حياتهم إن قرر صاحب العمل طردهم أو نقل أعماله لمكان آخر بعيد دون أي اعتبار لهم أو لتشرّدهم نتيجة ذلك القرار. يمكننا تفادي ذلك الأمر بإيجاد قانون للعمل يقيّد تحركات رأس المال المؤثرة مباشرة على حياة العاملين، ولكن ذلك سيعني بشكل مباشر تقييد السوق الحرة وبالتالي خروج الاستثمارات من الدولة أو السوق مما يشكِّل ضغطًا على الإدارة السياسية التي بدورها ستحاول الحفاظ على الاستثمارات بإيجاد حلول ترضي رأس المال وليس القاعدة العاملة.
الديمقراطية و الحرية إذن متناقضتان بشكل جوهري أحيانًا؛ ولكننا نتعامل معهما على أنهما مرتبطتان بشكل وثيق بسبب تأثير كل منهما بشكل مباشر على الأخرى، فالحرية سياق اختيار الشخص لقراره الذي بدوره يؤثر على الآخرين في قراراتهم في لحظة الاختيار الديمقراطي؛ ولذا يحتاج المجتمع لتوفيق مساحات تضمن حق تقرير المصير الشخصي للأفراد؛ بعدم أخذ إجراءات شمولية بشكل يقيّد الحرية، مما يتيح لكل فرد مساحة متساوية في تقرير مصيره، ولكن بما يضمن عدم التسبب في ضرر قطاع أوسع من المواطنين. إشكالية صعبة يمكن حلها في ظل مجتمع متضامن يسعى فيه الجميع لرفاه الجميع.
3. التضامن:
ترتبط قيمة المجتمع/التضامن بازدهار الإنسان وراحته. فالمجتمعات الجيدة -بداية من أصغر وحدة فيها، وهي الأسرة، وحتى المجتمع ككل- هي التي تخلق روابط إنسانية مشتركة بين أفرادها مما يساعد على تقليل شعور الجميع بالقلق ويسمح لهم بحياة مزدهرة مرتبطة يفكر فيها الجميع من أجل بعضهم. ولكن الرأسمالية تعمل بشكل صريح ضد تلك المبادئ؛ فالدافع الرئيسي خلف الاستثمار الرأسمالي هو المصلحة الذاتية والربح فقط دون النظر لأي اعتبارات أخرى، مما يفسد روح المجتمع ويخلق حالة من التنافس المَرضي بين الجميع ويدفعهم إلى المسارعة في خطف الفرص، وينمي الجشع من ناحية رأس المال، والخوف من ناحية قاعدة العاملين. ويتحول المجتمع أيضًا لمجتمع استهلاكي كل شيء فيه قابل للشراء والبيع، مما يضيع المصلحة العامة المشتركة ويعلي فقط مصلحة السوق.
تدمر الرأسمالية المجتمع بشكل ممنهج، لذا نحن بحاجة لإعادة الشعور بالتضامن وخلق حالة هادئة تسمح بالتفكير في أشياء أخرى غير الربح والاستهلاك والعمل والالتزامات المالية. ولذلك، لا بد أن يقوم المجتمع أولًا على مبدأ المساواة والعدل، متبعًا طريقًا ديمقراطيًا حرًّا، حتى يكون مجتمعًا متضامنًا ومؤهلًا لحياة كريمة.
أشكال المقاومة
حتى نستطيع تجاوز الرأسمالية نحتاج لفهم آليات واستراتيجيات التغيير ومقاومة الرأسمالية، حتى وإن كنا غير متأكدين من حتمية التغيير أو حتمية الوصول لنتيجة نهائية تحرّرية تحقق الغاية من النضال ضد الرأسمالية.
1. تحطيم الرأسمالية
تعتبر تلك الاستراتيجية هي المفهوم الكلاسيكي للتغيير وخلق عالم أكثر عدلًا، ولكن، هذه الخطوة صعبة للغاية؛ خصوصًا وأن الطبقات والفئات المهيمنة على الوضع هي التي ستقوم ضدّها الثورة والتغيير، وهو ما يعيق أي عملية لتكوين نواة للتغيير، وإن حدثت فإنها تخلق للأسف واقعًا مغايرًا للوضع المثالي المتخيَّل من قبل الثوار، فأغلب الحالات أصيبت بالفشل نتيجة القمع والاستبداد التي انتهت إليه التجربة، بخاصة وأن الثوار الذين حاولوا خلق العالم الجديد أصروا على مقاطعة النظام القديم بكل أشكاله ومؤسساته وخلق دولة مختلفة لم تكن نتيجتها مضمونة مما أدى لفشل تلك التجارب. لم تكن المشكلة بالطبع في الغاية ومحاولة إيجاد بديل تحرّري وإنما في التطبيق وآلية بناء الدولة مع خطأ العامل البشري في التفكير والتنفيذ.
2. ترويض وتفكيك الرأسمالية
تعتمد تلك الاستراتيجية على تكوين نظام مختلط يوفر مجالًا للسوق الحر مع حصول الدولة على امتيازات تسمح لها بإدارة أغلب المرافق الخاصة بها، ووضع قوانين تلزم المستثمرين بدفع الضرائب، وتوفير ظهير اجتماعي للمواطنين من تأمينات طبية وتعليمية ووسائل نقل ومواصلات وحماية ضد خطر الفصل التعسفي والإعاقة وهكذا، ولكن هذه الطريقة تعتمد على مداواة المرض وليس منع حدوثه، فما زالت عملية تراكم الثروة مستمرة ورفاهية المواطنين بعيدة المنال.لكنها تعتبر خطوة أوّلية جيدة وصعبة أيضًا تحتاج لتكاتف سياسي واجتماعي ضخم وضغط على رأس المال بقوة حتى يترك امتيازات كثيرة يراها حق مكتسب له لصالح الدولة.
3. تآكل الرأسمالية
تعتبر تلك الاستراتيجية هي المنتج الهجين بين كل التجارب السابقة، فهي تعتمد على خلق بديل اقتصادي يعتمد على المبادئ التي ذكرناها سابقًا من مساواة وعدل وديمقراطية وتضامن. تحتاج تلك الاستراتيجية لتخطيط منظّم والأهم لتنظيمات مناهضة للرأسمالية تدرك صعوبة التغيير المطلوب وكيف أنه يحتاج لوقت طويل لتنفيذه وتعبئة سياسية مكثّفة تشاركية توحِّد رغبة الجميع في خلق عالم أفضل من دون رأسمالية تسحقهم.
الاشتراكية باعتبارها ديمقراطية اقتصادية
تختلف الديمقراطية الاقتصادية عن الاشتراكية الكلاسيكية. ففي أغلب الأحيان، أثبتت التجارب فشل تطبيق الاشتراكية الكلاسيكية؛ أما البديل المقترح فهو اقتصاد تشاركي تكون أساسه الشروط التي ذكرناها من قبل: المساواة – الديمقراطية – التضامن. وهو اقتصاد مزيج بين التخطيط التشاركي من أنظمة سياسية منتخبة ديمقراطيًا عن طريق استخدام المؤسسات والخدمات العامة، وظهور التعاونيات الموزانة للسوق، ووجود الشركات الخاصة وحماية أملاكها الخاصة مما يضمن وجود رأس مال داخل السوق ولكنه ليس متحكمًا فيه. وبالتالي نخلق اقتصادًا تضامنيًا لا يضر أحدًا بقدر الإمكان، ولا تتراكم فيه الثروة بشكل مبالغ فيه يوسع الفجوة بين الطبقات. ويقترح رايت عددًا من الآليات التي يمكن أن يتحقق من خلالها هذا النمط الاقتصادي.
الدخل الأساسي غير المشروط
تعتبر فكرة الدخل غير المشروط واحدة من أطرف الأفكار وأصعبها في نفس الوقت فهي تعتمد على أن يحصل كل فرد في مدينة ما على حد أدنى من الأجر المالي من الحكومة بشرط أن يجعله فوق خط الفقر مما يكفي احتياجاته الأساسية، دون أي اعتبار لعمله الخاص أو الحكومي. في المقابل، من يتجاوز دخله حدًّا معينًا عليه أن يدفع جزءًا من دخله على هيئة ضرائب. تعمل تلك الفكرة على قتل القلق والاضطراب الذي تسببه الرأسمالية بسبب الخوف من عدم توافر أجر أو التبعية المالية للشركات والمؤسسات، والإجبار على العمل بأي أجر حتى ولو لم يكن يتناسب مع طبيعة العمل.
التعاونيات وخلق اقتصاد تضامني
تسعى فكرة التعاونيات؛ وهي نوع من الاقتصاد التضامني يتكون من تعاون مجموعة من الأفراد لدخول السوق سواء لتقديم سلع للبيع والشراء أو خدمات تعود عوائدها على الجميع، والتي تعمل على خلق أسواق موازية يسهم فيها عمّال ومزارعون صغار وحتى شركات استثمارية بشكل تعاوني في مجالهم الخاص الذي يجمعهم بشكل ديمقراطي، أقرب لفكرة النقابات والاتحادات، ويعطي فرصة لرأس المال أن يستثمر في نشاطات السوق التعاوني دون سيطرته على التخطيط أو ضغطه السوق برفع الأسعار أو قلة السلع، شكل مصغّر للدولة ولكن محدّد جغرافيًا طبقًا لطبيعة كل مدينة أو إقليم ما. مما يعطي الفرصة للعمال والمزارعين والفنّانين ليعيشوا حياتهم من دون التفكير في العمل فقط؛ فيخلق ذلك مجتمعًا متساويًا في البداية، ديمقراطيًا غير مضّطر لاختيارات تضره، تضامنيًا وهادئًا نفسيًا مما ينعكس على تصرفات الأفراد وتشاركهم، فترجع المؤسسات غير الهادفة للربح والتي تقدم خدمات عامة للظهور مرة أخرى.
دمقرطة الشركات الاقتصادية
إن إخضاع الشركات والمصانع لمجموعة من القوانين مثل الحد الأدنى للأجور، إجراءات السلامة والوقاية، والتأمينات الصحية والاجتماعية على العاملين وهكذا، لا يجعلها ديمقراطية؛ لأن الربح والقرارات المصيرية يظل حكرًا لأصحاب رأس المال فقط دون إشراك العاملين ، والحل هنا هو إخضاع الشركات للتمثيل العمّالي في مجلس الإدارة إذا زاد عدد موظفيها على عدد معين، أو إنشاء مجلس عمّالي منتخب يسهم في القرارات الخاصة بطبيعة العمل وتحسين ظروفه وظروف العاملين، ويكون هذا المجلس موازيًا ومقاربًا في قوته لقوة تصويت مجلس الإدارة في ما يخص العاملين.
توفير الدولة للسلع والخدمات
تعتمد تلك الفكرة على استبدال المؤسسات الرأسمالية بالدولة الاشتراكية الديمقراطية التي تتحمل مسئوليتها السياسية والأخلاقية في المساهمة في توفير الخدمات والسلع للمواطنين: خدمات صحية وتعليمية ومرافق عامة وبنية تحتية؛ عن طريق إسناد المشاريع لمؤسسات خاصة ولكن بتخطيط وإشراف وتوفير بيئة مناسبة للعمل، وضمان عدم احتكار واستغلال المواطنين بسبب حاجتهم لتلك الخدمات والسلع؛ حتى إنه يمكن الاستعانة بالتعاونيات أو المجالس المحلية المنتخبة ديمقراطيًا في المراقبة والتخطيط لمعرفة متطلبات كل إقليم أو مدينة حتى يسهم المواطنون في اختيار وتحديد الأولويات الخاصة بهم.
عملية التغيير
تتمثّل المشكلة الأكبر التي تواجه مناهضة الرأسمالية في الطريقة التي تبدأ بها عملية التغيير. فالتغيير الجوهري والصعب يحتاج إلى قوة جماعية فاعلة ومؤثرة وتحرك ككلٍّ واحد في اتجاه هدف محدد، وأن يكون لدى أصحاب فكرة مناهضة الرأسمالية وكلاء سياسيين يحاربون ويخططون للتغيير طبقًا لمعطيات كل مكان ويعملون على توعية المجتمع والمواطنين بالخطر الحقيقي المحيط بهم؛ فإن كان المجتمع غير واعٍ بحقيقة الأمر ولا يريد أن يتورط في امتلاك زمام المبادرة؛ فليس هناك داعٍ للعمل والتنظيم والكتابة والممارسة السياسية من الأساس. فالمجتمع يحتاج للوعي والإيمان بالفكرة؛ لأن التحركات الجماعية مختلفة وتحكمها قواعد مختلفة والقوى الفاعلة المؤثرة فيها تتحرك وفقًا لقواعد اجتماعية مختلفة عن المسار الفردي.
ولكن، من الصعب الإيمان بأن الشعوب لا تفهم حقيقة الوضع، إنما يمكن الحديث عن القواعد التي تحكم تحركهم، وبالأحرى تحركات القوى الفاعلة فيهم. وسنحاول توضيح بعض العوامل التي تحكم ذلك الأمر.
- الهوية
تتشكَّل القوى الفاعلة بشكل كبير طبقًا للهوية التي تجمع مجموعة من البشر؛ لأنها توفر مساحة كافية من التضامن المشترك سواء من ناحية الانتماء لجنس أو عرق أو دين أو عمل يخضع لقواعد معيّنة؛ مما يعمل على تجميع البشر وتشكيل هوية لها مطالب معينة لتحسِّن من وضعها مما يخلق قوى سياسية فاعلة تعمل باسمها. ولكن لا يمكن اعتبار الهوية شيئًا ثابتًا طوال الوقت، فقد تتداخل عدة هويّات مع بعضها مما يتطلب خلق مساحة مشتركة للعمل ومنها خلق دوافع سياسية جديدة للضغط. فالاستفادة الحقيقية تأتي من تجمُّع الهويّات أو خلق هوية جديدة تحت عنوان جامع لخلق قوة فاعلة سياسية أكبر.
- القيم
يتميز أي مجتمع سويّ بوجود مجموعة من القيم التي تحكم معاملاته وميوله السياسية والفكرية؛ قد تختلف طرق التعبير عنها ولكنّها في نهاية تكون قيم عليا يعمل من أجلها الجميع. ولتحقيق أكبر استفادة من تلك الخاصية يحتاج الفاعلون السياسيون لتوحيد القيم العليا للمجتمع مع الهوية الخاصة بالتحالف السياسي لزيادة قوته وتأثيره.
ولكن لكي تحقق أكبر استفادة من تلاحم الهويّات والاهتمامات وقيم العامة لا بد من محاولة دمجهم في مسار ما يسمح بأكبر استفادة منهم؛ أولًا بوضع أساس برنامج مناهض للرأسمالية بقيم إنسانية عليا توحِّد مفهوم القيم بشكل واضح مركزة على المساواة/الديمقراطية/التضامن. ثانيًا العمل على تفعيل التضامن الطبقي بين الطبقات المختلفة والمتناقضة في الهوية وتوفيق مصالح وتطلعات الهويّات التحررية.
وأخيرًا، تعتبر الأفكار السابقة لبنة أساسية للتحرُّك ضد الرأسمالية وتآكلها؛ ولكنها تحتاج لتفكير وتفكيك للرأسمالية أولًا بالابتعاد عنها واستبدالها بمفاهيم اجتماعية واقتصادية تضامنية تضع القيم الأساسية شرطًا لها وتعمل على تغيير موازين القوة وترجيح كفّة الدولة الديمقراطية حتى نضمن مقاومة أقل وتأثيرًا أكبر ومدى زمنيًا طويلًا يسمح بالتغيير واستدامته؛ ولكن كما قال المفكّر الماركسي أنطونيو جرامشي: إننا بحاجة إلى تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة، بشرط أن نتسلح ببعض العقل التفاؤلي للحفاظ على تفاؤل الإرادة