كيف ينظر أهالي «أبو شاهين» إلى محمد النني؟
الاقتراب من الأصول يحمل دائمًا في طياته الكثير، وفي محافظة الغربية وكبرى مدنها المحلة الكبرى، وبالتحديد في منطقة أبو شاهين هناك أصول عديدة يمكن أن تقودنا إلى كثير من سلوكيات وأفعال ومواقف نجم آرسنال ومنتخب مصر، محمد النني.
اقتربنا من مجموعة من أكثر أصدقاء النني علاقة وثيقة به منذ الصبا، والأهم أنهم لا يزالون على نفس الدرجة الآن من القرابة، وهذا يوحي لك بالكثير، ولكن صورة كاملة عن طفولة هذا الفتى ستحملها السطور القادمة.
طفولة مكرسة لكرة القدم
نشأ محمد ناصر النني، ابن واحد من أشهر اللاعبين السابقين والمدربين الذين أنجبتهم تلك المنطقة كثيرة المواهب، نشأة بسيطة وسط منطقة شعبية على الطراز الكلاسيكي الذي تتشابك فيه العلاقات ويلتقي فيه الفتيان كل يوم ساعات طويلة.
طغت موهبة النني على تفكير والده الذي قاد نجله إلى بلدية المحلة حيث بدأ مشواره ناشئًا واعدًا، لينتظم في ناشئي الأهلي ويصبح قائدًا لفريق 1992 لوقت طويل، قبل أن يتم تسريح هذه الفرقة وينخرط النني شابًا في المقاولون العرب الذي قاده إلى طريق المجد.
طفولة النني وفق تلك المعطيات كانت مكرسة لكرة القدم، يذهب إلى القاهرة فيمكث من الأسبوع 5 أيام خارج أبو شاهين، ويعود إليها يومين، تكون الكرة أيضًا شغله الشاغل.
محمد أباظة، صديق مقرب للنني وأحد من كانوا يلعبون كرة القدم معه صغيرًا في أبو شاهين، قال لنا في تصريحات خاصة لموقع إضاءات: «منذ أن كان عمرنا 10 أعوام ونحن سويًا في كرة القدم، ولكن هناك من يتعب ويكافح مثله فيعطيه الله، وهو بصراحة (ابن حلال ويستاهل)».
يضيف أباظة: «في أغلب الوقت كان محمد في القاهرة ينزل آخر يومين في الأسبوع ويسافر مجددًا وبتنا لا نراه كثيرًا بحكم أنه كان في الأهلي».
وحينما سألنا أباظة عن ميزة محمد النني وهو لاعب في سن صغيرة، قال مازحًا: «كان يتميز بالعصبية في الكرة. لا يحب الخسارة أبدًا، تجده في كل مكان في الملعب لأنه لا يحب الخسارة على الإطلاق». وحين قلنا له إن تلك سمة اللاعبين المميزين في سن الطفولة، كرر: «لا .. محمد غير، كان عصبيًا لدرجة لا يتخيلها أحد».
مآدب الخير
كبر محمد النني وبات يترقى من درجة لدرجة، وترافقت معه عادتان لم ينقطع عنهما حتى مع أعلى درجات شهرته، الأولى هي دورات كرة القدم التي يشرف عليها ويعطي ما تيسر من جوائز بنفسه لأهالي المنطقة، والثانية والأهم هي الموائد الرمضانية والعقائق التي يواظب عليها.
تحدث لنا هشام السيد، أحد المقربين من النني وسكان أبو شاهين حول الأمر، فقال: «محمد إنسان طيب للغاية وأكثر من مجرد لاعب كرة قدم، يواظب على إقامة مآدب لأهل المنطقة كلما نزل إلى المنطقة، وفي رمضان قبل أن يذهب إلى آرسنال أقام مأدبة كبيرة لأنه كان يدرك أنه لن يعود قريبًا من إنجلترا».
يضيف السيد: «حينما يدخل محمد (النني) المنطقة حاليًا تكون هناك حالة من الاستنفار الأمني لحمايته، ومع ذلك فإنه يصر دائمًا على الجلوس وسط الناس ومنحهم الصور التذكارية التي يرغبون فيها، إنه متواضع للغاية والكل في أبو شاهين يعلم ذلك».
يتحدث أباظة أيضًا عن هذا الأمر فيقول: «محمد لم يتغير على وجه الإطلاق، وكل ما في مقدرته يقدمه لأهله وللجيران في أبو شاهين، لا يقصر مع أحد على ما رأيت منه، ويحرص على النزول للمنطقة دائمًا وكان هنا منذ فترة قريبة».
قمصان النني الأصلية تغزو أبو شاهين
وعن دورات الكرة، أفاد كل من أباظة والسيد بأن النني اعتاد على تنظيم دورات لشباب أبو شاهين كلما سنحت الفرصة له، ويقوم هو بالتحكيم، ويحدد جوائز من قمصانه الأصلية في الفرق التي لعب لها يمنحها للفائز، حتى في أعمال الخير لا يستطيع النني نسيان كرة القدم.
يقول أباظة عن هذا الأمر: «في كل مرة كان ينزل فيها وأكثر الوقت حينما كان في بازل، كان كل إجازة ينظم تلك الدورة ويحضر فيها كل أصدقائه، ويرصد جائزة من قميصه الأصلي للفريق الفائز، وما إن تنتهي الدورة حتى تجده قد أعد قمصانًا للفريق الفائز والخاسرين ولكل من شارك بشكل عام، بل وأحيانًا لمن يشاهدون الدورة ولا يلعبون الكرة».
ويضيف: «أنا شخصيًا لدي قميصان أصليان له، واحد لبازل والآخر لآرسنال».
فريق النني للأعمال الخيرية
الاتجاه الخيري لمحمد النني أمر يشغل باله بشكل كبير، ولذلك فهو يخصص فريقًا من أصدقائه لمتابعة أعماله الخيرية في أبو شاهين، ويكشف هشام السيد عن جانب من هذا الفريق ولكنه يصر على عدم كشف أي أعمال خيرية يقوم بها النني بناء على طلبه هو، مكتفيًا بالقول: «هناك أعمال خير كثيرة وما يحصل عليه محمد ليس له أبدًا، يفعل الخير ويصمم على عدم إخبار أي أحد به».
يوصي النني أيضًا كل أصدقائه بعدم الرد على منتقديه –كرويًا- وأن يحفظوا غيبته بعدم الدخول في أي مشاحنات.
وازع ديني
كل تلك الأفكار قادتنا إلى رصد وازع ديني واضح لدى النني، كان لابد أن نستفهم من مصادرنا عن جذوره، وبالتأكيد وجدنا الكثير.
يقول هشام السيد، الذي بدأت علاقته مع النني في سن صغيرة: «كان يومنا لابد أن يبدأ بصلاة الفجر في المسجد، مهما حدث ومهما كانت الظروف لابد أن نلتقي في الفجر».
ويضيف: «محمد (النني) طيب ومتدين، وله صوت عذب في القرآن، وما لا يعلمه الكثيرون أنه يملك علاقة صداقة بالشيخ مشاري راشد».
قادنا كل هذا إلى سؤال المقربين عن موقفه الأخير تجاه القضية الفلسطينية إبان بطولات الشيخ جراح، فاكتفى هشام السيد بذكر مبدأ واحد ينتهجه النني دائمًا وهو أن «الكورة مش دايمة» وأن النني «يعرف جيدًا أنه مسلم وأن وضعيته الحالية التي تجعله مرئيًا بشكل أكبر في المجتمع العالمي، تفرض عليه مسؤولية يعلمها جيدًا أن يعبر عن قضايا دينه الإسلامي بشكل سليم حتى لو دفع أي عواقب».