أخطاء يومية تؤخر طفلك لغويًا: المشكلة والحل ووسائل التطوير
بعض الممارسات الخاطئة علينا معرفتها للابتعاد عنها إن أردنا تجنب الوقوع في أخطاء ستؤثر بالسلب على اكتساب أطفالنا للغة في المستقبل، وبعض المعلومات الشائعة عن الطرق العلمية لتعليم الكلام فيها سوء فهم سنقوم بإيضاحه، وسنتعرف على الطرق المثالية لتعليم الأطفال (الكلام) وتطوير لغتهم منذ صغرهم.
في المقال التالي نعرض المشكلة والحل ووسائل التطوير.
المشكلة: لغة الفضائيين
(ادي لعمو سكر): عندما يريدون من الطفل تقبيل أحدهم.
(كده كخ يا حبيبي): عندما يريدون نهي الطفل عن شيء.
( عايز إمبوه؟): لشرب الماء.
حقيقة استخدام كلمة (سكر) للتدليل على القبلة و(كخ) بديلا لكلمة (لا)، و(أمبوه) بديلا عن الماء، إفشال للغة الطفل وليس تعليمًا له.
أولاً: أنت تشوش الطفل بتعليمه لغة غير مستخدمة.
الطفل لن يستطيع فهم أو متابعة أي حديث حوله يستخدم فيه الكبار الألفاظ الحقيقية (بوسه) (مايه) (لأ) لأنه لم يتعلمها أصلا، بل تعلم لفظة (سكر) و(إمبو)، وفي نفس الوقت أنتم الكبار لن تقولوا لبعضكم:
«معلش يا سعاد هاتيلي كباية إمبوه معاكي وانتي جايه».
لذلك الطفل لن يستطيع ممارسة دوره الطبيعي كأي متعلم لغة جديدة: (استنتاج المعاني والكلمات وفهم الحوار بمساعدة الكلمات القليلة التي يمتلكها)، فلن يتوصل لمعاني كلمات أخرى (قبل / بعد) الكلمة التي يعرفها؛ لن يفعل لأنك جعلته أبلهًا وأعطيته لغة فضائيين غير مستخدمة، وذلك سيؤدي لتأخره في إدراك اللغة من حوله، بجانب إحباطه فأنتم تقصدون أشياء هو يعرفها ويعرف أسماءها، لكنكم لا تنطقونها كما يعرف، بابا الآن: (أمبوه)، لكنكم تسمونه (مايه)! فما لزوم اللغة أصلاً أن كانت غير مستخدمة! سيفقد مفهوم اللغة ولن يحاول ممارستها.
بينما لو أعطينا الطفل الكلمات السليمة من البداية لاختلف الأمر، ولاستطعنا رؤية نظرات الفهم تزداد تدريجيًا في عين الطفل كل يوم تلو الآخر، أثناء ما يتابع حوارات الكبار.
ثانيًا: يجب تعليم الطفل الكلمات التي ستبقى معه.
في القريب العاجل سينمو طفلك، فما الوضع لو ذهب لأصدقائه الصغار في النادي أو في الحضانة أو المدرسة ليقول لهم (كخ) وهات (سكر)؟ لن يكون هذا تصرفًا عاقلاً، لذلك عاجلاً أنت ستنهاه بنفسك عن هذه الكلمات وستستبدلها بالكلمات الحقيقة: (لا)، (بوسة)، (مايه).
في ماذا إذن كان تضيع كل الوقت السابق وإهدار مجهود طفلك الذي بذله في الربط بين الأفعال والكلمات التي يسمعها، ومتابعة تلقينكما ومحاولة فهم إشارات يديكما ونظرات عينيكما، والربط بين كل ذلك وبعضه باستخدام كل حواسه في عمليات عقلية عليا بهدف تطويع مراكز الإدراك والنطق للاستجابة في عقله؟
كل ذلك وجهته أنت لطريق (الكخ) الوهمي، ثم أخذت مجهود طفلك كاملاً وألقيته في القمامة!
هل هذه تربية جيدة تلك التي تُهدر طاقات الأطفال وتُعلمهم ما لن يفيدهم وما لن يبقى معهم أكثر من عام واحد، ثم نبدأ من جديد في تعليمه ألفاظ أخرى؟ بالتأكيد لا.
لذا ليس على الأبوين تعليم طفلهما كلمات لن يستخدمها، حتى ولو كانت سهلة في النطق. يمكن تعليم الطفل الكلمة الحقيقية ومساعدته في نطقها وهو بمفرده سيقوم بنطق الجزء السهل منها، وسيتجاوب معك، بدلاً من اختيار كلمة مُغايرة تمامًا.
ثالثًا: التحدث بلغة الأطفال
تحدثنا في النقطتين السابقتين عن نطق كلمات غير حقيقية أصلاً مما يخدع الطفل، فماذا عن نطق الكلمة الصحيحة لكن بشكل غير صحيح؟
“يالا نتكلم ف التفون؟”. التليفون
“بص العفورة؟”. العصفورة.
“هات البادي من اللاجة”. الزبادي والثلاجة.
في معظم هذه الكلمات يحاول الآباء مجاراة طريقة نطق الطفل نفسها ظنًا منهم أنهم يسهلون التواصل معه، وهم لا يعرفون أن الطفل هو الذي يتبعهم، وعليه أن يستمر في اتباعهم، لا العكس.
الطفل يسمع (نظارة) و(تليفون) فيحاول مجاراة ما يسمع فينطق (آره) و(تفون)، عندما يسمعك أنت الكبير الذي تعود على مجاراة لغته تقول: (آره) و(تفون) سيتبعهما فيقول (آر) و (تنون)، وهكذا أنت تُدمر طفلك وتساهم مباشرة في تأخيره اللغوي بتقليل سقف طموحه اللغوي.
لذلك من أكبر الأخطاء محاولة الأهل مجاراة كلمات الأطفال فيسمون الأشياء على غير أسمائها، ولا يكون لسانهم قدوة للسان الطفل، بل يخفون الكلمات الحقيقية عن الطفل مما يجعله غير قادر على الإمساك بأسماء الأشياء والتي سيستخدمها طوال حياته ويجب عليه أن يتدرب عليها من الصغر، ولا شخص غيرك للقيام بدور المدرب في حياته، تخيل مدرب سباحة يقلد تلاميذه في أسلوب سباحتهم لمحاولة التواصل معهم، ويستخدم هذه الطريقة دائمًا، هذا سينتج تدريبًا مشوهًا، الأطفال لن يتعلموا السباحة أصلاً!
هكذا ستكون لغة طفلك مشوهة، ومن هنا تنشأ صعوبات الحديث وصعوبات التعلم برمتها.
معلومات معروفة، لكن بشكل خاطئ!
معلومة صحيحة، لكن تقسيم الكلمة للطفل ليس تعليمًا خاطئًا، عقل الطفل يلتقط نهايات الجمل، أو المقاطع السهلة فيها فقط، جرب أن تدربه على قول كلمة (باب) ستجده ينطقها (آب)، جرب تدريبه على كلمة (فانوس)، سينطقها (نوس).
ذاكرة الطفل المحدودة وقدرات عقله التي لا زالت في طور النمور، لا تستطيع الإمساك بالكلمة الطويلة، لذلك ينطق بما تبقى صداه في عقله بعد سكوتك، لذلك حين سكت أنت بعد نطق (فانوس)، ظل متذكرًا لـ(نوس) فقط.
لذلك نطق الكلمة بطريقة تقسيمها لمقاطع ليس أمرًا خاطئًا، أنت تنطق الكلمة بشكل صحيح واضح لا تحوير أو تغير أو تبديل في الكلمات ولا حتى في المقاطع الداخلية لكل كلمة، لكنك فقط تنطقها على مقاطع.
بل إن تقسيم الكلمات في حد ذاته أمر مفيد لتهيئة لسان الطفل على نطق عدد أكثر من المقاطع لكل كلمة، وتلقين ذاكرته مقاطع متعددة لكل كلمة. طفلك في النهاية لن ينطق سوى المقطع السهل منها، لكن أثناء التدريب (وليس الحديث العادي)، قسّم له الكلمة أثناء الدرس، مثلا: “باب.. آب.. باب.. آب” وأنت تشير لباب الحجرة بوضوح، “فانوس.. نوس.. فاااا.. فاااا.. نوس.. نوووس” وأنت تحمل الفانوس في يدك، ولا تنس عند مخاطبته في المحادثات العادية، عليك نطق الكلمة كاملة بشكل واضح في كل استخدام حتى لو استمر الطفل في نطق مقطع واحد منها فقط، فلا تقلده، نطقك السليم سيكون محفزًا ومرشدًا وقدوة للسان الطفل ليحاول الوصول لنطق مماثل لك.
لذلك تجزئة الكلمات ليست خطئًا كما يظن الآباء. قسّم الكلمات لطفلك.
يجب على الطفل أن ينطق ثلاث كلمات قبل 15 شهرًا
معلومة معروفة، حتى أنها في جدول قياس تطور الطفل الطبيعي في كراسة التطعيمات، لكن السؤال: ما هي الطريقة المفترض أن ينطق بها الطفل هذه الكلمات الثلاث؟
عدم معرفة إجابة هذا السؤال يثير قلق الأهل، فالأطفال قد ينطقون الكلمات بالفعل، لكن يظن الأهل أنهم لم يفعلوا بعد، لأنهم ينتظرون شيئًا لا يحدث، ينتظرون النطق الكامل الواضح للكلمة، وعندما لا يفعل أطفالهم يحكمون عليهم بالتأخر. والطفل ينطق أصلاً بشكل طبيعي يتناسب وعمره.
إذن لنتفق: المقصود بعدد الكلمات هنا استخدام الطفل للكلمة وهو يعنيها ويقصد مدلولها، ونطق أي مقطع من مقاطعها، الفهم والاستخدام والاستجابة هو المقصود وليس نطقها كالكبار، يريد الماء فيقول (مي) أو (مااا). (بب) لنطق (بابا) و(بي) أو (بَه) للإشارة لـ (باي باي).
هذا هو المقصود بنطق الكلمات في هذا العمر، لا تنتظر أبدًا أن يقول طفلك (نضارة) فهذا لن يحدث قبل عمر طويل، بل سيقول (أرا) وهو يقصد (النضارة)، هذا هو المقصود بنطق طفلك عدد معين من الكلمات في عمر كذا، الاستخدام والنطق بطريقته. اتفقنا؟
طبعًا كلما تطور طفلك كلما تحسن نطقه.
الحل: كيف يمكنني تطوير لغة طفلي؟
لا تقسم الكلمة لطفلك، هذا نطق خاطئ وعلينا أن تنطق الكلمات بشكل كامل وواضح وسليم أمام أطفالنا، هناك بحث مشهور يقر أن النطق الواضح هو النطق الوحيد السليم.
1- دائمًا اذكر أسماء كل الأشياء التي تستخدمونها سويًا واحك له ما يحدث في كل مرات تعاملكما، اعرض عليه اللغة باستمرار، حتى أثناء طفولته المبكرة.
2- تكرار الكلمات ومزيد من التكرار.
3- تقسيم الكلمة الواحدة لمقاطع صوتية سهلة ونطق الكلمة بأكثر من أسلوب تعبيري، لكن كلهم بنطق واضح صحيح.
4- دعم النطق بالإشارات اليدوية والشرح البدائي المرافق.
5- عقل الطفل بسيط في تلقيه، لذلك يجب أن تكون المدخلات بسيطة مثله بأن يكون الشرح قليل الكلمات وبسيطا، كأنه شرحًا بدائيًا، مثال: الطفل يلقي التفاحة على الأرض لا أقول له (انت بترمي التفاحة على الارض ليه مترمهاش) بل أقول (تفاحة – أرض – لأ) طبعا هذا في الأعمار الصغيرة، وكلما نما الطفل عليك تطوير الجُمل له.
6- إظهار فهمك للطفل واستجابتك له عندما يستخدم كلمة تعلمها حديثًا واظهر فرحك بالحمل والأحضان والتقبيل وكلمات الاستحسان وتكرار الكلمة أمامه ليربط أن الفرح خاص باستخدامه هذه الكلمة، هذا يعطي الطفل دافعًا لاستخدام الكلمات باستمرار.
7- القصص و(الحواديت) المليئة بالمشاعر وتمثيل هذه المشاعر بتعبيرات الوجه بوضوح مقترن بالكلمة المُعبر عنها.
8- الأغاني السهلة حل سحري لتطوير لغة الطفل.
9- الطفل الذي لا يحتك بأطفال كثيرين في العائلة بشكل متكرر جدًا، لا يُحكم عليه بالتأخر اللغوي قبل أن يذهب لحضانة أولاً، خذ هذه حقيقة مطلقة: الحضانة لها مفعول السحر في لغة طفلك.
10- ابتعد عن التلفاز فكل الآثار السلبية في تأخر الأطفال اللغوي تأتي منه.