كيف يساهم إعداد القادة في تحفيز عملية التنمية؟
في حوار مثير ونقاش قوي حول الذكاء الاصطناعي والوظائف وتكنولوجيا العلوم، اتخذ كل من رائد الأعمال والملياردير الصيني «جاك ما»، مؤسس بوابة «علي بابا» الإلكترونية، ورائد الأعمال الأمريكي «إيلون ماسك»، رئيس شركتي «تسلا» و«سبيس إكس»، وجهات نظر مختلفة حول عدد من هذه القضايا.
خلال فعاليات مؤتمر عالمي حول الذكاء الاصطناعي، والذي عُقدت فعالياته في مدينة شنغهاي الصينية في شهر أغسطس/آب الماضي، تناقش كل من جاك ما وماسك حول المخاطر والتحديات، وكذلك الفرص التي يمكن أن توجد في ظل الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بالوظائف ومعدل الأعمار ونظم التعليم.
وجهات نظر كل من الرجلين جاءت متعارضة في كثير من هذه القضايا، «جاك ما» يرى أنه لا يوجد قلق من منافسة الآلات للوظائف، وأن قلقنا في المستقبل يجب أن يتركز في تطوير التعليم الذي يجعل الأفراد أكثر قدرة للتعامل مع الآلات، بينما كان إيلون ماسك أكثر قلقًا من احتمالية تأثر الوظائف بزيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المستقبل.
وهنا يتواجه اثنان من أبرز قادة التكنولوجيا نفوذًا وتأثيرًا في عالم اليوم، وهما يحملان وجهات نظر مختلفة بشأن التحديات والفرص والمستقبل، وجهات نظر تدل على انشغال حقيقي بمستقبل البشرية وشعور بشكل ما بالمسئولية حيال تحسين حياة البشر من خلال ما يقدمونه.
القيادة والتنمية السياسية
تتشكل مجتمعات الأعمال القوية والناضجة من مثل هذه المعارف والرؤى، فالاعتماد على قطاع الأعمال في المجتمعات المتقدمة لتحقيق النمو الاقتصادي يأتي من قدرته على خلق الأفكار وتطوير وصيانة البنية التحتية والخدمات، وتشجيع وتوسيع الأعمال التجارية القائمة، ومعالجة أوجه القصور في الاقتصاد المحلي، وتعزيز تنمية رأس المال البشري، ومساعدة الفئات الضعيفة، وذلك على المشاركة في سوق العمل.
نعاني في مجتمعاتنا النامية من عدم وجود قيادات مؤهلة وموثوق فيها على كافة المستويات والمجالات، هذا أمر لا يخفى علينا، كما لا يخفى علينا تأثيره على أوضاعنا الاجتماعية والسياسية.
وجود قادة مبتكرين، مؤهلين للتعامل مع تحديات المستقبل لم يعد اختيارًا، فبحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، أكد على أن تنمية القادة ذوي الطابع والمهارات الاستثنائية أمر بالغ الأهمية للتنمية في الدول النامية. ففي أفريقيا، أصبح ضروريًا تعليم الأشخاص أصحاب المناصب الرفيعة في الحكومة كيفية القيادة التي تخلق مجتمعًا متقدمًا.
إن عدم الكفاءة في القيادة في معظم البلدان النامية ليس فقط مشكلة الأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية، إنما هو انعكاس لثقافة القيادة، فرغم اختلاف شخصيات القادة عبر العقود الماضية، إلا أن النتائج كانت واحدة، وتمثلت في تضخم الفجوة بين القادة في الحكومات والمواطنين، نتيجة عدم الشعور بالمسئولية أمام المواطن، وغياب الوعي، وانعدام الرقابة والمحاسبة.
تحتاج هذه الدول إلى أنظمة لتطوير القيادة، هناك ضرورة لخلق برامج متطورة ومستدامة لتحسين قدرات القيادات على مختلف المستويات. من ناحية أخرى، يتعين على شركاء التنمية والقادة العالميين تقديم الدعم لتطوير هذه الأنظمة، بدلاً من تقديم الدعم المادي عبر المساعدات التي قد يتم هدرها بسبب سوء القيادة.
إذن، كيف نُشكِّل قادة المستقبل؟
في المجتمعات النامية، يواجه مجتمع الأعمال الكثير من التحديات، قد يأتي على رأسها الافتقار للمهارات والمعارف الضرورية التي تُشكل المستقبل.
فعلى الرغم من ضعف قطاع الأعمال في الدول النامية، إلا أنه يساهم في الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، وعندما نملك القادة المؤهلين ورواد الأعمال ذوي الأفكار المبدعة والخلاقة، فإن قدرة القطاع الخاص تزداد للمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي، عن طريق خلق المزيد من فرص العمل، والمزيد من الخدمات والمزيد من الثروة، وبالتالي علاج القضايا الاجتماعية والبيئية أيضًا.
للقطاع الخاص روابط قوية بالاستثمار في التعليم والتدريب المهني، وذلك لسد فجوات المهارات التي يحتاجها الاقتصاد، وكذلك إقامة شراكات مع المعاهد التعليمية والخبراء، والأهم من ذلك، إنشاء قوة عاملة جاهزة للمستقبل.
عبر برامج التعليم المستمر المبتكرة والتدريب على أدوات الاتصال المختلفة، يمكننا أن نخلق مجموعة من قادة الأعمال المبدعين والمبتكرين، قادة لديهم قدرة حقيقية لصناعة مستقبل القطاعات الاقتصادية المختلفة.
إن تنمية مهارات قادة المستقبل وقدرتهم على استخدام أدوات وقنوات التواصل المختلفة، يمنح الأفراد الثقة في هذه القيادة والتعرف على مهاراتها ورؤيتها نحو المستقبل.
ويمثل استخدام أدوات الاتصال المختلفة خطوة هامة لخلق قادة مبتكرين، ويكمن النجاح في استخدام أدوات الاتصال بفعالية، في تحديد القنوات والأدوات المناسبة، وتركيز كافة الجهود لوصول الأفكار إلى الجمهور المناسب، والعمل على الخطط المبتكرة والمتنوعة للوصول إلى الجمهور.
ويجب أن تعكس خطابات القادة أفكارًا مبتكرة في مواجهة التحديات اليومية للجمهور، لأن قدرة القادة على التفاعل مع الأحداث والمواقف الاجتماعية المختلفة بشكل فعال وبمسئولية تجاه المجتمع وتحدياته، يجعل الجمهور يدرك حجم الابتكار والعاطفة والموهبة لدى هؤلاء القادة.
إن امتلاك قادة المستقبل القدرة على التأثير باستخدام وسائل التواصل المختلفة يسمح لهم بالتواصل بشكل أفضل مع جمهورهم، من خلال تحفيز المزيد من الاستجابات العاطفية وزيادة الثقة، وتحسين منتجاتهم وخدماتهم بشكل يخدم الجمهور بصور أفضل، وينقل خبرات قادة المستقبل ورؤيتهم للجمهور، مما يساعدهم على بناء أعمالهم بشكل أفضل.