كيف يستفيد فريق برشلونة من انفصال إقليم كتالونيا؟
أحداث مثيرة في أرجاء كتالونيا بسبب الصدامات بين رجال الشرطة الإسبان والجمهور المُتظاهر للمُطالبة بتنفيذ قرار التصويت على الانفصال الكتالوني، الحلم الذي رفضته كل الجهات الرسمية بالعاصمة بل ورفضت حتى حق التصويت عليه.
لاعبو كرة القدم جزء من المجتمع وبالأساس، هم مواطنون قبل أن يكونوا لاعبي كرة قدم، وبالتالي مشاركتهم في الأحداث الاجتماعية والسياسية أمر وارد، ولكن هل فعلًا يؤمن أغلب لاعبي الكرة بقضايا المجتمع؟ أم أنه مجرد دعم معنوي للجماهير الثائرة لزيادة الشعبية أم أن هناك أسبابا أخرى؟
كيف تخدع شعبًا؟
جيرارد بيكيه (يمين) – اوليجير بريساس
لن نذهب بعيدًا، سنظل في كتالونيا وتحديدًا برشلونة حينما كان ينشط الظهير الأيمن أوليجير بريساس في صفوف النادي الكتالوني والذي كانت له آراء سياسية تدعم استقلال الإقليم عن إسبانيا والذي يُعتبر مثله مثل اللاعبين الحاليين، ولكن أوليجير كان أكثر تمسُكًا بمبادئه ولم يمثل منتخب إسبانيا واكتفى فقط باللعب لمنتخب كتالونيا.
بالمُقارنة بالوضع الحالي ستجد بيكيه وتشافي ومن قبلهما بويول وكل من يتحدثون على أن كتالونيا يجب أن تصبح دولة يُمثلون منتخب إسبانيا ويغنون النشيد الوطني قبل المُباريات ويحملون علم إسبانيا على صدورهم! كيف لك أن تُصبح مصدر ثقة بعد أن خالفت كُل ما ناديت به؟ تلك المواقف تمنح تساؤلات حول مدى مصداقية تلك الآراء والمشاعر والدعم ومدى اهتمام هؤلاء اللاعبين بمصير الشعب، وأن كُل ما يحدث ليس إلا دفع ثمن زيادة الشعبية مهما كانت الأخطاء في الملعب وخارجه.
قد يُبرر البعض مواقف هؤلاء اللاعبين بأنهم في كل الأحوال لاعبو كُرة قدم ولا يمتلكون سوى مسيرة قصيرة ومن غير المنطقي أن يُضحوا باللعب لمُنتخب عظيم مثل إسبانيا مهما كانت الأسباب، كذلك لا يستطيعون إخفاء مواقفهم كمواطنين كتالونين نحو ما يحدث لذلك فإن تصريحاتهم قد لا تكون مُصطنعة أو لغرض ما.
كيف يستفيد برشلونة مما يحدث؟
برشلونة ناد يعتمد على سلاحه الإعلامي بشكل كبير، يستطيع التأثير بتصريحات لاعبيه ومدربيه وكذلك جريدتي سبورت والموندو ديبورتيفو في التأثير على الحكام واتحاد الكُرة وأحيانًا لاعبي الخصوم وإداراتهم، وبالتالي فإن أحداثا كتلك والتي شملت اعتداء الشُرطة بالضرب والسجن للعديد من المُحتجين الذين كانوا يتظاهرون في شوارع كتالونيا اليوم كانت بمثابة الهدية على طبق من فضة لكُل فرد عامل ببرشلونة.
دور الضحية والمُضطهد سيُعلن الآن بشكل رسمي أو بآخر من لاعبي وإدارة برشلونة وتصريحات بيكيه بدعم التصويت بنعم في الاستفتاء، والكل سيخشى اتخاذ أي قرار ضد برشلونة سواء كانوا يستحقونه أو لا لأن التبرير سيُصبح أن العاصمة تحاول عقاب برشلونة على موقف اتخذه سكان مدينتهم تجاه الدولة.
تخيل نفسك الآن حكما وستحاول احتساب ضربة جزاء على برشلونة لأن أحد لاعبيهم ارتكب خطأ ما في منطقتهم، ستفكر قليلًا ثم ستمنع إطلاق الصافرة لأنك تخشى اتهامات الاضطهاد بعد اللقاء، كل هذا وبرشلونة من الأساس مضى عليه ما يقارب 90 مباراة في الليجا دون أن يُحتسب عليه ضربة جزاء. الضغط هو إحدى أهم وسائل الفوز في كرة القدم سواء كان في الملعب وخارجه ودون جدال برشلونة يتميزون في الجانبين بشكل مُبهر.
عفوًا، البعض قد يفهم خطأ أن هذا تآمر من برشلونة ومنظمي الكرة في إسبانيا، ولكن الأمر برمته هو قدرة ناد على استغلال الأحداث الواقعة عليه دون أن يتورط في قضية فساد أو حتى دون أن يُجامل عن قصد، الأمر أشبه بفيرجسون حينما كان يُشير لساعته عند انتهاء الوقت الأصلي ليؤثر على الخصوم حيث يتراجعون إلى الخلف عند تلك الإشارة مما يسمح للاعبي مانشستر يونايتد بالتقدم واقتناص الفوز.
هي لعبة يجب أن تستخدم فيها كل الأساليب حتى تفوز وتلك أساليب مشروعة بالطبع، فإذا كانت برشلونة أو فيرجسون لم يأمرا لا الحكام أو لاعبي الخصم بفعل هذا ولكن مجرد استخدام كل شيء قد يصب في مصلحة الفرق حتى ولو عن طريق غير مُباشر.
هل نعرف الحقيقة؟
تزعم جميع الأبواق الإعلامية بأن كل سُكان الإقليم الواقع شمال إسبانيا يُريدون الإنفصال وتأسيس دولة خاصة بهم ولكن هل حاول أحدهم قراءة الإحصائيات؟
اليوم فقط نزل الشوارع الآلاف المُناهضين للانفصال من سكان كتالونيا حاملين أعلام إسبانيا، الأدهى أنه في أحد الاستفتاءات الخاصة بأبناء كتالونيا حول رأيهم في الاستقلال قامت به الحكومة الكتالونية و طبقا لبي بي سي فإن 49% ممن صوتوا كانوا رافضين للانفصال. هذا لا يعني أنه ليس هناك داعموم للاستقلال ولكن الواقع أنه على الأقل هُناك اختلاف واضح بين أبناء الإقليم واحد حول رأيهم في علاقتهم بإسبانيا.
كذلك علاقة العالم بالإنفصال تبدو غريبة حقا خصوصًا في الوطن العربي حيث إن كتالونيا تأوي أحد أكثر الأندية شعبية في العالم وبالتالي أحداث مثل تلك حتى ولو لم نفهمها ستؤثر على مشجعي البلوجرانا وتجعلهم تلقائيًا يدعمون الاستقلال وبعصبية دون أن يدعم ذلك موقفهم كمشجعين لبرشلونة في حين أن هُناك كتالونيين بالفطرة والنشأة يؤمنون بأنهم إسبان.
أين سيلعب برشلونة لو استقلت كتالونيا؟
لو حدث ما لايتوقعه الكثيرون وانفصلت كتالونيا عن إسبانيا أين سيلعب برشلونة بالأخص وأندية كتالونيا عامةً مثل إسبانيول وجيرونا؟ الأوقع أن يستمروا بالليجا كما يلعب نادي إمارة موناكو في الدوري الفرنسي، ولكن هُناك احتمالات أُخرى قد يلجأ لها النادي الكتالوني في حال الانفصال مثل اللعب في أي دوري مُجاور مثل الإيطالي، أو الفرنسي، أو حتى الإنجليزي، ولكن هذا أصعب قليلًا بسبب قوانين الفيفا التي تعبر هذا بسبب تدخل حكومي وستوقف الكُرة تمامًا في إسباينا.
كما يمكن أن يشكل دوريا خاصا بأندية كتالونيا ولكن هذا حل أقرب للخيال بسبب ضعف تلك الأندية مُقارنة ببرشلونة وبالتالي سيفقد برشلونة جزءا كبيرا من هيبته وقوته خاصةً الاقتصادية. شيء آخر قد يؤثر على مُستقبل برشلونة حال الانفصال ولعبه في دوري آخر وهو كم من لاعبيه الإسبان وعائلاتهم الذين وبكل تأكيد يرغبون في الحياة بإسبانيا دون غيرها وبالتالي قد يفقد برشلونة مايفوق 50% من لاعبيه، هل فكر أحدهم مصير الملعب العملاق الكامب نو كيف سيكون؟!
كُل هذه المشاكل الكُروية بسبب عوامل سياسية لا يُهم المشجعون أو المحللون كيف أو لماذا تحدث؟ ولكن للأسف أصبحت تتداخل بشكل كريه في حياة الرياضيين.