القصة الكاملة: كيف يعيق الجيش الجزائري مسار الثورة؟
في 10 فبراير/ شباط 2019 أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أنه سيدخل انتخابات الرئاسة في أبريل/ نيسان 2019 للمرة الخامسة. أيامٌ خمسة تلت هذا الإعلان اشتعل فيها الغضب إلكترونيًّا، وسائل التواصل ضجت بإصرار بوتفليقة على الترشح ودعت للتظاهر ضد «العهدة الخامسة».
في 15 فبراير/ شباط تحول الغضب الإلكتروني إلى غضب على أرض الواقع شهدته العاصمة وعدة ولايات جزائرية أخرى. أيامٌ خمسة احتاجها هذا الغضب ليدخل كل بيوت الجزائر، فخرجت المظاهرات في كامل ولايات الجزائر. بلغت التظاهرات ذروتها في 22 فبراير/ شباط، وأصبحت بهذا الحجم أكبر حركة لرفض بوتفليقة.
بعد الذروة بيومين غادر بوتفليقة. لم يغادر الحكم، لكن غادر إلى سويسرا لإجراء فحوصات طبية عاجلة كما نقلت وكالات الأنباء الرسمية. رئيس الوزراء أحمد أويحيى أطلق بيانًا يُحذر فيه المتظاهرين من أن يأخذوا الجزائر للسيناريو السوري. أدت تصريحاته وسفر بوتفليقة لخروج مظاهرات واسعة في 1 مارس/ آذار، ازداد عدد المتظاهرين ولم تزل المظاهرات محافظةً على سلميتها وتنظيمها المرن. في 3 مارس/ آذار أعلن بوتفليقة ترشحه رسميًّا، وكان في بيان الترشح الذي قرأه مدير حمتله الجديدة عبد الغني زعلان، وعد بوتفليقة أنَّه في حال فوزه سيدعو لانتخابات رئاسية مبكرة لن يكون مرشحًا فيها.
بعد البيان بيومين قال الفريق قايد صالح، رئيس أركان الجيش الجزائري، إن الجيش سيحفظ الأمن. وأضاف أنه لن يسمح بعودة البلاد إلى السنوات السابقة، سنوات الحرب الأهلية، سنوات الجمر والألم كما وصفها صالح. يومان بعد البيان ثم اجتمعت المعارضة لتعلن أن الخطر هو المُضي في انتخابات الولاية الخامسة. في 7 مارس/ آذار حذر بوتفليقة من الأعداء الحاقدين الذين يريدون جرَّ البلاد للفوضى.
الترجمة الواقعية لرفض المتظاهرين لبيان الجيش وبوتفليقة جاءت في 8 مارس/ آذار إذ خرجت تظاهرات وُصفت بالكبرى منذ بداية الحراك، إضافةً لتحركات مكثفة من الجاليات الجزائرية في الخارج. رد فعل السلطات الجزائرية كان بتقديم الإجازة الصيفية وتعطيل الدراسة في الجامعات بدايةً من 10 مارس/ آذار. في ذلك اليوم عاد بوتفليقة إلى الجزائر بعد انتهاء فحوصاته في جنيف.
«لا بوتفليقة ولا سعيد»
لم يمضِ يوم على عودته إلا وكان بوتفليقة قد أعلن أن لن يترشح لولاية خامسة، لكنه أيضًا أعلن تأجيل الانتخابات الرئاسية بالكامل. كما عين وزير الداخلية، نور الدين بدوي، رئيسًا للوزراء. القرارات كانت يوم الاثنين، لم تكد شمس الثلاثاء تشرق إلا والمتظاهرون في الشوارع. رفض المتظاهرون ما اعتبروا تمديدًا بحكم الأمر الواقع للولاية الرابعة، فالرئيس لم يعلن عن موعد مغادرته للسلطة.
بجانب إثارتها لغضب المتظاهرين، أثارت تلك القرارات جدلًا بين أساتذة القانون وخبراء الدستور. بعضهم يرى أن بوتفليقة استند إلى المادة 107 من الدستور التي تتيح له فرض قوانين «الحالة الاستثنائية». ورفض غالبهم هذا التفسير لأنَّهم يرون البلاد تعيش حالةً عادية لا خطر فيها على الدولة ولا على الرئيس ولا على الشعب، لذا يُعد قرار بوتفليقة باطلًا دستوريًّا.
رفع الجزائريون مطالبهم واضحةً رافضة قرار التأجيل سواء كان دستوريًّا أو غير دستوري. كما أضافوا شعار «لا بوتفليقة ولا سعيد»، إشارةً إلى شقيق الرئيس الذي قُدِّم كخليفة بوتفليقة. واستمرت المظاهرات مع بدء تنفيذ إضراب عام في كل أنحاء البلاد. في 12 مارس/ آذار دخل طلاب المدارس على خط المواجهة، جنبًا إلى جنب مع أساتذتهم. لذا شهد 15 مارس/ آذار تظاهرات في 40 ولاية من 48 هي ولايات الجزائر بالكامل. بعد 5 أيام تغيَّرت اللافتات وصارت «ارحلوا كلكم».
أمام الغضب المتصاعد تغيَّرت نبرة الجيش فاقترح رئيس الأركان قايد صالح مخرجًا دستوريًّا للأزمة. المَخرج يعتمد الرئيس فيه على المادة 102 من الدستور التي تحدد إجراءات عزل، أو «ثبوت المانع» كما وردت في الدستور الجزائري، في حالة المرض الخطير أو المزمن الذي يجعل من المستحيل على الرئيس ممارسة مهامه. بعد الاقتراح أعلن حزب التجمع الوطني الديموقراطي، الحليف الوفي للحزب الحاكم، دعوةً لاستقالة بوتفليقة، لكن في 29 مارس/ آذار أكد المتظاهرون أن حراكهم إنما هو لرحيل كل نظام بوتفليقة. وفي 31 مارس/ آذار أعلن الأمن الجزائري توقيفه لرجل الأعمال علي حداد المُقرب من بوتفليقة أثناء محاولة السفر لتونس عبر الحدود البرية.
«الرقم 102 غير متاح، يُرجى الاتصال بالشعب»
في الأول من أبريل/ نيسان أعلنت الرئاسة الجزائرية أن بوتفليقة سيستقيل في الـ 28 من نفس الشهر. لكن بعد الإعلان بيوم أعلن رئيس الأركان صالح تطبيقًا فوريًّا للحل الدستوري الذي اقترحه، أي عزل الرئيس فورًا. بعد فترةٍ وجيزة تناقلت وسائل الإعلام الرسمية خبرًا مفاده أن بوتفليقة قد أبلغ المجلس الدستوري استقالته ابتداءً من تاريخ 2 أبريل/ نيسان 2019.
بعد شغور منصب الرئيس أصبح لزامًا على المجلس الدستوري أن يجتمع ليُعلن شغور المنصب رسميًّا، ثم تجتمع غرفتا البرلمان، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، ليختارا من بينهما خليفة الرئيس الذي يجب أن يكون رئيس مجلس الأمة، لذا تولى عبد القادر بن صالح المنصب. في 9 أبريل/ نيسان اجتمع البرلمان لإعلان بن صالح رئيسًا مؤقتًا، ووفقًا للدستور وجب عليه أن يدعو للانتخابات في فترة لا تتجاوز 90 يومًا، ولا يحق له بأي حال المشاركة في الترشح في هذه الانتخابات.
بن صالح الذي كان رجل بوتفليقة المُفضل لم يلقَ قبولًا في الشارع الجزائري. فور إعلانه رئيسًا مؤقتًا خرجت المظاهرات تطالب بتنحية كل رموز نظام بوتفليقة عن المرحلة الانتقالية. ورُفعت شعارات تطالب بإسقاط «الباءات الثلاثة»، إشارةً إلى بن صالح، وبلعيز، رئيس المجلس الدستوري، وبدوي، رئيس الوزراء، باعتبار الثلاثة كانوا ركنًا أساسيًّا في نظام بوتفليقة. كما أعلنت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، موافقتها لمطالب المتظاهرين واعتقادها أن تعيين عبد القادر عمل استفزازي وإهانة للشعب الجزائري.
استمر الحراك في الشارع واستمر بن صالح في الرئاسة. وفي رابع بيان له يوم 10 أبريل/ نيسان أعلن بن صالح أن الانتخابات سوف تُجرى في 4 يوليو/ تموز 2019. التاريخ يوافق آخر يوم خميس قبل نهاية مهلة الـ 90 يومًا، وجرت العادة في الجزائر أن تُجرى الانتخابات يوم الخميس. بعد البيان أعلن قائد الأركان أنَّه سـ «يسهر» شخصيًّا حرصًا على شفافية التجهيز للانتخابات القادمة. لكنَّه حذر كذلك من حدوث فراغ دستوري في الدولة، كأنما يرد على مطالبات المتظاهرين برحيل كل وجوه نظام بوتفليقة وعلى رأسهم الرئيس المؤقت بن صالح.
حظر تجوال شعبي على الوزراء
لم تلقَ تهديدات رئيس الأركان المُبطنة صدى في نفوس الجزائريين. استمر توافدهم في الجمعة الثامنة 12 أبريل/ نيسان رغم محاولات بن صالح لغلق الطرق ومنع وصولهم للعاصمة. وقد شهدت الجمعة الثامنة تواجدًا أمنيًّا كثيفًا على غير العادة في الاحتجاجات السابقة. وفي تلك الجمعة أيضًا أعلن القضاة أنهم لن يشرفوا على الانتخابات التي تنظمها الحكومة المرفوضة شعبيًّا. موقفٌ يتسق مع موقف نادي القضاة الأحرار منذ اليوم الأول للاحتجاجات، إذ دعموا المتظاهرين في اللحظات الأولى.
الغضب الشعبي فرض حظر تجوال على الوزراء ورجال بن صالح. تعرض العديد منهم للطرد ولقطع الطريق وهتافات غاضبة أثناء زياراتهم لأي ولاية جزائرية. منهم وزيرة الثقافة، مريم مرداسي، التي حُوصرت في مبنى ولاية تيبازة أثناء زيارتها للولاية، وتعالت أصوات المتظاهرين تطالبها بالرحيل. من قبلها كان مصطفى كورابة، وزير الأشغال العمومية والنقل، الذي اضطر لقطع زيارة تفقدية بسبب حصاره بهتافات المتظاهرين الغاضبين.
كما قُطع الطريق على صلاح الدين دحمون، وزير الداخلية، لمنع انتقاله من المطار لمبنى محافظة بشار. واضطر لافتتاح المشاريع التي كان يستهدفها فجرًا لتفادي الغضب الشعبي. أما وزير الطاقة، محمد عرقاب، فقد اضطر لمغادرة المطار من الباب الخلفي لمطار تبسة الحدودية. دعا الرئيس المؤقت لمشاورات لتجاوز تلك المرحلة الانتقالية المشحونة، لكنَّها لم تلقَ قبولًا شعبيًّا أو على مستوى الأحزاب.
على الجانب الآخر بدأ القضاة في 21 أبريل/ نيسان إجراءات محاكمة رئيس الوزراء السابق، أحمد أويحيى، ووزير المالية، محمد لوكال، في قضايا فساد. كما عُيِّن الجنرال واسيني بوعزة رئيسًا لجهاز الأمن الداخلي، بوعزة معروف بولائه للجيش إذ كان ضمن قيادات أركان الجيش وكان يشغل منصب المدير المركزي للمنشآت العسكرية حتى أغسطس/آب 2018. التعيين تزامن مع استمرار حضور رئيس الأركان في الصورة السياسية وتحذيراته المتكررة في 23 أبريل/ نيسان من أطراف «مُتعنِّتة» ترفض الحوار. لكن لم تكن الأطراف فقط هي من ترفض، فقد تجمع الآلاف في الجمعة العاشرة في 26 أبريل/ نيسان.
يوليو أتى، لكن الانتخابات لم تأتِ
في 15 مايو/ آيار فضت قوات الأمن احتجاجًا في ولاية أدرار جنوبي العاصمة، الاحتجاج أدى لجرحى ومعتقلين في صفوف المحتجين. في 18 مايو/ آيار دعت ثلاث شخصيات القيادة العسكرية لحوار صريح مع ممثلي الاحتجاجات وحذرتهم من حالة الانسداد بسبب إجراء الانتخابات في يوليو/ تموز. الثلاثة هم أحمد طالب الإبراهيمي، وزير الخارجية عام 1982 والمُنسحب من انتخابات عام 1999 التي فاز فيها بوتفليقة. الثاني هو علي يحيى عبد النور، الملقب بعميد مناضلي حقوق الإنسان في الجزائر ويبلغ عمره 98 عامًا. أما الثالث فاللواء المتقاعد رشيد بن يلس، الذي كان قائدًا للقوات البحرية. الثلاثة نقلوا اعتراض الشعب على انتخابات تنظمها وتشرف عليها قيادة مرفوضة شعبيًّا.
لكن لم يتلقوا ردًّا، فاحتشد المتظاهرون يوم 19 مايو/ آيار. في اليوم التالي قال رئيس أركان الجيش إن الانتخابات هي أفضل وسيلة لتجاوز الأزمة الراهنة. لم يكن أمام الجزائريين خيار سوى النزول في الجمعة رقم 14 لرفض الانتخابات والاعتراض على وجود الجيش في الصورة بهذه القوة. وأعلنوا مقاطعتهم الانتخابات حتى إقالة الرئيس المؤقت ورئيس وزرائه نور الدين بدوي. في 9 يونيو/ حزيران غاب الاثنان عن حضور نهائي كأس الجزائر لكرة القدم خوفًا من مواجهة الجمهور. وتُعتبر تلك المرة الأولى التي يتغيَّب فيها الرئيس أو رئيس الوزراء عن حضور تلك المناسبة منذ إنشائها عام 1962.
وفي 14 يونيو/ حزيران نزل المتظاهرون للجمعة رقم 17، ولم يُؤتِ وضع اثنين من رؤساء الوزراء السابقين أويحيى وعبد المالك سلال في السجن ثماره بتهدئة المتظاهرين، بل نزلوا رافعين عبوات من الزبادي تذكيرًا لأويحيى بتعليقه حول ارتفاع أسعار الألبان إبان حكمه بأن الجزائريين لا يجب أن يأكلوا الزبادي. جمعةٌ تلو الأخرى، وفي 5 يوليو/ تموز أعلن الرئيس المؤقت عن مبادرته للخروج من الأزمة باختيار المعارضة لمُمثلين لها من أجل حوار شامل. في البرلمان كان الوضع يشهد تحولًا مهمًّا باختيار سليمان شنين، رئيس كتلة التحالف الإسلامي، رئيسًا للبرلمان في 11 يوليو/ تموز.
لكن بالعودة للمبادرة فقد قُوبلت بالصمت من قبل الأحزاب، والرفض من قبل الشعب. لكن في 21 يوليو/ تموز قطعت المعارضة الصمت وأعلنت عن شروطها للخوض في الحوار. أهم تلك الشروط إطلاق سراح جميع المعتقلين، وفتح المجال الإعلامي، والمطلب الدائم برحيل كل رموز النظام، ولما لم تُنفذ الشروط، خرج المتظاهرون في 2 أغسطس/ آب للجمعة رقم 24 على التوالي. شهدت تلك الجمعة دعوة مباشرة للعصيان المدني للمرة الأولى منذ تنحي بوتفليقة. خاصةً بعد أن استمر الجيش في تجديد دعمه لعبد القادر بن صالح، رغم انتهاء فترة الـ 90 يومًا الدستورية المفترضة لحكمه في أول يوليو/ تموز 2019.
« سلمية حتى ترحلوا»
في 15 سبتمبر/ أيلول وقع الرئيس المؤقت مرسومًا يستدعي فيه الناخبين لانتخابات رئاسية في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، تحت إشراف هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات. الدعوة لم تساعد في تخفيف حدة الحراك إذ استمر الجزائريون في التظاهر يوم الجمعة 20 سبتمبر/ أيلول. أُضيف لشعارات تلك الجمعة شعارات رفض الانتخابات مثل «لا لانتخابات دون ضمانات» و«سلمية حتى ترحلوا».
تلك المظاهرات جاءت احتجاجًا مباشرًا على قرار قائد أركان الجيش بالحجز على عربات النقل والحافلات التي تُقل متظاهرين لمكان التظاهر. نجحت الحواجز المُقامة في التقليل من عدد المتظاهرين لكنها لم تنجح في منع الأمر كاملًا. وفي الجمعة التالية رقم 34 أضاف المتظاهرون شعار «لا انتخابات مع العصابات»، العصابات مصطلح دارج في الشارع الجزائري وعلى لسان الساسة لوصف أنصار بوتفليقة ورموز نظامه. المختلف في تلك الجمعة وجود شعار مناهض لقانونٍ أعدته الحكومة المؤقتة يقدم تسهيلات للشركات العالمية من أجل تشجيعها على الاستثمار في مجال النفط داخل الجزائر. رأى المتظاهرون القانونَ بيعًا للجزائر فهتفوا «لا لقانون العار»، و«بعتم البلاد يا العصابات»، و«الشعب هو صاحب الحق في السلطة والثروة والرقابة».
في 15 أكتوبر/ تشرين الأول دعت أكثر من 19 شخصية جزائرية السلطات للبدء في إجراءات تهدئة للمتظاهرين كي تصبح الأجواء مناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. لكن أتاهم الرد في 16 من نفس الشهر على لسان رئيس أركان الجيش يتهم فيه المتظاهرين بالحصول على مال فاسد من أجل تأجيج الأوضاع لمنع وصول البلاد لمرحلة الانتخابات. من جهتهم يرى المتظاهرون تلك الانتخابات ليست إلا محاولة لإنقاذ النظام ومؤسساته التي تحكم البلاد فعليًّا منذ عام 1962. ورأوا أن قيام الرئيس المؤقت بإعداد مشروع قانون يمنع العسكريين المتقاعدين من الترشح للرئاسة ليس كافيًا، فهم يرون الجيش هو الحاكم الفعلي سواء كان القصر الرئاسي تابعًا له أم لا.
في الجمعة رقم 36 رفض المتظاهرون تصريحات الرئيس المؤقت التي قدَّمها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. عبد القادر قال لبوتين إن الوضع في الجزائر مُتحَكم فيه بالكامل، ولا يوجد سوى بعض العناصر، على حد وصفه، هي التي لا تزال تخرج في المظاهرات.
الانتخابات مستمرة، أما الثورة فلا
مسار الانتخابات مستمر، وقائد الأركان قايد صالح أكد أنها ستجري في موعدها المُحدد. بحلول 31 أكتوبر/ تشرين الأول كان قد تقدَّم لها 23 مترشحًا. القرار الأولي في قبولهم لسلطة الانتخابات، والقرار النهائي من المحكمة الدستورية المعروفة باسم المجلس الدستوري في الجزائر. الجمعة رقم 38 في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني شهدت سقوط الأمطار بكثافة لكنها كذلك شهدت عددًا ضخمًا من المتظاهرين. خاصةً بعد أن قبلت سلطة الانتخابات ملفات 5 مترشحين فقط، ورفضت باقي الـ 23 مترشحًا.
قُدمت ملفات الخمسة للمجلس الدستوري من أجل البت النهائي، لكنَّ المتظاهرين لم ينتظروا قرارها. خرج الآلاف في الجمعة 39 يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني بلافتات مكتوب عليها أسماء الخمسة بجوارها مطالب برحيلهم. خاصةً أن الخمسة ينتمون بالكامل للنظام السابق هم عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء الأسبق. وعلي بن فليس، تولى رئاسة الوزراء كذلك. وعبد العزيز بلعيد، نائب سابق في حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الذي يترأسه بوتفليقة. كذلك عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة سابقًا وأمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان يقوده أويحيى، رئيس الوزراء السابق المسجون حاليًّا في قضايا فساد. وآخرهم عبد القادر بن قرينة، وزير السياحة سابقًا.
حين رفض عدد من المتظاهرين الانتخابات بدأت السلطات حملات اعتقالات في حقهم. كما وضعت تعزيزات أمنية شديدة ترافق المترشحين أينما ذهبوا. ورهان السلطة القائمة حاليًّا هو على الأيام المتبقية من شهر ديسمبر/ كانون الأول 2019، إذ تريد السلطة فرض الانتخابات كأمر واقع علَّه يجذب الرافضين أو لا يجدون أمامهم اختيارًا سوى المشاركة. تثور التكهنات أن الانتخابات قد تُؤجل أو تُلغى، لكن رئيس أركان الجيش قايد صالح كرَّر أكثر من مرة أن الانتخابات ستُجرى في موعدها مهما يكن. لكن 12 ديسمبر/ كانون الأول هو ما سيؤكد ذلك أو ينفيه.