الحوثي لسلمان: بعقر ديارك تكون المعارك!
في تصعيد جديد أطلق أنصار الحوثي صاروخًا باليستيًا موجهًا إلى مكة المكرمة، بحسب ما أكدته قيادة التحالف العربي في السابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وكانت المنظومة الدفاعية لدى المملكة قد اعترضت الصاروخ على بعد 65 كم من المدينة المقدسة!
الحدث – الذى راع الكثير من العرب والمسلمين – يزيل النقاب عن التطور النوعي الكبير لدى الحوثيين، في القدرات التسليحية، ما ينذر بفشل التحالف العربي والذي من المفترض أن يفرض حصار بري وبحري وجوي على اليمن، في محاولة منه للتصدي لعمليات تهريب الأسلحة. إضافة لفشل كافة الجهود السياسية لحل الأزمة وإجبار الانقلابيين على الرضوخ للشرعية الدولية ،والدخول في مفاوضات جادة من أجل إنهاء (المأساة) اليمنية.
الحوثي: بعقر ديارك تكون المعارك
على الرغم من الإدانات العربية والدولية الواسعة لحادثة الإطلاق الأخيرة باتجاه المدينة المقدسة، إلا أن الحوثيين نفوا ذلك، مؤكدين أن العملية كانت تستهدف مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة بصاروخ باليستي نوع «بركان 1» والذي يصل مداه إلى 800كم.
وسواءٌ أكان الصاروخ في طريقه لمكة المكرمة بحسب الرواية السعودية أو لجدة بحسب الرواية الأخرى، فإن للعملية مؤشر على تصعيد الحوثيين للحرب ونقلها إلى عمق المملكة، بجانب تكثيف الهجمات على الحدود. ويكشف أيضًا قدرة الحوثيين على الحصول على أسلحة متقدمة والقدرة على استخدامها، وذلك بدعم وتدريب إيراني، إضافة إلى خبرات العسكريين الموالين لعبد الله صالح المتحالفين معهم.
و رغم أن بعض المتابعين يرجّحون أن يكون اتهام السعودية للحوثيين بإطلاق الصاروخ تجاه مكة والذي أسقطته دفاعات المملكة بغرض حشد المزيد من الدعم لاستمرار وتوسيع عملياتها مؤخرًا والذي تزايد بشكل كبير وتسبب في الكثير من الخسائر المادية والبشرية وهو ما عرضها إلى انتقادات دولية، حتى من بعض حلفائها، إلا أن الاستهداف الجديد للعميق السعودي كان قد هدد به الحوثيون من قبل، ففي تصريحات للقيادي في الحركة الحوثية محمد البخيتي لوكالة «تسنيم» الإيرانية في سبتمبر/أيلول 2015م، أكد مقدرة الجماعة على قصف الرياض وباقي المدن السعودية الأخرى بصواريخ باليستية!
وليست هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها صواريخ الحوثيين الداخل السعودي، فقد هاجموا بصواريخ باليستية و صواريخ سكود وقذائف هاون المحافظات الحدودية مثل خميس مشيط وجازان، وهو ما تسبب في خسائر مادية وبشرية وضعت السعودية في حرج كبير، فهي منذ قيادتها لعاصفة الحزم في مارس/آذار 2015م، لم تستطيع هزيمتهم أو إضعاف قوتهم، والتصعيد النوعي خير دليل على ذلك.
وكان من أهم حوادث الإطلاق التي تبنتها جماعة الحوثي على المملكة، استهداف مدينة الطائف بصاروخ «بركان1»، والتي تبعد عن الحدود اليمنية-السعودية مسافة 500 كم، 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك ردًا على حادث قصف مجلس العزاء والذي راح ضحيته المئات ومنهم قادة من الحوثيين.
معلومٌ أيضًا أن السفن في باب المندب لم تسلم من استهدافات جماعة الحوثي وأنصار صالح، وأولها كانت السفينة الإماراتية «سويفت» في 30 سبتمبر/أيلول الماضي بصاروخ (C802) صيني الصنع، وهو من نوع أرض بحر ويصل مداه إلى 120 كم، وأفادت التقارير أن اليمن لم تستورد هذا النوع من قبل وإنما مصدره إيران ويحمل اسم «نور» وهو مطابق لنظيره الصيني.
وتلا ذلك استهداف إحدى المدمرات الأمريكية ثلاث مرات، بصواريخ بعيدة المدى، وهو ما زاد من مخاوف نوع الأسلحة الثقيلة التي سيعتمد عليها الحوثيين مستقبلًا، والتي يعتقد بشكل كبير أن مصدرها إيران، وردت البحرية الأمريكية على هذا الاستهداف بقصف مواقع تابعة للحوثيين، وأكدت احتفاظها بحق الرد والتدخل في أي وقت في حال تهديد الملاحة الدولية.
التسليح الحوثي لم يبدأ اليوم!
يعتمد الحوثيون وحلفائهم في المقام الأول على الأسلحة التي استولوا عليها من مخازن الجيش اليمني بمساعدة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، خلافًا للدعم الإيراني، والذي شمل أسلحة ثقيلة وخفيفة ومتفجرات، إضافة للصواريخ ومنها «زالزال3» والذي يصل مداه إلى 200 كم وكان حاضرًا في استهداف مناطق حدودية سعودية في أغسطس/آب الماضي، ومن أهم شحنات الأسلحة التي تم ضبطها منذ انطلاق عاصفة الحزم (بحسب ما أعلنه الجانب السعودي):
12 يوليو/تموز 2016م
ضبط قارب صيد نقل ست حمولات أسلحة من سفينة إيرانية راسية قبالة السواحل الإفريقية في المياه الدولية، ونجحت القوات اليمنية في الإيقاع به في رحلته السابعة.
4 أبريل/نيسان 2016م
ضبطت البحرية الأميركية في بحر العرب شحنة أسلحة من إيران كانت في الطريق إلى الحوثيين،واشتملت على 1500 بندقية كلاشينكوف و200 قذيفة صاروخية و21 بندقية آلية من عيار 50 ملليمترا.
20 مارس/آذار2016م
صادرت مدمرة فرنسية 2000 بندقية كلاشينكوف وعشرات بنادق دراجونوف التي يستخدمها القناصة وتسعة صواريخ مضادة للدبابات ومعدات أخرى.
27 فبراير/شباط2016م
اعترضت البحرية الأسترالية مركبًا شراعيًا وصادرت منه 2000 بندقية كلاشينكوف و100 قذيفة صاروخية وأسلحة أخرى.
مايو/آيار2015م
كشف تقرير سري لخبراء في الأمم المتحدة أن إيران تقدم أسلحة إلى الحوثيين منذ 2009م، واكتشف ذلك بعد ضبط السلطات اليمنية عام 2013م سفينة «جيهان» الإيرانية والتي تبين أنها كانت تنقل أسلحة منذ 2009م.
فبراير/شباط 2011م
ضبطت السلطات اليمنية مركب صيد إيراني أثناء نقله 900 صاروخ مضاد للدبابات والطائرات صُنعت في إيران وكانت الحمولة متجهة للحوثيين.
دبلوماسية فاشلة!
أعلنت السعودية منذ بداية عاصفة الحزم أنها ترمي لنزع سلاح الحوثيين، الهدف الذي لم يتحقق لوقتنا هذا! بل إن الحوثيين زادوا من هجماتهم سواءً على الحدود أو من خلال الصواريخ بعيدة المدى، وصدرت عدة قرارات ومبادرات دولية لنزع هذه الأسلحة، ولكن لم يُطبق أيٌ منها حتى الآن، وأهمها:
قرار مجلس الأمن رقم 2201
صدر في 15فبراير/شباط 2015م، وطالب جماعة الحوثي بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية، واستنكر استخدام أعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية، وطالبهم بالانخراط في مفاوضات السلام.
قرار مجلس الأمن رقم 2216
صدر في 14 أبريل/نيسان 2015م، و دعا إلى الكف عن استخدام العنف وسحب الحوثيين قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، والتخلي عن جميع الأسلحة الإضافية التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، بما في ذلك منظومات القذائف.
مبادرة كيري
طرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في أغسطس/آب الماضي مبادرة، لحل الأزمة سلميًا، وتشمل تشكيلًا سريعًا لحكومة وحدة وطنية وتقاسم السلطة بين الأطراف، وانسحاب القوى العسكرية من صنعاء وغيرها من المدن، وتسليم جميع الأسلحة الثقيلة إلى طرف ثالث.
مبادرة ولد شيخ
طرحها ولد شيخ خلال زيارته الأخيرة إلى صنعاء في 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتقوم بشكل كبير على مبادرة كيري السابقة، وتضمنت بنود زمنية للحل تشمل تعيين نائب رئيس جديد و رئيس حكومة جديدة وانسحاب المليشيا من صنعاء والحديدة وتعز ، وتسليم الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية، لكن الحكومة اليمنية رفضت تلك المبادرة واعتبرتها خروجًا على المرجعيات والقرارات الدولية السابقة.
ويتمسك عبد ربه منصور هادي بشروط للمصالحة، ومنها قرار مجلس الأمن (2216)، والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وأبرز ما فيها تسليم الانقلابيين أسلحتهم والانسحاب من صنعاء ثم بعد ذلك البدء في الترتيبات السياسية لتشكيل حكومة انتقالية ووضع دستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
الصواريخ الحوثية تزعزع أمن المملكة
كل يوم يمر دون حل (الأزمة) اليمنية يتسبب في استنزاف لدول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية المتضرر الأكبر والمتصدر للواجهة، فقد تورطت دول خليجية منذ البداية بجانب أطراف أخرى في إضعاف الثورة اليمنية رغبة في إضعاف أطراف معينة، وهو ما أدى إلى إبقاء صالح في المشهد السياسي، ليتواطىء بعدها مع الحوثيين في انقلاب سبتمبر/أيلول 2014م.
ومع إعلان المملكة الدائم؛ أنها لن تسمح بوجود نسخة أخرى من حزب الله في جوارها فإن عليها أن تخوض حربًا طويلة ضد الحوثيين، لتصل إلى رغبتها المعلنة بنزع كافة السلاح الحوثي. الأمر الذي يبدو بالغ الصعوبة. لذا قد تلجأ آجلًا للتوصل إلى اتفاق يرضي الحوثيين ومن ورائهم إيران (التي نجحت في استغلال ورقة الحوثيين جيدًا في استنزاف وإشغال دول الخليج بجوارهم المباشر)، بعدما نجحت في إخراجهم من العراق ولبنان.
ويمكن القول أن الحوثيين من خلال هذه الصواريخ يمكنهم تحسين شروط التفاوض إذا ما وصلت كافة الأطراف للطاولة وهو خيار يبدو حتمي في المستقبل القريب أو البعيد، إضافة لتحسين موقف إيران في مواجهة دول الخليج.
وبهذا ستمنح القدرات الصاروخية للحوثيين دورًا كبيرًا في المستقبل رغم الرد السعودي على الهجمات الأخيرة والذي يتوقع أن يكون مفرطًا ما يزيد من تعميق (الأزمة) وفشل الحلول الدبلوماسية، وستكون المملكة الخاسر في هذا الصراع، فهي باتت تحت مرمى الصواريخ الحوثية الإيرانية، في ظل تخلي الولايات المتحدة عنها وعدم رغبتها التورط في أي صراع جديد في المنطقة.