نجمة السينما العالمية الشهيرة إيما واتسون- 31 عامًا- والتي اشتهرت بلعب دور هيرميون جرانجر في أفلام هاري بوتر، تواجه اتهامًا بـ «معاداة السامية» من قبل مبعوث إسرائيل السابق للأمم المتحدة، داني دانون، بعد أن نشرت صورة على حسابها عبر إنستجرام، الذي يتابعه أكثر من 64 مليون متابع، ظهرت فيها وقفة تضامن مع الفلسطينيين، مصحوبة باقتباس من الباحثة البريطانية الأسترالية سارة أحمد، نصها:

التضامن فعل. لا تفترض أن نضالاتنا هي نفس النضالات، ولا أن ألمنا هو نفس الألم، أو أن أملنا هو نفس المستقبل. التضامن ينطوي على الالتزام والعمل، والاعتراف بأنه حتى لو لم تكن لدينا نفس المشاعر، أو نفس الحياة، أو نفس الأجساد، فإننا نعيش على أرضية مشتركة.

سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان أبدى كذلك استياءه من الصورة. قائلًا إن مفعول سحر إيما واتسون في عملها الشهير «هاري بوتر» لا يعمل في الواقع، و«إلا لقضى على شرور حماس التي تضطهد النساء وتسعى إلى إبادة إسرائيل، والسلطة الفلسطينية التي تدعم الإرهاب».

ما زاد غضب المسؤولين الإسرائيليين كان قدر التفاعل الضخم مع المنشور، الذي تجاوز سريعًا حاجز المليون إعجاب، مع أكثر من 100 ألف تعليق.

يخرب بيت اللي بيحبه

هل تذكر مقطع الفيديو الشهير للممثل المصري عادل إمام في مسرحية الزعيم «يخرب بيت اللي بيحبه بس جنبيه واحد بيكرهه»؟ هذا تحديدًا ما بررت به صحيفة نيويورك ديلي نيوز اتهام منشور إيما واتسون بمعاداة السامية!

اعتبرت الصحيفة أن مجرد التساؤل عن سبب اتهام المنشور بمعاداة السامية؛ إذ دعم حركة -في إشارة إلى حماس- دعا قادتها بدعم شعبي كبير إلى ذبح اليهود.. كيف؟ لأن التجمع الذي التقطت منه الصورة «مظاهرة شيكاغو» كانت «معادية للسامية»، لأن بعض المشاركين فيها لوحوا برايات حماس، ووصفوا ما يحدث في غزة بإبادة جماعية.

كذلك اعتبرت الصحيفة أن الشعب الفلسطيني لا يستحق الدعم على ما يبدو؛ لأنه يؤيد حماس وهجماتها على إسرائيل! مستشهدًا باستطلاعات رأي أجراها مركز بيو، حول تأييد 74% من الفلسطينيين للهجمات الاستشهادية، واستطلاع آخر في يونيو الماضي، كشف أن غالبية الفلسطينيين 53٪ يعتقدون أن حماس تستحق أكثر من غيرها تمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني. بالتالي، وبحسب الصحيفة، فإن تأييد شعب يؤيد حركة تكره إسرائيل يندرج تحت بند معاداة السامية!

خدمت الفلسطينيين مرتين

إيما واتسون خدمت الفلسطينيين بالتغريدة مرتين: الأولى عندما وصل الصوت إلى هوليوود، بعدما صدر بيان عن منظمة Artists for Palestine UK، وهي شبكة ثقافية تدافع عن حقوق الفلسطينيين، وقعه أكثر من 40 شخصية من نجوم هوليوود، بتأييد واتسون، بينهم عدد من نجوم هاري بوتر، ومنهم ميريام مارغوليس وجولي كريستي، وكاتب السيناريو والمنتج الحائز على العديد من الجوائز جيمس شاموس، والمخرج المرشح لجائزة الأوسكار آصف كاباديا، والممثلان بيتر كابالدي وماكسين بيك، بجانب مارك روفالو، وسوزان ساراندون، وجيم جارموش، وفيجو مورتنسون، وجايل غارسيا برنال، وكين لوتش، ورامي يوسف، وميرا ناير، وبيتر كابالدي.

وفي البيان، أوضح المشاهير أنهم «يعارضون الظلم في أي مكان، ويقفون مع من يسعون لوضع حد للقمع. ننضم إلى إيما واتسون في دعم العبارة البسيطة بأن التضامن هو فعل، بما في ذلك التضامن الهادف مع الفلسطينيين الذين يكافحون من أجل حقوقهم الإنسانية بموجب القانون الدولي».

وأضافوا: «نحن ندرك عدم توازن القوة الكامن بين إسرائيل، القوة المحتلة، والفلسطينيين، الشعب الخاضع لنظام الاحتلال العسكري والفصل العنصري. إننا نقف ضد المحاولات الإسرائيلية المستمرة للتهجير القسري للعائلات الفلسطينية من منازلهم في أحياء القدس الشرقية مثل الشيخ جراح وسلوان وأماكن أخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

واختتموا بيانهم باقتباس من رئيس الأساقفة الراحل ديزموند توتو: «إذا كنت محايدًا في حالات الظلم، فقد اخترت جانب الظالم. 

الخدمة الأخرى التي قدمتها واتسون بعد التعليقات الإسرائيلية؛ أنها كشفت للعلن مدى التحريف الذي أدخلوه على تهمة معاداة السامية التي تحولت إلى سلاح لإخراس أي صوت عالمي يحاول إظهار التضامن مع فلسطين. وهذا تحديدًا ما قالته ليا جرينبيرج، المديرة التنفيذية المشاركة لمشروع إنديزيبل بروجيكت، التي اعتبرت أن تغريدة دانون كانت «دليلًا مثاليًا على استخدام معاداة السامية بشكل عشوائي وبسوء نية كسلاح لإغلاق الطرق الأساسية أمام التضامن مع الشعب الفلسطيني».

كذلك، وصفت الوزيرة السابقة في حكومة ديفيد كاميرون المحافظة، البارونة سعيدة وارسي، تصريحات دانون بأنها «مروعة». وقالت إن «هذه المحاولات المستمرة لخنق أي وكل دعم للفلسطينيين يجب أن تخضع للحساب».

صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية نفسها انتقدت تعليقات المسؤولين الإسرائيليين. في افتتاحيتها المعنونة «حاربوا معاداة السامية الحقيقية وليس إيما واتسون»، كتبت الصحيفة: إذا صرخنا «معاداة السامية» في كثير من الأحيان حول النقد الطبيعي لإسرائيل، وإذا اعتاد الكثير من الناس على الصيحات، فإننا نخسر النضال الأكبر ضد الأشكال الأكثر خطورة من كراهية اليهود»، واصفًا المنشور الأصلي بـ«الحميد نسبيًا».

كذلك قالت صحيفة جويش كرونيكل، أقدم صحيفة يهودية في العالم، إن قرار البعض باتهام واتسون بمعاداة السامية يقوض الاتهامات الأخرى لمعاداة السامية، مؤكدة أن الصورة لا تحتوي على مثال واحد ينتهك تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية، وأن عبارات مثل «فلسطين حرة» أو «العدالة لفلسطين»، أو رفع صور العلم الفلسطيني ليست معادية للسامية.

حساب واتسون النضالي

إيما واتسون ناشطة نسوية صريحة. انضمت إلى قائمة مجلة تايم لأكثر 100 شخص نفوذًا في العالم في عام 2015، بعدما حولت جهودها إلى دعم القضايا الحقوقية.

في عام 2014، عينتها الأمم المتحدة سفيرة للنوايا الحسنة. وألقت خطابًا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك لإطلاق حملة HeForShe، وهي حملة تحث الرجال على الدفاع عن مساواة المرأة.

وعينت واتسون في هيئة استشارية لحقوق المرأة في مجموعة السبع في عام 2019. 

لكنها في 2020، اعتبرت نفسها مقصرة لأنها تشغل مساحة مهمة عبر السوشال ميديا لا تستغلها بما يكفي لدعم العدالة. لذلك، ومنذ مؤتمر المناخ في جلاسكو 2021، منحت واتسون نشطاء المناخ حق الوصول إلى حسابها عبر إنستجرام. لكنها هذه المرة اختارت أن تكون القضية الفلسطينية عنوان نضالها الإلكتروني، حيث نشرت صورة صممتها مجموعة Bad Activist Collective لتجمع في شيكاغو في مايو 2021، خلال حرب غزة الأخيرة، تعبيرًا عن التضامن مع القطاع المحاصر ردًا على هجمات الطائرات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين.

سبقتها سالي روني

تعبير إيما واتسون عن تضامنها لم يكن الأول مؤخرًا. والتوسع في استخدام تهمة معاداة السامية تكرر كالعادة. في أكتوبر 2022، اتهم مسؤولون إسرائيليون الكاتبة المشهورة سالي روني بـ «إعاقة السلام في الشرق الأوسط» برفضها عرضًا من الناشر الإسرائيلي مودان، بترجمة كتابها الأخير «عالم جميل.. أين أنت؟! إلى اللغة العبرية.

ودافعت الكاتبة الأيرلندية الحائزة على جوائز أدبية رفيعة عن قرارها، قائلة إنها تؤيد مقاطعة ثقافية لإسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين.

وقالت إنها قررت رفض الناشر لأنه لم ينأى بنفسه علنًا عن الفصل العنصري. لذا استخدمت حقها الأدبي في رفض الترجمة تعبيرًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والمساواة.

المعركة تتحول لحساب فلسطين

المهم هنا أن المعركة في هوليوود تتحول لصالح فلسطين بشكل واضح؛ إذ بات البعض في صناعة السينما الأشهر عالميًا أكثر استعدادًا لاتخاذ موقف مؤيد للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يقول آخرون في جلسات خاصة أنهم مؤيدون لإسرائيل، لكنهم يفضلون الصمت في العلن لأن الوضع حساس.

في يوليو 2014 ، وقع خافيير بارديم وبينيلوبي كروز على رسالة مفتوحة تتهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» ضد الفلسطينيين خلال حرب غزة. بعد أيام، اعتذر الممثلان عن مشاعرهما العفوية بعد رد فعل عنيف في هوليوود. صرحت بارديم في ذلك الوقت: «كان المقصود فقط أن يحل السلام».

لكن خلال حرب غزة الأخيرة، رصدت هوليوود ريبورتر تقدمًا سريعًا في تصدع الدعم العام لإسرائيل بعدما وجدت وجهة النظر المضادة قوة جذب متزايدة، مع وجود شخصيات بارزة مثل فيولا ديفيس ومايكل جوردان وزين مالك تستخدم منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

وقال محامي هوليوود مارتي سينجر إنه وجد صعوبة أكبر في تجنيد النجوم لحضور الأحداث التي تخدم القضايا الإسرائيلية، حتى لو دعموا بشكل خاص أي جهد معين، خوفًا من «تعرضهم للهجوم» عبر الإنترنت.

واضطرت الممثلة الإسرائيلية جال جادوت لتعطيل المنشورات على إنستجرام بعد الهجوم العنيف على منشورها الذي قالت فيه إن «إسرائيل تستحق أن تعيش كدولة حرة وآمنة».

وفي عام 2019، تعرضت ديمي لوفاتو لانتقادات بعد نشرها عن رحلة «ساحرة» إلى إسرائيل، لتضطر للاعتذار بعدها.

وتنسب ميلينا عبد الله، المؤسس المشارك لفرع لوس أنجلوس من بلاك لايفز ماتر، الفضل إلى حركة العدالة الاجتماعية في جلب الوعي المطلوب في الصناعة إلى محنة الفلسطينيين، والاعتراف بمعاناة الشعب المضطهد.