الصعود التاريخي لإثيوبيا: البدايات والإنجازات والتحديات
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
كان العام الماضيتاريخيًا في السياسة الإثيوبية. يتفاءل أغلب الإثيوبيين الآن بآفاق السلام والتقدم الديمقراطي. هذا على الرغم من أن الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية الحاكمة – ذات التاريخ الطويل من الاستبداد – لا تزال في السلطة. ومع ذلك، فإن القيادة التقدمية الجديدة مع رئيس الوزراء آبي أحمد، وسلسلة الإصلاحات التي قدمها، يمكن أن تعني أن الحزب الحاكم القديم قد ذهب إلى الأبد.يتمتع الحزب الذي تم إصلاحه برئاسة آبي ونائبه ديميكي ميكونين، بقبول أوسع وشرعية سياسية مجدّدة.في الوقت نفسه، يدرك الإثيوبيون أن التغيير السياسي الأخير تحقق على خلفية الاحتجاجات الشعبية المستمرة، مما يشير إلى أنه لا يزال هناك العديد من القضايا دون حل. ويتوقع عدد قليل من الإثيوبيين أن يتغير الائتلاف الحاكم من الداخل على اعتبار صياغته لنفسه بوصفه الصوت الوحيد في مجال سياسي مغلق. علاوة على ذلك، تعني حقيقة كون الائتلاف يتكون فقط من أربعة أحزاب سياسية تمثل أربع مناطق فقط من المناطق التسع، أن معظم المجموعات في الأطراف السياسية تظل مهمشة. وعند مراجعة الأحداث، يحتاج المرء فهمًا حقيقيًا لعوامل القيادة، بالإضافة إلى التحديات المتبقية.
اقرأ أيضًا: آبي أحمد: هل نشهد ميلاد قائد أفريقي طال انتظاره؟
كيف حدث التغيير؟
وضعت الفيدرالية العرقية لإثيوبيا تاريخيًا مجموعة عرقية واحدة ضد الأخرى. مع مرور الوقت، مكنت المناورات السياسية النخب التي كانت أعضاءً في الأحزاب الأربعة من تشكيل الائتلاف الحاكم. وقاد زعماء هذه المجموعات معًا الأراضي الإثيوبية السياسية لأكثر من 27 عامًا؛ أمّنوا زعماء المعارضة المسجونين، أو الذين كانوا غير قادرين على المشاركة في الفضاء السياسي الضيق. يقع الأمل الوحيد في تحدي الوضع السياسي الراهن على عاتق الناخبين.في نهاية المطاف، ضمنت موجة كبيرة من الاحتجاجات في أكبر منطقتين من حيث الكثافة السكانية في الدولة، وهما أمهره وأوروميا، أن الأيام السياسية للائتلاف الحاكم الذي يهيمن عليه التيغراي كانت معدودة. تحول الاهتمام بسرعة إلى فكرة القيادة السياسية الجديدة، لكن ما هي القوة التي يمكن أن تحل محل الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية السلطوية؟في الأوقات العصيبة التي تبعت ذلك، أدرك الإثيوبيون أنه إلى جانب الاضطرابات المدنية، كان هناك أيضًا اقتتال داخل التحالف تم إخفاؤه عن أعين الناس لسنوات. حدث هذا بين الحزبين السياسيين الممثلين لجماعتي أمهره وتيغراي. أعطى هذا الإدراك زخمًا جديدًا للاحتجاجات الشعبية للدفع من أجل التغيير.
حكم المصلحين
كان أول صدع كبير داخل تحالف الجبهة الديمقراطية الشعبية الثورية الإثيوبية سلسلة من الخلافات بين الحزب الأمهري الديمقراطي وجبهة تحرير تيغراي الشعبية منذ عام 2014، حيث اختلفت القيادة العليا من الطرفين حول الاتجاه العام الذي سلكته البلاد.بالإضافة إلى ذلك، شكك جناح أمهره في هيمنة التيغراي داخل الائتلاف الحاكم، وانتقلت هذه الأحزاب القومية إلى منطقتي أمهره وتيغراي الإدارية، ومع تفاقم الخلافات، أوضح قادة أمهره بقيادة نائب رئيس الوزراء ميكونين أن تدخّل جبهة تيغراي في أمور ولاية أمهره لن يتم التسامح معه، يحدث هذا الاقتتال الداخلي بين الائتلاف منذ عام 2014.في هذا الوقت، شرع حزب أورومو الديمقراطي في إصلاحات داخلية جذرية، وأطيح بأعضاء يُعتقد أنهم يخدمون مصالح حزب تيغراي الذي يسيطر على الائتلاف. وسرعان ما أقام رئيس إقليم أوروما، ليما ميغيرسا ونائبه آبي، شراكة وثيقة مع قادة الإصلاح داخل الحزب الأمهري الديمقراطي، وهي جماعة كان يقودها ميكونين، والذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء الإثيوبي منذ عام 2012. ابتداء من أوائل عام 2017، أصبحت هذه الشراكة في نهاية المطاف متوافقة مع الاحتجاجات الشعبية في مناطقها، وبعد ثلاث سنوات من الاحتجاجات الجماهيرية، أعلن رئيس الوزراء السابق هايلي ماريام ديسالين استقالته.كانت استقالة ديسالين المفاجئة نبأً مُفرحًا، ثم تحول التركيز بسرعة إلى بديله. ولأن آبي كان عضوًا في البرلمان، أصبح مؤهلًا ليصبح رئيسًا للحكومة، وانتخبه أعضاء حزبه رئيسًا للحزب. من هنا، تم التصويت له كثالث رئيس وزراء إثيوبي في عهد الائتلاف الحاكم، وأول أورومي يشغل هذا المنصب على الإطلاق.
اقرأ أيضًا: سيدة أفريقيا: إثيوبيا تعيد تشكيل القرن الأفريقي
أصبح ميكونين الذي دعم صعود آبي إلى السلطة، نائبه. منذ ذلك الحين، حقق كلاهما سلسلة من النجاحات الإصلاحية. شملت الإصلاحات التي قادها الرجلان؛ الإفراج عن آلاف السجناء السياسيين و الصحفيين، وتأسيس حرية الصحافة، وإحلال السلام مع إريتريا، وتعيين حكومة متوازنة بين الجنسين، وتشكيل لجنة لدعم المصالحة الوطنية.
التحديات
كانت هناك أوقات عصيبة،فالصراعات العرقية و تشريد الناس على أسس قبلية، وعودة النخبة السياسية القديمة التي حاولت استعادة الوضع الراهن، تبقى قضايا يجب على أحمد وشركائه التصدي لها بإلحاح. وسط هذه التحديات، تستعد البلاد لإجراء انتخابات وطنية في عام 2020. في رأيي، سيكون من الحكمة إما تأجيل الانتخابات إلى أن تثبت الحكومة الجديدة قبضة حازمة على التماسك الوطني والأمن أو العمل بوتيرة لتكثيف الإجراءات الأمنية. لا يزال جدول أعمالها للإصلاحات عرضة لزعزعة الاستقرار.يحتاج أحمد أيضًا إلى مواجهة جبهة تحرير أورومو التي أُعيد إحياؤها، مؤخرًا، وهي جماعة متمردة ترفض نزع السلاح. حقيقة اختيار الإدارة لاتخاذ إجراء عسكري ضد هذه المجموعة هو تطور غير عادي في المناخ الحالي، ومؤشر على أن صبر أحمد على المعارضة قد يتضاءل. علاوة على ذلك، لا يزال العنف السياسي في المنطقة الصومالية الإثيوبية المضطربة نشطًا أيضًا. وفي خضم التقلبات، يتعين على إدارة آبي أن تضع استراتيجيات عمل يمكنها تهدئة الوضع. فهذا شيء يجب مراقبته.بغض النظر عن ذلك، تبدو رحلة إثيوبيا التاريخية نحو الإصلاح الكامل معتدلة، وما زال الدعم الشعبي للخطوات التي تتخذها الإدارة كبيرًا.