جوهرة مكنونة: هكذا رأت الصحافة العالمية فيلم «اشتباك»
منذ أيام افتتح الفيلم المصري «اشتباك» قسم «نظرة ما» بمهرجان «كان» السينمائي الدولي الذي بدأت فعالياته في الحادي عشر من الشهر الجاري وتستمر حتى الثاني والعشرين من نفس الشهر. وقد لاقى الفيلم احتفاءً واسع المدى من رواد المهرجان، كما جاءت ردود الأفعال على الفيلم أكثر من إيجابية من الصحافة العالمية والتي ذهبت إلى حد وصف الفيلم بـ«جوهرة كان المكنونة» كما جاء في تقرير بموقع «هوليود ريبورتر».وقد علق المخرج والكاتب السينمائي عمرو سلامة على الاحتفاء الدولي بفيلم «اشتباك» بالقول بإنه إنجاز كبير للسينما المصرية والعربية، ربما يوازي أن يصل منتخب مصر إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم وينافس بشراسة.
الجارديان: دراما المكان الواحد المرعبة تتناول الصراع المصري

كيف يتسنى لمخرج أن يقوم بنقل مشاعر الرعب الهائلة التي قد تنتاب شخصًا يعيش ببلد في حالة حرب مع نفسها؟، فيلم محمد دياب المثير للقلق والجريء فنيًا يضع المشاهد داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة المصرية في 2013 في الوقت الذي كانت تغلي فيه توترات ما بعد الثورة. على الرغم من أن هذا لم يكن سوى فيلم دياب الثاني بعد فيلم «القاهرة 678» الذي يتناول ظاهرة التحرش الجنسي في القاهرة، إلا أن مهارة الصنعة في هذا الفيلم خاطفة للأنفاس.
واحدًا تلو الآخر تمتلئ العربة بمجموعة متنوعة من المتظاهرين والصحفيين، الذين يظلون على نفس الحالة من الصراع المرير بين بعضهم البعض، وبين أنصار جماعة الإخوان المسلمين من ناحية، وداعمي الحكم العسكري من ناحية أخرى. يتابع الفيلم بشكل ممتع ومفعم بالحيوية دون أن يتحيز لأي من الفريقين، وبدلًا من ذلك يعرض لنا مجموعة من الناس أجبروا على الانقسام سواء بحكم الأوضاع الجارية أو بحكم الوراثة، دون أدنى رغبة في التراجع.
نشهد بطول الفيلم حالة من الغضب العارم وشعورًا بالحنق لانعدام العدالة، وتتنامى لدينا مشاعر التعاطف مع شخصيات الفيلم التي نبدأ في الاقتراب منها والتعرف عليها من خلال ما تتعرض له من ممارسات غير إنسانية من قبل رجال الشرطة الذين قاموا باحتجازهم. هذه الشخصيات لم تكن بالضروة شخصيات عنيفة أو خطرة، ومع ذلك تمت معاملتهم بطريقة جافة وقاسية، وهو ما أعطى القصة بعدًا عالميًا إضافيًا، مستدعيًا الحوادث الوحشية لرجال الشرطة والتي انتشرت بالولايات المتحدة مؤخرًا.بينما تتحرك سيارة الشرطة نرى بعض المشاهد لأحداث هرج ومرج تجري خارجها، ولكن المخرج يقاوم إغراء التصوير من الخارج بكادر أوسع، لنرى هذه المشاهد من نافذة سيارة الشرطة. هذا الفيلم متقن الصنع بدرجة كبيرة من بدايته حتى نهايته الموجعة. فالمشهد الأخير يتركنا، كما ينبغي له، في حالة من الذعر. ومن موقع تصوير «دياب» الصغير، ترك الفيلم تأثيرًا كبيرًا.هافنجتون بوست أمريكا: فيلم «دياب» رسالة إلى الإنسانية

مجلة فرايتي: «اشتباك» دراما صاخبة وغاضبة
دراما صاخبة وغاضبة تم تصويرها بالكامل في عربة جافة إبان اندلاع الاشتباكات بين مؤيدي الحكم العسكري والإخوان المسلمين في مصر. الاشتباكات بطبعها مرعبة بما فيه الكفاية، ولكن أن يتم حبسك داخل سيارة ترحيلات أثناء هذه الاشتباكات فهذا ما يفوق أي تصور عن الرعب. ربما كان فيلم اشتباك صادمًا للبعض بتجاوزه حدود الهيستيريا، إلا أن هذا الفيلم البارع كان بمثابة رسالة عن الفوضى والوحشية ترتعد لها الفرائص.ينضم فيلم اشتباك إلى حفنة من الأفلام الناجحة (الفيلم اللبناني «قارب نجاة») تم تصويرها في مساحة محدودة جدًا؛ سيارة الترحيلات التي لا تزيد مساحتها عن ثمانية أمتار، وجميع الأحداث تجري إما داخل السيارة أو مرئية من أحد نوافذها. الارتباك يدفع برجال الشرطة إلى المزيد من نفاد الصبر فيلقون القبض على مجموعة من المتظاهرين ممن وقفوا في صفهم ونزلوا للاحتفال بالانقلاب على حكم مرسي، ويتم الزج بهم في عربة الترحيلات مع مجموعة من الإخوان المسلمين ممن قاموا بإلقاء الحجارة على رجال الشرطة؛ ما يخلق وضعًا أشبه بقدر الضغط، لا تعرف معه إذا كنت أكثر أمنًا داخل القدر أم خارجه.وبامتلاء العربة تتحول إلى مقطع عرضي للمجتمع المصري بطبقاته الوسطى والدنيا، وهنا استطاع دياب اللعب بمهارة على حقيقة أن كل هؤلاء المحبوسين داخل العربة بما يمثلونه من أطياف مختلفة، قد شاركوا في ثورة 2011، حينما امتلأ الهواء بشذا التغيير لفترة وجيزة، وآمن أغلب المواطنين بأن الانتخابات قد تقودهم إلى عدالة منصفة.تصوير «أحمد جابر» بالكاميرا المحمولة ساهم بشكل كبير في تصدير الإحساس شبه الدائم بعدم الارتياح بينما كل شيء غير متزن؛ ما جعل المشاهد يشعر بشعور الشخصيات بالاهتزاز وانعدام الاتزان. وفضلًا عن الشعور القوي برهاب الاحتجاز، رصدت العدسات مشاهدات سريعة ومرعبة من الفوضى خارج العربة، وفي النهاية كانت الرسالة واضحة: لقد تلاشى أي حسّ بالوحدة الوطنية، وتصاعُد العنف قاد مصر إلى حافة الجنون.موقع العرض الأول:«اشتباك» صناعة رائعة في نطاق محدود

