تطل علينا كل يوم تطبيقات تخبرنا أنها يمكنها أن تحسب السعرات الحرارية للطعام، وتراقب أوضاع الحمل، ويمكنها أن تقيس مستوى السكر والضغط، وحتى تجري اختبارًا للبول، وتنذرك بالسكتات الدماغية والسرطانات، مثلما تدعي أنها تعالج حب الشباب والاضطرابات النفسية من خلال ضوء الهاتف؛ لكن هل تصدق هذه التطبيقات في زعمها عندما نضعها تحت الاختبار؟ خاصة مع انتشارها الكبير في سوق تطبيقات المحمول، حيث يوجد أكثر من 100 ألف تطبيق، وفي الولايات المتحدة وحدها يوجد أكثر من 60 مليون مستخدم.

دعونا نعرف أولاً ما هي التطبيقات الصحية؟ فوفقًا لتعريف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، التطبيقات الصحية المتنقلة هي أجهزة طبية تدمج بين تطبيقات المحمول والأجهزة الإلكترونية الطبية الإضافية التي يمكن إيصالها بالمحمول أو تحويل الهاتف المحمول إلى منصة طبية إلكترونية منظمة، ويمكن عن طريقها مراقبة مختلف الإشارات الصحية الحيوية، مثل الوزن ومستويات الكوليسترول، ويمكن لبعضها اكتشاف الأمراض.

ومع انتشار معدلات البدانة والأمراض المزمنة وما تمثله تكلفتها من عبء على المواطن والدول على السواء، تبرز التطبيقات كوسيلة مساعدة يمكن أن تخفف من هذا العبء.. لكن!


صحية لكن قد تجلب ضررًا على صحتك!

صحة، طب، هواتف ذكية، تطبيقات، تطبيقات صحية

دعونا نخبرك أولًا أن ليس على هذه التطبيقات أن تثبت صدق زعمها، نعم. فوفقًا لإدارة الغذاء والدواء يعد التطبيق مؤهلًا للاستخدام كجهاز طبي إذا كان يستخدم أحد مكونات الهاتف، مثل البصمة أو الكاميرا أو أجهزة الاستشعار، إلا أن المحتوى الطبي لهذه التطبيقات قد لا يكون دقيقًا مثلما قد يؤدي إلى مشكلات صحية جسيمة إذا أعطى قراءات خاطئة.

لذا ينذر عديد الأطباء والجهات التنظيمية الأمريكية من خطر التطبيقات التي تدعي تشخيص الأمراض وعلاجها لما قد تسببه من مخاطر صحية قد تصل للوفاة. فلا يوجد التزام على الشركات، ومعظم التطبيقات تأتي من خلال القطاع التجاري وليس القطاع البحثي أو العلمي. فليس عليك أن تكون طبيبًا أو لديك متخصص طبي لتصدر تطبيقًا صحيًا يقدم الخدمة الصحية للملايين؛ لذلك لا توجد أدلة كافية عما إذا كانت هذه التطبيقات تقدم الفوائد المرجوة التي تزعم بها أم لا.

مثلما لا توجد تشريعات تنظيمية لهذه التطبيقات، فضلًا عن أن كثيرًا منها وفقًا للدراسات لا يقدم محتوى علميًا رصينًا ودقيقًا ولا ينتج بيانات صحيحة أو متسقة.

يقول الدكتور أورين إ. فرانكو، الأستاذ بقسم جراحة العظام في جامعة كاليفورنيا-سان دييغو: «تتطلب عملية الموافقة عمومًا أن يستوفي التطبيق إرشادات كل شركة الخاصة بموضوع المحتوى، لكن لا تتحقق العملية من صحة البيانات المضمنة في البرنامج للتأكد من دقتها أو وظيفتها الطبية قبل إتاحة التطبيق للاستخدام العام».

ففي عام 2011، فرضت لجنة التجارة الفيدرالية غرامة على تطبيق AcneApp يدعي علاجه حب الشباب بضوء شاشة المحمول، مثلما تم إيقاف تطبيق uChek في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يزعم أنه يستخدم كاميرا المحمول لتفسير نتائج شرائط تحليل البول.

فقد تفسد حميتك الغذائية وتصاب بالبدانة لأن التطبيق أعطاك قراءات خاطئة لعدد السعرات أو تمنح نفسك جرعة زائدة من الأنسولين لأن جهازك أخطأ في قياس نسبة السكر، أو تغفل الذهاب للطبيب للكشف على بقعة بنية سرطانية ظهرت على جلدك بعدما أخبرك التطبيق أنها حميدة. فإلى أي مدى مستعد لأن تضع حياتك على المحك وتبلغ ثقتك في التطبيقات الصحية التي تستخدمها؟

ومع تكاثر التحذيرات والمخاطر أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عددًا من التوصيات في ديسمبر عام 2016 للمطورين والموزعين تفرض من خلالها متطلبات تنظيمية للتطبيقات التي تزعم أنها تشخص أو تعالج أمراضًا أو تقي منها لكنها تركز على التطبيقات التي تربط ما بين التطبيق ومنصات أخرى مثل أجهزة تعقب ومراقبة الجلوكوز ومراقبة ضربات القلب وغيرها.


احترس! التطبيقات الصحية قد تؤدي للوفاة

هواتف ذكية, تطبيقات, صحة

تخيل أن تظهر لديك بقعة جلدية فتهرع إلى هاتفك المحمول لتتأكد من أنها ليست سرطانًا جلديًا فيخبرك أنها بقعة حميدة، لكن ماذا لو لم تكن كذلك؟ إذن ها هو سرطان يمر دون علاج.

لذا اختبر باحثون من جامعة بيتسبرغ فاعلية ثلاثة تطبيقات تقوم بالكشف عن سرطان الجلد باستخدام الصور، فوجدوا أن أدق هذه التطبيقات أخطأ في كشف نحو 18 بقعة جلدية من أصل 60 وأعدها بقعة حميدة، لكنها كانت سرطانًا خبيثًا؛ أي أن معدل خطأ أفضل هذه التطبيقات يصل لنحو 30%، فماذا عن التطبيقات الأخرى؟

استدرك مطورو هذه التطبيقات قائلين بأنها ليست مخصصة للتشخيص، وإنما هي لغرض تعليمي وحسب، إلا أن فريق البحث ارتأى أن طرح تطبيقات مثل هذه للعامة يجب أن يأخذ في الحسبان إمكانية أن يساء استخدامها، خاصة في أوقات الصعوبات الاقتصادية التي قد تعوق بعضهم دون الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، ما يجعل بعضهم يلجأ لهذه التطبيقات عوضًا عن الطبيب.


مفيدة، ولكن

أما عن التطبيقات التي تقدم خدمات توثيقية، مثل متابعة الوزن والنوم والأكل الصحي وممارسة الرياضة فهي الأقل خطرًا؛ فهي تساهم في تجميع المعلومات الصحية وأرشفتها، ويمكنك أن تسجل بها الصور والوثائق التي تحتاجها وتساعد المستخدم في تحديد أهدافه ومتابعتها وقياس التقدم التدريجي؛ ما يعني أنها مفيدة. ووفقًا لدراسة علمية، ساعدت بعض التطبيقات الصحية المستخدمين في خسارة الوزن وتقليل ضغط الدم ما يعني أنها يمكن أن تساهم في تحسين نمط الحياة والروتين اليومي على نحو أفضل.

مثلما كشفت دراسات أن هناك تطبيقات صحية قادرة على اكتشاف الصرع ورعاية مرضى السكتات الدماغية بجانب تطبيق يتيح للآباء فحص أطفالهم الجدد ضد اليرقان. كذلك توفر بعض التطبيقات الصحية مثل HealthKit وسيلة لإرسال هذه النتائج إلى طبيبك الخاص. كذلك يمكن أن توفر التطبيقات خدمة للأفراد في المجتمعات التي لا يتمكن فيها أفرادها من الوصول للخدمات الصحية بسهولة إما لقلة توافرها أو لضعف مستوى المعيشة.

لكن بجانب الخوف من عدم دقة التطبيقات المستخدمة طور الباحثون مستشعرات يمكن إلحاقها بالهاتف المحمول وربطها بأحد التطبيقات الصحية مثل HealthKit، لكن ما زالت هناك مخاوف حول مدى حماية معلومات وعدم استخدامها لأغراض أخرى. فقد أعلن عن استخدام منصة HealthKit في تجربتين سريريتين إحداهما لتتبع مستويات سكر الدم لدى الأطفال المصابين بالسكري، والأخرى لتتبع ضغط الدم والوزن وغيره لدى المرضى بأمراض القلب والسرطان.

لذا من المتوقع أن يزداد الطلب على المتخصصين الأمنيين ذوي الخلفية المعلوماتية الصحية لحماية معلومات وبيانات المرضى والاستفادة من التطبيقات الموجودة ودمجها مع أنظمة الرعاية الصحية. مثلما من المتوقع أن تخضع هذه التطبيقات لقوانين الأمن والحماية التي تخضع لها بيانات المرضى، مع تعزيز حمايتها من القراصنة الإلكترونيين.


الانتشار لا يعني الفاعلية

مع ارتفاع معدلات البدانة ليس من الغريب أن تأتي تطبيقات اللياقة وفقدان الوزن والحميات على قمة التطبيقات الصحية الأكثر تنزيلًا، مثل MyFitnessPal وFitBit. وعلى الرغم من أن تطبيقًا مثل MyFitnessPal استطاع استقطاب نحو 40 مليون مستخدم، إلا أنه وفقًا لتقرير معهد IMS لمعلومات الرعاية الصحية لم يحقق التطبيق الفوائد المرجوة رغم هذه الشعبية الكبيرة، ووفقًا لغيره من التقارير لم يثبت فاعلية الغالبية العظمى من مثل هذه التطبيقات.

وفقًا لمعهد IMS بعد فحص نحو 40 ألف تطبيق صحي وجد أن نحو 40% فقط من التطبيقات يمكن أن تكون ذات فائدة، ويشير في تقريره إلى مواصفات التطبيق الجيد، فيوضح أنه يجب أن يزود المستخدمين بالمعلومات الصحية التعليمية مستخدمًا الوسائط المتعددة، ويوفر معلومات واضحة حول كيفية استخدام التطبيق والاستفادة منه، مثلما يقوم بتسجيل البيانات التي يدخلها المستخدم ومن ثم يعرضها في هيئة رسوم بيانية لمساعدة المستخدمين في فهم المعلومات، كما يذكرهم بأهدافهم. كذلك التطبيق الجيد هو الذي يسمح بإنشاء قناة تواصل بين المستخدم والطبيب.


كيف تختار؟

صحة, طب, هواتف ذكية, تطبيقات. تطبيقات صحية

ابحث عن التطبيقات التي تعاون على صنعها خبراء وأطباء موثوقون في مجالهم، مثل تطبيق HemMobile الذي أطلقته شركة Pfizer وهو تطبيق صنع لمساعدة مرضى الهيموفيليا لتتبع مرضهم.

فيما يتعلق بتطبيقات الصحة النفسية، ابحث عن التطبيقات التي تستخدم أساليب علاجية معروفة ومثبتة، مثل العلاج السلوكي المعرفي cognitive behavioural therapy، وتم التصديق عليها من قبل أطباء موثوقين أو جهات موثوقة مثل منظمات الصحية العقلية.

اقرأ المعلومات الكاملة عن التطبيق قبل الهم بشرائه.

تناقش مع طبيبك حول التطبيقات التي يمكن أن تساعدك في العلاج.

في النهاية، ما زالت هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم كثير عن فاعلية التطبيقات. فنحو 80% من التطبيقات يتم التوقف عن استخدامها بعد أسبوعين، مثلما لا زالت الثقة ضعيفة بين بعض الأفراد والتكنولوجيا لذا هناك حاجة لمزيد من التعاون بين مصنعي هذه التطبيقات والمرضى؛ لتحسين تجربة المستخدم.

بجانب التعاون بين مقدمي الخدمات الإلكترونية وواضعي سياسات الرعاية الصحية والمستشفيات والمتخصصين لوضع معايير جديدة تضمن مصلحة المستخدم، ولضمان فاعلية التطبيقات في تحسين صحة المستخدم ونوعية حياته سيحتاج مطورو هذه الأجهزة إلى الاستعانة بمحللين للبيانات للتأكد من كون المعلومات التي تستخدمها هذه التطبيقات مفيدة للمستخدم.