مسرحية «الحلال»: لا يكفي دعاء الشعراوي للقضاء على الإرهاب
ارتبط اسم «جبل الحلال»، خصوصا في الفترة الأخيرة، بأصحاب الفكر المتطرف والخارجين عن القانون، يؤوون إليه للتخطيط لعمليات إجرامية ولتخزين السلاح، وظهر على شاشة التليفزيون في رمضان مسلسل بالعنوان نفسه للنجم الكبير «محمود عبد العزيز».
المكان سالف الذكر هو بطل العرض المسرحي «الحلال» الذي قام بتأليفه أشرف حسني وأخرجه محمد إبراهيم، وقدمته فرقة مسرح الطليعة كأول إنتاج لها في 2016، وهي قصة عن شاب هجر دنياه كرهًا لتفاصيلها، وحنقًا على عنت كل القائمين عليها وفسادهم الزاكم للأنوف، وهو يبحث عن العزلة لعدم قدرته على الاندماج في هذا البلد. الشاب الآخر الذي يشاطره البطولة ينطلق لنفس الوجهة وبدافع مختلف نوعًا ما: الانتقام من الدولة التي وعدت أبوه بحماية الجبل وتأمينه ثم نقضت العهد كالعادة.
طبعًا يخضع كلاهما لسطوة الأمير وتعليماته، وتبرز لنا شخصية كل واحد حسب طينته ومعدنه بالرغم من غياب عقليهما بنفس المخدر، فالأخ الباحث عن الثأر سرعان ما ينزلق في فواحش وإدمان وزنا، وكلها أفعال يبررها له شيخه بأنها من مقتضيات حياة الجهاد، بينما يفيق الشاب الطاهر على صحوة ضمير مؤلمة تتساءل: لأي سبب يقتل الآخر؟!
النص المسرحي يعتمد على ديالوج حواري ينطلق بين الشاب الأول والشاب الثاني يبرر كل منهما وجهة نظره فيما يشبه مناظرة مدروسة لها ضوابطها الحاكمة. ونحن نتخذ مقعدنا أمامهما وبينهما وفي داخل كل منهما، هذه هي إرادة التقمص التي تجعل المحاكاة أحد مظاهر المتفرج في المسرح، يضمر الجزع على مصير البطل المقهور، والسخط على الشرير.
أو كما يقول ألفريد فرج في كتابه «دليل المتفرج الذكي إلى المسرح»:
وكل من بطلي العرض شاب مؤمن حافظ للقرآن، ولكن هذا لا يكفي. سوف نرى أن الفتى الطيب يعبث عمدًا بمعنى بعض الآيات بدعوى أن هذا هو طلب الأمير حتى يتحدى الفتى الشرير!
يُفتح ستار المسرحية على صوت الشيخ محمد متولي الشعراوي في مقطع شهير ومتداول عن طبيعة تديّن المصريين واسلامهم (وهذه مباشرة سخيفة ستتكرر كثيرًا في العرض)، كما سيغلق الستار على صوت الشيخ أيضًا في المقطع الذي يعلن فيه قدرة مصر على مواجهة الإرهاب. طبعًا، زادت جرعة السطحية بوجود مقاطع للبابا شنودة عن المحبة والسلام، وهو كلام ممتاز جدًا، لكن المباشرة عدو الفن الأول في كل حين.
اعتمد الديكور على كتلة صخرية في منتصف خشبة المسرح، أشبه بديكورات المشاهد الأولى في مسرحية الهمجي، تشير إلى أوّلية الحياة وقسوة الموقف، وكانت الأضواء الملونة (كما في مسرحية لينين وصبحي المذكورة) تسقط هنا على الصخرة مع تبدّل مشاعر الأبطال التي تبدأ بالحيرة والقنوط وتنتهي بذبح الشاب لصديقه وأخيه في الجماعة عقابًا له على تشغيل مخه ومحاولة إيقاظ ضميره!