دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي — نوفمبر/تشرين الثاني 2019
أطل الشتاء هذا العام متناقضًا، فبينما تضربنا العواصف والأمطار بسرعات وكميات نادرًا ما نواجهها، إلا أن درجات الحرارة ظلت مرتفعة حتى مطلع نوفمبر، أما السماء فلا زالت كما هي، تتجهز ليلاً لسيطرة الجبار يومًا بعد يوم، وأصبح ممكنًا أن نرى سهيل الممتع بدرجة كبيرة من الوضوح، أما أصدقاء الصيف من سكان مثلثه اللامع فقد انتهى عهدهم معنا.
أهم الأحداث
1 نوفمبر
القمر في العقدة النازلة، في تمام الساعة 23:40 بتوقيت مصر، يحدث ذلك لأن القمر لا يدور على الأرض في نفس المستوى، بل يصعد قليلًا عنه، في أثناء دورته، ثم ينخفض قليلًا، ويلتقي مع مستوى الأرض مرتين كل شهر قمري: الأولى، هي العقدة النازلة، والثانية، هي العقدة الصاعدة وستكون يوم 16 نوفمبر في تمام الساعة 10:48 بتوقيت مصر.
1 نوفمبر
بعد الغروب، القمر يقف بين المشتري وزحل في مشهد بديع، هذه هي آخر مرة سنرى المشتري إلى جوار القمر بعد الغروب، حيث سيدخل عملاق المجموعة الشمسية أسفل الأفق ولن نراه إلا فجرًا في الشتاء.
2 نوفمبر
القمر يقف إلى جوار زحل على مسافة قريبة في واحد من أروع مشاهد نوفمبر، يظهر زحل بلون مائل للأصفر.
4 نوفمبر
في تمام الساعة 12:43 ظهرًا، ينتصف القمر ويصبح تربيعًا أولاً.
6 نوفمبر
بعد منتصف الليل، يمكن لك أن تشاهد زخة شهب الثوريات الجنوبية، تخرج بأعداد قليلة (حوالي 10 شهب في الساعة) لكنها فرصة ممتعة على كل حال.
7 نوفمبر
في تمام الساعة 10:37 يكون القمر في الأوج، إنها أبعد مسافة له عن الأرض في أثناء دورته حولها، حيث يكون على مسافة 406378 كيلومترًا.
11 نوفمبر
ظهرًا، يعبر كوكب عطارد أمام الشمس مباشرة، وهي فرصة لهواة الفلك أن يقوموا برصد تلك الظاهرة، لكنها تحتاج لتلسكوب.
12 نوفمبر
الساعة 15:34، القمر في طور البدر، نراه مساءً يشرق من جهة الشرق مع غروب الشمس، وكأنهما كفتا ميزان.
12 نوفمبر
بعد منتصف الليل، يمكن لك أن تشاهد زخة شهب الثوريات الشمالية، تخرج بأعداد قليلة (حوالي 10 شهب في الساعة)، لكنها فرصة ممتعة على كل حال.
13 نوفمبر
القمر يقف إلى جوار كل من الثريا والدبران في كوكبة الثور، وعلى الرغم من أن سطح القمر سيكون مضاء بقيمة 98%، إلا أنه يمكن لك رؤية الدبران بوضوح أما الثريا فتحتاج نظرًا أكثر حدة.
15 نوفمبر
يشرق القمر، حول منتصف الليل، بداخل سداسي الشتاء، وهو –كما ترى– شكل يجمع 6 من ألمع نجوم الشتاء ويشبه حلقة البنزين التي تعلمنا عنها في الثانوية العامة.
16 نوفمبر
يشرق القمر إلى جوار نجمي التوأم من كوكبة التوأم، الأقرب للقمر سيكون رأس التوأم المؤخر «Pullox»، وإلى جواره رأس التوأم المقدم «Castor»، الأول أكثر لمعانًا وأحمر اللون، يمكن أن تفرّق بينهما بسهولة.
18 نوفمبر
فجرًا، في الليلة الواقعة بين 17 و18 نوفمبر، يمكن لك أن ترى شهبًا لامعة في السماء، زخة «الأسديات – Leonids»، لكنها لن تكون بكثافتها المعتادة –20 شهابًا في الساعة– بسبب وجود القمر.
19 نوفمبر
في تمام الساعة 23:11 بتوقيت مصر يكون القمر في طور التربيع الثاني.
20 نوفمبر
يشرق القمر فجرًا إلى جوار ألمع نجوم كوكبة الأسد، قلب الأسد أو المليك «Regulus»، يمكن لك كذلك أن تتبع كامل جسم الكوكبة والذي يشبه الأسد فعلاً.
23 نوفمبر
في تمام الساعة 09:54 بتوقيت مصر يكون القمر في الحضيض، إنها أقرب نقطة له من الأرض، على مسافة 357803 كيلومترًا، إذا كانت لديك رسالة للقمر فالآن هو أفضل وقت لتسليمها!
24 نوفمبر
قبيل شروق الشمس، يخرج الهلال البديع إلى جوار كوكب المريخ الذي يلمع بلون أحمر رائع، المشهد يزداد روعة بوجود السماكين في السماء، لا تفوت هذه اللوحة السماوية الساحرة.
26 نوفمبر
في تمام الساعة 17:06 يولد القمر الجديد، يعني ذلك أن الشهر الهجري الجديد يبدأ يوم 28 نوفمبر.
28 نوفمبر
بعيد الغروب، يمكن أن ترى الهلال الجديد واقفًا – في مشهد بديع يستحق أن تخرج لتراه – بين المشتري والزهرة، نظارة معظمة ستجعله رائعًا.
29 نوفمبر
القمر يترك كلاً من المشتري والزهرة ليرافق كوكب زحل، إضاءة القمر هي 10% تقريبًا وسيكون قريبًا جدًا من الكوكب.
مشهد مميز لشهر نوفمبر
في نوفمبر، يمكن لك أن تتبع الرقصة البديعة بين كوكبي المشتري والزهرة، والتي تبدأ يوم 15 نوفمبر ثم تصل ذروتها في 24 نوفمبر، حيث يكونان في أقرب مسافة لبعضهما البعض، ثم ينفصلان مجددًا شيئًا فشيئًا وصولًا إلى نهاية الشهر، اللافت للانتباه هو أن الزهرة يخرج للسماء فنتجهز لتأمله ليلاً طوال الشتاء القادم، أما المشتري فيتجهز للنزول أسفل الأفق بحيث لا يمكن أن نراه إلا بعد عدة أشهر في جهة الشرق فجرًا.
اخرج للسماء لحظة غروب الشمس وابحث عن الرفيقين، ستراهما بدرجة من الصعوبة، وباستخدام نظارة معظمة سيكون المشهد أكثر روعة.
أوضاع الكواكب في نوفمبر 2019
عطارد: حول 18 نوفمبر يبرز للأفق الشرقي فجرًا، ويمكن أن تراه بوضوح إلى نهاية الشهر حيث يبلغ أقصى استطالة حول يوم 27 نوفمبر ويكون قريبًا من المريخ.
الزهرة: يتحسن وضع الزهرة بوضوح خلال نوفمبر ويكتسب ارتفاعًا كل يوم، يمكن أن تراه بصعوبة في بداية الشهر لكن بحلول منتصف الشهر سيلمع بعد الغروب كمصباح منير في الأفق الغربي، وذلك كل يوم.
المريخ: خرج بطلنا الأحمر من وهج الشمس، وتتحسّن رؤيته شيئًا فشيئًا كلما تقدمنا ناحية نوفمبر، ستراه بوضوح كل يوم بعد الفجر في الأفق الشرقي، أهلًا بالمريخ لقد غبت عنّا كثيرًا.
المشتري: يومًا بعد يوم يقترب من الأفق، يمكن لمدة ساعة أن نراه أعلى الأفق الغربي بعد غروب الشمس، بحلول نهاية الشهر يكون من الصعب أن تراه.
زحل: بوجوده في كوكبة القوس، ما زال ممكنًا أن نرى زحل بوضوح خلال نوفمبر 2019، لكن الوضع يسوء يومًا بعد يوم، بحلول نهاية ديسمبر القادم سيكون من المستحيل أن تراه أعلى الأفق الغربي.
ألمع نجوم الشهر
Rank | الاسم | الكوكبة | القدر الظاهري | المسافة | الكتلة ( مكافئ كتلة الشمس) | القطر (مكافئ قطر الشمس) |
1 | الشعرى اليمانية | الكلب الأكبر | -1.44 | 8.6 | 2.0 | 1.7 |
2 | سهيل | القاعدة | -0.62 | 310 | 8.5 | 65 |
3 | النسر الواقع | القيثارة | 0.03v | 25.3 | 2.1 | 2.3 |
4 | العيوق | ممسك الأعنة | 0.08v | 42.2 | 2.7 | 12 |
5 | رجل | الجبار | 0.18v | 770 | 17 | 78 |
6 | الشعرى الشامية | الكلب الأصغر | 0.40 | 11.4 | 1.5 | 2.0 |
7 | ابط الجوزاء | الجبار | 0.45v | 430 | 18 | 936 |
8 | اخر النهر | النهر | 0.45v | 144 | 6-8 | 10 |
9 | النسر الطائر | العقاب | 0.76v | 16.8 | 1.8 | 1.8 |
10 | الدبران | الثور | 0.87 | 65.1 | 1.7 | 44.2 |
علامات رصدية في نوفمبر
في نوفمبر يبدو الأمر وكأنك تعيش حالتين للسماء، بعيد الغروب سماء خريفية يسيطر فيها الفرس الأعظم على المشهد، وبعد منتصف الليل سماء شتوية يسيطر فيها الجبار على المشهد، وبينهما يمكن لك أن ترى كلاً منهما يسيطر على أحد الأفقين الشرقي والغربي، إنها حالة نوفمبر البديعة المعتادة.
تسيطر ذات الكرسي على المشهد بشكل رئيسي طوال الشهر، يمكن لك بالطبع أن تستخدمها لتصل إلى ألمع نجوم كوكبة الدب الأصغر (النجم القطبي)، كذلك يمكن أن تستخدمها للوصول إلى الفرس الأعظم وبرشاوس (حامل رأس الغول)، وكلاهما على خط واحد يمتد وصولًا إلى الثور، وهنا ستدخل إلى سداسي الشتاء.
كوكبات دائرة البروج في نوفمبر سهلة ويمكن لك رصدها جميعًا بوضوح، عدا الحوت، لكن الفرس الأعظم سيساعدك كثيرًا مع كوكبة الحوت، في كل الأحوال فإن سماء نوفمبر – دون قمر بالطبع – هي رائعة تمتزج فيها خافتات الخريف مع لامعات الشتاء.
علامات تلسكوبية
دعنا نبدأ برصد أجرام مسييه الأشهر لنوفمبر
الكوكبة | النوع | اسم الجرم في أطلس مسييه |
المرأة المسلسلة | مجرة | M 31 |
الدلو | تجمع عنقودي | M 2 |
الدجاجة | تجمع مفتوح | M 39 |
هرقل | تجمع عنقودي | M 13 |
هرقل | تجمع عنقودي | M 92 |
أهم العلامات التلسكوبية لشهر نوفمبر 2019 نهارية، وهي عبور عطارد أمام الشمس والذي سيحدث يوم 11 نوفمبر. عطارد والزهرة كوكبان لهما حكاية خاصة؛ لأن كلاً منهما يقع مداره داخل مدار الأرض حول الشمس وليس خارجها، يتسبب ذلك في مشكلة: كل الكواكب، بالنسبة لنا على الأرض، تكون مرة في التقابل ومرة في الاقتران، وبينهما يمكن أن نرى الكوكب فوقنا تمامًا أو قرب الأفق، لكن هذين الكوكبين لا يمكن أن يكونا كذلك أبدًا، لماذا؟
لفهم الأمر دعنا نتأمل ذلك التصميم المرفق، ويمثل دورة عطارد داخل مدار الأرض، أول الاختلافات عن الكواكب الأخرى هو أنه لا يوجد تقابل. إذ إنه في الحالتين (2 و4) يقف الكوكب بيننا وبين الشمس، نسميه «اقترانًا أماميًا – Inferior Conjugation»، أو خلف الشمس، نسميه «اقترانًا خلفيًا – Superior Conjugation».
فقط في بعض المرات من الحالة 2 يمكن أن نرى عطارد يمر أمام الشمس، وحينما يحدث ذلك يظهر عطارد كأنه دائرة صغيرة جدًا تمر أمام الشمس. عبور عطارد هو حالة نادرة، تحدث 13 مرة كل قرن، ورغم أن عطارد يمر بين الأرض والشمس كثيرًا، إلا أن مداره يميل على المستوى بـ7 درجات، ما يجعله في بعض الأحيان أعلى الشمس وفي الأحيان الأخرى أسفلها.
يحدث عبور عطارد في مايو أو نوفمبر. حدثت حالات العبور الأربعة الأخيرة في:
أولًا: 15 نوفمبر 1999.
ثانيًا: 7 مايو 2003.
ثالثًا: 8 نوفمبر 2006.
رابعًا: 9 مايو 2016.
سيحدث العبور الحالي في 11 نوفمبر 2019، ثم المرة القادمة في 13 نوفمبر 2032.
صورة لعبور عطارد من تلسكوب الكاتب، في مايو 2016:
كيف أرصد عبور عطارد؟
أولًا: لا يمكن رؤية عبور عطارد بالعينين المجردتين، لذلك لا تحاول بأي حال من الأحوال النظر للشمس بعينيك المجردتين.
ثانيًا: لا تنظر إلى الشمس عبر التلسكوب مباشرة، لكن يجب أن تستخدم فلتر متخصصًا للشمس، منه أنواع رخيصة الثمن.
ثالثًا: ابدأ الرصد في تمام الساعة 02:30 مساء بتوقيت مصر، سيدخل عطارد من أحد جانبي الشمس ككرة صغيرة، وسيستمر في التقدم حتى يكون في منتصف الشمس حول الخامسة مساء، ويستمر ذلك حتى غروب الشمس، إنها فرصة رائعة لهواة الفلك.
حكايات النجوم
في الهند القديمة، كان الأمر يشبه الأفلام الهندية المعاصرة، تقول الحكاية إن مجموعة من الآلهة كانت تود أن تصنع «إكسير الخلود»، ولذلك استعانوا بمجموعة من الشياطين لكي تقوم بتقليب المحيط الكوني باستخدام أحد الجبال كعصا تقليب، وفي نهاية تلك الطبخة تتخثر السماء ويظهر كل من الشمس والقمر كنتيجة لتلك العملية، وكانت الآلهة، أثناء الاتفاق مع الشياطين، قد وعدتهم بأن تعطيهم من الإكسير، لكن بعد الانتهاء من الطبخ تنكّر الإله فينشو في صورة امرأة، وسحر الشياطين، وسرق حصتهم من إكسير الخلود.
لكن الشيطان «راهو» أبى أن يبقى الوضع هكذا، فتسلل إلى معسكر الآلهة وأراد سرقة بعض هذا الإكسير، هنا يراه كل من الشمس والقمر، ويطلعان الآلهة بعملية التسلل، فيقوم «فينشو» باصطياده وقطع رقبته، لكن راهو شيطان لا يموت، لذلك يستمر حيًّا بعد قطع رقبته، ويقرر مطاردة كل من القمر والشمس في السماء عقابًا على إخبار الآلهة بوجوده، إذا أمسك راهو بالقمر وابتلعه ينخسف ويتخذ لونًا دمويًا، وإذا أمسك بالشمس وابتلعها يخفيها فتنكسف، لكن الخسوف والكسوف ينتهيان، لأن رقبة راهو مقطوعة، وحينما يبتلع كلًّا منهما ينفلت من الفتحة في رقبته، ويعود للسماء من جديد، وهكذا يستمر راهو في مطاردة الشمس والقمر وابتلاعهما كلما سنحت الفرصة، لكنهما ينفلتان من رقبته المقطوعة.