دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي – فبراير/شباط 2019
في هذا الطقس البارد لا يوجد ما هو أروع من تأمل السماء ليلًا ولو قليلًا، نجوم الشتاء هي الألمع والأجمل على الإطلاق، ليس لسبب ذي علاقة بالبرودة، ولكن لأن الأرض في فصل الشتاء تواجه مجموعة قريبة من نجوم السماء، تتركز تلك المجموعة لا شك حول صياد السماء الأروع، الجبار.
يمكنك متابعة السماء طوال العام باستخدام أجندة السماء الليلة، أول أجندة فلكية باللغة العربية تشرح لك أهم أحداث السماء التي تراها بالعين المجردة، الآن متاحة للشراء من خلال السماء الليلة.
أهم الأحداث
4 فبراير/ شباط
في تمام الساعة 11:04 من صباح هذا اليوم، يعبر القمر خط الشمس ويبدأ الشهر القمري الجديد، القمر الآن في مرحلة المحاق، ويمكن لنا رؤية الهلال في اليوم التالي.
5 فبراير/ شباط
القمر في «الأوج – Apogee»؛ أي أنه في أبعد نقطة له عن الأرض. يدور القمر حول الأرض في مدار إهليلجي، حيث يقترب منها في بعض الأوقات، ويبتعد عنها في البعض الآخر كل شهر. في حالة الأوج يقع القمر على بعد 405.504 كيلومترات منها، سوف يحدث ذلك في تمام الساعة 11:26 بتوقيت مصر، بينما في حالة «الحضيض – Perigee»، وهي أقرب نقطة للأرض، يقع القمر على بعد 363.396 كيلومترًا من الأرض، وسوف يحدث ذلك يوم 19 فبراير المقبل في تمام الساعة 11:06 صباحًا.
6 فبراير/ شباط
هل يمكن لك أن تمسك بالقمر؟ يقف الليلة بإضاءة خافتة جدًا، فقط 2% تقريبًا، بجوار نجمي “تاو” و”دلتا” من برج الدلو، بعيد الغروب بلحظات سيكون لامعًا بالسماء في مشهد درامي.
10 فبراير/ شباط
الهلال بجوار المريخ الأحمر في مشهد بديع، كان المريخ رفيقًا رائعًا لنا طوال أكثر من نصف العام، وها هو يذهب في رحلته الأخيرة هذا العام خلف الشمس خلال شهور قليلة.
13 فبراير/ شباط
في تمام الساعة 00:26 دقيقة بعد منتصف الليلة الفائتة، يصبح القمر نصف دائرة بالتمام والكمال؛ أي أننا في التربيع الأول، حيث يضاء 50% فقط من سطح القمر، القمر الآن على شكل حرف D مقلوب.
12 إلى 14 فبراير/ شباط
القمر يتراقص بجوار الثنائي الأشهر: الدبران Aldebaran والثريا Pleiades من برج الثور، يقف إلى جوار الدبران في مشهد بديع ليلة التربيع الأول (13 فبراير) ثم ينتقل بعدها إلى سداسي الشتاء.
15 فبراير/ شباط
القمر في قلب سداسي الشتاء البديع، وهو شكل يتكون من 6 نجوم توجد بدورها في 6 من ألمع كوكبات الشتاء، يستمر معنا هذا المشهد البديع بشكل شهري طول ستة شهور قادمة، في كل مرة يتغير طور القمر ويتأخر وقت اللقاء.
19 فبراير/ شباط
في تمام الساعة 05:53 مساءً بتوقيت مصر، القمر في طور البدر، يقولون إن البدر للعشاق فقط لأن إضاءته تغطي على معظم النجوم، لكنه من الجميل أن تتأمله ولو لخمس دقائق. يقف قريبًا من ألمع نجوم برج الأسد، ويسمى قلب الأسد Regulus أو المليك، حينما يخرج البدر بالقرب من نجم ما يعني ذلك أن النجم نفسه في لحظة التقابل.
26 فبراير/ شباط
في تمام الساعة 01:26 مساءً، القمر في التربيع الثاني، بالطبع لا يمكن أن نرى القمر في ذلك الموعد، لكن – فلكيًا – تلك هي اللحظة التي سيصبح فيها 50% من وجه القمر مضاءً.
27 فبراير/ شباط
عطارد في أكبر استطالة، فقط عند 18 درجة ارتفاع عن الأفق، إنها أفضل فرصة لرصد الكوكب، تستخدم المصطلحات كـ«اقتران علوي» و«سفلي» بالإضافة إلى الاستطالات الشرقية والغربية فقط حينما نتحدث عن الكواكب داخل دائرة مدار الأرض؛ أي الزهرة و عطارد. في الشكل المرفق توضيح مبسط لما تعنيه تلك المصطلحات
27 فبراير أيضًا
من جديد، القمر يدخل رقصة الكواكب، هذه المرة ستلاحظ أن الزهرة قد تراجع للخلف عند الأفق بحيث لا يظهر واضحًا إلى قبيل الشروق، بينما يكتسب زحل – يومًا بعد يوم – المزيد من الارتفاع، وهكذا تدور الحياة!
نصائح رصدية
حسنًا، خطة هذا الشهر بسيطة، يمكن أن تعتبرها مكملة لخطة يناير التي تحدثنا فيها باستفاضة عن استخدامات ملك الشتاء (الجبار Orion)، وكيف يمكن لك من خلاله أن تصنع صورة أكبر للسماء كلها، هذه المهام يمكن بسهولة أن تنفذها عبر تطبيق كـ Google Sky Map، لكن على الرغم من ذلك فإن الأفضل لكل هاوي فلك هو أن يتعلم سماء الليل بعينيه دون مساعدة.
1. في فبراير تتحرك السماء لليمين قليلًا، أقصد غربًا، وبعد أن كان الجبار في المركز، وإلى الغرب منه يمكن أن نرى مربع الخريف الممتع، أصبح المربع أقل ظهورًا، حيث ينخفض تحت الأفق خلال ساعة واحدة من الغروب
2. في فبراير يمكن أن توجد أفضل فرصة لمراقبة دائرة الأبراج، قبل ذلك كانت الدائرة تحوي كوكبات خافتة لا يمكن بسهولة الإمساك بها، كالدلو والحوت على سبيل المثال، أما خماسية فبراير التي تبدأ من الحمل وتنتهي بالأسد، فقد وضعنا حولها الدوائر لتتبعها في ليلات فبراير، ابدأ من الثور يسارًا ويمينًا.
3. فبراير هو فرصة ممتعة لتأمل الشمال الجغرافي للكوكب، حيث يظهر الدب الأكبر Ursa Major بروعته الكاملة بداية من العاشرة مساءً، ويقف نجم الشمال Polaris بين كفتي ميزان رائعتين، مغرفة الدب الأكبر شرقًا وذات الكرسي أو السيدة كاثي Cassiopeia غربًا، تتجهز الأخيرة خلال عدة شهور للرحيل، في الربيع يسيطر الدب الأكبر تمامًا.
4. تأمل الأسد كثيرًا في فبراير، هو أفضل الشهور لرصده، كامل الكوكبة يظهر بوضوح بحلول العاشرة مساءً، من الممتع كذلك أن تقسّم الكوكبة بحسب منازل القمر، في الكوكبة أربعة منها، تجدها بالخارطة المرفقة.
ابدأ بالربط بين النجم k من كوكبة السرطان، تجده بسهولة بجانب نجم «الزباني – Acubens»، ثم إلى نجم «الطرفة – Altref» من كوكبة الأسد، هنا تحصل على منزلة الطرفة أو الطرف. تليها منزلة الجبهة، وتمثل أربعة نجوم متعرجة تتضمن «قلب الأسد – Regulus» ونجم الجبهة. انتقل بعد ذلك إلى منزلة الزبرة وتمثل نجما كاهل الأسد. وأخيرًا نجم «الذنب – Denebola» من نفس الكوكبة يمثل منزلة الصرفة.
5. قلب الأسد (Regulus) هو عملاق أبيض إلى أزرق اللون، يستحق منّا بعض التأمل، فرغم أن كتلته أكبر من الشمس بثلاث مرات، لكنه من الضخامة بحيث يمكن لك أن تضع بداخله نحو 27 كرة بحجم الشمس، تلك التي تنير المجموعة الشمسية بالكامل
أضف إلى ذلك أن قلب الأسد يدور حول نفسه، وهو بتلك الضخامة، مرة كل نحو 19 ساعة فقط، إنه دوران بسرعة تقترب من ثلاثمئة كيلومتر في الثانية الواحدة، لذلك فإن النجم لا يتخذ شكلاً كرويًا، لكنه مفلطح الشكل، يشبه الأمر أن تلقي بفطيرة تدور إلى الأعلى لكي يزداد تفلطحها كلما رفعت سرعة دورانها.
6. إنها فرصة رائعة كذلك، خاصة بعد حلول منتصف الليل، أن تتأمل كامل كوكبة الشجاع أو Hydra والتي تمتلك منطقة خافتة بالكامل من سماء الليل، ألمع نجم في هذه المنطقة هو الفرد Alphard من نفس الوكبة، وهذا هو سبب تسميته “الفرد” لأنه فريد في تلك المنطقة التي تسمى فراغ الهيدرا Hydra Void.
علامات تلسكوبية
دعنا أولًا نبدأ بأهم أجرام فبراير والتي يمكن أن تلتقطها بتلسكوب صغير.
الجرم | الكوكبة | النوع | ملاحظات |
M31 | المرأة المسلسلة | مجرة | أحد أسهل أهداف الهواة |
M36, M37, M38 | ممسك الأعنة | تجمعات مفتوحة | تصلح لتلسكوب صغير |
M42 | الجبار | سديم | أشهر السدم للهواة، ممكن جدًا مع نظارة معظمة |
M81, M82 | الدب الأكبر | مجرتان | مع تلسكوب متوسط |
M1 | الثور | سديم | ممكن مع تلسكوب متوسط، يظهر كغيمة خفيفة |
NGC 869,884 | حامل رأس الغول | تجمع مفتوح | ممكن مع نظارة معظمة |
M15 | الفرس الأعظم | تجمع عنقودي | تلسكوب متوسط فقط أو أكبر |
دعنا هذه المرة نذهب إلى أقرب مصدر راديوي لكوكب الأرض، إنه بقايا المستعر الأعظم الذي نسميه ذات الكرسي أ (Cassiopeia A)، والذي يمتد بعرض حوالي 10 سنين ضوئية (10 مجموعات شمسية كاملة تقريبًا!) كانت بداية هذا كله هو نجم انفجر قبل حوالي 350 عامًا، بينما ما زالت بقايا هذا الانفجار تجري بسرعة 5 آلاف كيلومتر كل ثانية، يشبه ذلك أن تسافر من الإسكندرية (مصر) إلى لوساكا (زامبيا) في ثانية واحدة!
حكايات النجوم
كانت إحدى مهام هرقل، ابن زيوس من بشرية، هي إنقاذ أهالي مدينة نيمايا (Nemea) من أسد ضخم اعترض طريقهم وافترس منهم الكثيرين، وكانت المشكلة أن هذا الأسد ذو جلد سميك لا تخترقه سيوف ولا رماح، ما تسبب في قتل العديد من فرسان نيمايا الذين حاولوا إماطة أذاه عن الطريق. لكن هرقل – بقدراته الاستثنائية – تمكن بالفعل من دخول كهف الأسد والهجوم عليه ثم خنقه بيديه حتّى قُتل الأخير، ثم قام هرقل بسلخ جلد الأسد حتى الرأس وخرج للناس مرتديًا فروة الأسد كعباءة على أكتافه وكغطاء لرأسه، معلنًا حلول السلام على نيمايا الصغيرة. أما عن الأسد فقد رفعته هيرا للسماء ليصبح برج الأسد Leo.