الأسئلة الكبرى : ماذا يدور فى الأذهان ؟
نبدأ مستعينين بالله سلسلة من المقالات نتناول في كل منها سؤالا وجوابا حول أصول الدين وبعض فروعه وآثاره، نناقش فيها وننقض كثيرا من الأفكار الإلحادية والفلسفية التي لها اتصال بالحقائق الدينية. وقد قررنا أن ندون أجوبة لهذه الأسئلة وننشرها. وسوف تُنشرُ في مدوّنة على الإنترنت، وهنا على “إضاءات” بإذن الله تعالى.
نبدأ الآن بذكر الأسئلة كما تدور في أذهان أصحابها، وسيكون كل مقال عبارة عن جواب مطول لأحد هذه الأسئلة:
- لماذا يخاف أهل الدين من السؤال؟ هل الدين حجته ضعيفة لكي يخاف أهله من السؤال؟ خلق الله لنا عقولا.. فإذا جئنا نستخدمها أرهبتمونا؟
- لِـماذا يجب عليّ أن أهتم بالمسألة الدينية من الأساس؟ تكفيني العلوم التجريبية والاجتماعية لفهم الدنيا والتعامل معها، وتكفيني الموسيقى وبعض الرياضات الروحية للصفاء الداخلي. لا أرى سببا مقنعا يجعلني أبحث في الأديان عموما.
- لا يوجد حقيقة مطلقة. كيف يمكن أن يكون هناك شيء ثابت والبشر يختلفون في كل شيء؟ أنا لا أرفض دينا معيّنا وإنما أرفض نفس فكرة (الاعتقاد)
- أنا لا أؤمن إلا بما تراه عيني. الغيب وهم. كيف لي أن أصدّق بأمور غيبية لا أراها؟ ما هي مصادر المعرفة التي يمكن الاعتماد عليها؟
- العقل المحض لا يكون سببا للمعرفة.. كيف تعتمدون عليه في إنتاج أحكام مستقلة رغم أنه تابع للمشاهدة الحسية ومتولّد من مسيرة الإنسان التطورية؟
- الخبر لا يمكن الوثوق به كمصدر للمعرفة؟ كم من الأحداث الجسام تأثرت في تدوينها ومعرفتها بأهواء أهل السياسة وتعصبات أهل الدين؟
- نحن في عصر العلم. أنا لا أصدّق إلا ما أثبته العلم التجريبي؟
- لم نحصر الحق في جانب واحد؟ ، لم لا تكون الأديان كلها صوابا، والله يفتح الباب لكل من تواصل معه بطريقته؟
- لماذا أكتفي بكوني مسلما أو بالبحث في الإسلام؟ يلزمني البحث في كل دين على حدة للتعرف على الصواب؟ لماذا ينبغي أن أسمعك أنت بالذات؟
- إذا كان الدين يقينيا.. لماذا لم يؤمن به أغلب البشر؟
- أنا لا أؤمن أن للكون خالقا.. ولا أؤمن بالخلق من الأساس؟
- كيف أعرف أن الإله موجود؟ ما الدليل على وجوده؟
- من خلق الإله؟ لماذا نبحث عن خالق الكون ولا نبحث عن خالق الخالق؟
- أعطني تصوّرا عن هذا الإله؟ ما هي صفاته؟
- الله ليس ذاتا ولكنه معان حاكمة في هذا الكون. الله هو المحبة، والحكمة، والرحمة. أنا لا أؤمن بفكرة الإله الشخصي Personal God؟
- الإنسان البدائي كان يحتاج (الإله) لأنه لا يفسّر ما حوله من الموجودات.. أما الآن فعندنا تفسير لكل شيء بالعلم. لماذا أؤمن بإله الفجوات god of the gaps؟
- الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من عدم. فالعلم أثبت أن الطاقة غير مخلوقة.. والكون يتكوّن من الطاقة.. أليس ذلك مبطلا للدين؟
- فيزياء الكم Quantum physics خرقت قانون منع التناقض.. أليس ذلك مبطلا للدين؟
- نظرية التطور لدارون أصبحت حقيقة علمية ، وهي تنسف مبدأ الخلق ، أليس ذلك مبطلا للدين ؟
- لم خلق الله الكون؟ ما الحكمة في كل هذا الذي يحدث؟
- لماذا خلقنا الله على غير اختيار منا؟ أليس ذلك ظلما؟
- ماذا يريد الله منّا؟
- هل الإله رحيم؟ ودود؟ يحب ويكره؟
- كيف يكون الإله رحيما وهو يرى كل هذا الظلم الذي يحدث؟
- كيف يخلق الخلق ثم يحرق أغلبهم في النار إلا فئة قليلة جدا؟ وماذا عن قول النبي (أخرج من أمتك بعث النار) وسائر الأحاديث التي تفيد أن غالب الخلق مصيرهم إلى النار؟
- يقدّر علينا شيئا ثم يحاسبنا عليه.. أليس هذا ظلما؟
- من قال أن الله يريد أن نعبده؟ هل هو –والعياذ بالله- ناقص ومحتاج إلى العبادة؟
- هل الإسلام هو الدين الحق؟ هل محمد رسول من الله؟
- لو أراد الله أن يكلمنا لفعل ذلك مباشرة بلا واسطة. لم اختار الله أن يسرّ لبعض خلقه بالرسالة؟ لماذا لم يوحِ لنا جميعا؟
- الأديان اختراع بشري تطورت نتيجة تفاعلات فكرية واجتماعية معينة. ألم تتجاوز الحضارة فكرة الدين؟
- إذا كان الدين حقا.. لماذا نرى أن المتدينين من أسوء الناس خلقا. لماذا لا يصلحنا الدين؟
- إذا كان الدين حقا.. لماذا يفرّق بين البشر ويخلق الحروب والأزمات؟
- إذا كان الدين حقا.. لم كانت الدول العلمانية أكثر الدول تقدما خلافا للدينية؟
- إذا كان الدين حقا.. لماذا يكون دائما مطية للطغاة والظالمين؟ أليس الدين أفيون الشعوب؟
- إذا كان الدين حقا.. فأين النموذج الصحيح؟ السلفيون؟ الأزهر؟ بن لادن؟ لماذا نجد ألف نسخة منه؟
- إذا كان الدين حقا.. لماذا لا ينصر الله عباده المؤمنين؟
- إذا كان الدين حقا.. لماذا لم يستخدم العنف والإرهاب إلا أهل الأديان؟
- المسلمون لم يبنوا حضارة تذكر.. مجرد شعوب بربرية همجية تسلطت على العالم المتخلف بقوة السلاح.. لماذا أنتمي لهؤلاء؟
- كيف سيغفر الله لكل من ظلم وتجبّر لمجرد أنه عاد إليه تائبا؟
- أنا مسلم.. لكن كيف أعرف حكم الله عز وجل في ظل اختلاف الفقهاء واختلال الفتاوى؟
- نقّوا الدين من فظاعات الفقهاء. الفقهاء يقولون أن المسلم لا يقتل إذا قتل الكافر، ويوافقون على نكاح القاصرات، واستعباد الناس الخ. كيف أؤمن بدين كهذا؟
- كيف يحكم الشرع الثابت على الواقع المتغير؟ كيف لا تتطور القوانين مع تطور الحياة؟
- لماذا تتسم العقوبات الإسلامية بهذه القسوة؟
- لماذا ظلم الإسلام المرأة بتفريقه بينها وبين الرجل؟
- ما هو الجهاد؟ ولماذا ألزم الله عباده بالتعدّي على غيرهم؟
- الإسلام مقتبس من الديانات السابقة. أليس هذا دليلا على أن محمدا (صلى الله عليه وسلم) اخترع دينه اختراعا؟
- تراث المسلمين تراث مخزٍ مليء بالأساطير والخرافات.. ألسنا نحتاج ثورة للتجديد الديني؟
- القرآن والسنة لا يغطّون كل التفاصيل.. من أين أتى الفقهاء بكل هذه الأحكام؟ هل اخترعوها اختراعا؟
- هل باب الاجتهاد مغلق؟ ولماذا لا تنتجون فقها جديدا وتتركون فقه الأزمنة الغابرة؟
- القرآن نص تاريخي.. لا يمكن أن نتصور في معانيه الثبات بحيث يصلح مرجعا لعالمنا الآن؟
- القرآن متناقض.. يقول القرآن: (قلوب يعقلون بها) والعقل ليس في القلوب
- القرآن متناقض.. يقول القرآن: (ويعلم ما في الأرحام) كأنها أمر خاص بالله، ولكننا الآن عن طريق العلم الحديث نعلم ما في الأرحام.
- القرآن متناقض .. يقول القرآن أنَّ خلق السماوات والأرض كان (في ستة أيام) والعلم قد أثبت أن الكون وجد قبل 13 مليار سنة والمجموعة الشمسية بما فيها كوكب الأرض وجد قبل 4.5 مليار سنة. أليس هذا تناقضا في القرآن؟
- القرآن متناقض .. هناك خطأ حسابي في القرآن في مسألة المواريث أصلحه الفقهاء بما يسمّونه (العول)
- القرآن متناقض.. أطوار الجنين في القرآن التي صدّعتم رؤوسنا بــ(إعجازها العلمي) مخالفة للطب الحديث.
- القرآن مليء بالأخطاء اللغوية.. كيف يكون كلام رب العالمين؟
- الأحاديث دوّنت بعد وفاة النبي بقرون عديدة.. وكل أحكام الدين مبنيّة عليها. ولذلك فإن نسخة الإسلام التي بين أيدينا هي من اختراع فقهاء القرون الماضية، وليست دين الله الذي أنزله على محمد في القرآن الكريم. أليس كذلك؟
- فكرة قبول الحديث بسبب ظننا في صدق ناقله هي فكرة بالية متهالكة قديمة قد تجاوزتها كل مناهج العلوم الاجتماعية. هل تقبلون أن نعرض مرويّاتكم على المناهج الاجتماعية الحديثة لنقد الأخبار؟ هل يبقى لكم حينئذ حديث “صحيح” واحد؟
- لماذا تقدّسون صحيح البخاري إلى هذه الدرجة؟ أليس جهد بشر؟ ألا يوجد في الكتاب أمور غريبة على الدين ومخالفة للقرآن؟
- السنّة متناقضة.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة) ونحن نرى المرأة تتولى قيادة دول كبرى –كألمانيا- وهذه الدول مفلِحة
- ما هو الإجماع؟ ولماذا يكون اتفاق بشر غير معصومين ملزما في دين الله عز وجل؟ أم أن الإجماع اخترعه الفقهاء ليكسبوا أنفسهم سلطة دينية غير سلطة النص؟
- فكرة النسخ منافية لعلم الله وحكمته.. كيف تتصورون يا من تؤمنون بالنسخ أن الإله (يرجع في كلامه)؟
- ما معنى القياس؟ ولماذا يكون حجة في الدين؟
- أشعر بفقدان المعنى، وأن المعاني الدينية لا تؤثر فيّ.. ماذا يمكنني أن أفعل أو أن أقرأ؟
- هل أحتاج إلى شيخ ليعرفني ديني؟ هل هناك في الإسلام رجال دين؟ من هو الشيخ؟ وما دوره؟ وأين أجده؟
هذه بعض الأسئلة التي ستتناولها هذه المقالات بإذن الله تعالى. وأحب أن أنبّه على بعض الأمور:
من كتب هذه المقالات هم طلاب علمٍ، يتعلّمون، يصيبون ويخطئون. ولولا افتقار البيئة العلمية إلى العلماء الحقيقيين لما كان لمثلنا أن يتكلم ويكتب. لكن على الناحية الأخرى نحن لا نتكلم عن جهل ولا نخترع الكلام اختراعا، ولسنا متهجّمين على هذا المجال، بل هذا مجال دراستنا المتخصصة لسنوات طويلة.
سنلتزم في المقالات المكتوبة ما نفهمه من اعتقاد أهل السنة والجماعة، وفقه المذاهب الأربعة. وسنجتهد أن يكون الكلام معبّرا عن التراث الإسلامي كما فهمناه وتعلّمناه، وليس سردا لآراء شخصية.
المقالات ستنشر تباعا كل أسبوع أو اثنين ما أمكن. غير أننا لا نلتزم ذلك دائما نظرا للانشغالات الطارئة وظروف العمل والسفر.
قد يطرأ تغيُّر على هذه الأسئلة، وقد نخالف ترتيبها.
هذا المشروع قائم على التفاعل، نرحب بإضافاتكم للموضوعات التي ينبغي مناقشتها في هذه السلسلة، كما نرحب بكل نقد ومناقشة من شأنها أن تثري الموضوع. يمكنكم اقتراح موضوعات أو مناقشة الأفكار الواردة من خلال التعليقات على المقالات. وسنجتهد في الجواب على التعليقات بحسب ما يتيح الوقت.
المقالات ستكون طويلة جدا (ما بين ألف كلمة إلى ألفين). نعتذر مسبقا عن هذا الطول الذي قد يؤثر على انتشار المقالات، لكننا اخترنا ذلك حتى يأخذ الموضوع حقه من الطرح، وضرب الأمثلة. وسنجتهد أن يبتعد الكلام عن المصطلحات العلمية بحيث يكون مفهوما لغير المتخصص ولمتوسط الثقافة ما أمكن. فهي ليست مقالات أكاديمية بقدر ما هي دردشة هادئة.
نسأل الله أن يتجلى على عقولنا بنوره حتى ندرك الحقائق، ويتجلى على نفوسنا بنوره حتى نخضع لها متى ظهرت، ويتجلى على قلوبنا بنوره حتى نعيش على وفقها، وأن يجعلنا من طلاب الحق، لا من طلاب التكبر على الخلق، ومن حراس العلم ، لا من سدنة الخرافة والجهل.
يا نور السماوات والأرض، أضئ بنورك سراج عقولنا، لنخط بها العلم على صفحة القلب، وخلصنا من شوائب الجهالة والكبر والإعجاب بالرأي وازدراء الخلق. يا حق.. اجعل سعينا بالحق، مع الحق، إلى الحق، من أجل الحق.