طائرات جوجل بدون طيار تحصل على الضوء الأخضر
ربما كان أحد أهم الاختراعات التي قام بها الجنس البشري هو اختراع العجلة، والذي سهّل بذلك إمكانيّة التنقل من مكان إلى آخر، ونقل الأغراض والمتاع بسهولة وسرعةٍ أكبر، وليسمح بعد ذلك أيضًا بنقل المنتجات والمصنوعات من بلدٍ إلى آخر في ساعاتٍ قليلة. لكن في عصر التكنولوجيا والتطوّر المتسارع، فإننا كما يبدو على أعتاب حقبةٍ جديدةٍ في خدمات التوصيل والنقل؛ وذلك بسبب الشركات الضخمة مثل جوجل وأمازون وتعاونها مع الحكومات العالمية.
على جناح السرعة
في البداية كانت Google X جزءًا من شركة جوجل العملاقة، ومختبرًا من مختبراتها، تبحث وتدرس فيه مشاريعها الرائدة والسابقة لأوانها، ثم ولدت ألفابيت لتصبح بعدها X شركةً أختًا لجوجل بعد أن كانت بنتًا لها. المهم، يبدو أنّ مشروع X المُسمّى Project Wing قد يرى الضوء قريبًا.
وذلك لأن الإدارة الأمريكية قررت أخيرًا إعطاء الموافقة للبدء باستخدام وتجربة الطائرات دون طيار بشكلٍ تجاري، وليتم ذلك تحت دعم البيت الأبيض لتطوير معايير السلامة والأمان في مجال هذه المركبات.
وقد خصصت مؤسسة العلوم الوطنيّة الأمريكية (NSF) مبلغًا يقدّر بـ 35 مليون دولار للإنفاق على أبحاث الطيران بدون طيار في الخمس سنوات القادمة. وقد جاء هذا التطوّر بعد أن قدّمت إ دارة الطيران الفيدراليّة FAA في شهر يوليو الماضي لائحة بالقواعد والنظم التي تحكم الطيران التجاري بدون طيار، والمتطلبات التي يجب توفرها للحصول على رخص هذا النوع من النقل. وحسب التقديرات فإنّ هذه الصناعة الجديدة ستجلب دخلًا يصل إلى 82 مليار دولار بالإضافة إلى توفير أكثر من 100,000 فرصة عمل جديدة خلال السنوات العشر القادمة.
لكن رغم هذا التقدم المتوّقع، إلا أنّ لائحة القواعد تمنع جوجل وأمازون -والتي تملك مشروعها الخاص كذلك- من إجراء عمليات النقل والتوصيل بعيد المسافة، والتي كانت الشركتان تطالبان وتأملان بالحصول عليها. لذلك سيعتبر هذا المشروع مجرّد خطوةٍ لقياس معايير الأمان والسلامة في ستة أماكن محددة من قبل إدارة الطيران الفيدراليّة، وحسب نتائج هذه الاختبارات والتجارب ستتحدد النظم والقواعد النهائيّة.
وحسب موقع الإدارة فإنّ هذه الطائرات يجب أنّ تتمتع بوزنٍ أقلّ من 25 كغ، وأن تبقى في مجال رؤية المتحكم، كما يُمنع استخدامها فوق تجمعات الأشخاص غير المرتبطين بالتجارب والأماكن المحددة التي تمّ السماح باستخدامها بها. وحتى الآن فإنّ الأوقات المسموح فيها استخدام هذه الطائرات تمتد بين 30 دقيقة قبل شروق الشمس وحتى 30 دقيقة بعد غروبها؛ أي في ضوء النهار العادي.
وقد حددت القواعد سرعة هذه الطائرات بـ 160 كم/ساعة والارتفاع الأقصى لها هو 122 مترًا تقريبًا فقط، ويُمنع التحكم بهذه الطائرات من قبل شخصٍ داخل عربات أو طائرات متحركة، كما لا يحقّ للمتحكم بالطائرة أن يتحكم بأكثر من طائرةٍ واحدةٍ في الوقت ذاته. ولكن تسمح اللائحة بتحميل الطائرة بالطرد المرغوب نقله، على ألا يتجاوز وزن الطائرة مع الطرد الوزن المذكور سابقًا: 25 كغ، بالإضافة إلى الالتزام بكل القواعد الأخرى.
وهناك أيضًا الكثير من القواعد المتعلقة بالمتحكم، الذي يجب أن يكون حاصلًا على رخصةٍ تؤهله للقيام بهذه المهمة، بعد الخضوع لامتحانات واختبارات من إدارة الطيران الفيدرالية.
ما زالت الإدارة تعمل على تطوير استخدام الطائرات دون طيار، وتوفير قوانين جديدة وإطار عملٍ يضمن السلامة والأمن خلال تحليق هذه الطائرات فوق المناطق والتجمعات السكنية، وربما ينتهي العمل عليها في العام المقبل. وحسب بلومبيرغ فإن إدارة الطيران الفيدرالية ذكرت في اللائحة الأخيرة من التنظيمات إمكانية زيادة المسافة المسموحة لاستخدام الطائرات دون طيار، لتخطي المسافة المحددة بقدرة المتحكم بالطائرة على رؤيتها، وذلك بعد إثبات سلامة عملية التوصيل كاملةً.
ويمكنك الاطلاع على لائحة القواعد الكاملة من موقع إدارة الطيران الفيدرالية هنا.
أمازون تحلّق بعيدًا
ولكن أمازون كانت قد أعلنت بالفعل عن بدء تجارب اختبار الطائرات دون طيار في المملكة المتحدة في 26 يوليو/تموز الماضي، وذلك من خلال الاتفاق مع هيئة الطيران المدني في المملكة المتحدة CAA للحصول على إذن للقيام بالتجارب على التحكم بالطائرات دون طيار، أبعد من مستوى رؤية المتحكم، كما يسمح الاتفاق لأمازون بتجربة تحكم شخص واحد بأكثر من طائرة بدون طيار في الوقت نفسه، واستخدام مستشعرات تتحسس بواسطتها الطائرة أي أجسام ممكن أن تعيق مسارها. كل ذلك في خدمة الهدف الأكبر لأمازون؛ وهو توصيل طلب المستخدم إليه خلال 30 دقيقة من الشراء.
ورغم أن هذا الاتفاق لا يتضمن تجربة «التوصيل» نفسها، والتي تسعى أمازون لتطبيقها، إلا أنه يفتح الباب على مصراعيه ويقرب الشركة من تحقيق أحد أهم أهدافها.
وبالفعل فإن هذه الطائرات تقوم بشكلٍ سريع بتسلم مهام جديدة، مثل عمليات المراقبة وفحص منشآت تصفية النفط، وكذلك مساعدة المزارعين في وضع السماد في الأراضي الزراعية، وربما ستقوم هذه الطائرات- بمعدل التطور السريع الذي تختبره- بأنشطة خطيرة، وربما تتضمن إنقاذ الأشخاص في الحالات الحرجة. وقد قامت شركة UPS فعلًا بتخصيص مبلغ 800,000 دولارٍ لبدء مبادرةٍ تسعى من خلالها إلى إيصال الأدوية واللقاحات وأكياس الدم إلى الأماكن المتعثرة والفقيرة في راوندا.
تأمل ألفابيت أن تفرد أجنحتها دون هذه القيود في 2017، لتستغل كامل قدرات طائراتها المميزة، وتشاركها أمازون الرغبة ذاتها، وقد يحصل ذلك بالفعل لكن ليس قبل أن تُعدّل لائحة القواعد والنظم من قبل إدارة الطيران الفيدرالية، ولنأمل أن تدعم الإدارة الأمريكية القادمة هذه التعديلات؛ لتسهيل وصول المستقبل «الطائر» إلينا!.